|
امرأة من ورق
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1030 - 2004 / 11 / 27 - 08:41
المحور:
الادب والفن
صدرت حديثا طبعة جديدة للمجموعة القصصية امرأة من ورق عن دار الحكمة بلندن، للكاتب العراقي مؤيد عبد الستار، وقد صدرها بالكلمات التالية : الى وطن أصبح حلما ، عسى أن نلتقي يوما وإن على صفحات كتاب.... والمجموعة تضم القصص التالية : امرأة من ورق ، البحيرة البيضاء، فنجان قهوة ، مذكرات حمار الرئيس، ولد ببغداد،قوس وقزح، عقوبة الهرب، الشرطة وبنات آوى، السكين، السيد لجن بلندن، سجائر تركية، سجن الكوت، حكايات لبغداد ومن أجواء المجموعة نختارهذا المقطع من قصة البحيرة البيضاء ( منذ سنوات وانا أتـنقل حاملا حقيبتي على كتفي حتى مللت شكلها. لست نادما على ذلك فقد خفتت عواطفي التي كانت تحفزني على لقاء المعارف الذين سبق وان جئت معهم الى السويد ثم توزعنا في مدن متباعدة مختلفة . كنا نحرص على اللقاء كلما سنحت الفرصة فنتجمع عند أحدنا نجتر الذكريات ونناقش كل ما يخطر على البال، بدء من أحوالنا حتى أخبار المستر بوش. أما اذا لعبت الخندريس بالرؤوس ....) و نقرأ في الصفحات الاخيرة من الكتاب آراء بعض الكتاب في القصص: يقول القاص ابراهيم أحمد : في أجواء قصص مؤيد عبد الستار نجد الاشياء بأسمائها ، الوقائع والشخوص والاماكن يقدمها بوضوح وينشرها خلفية واسعة ومباشرة لحدث قصصي يجري بتصاعد سريع محكم ، والنهاية تأتي مبتورة وسريعة لما يسبقها ويتلوها من شجن تشعرنا بالانقضاء المحتوم الذي لاتجدي معه مماطلة.
أما الناقد ياسين النصير فيقول : أعاد لي بعض ماافتـقـدته يوما داخل وطني : حدث بسيط وسرد يحيط بالحادثة ، ولغة ما أجمل هدؤها الراكن . علما ان المجموعة سبق وان صدرت في السويد عام 2000 بطبعة محدودة .
وقد نشرت عدة مقالات عنها، مثل مقالة الشاعر باسم المرعبي وهي تحت عنوان : رائحة قهوة ، رائحة أرض في قصص تعبق بالوفاء ، يقول فيها : الاغتراب سمة طاغية في قصص وحكايات مؤيد عبد الستار، في مجموعته الجديدة الموسومة امرأة من ورق ، فتحت وطأة هذا الهاجس ينسج القاص موضوعاته وعوالم شخوصه، ومهما تعددت اشكال التعبير والافصاح وتفاوتت المعالجة بين الاسلوب التهكمي الساخر ، او نقيضه ، الا ان القصص في المحصلة تتوحد ، كما يتوحد ابطالها في القهر والنفي والضياع . فثمة ضحايا على امتداد القصص ، لايتردد القاص في الكشف عن جذورها وانتماءاتها باسلوب يميل الى البساطة والتبسيط ، مذكرا بالحكايا الشفاهية. حكايات تسرد ببراءة ، براءة ابطالها وطهارتهم ، كما في قصة ولد ببغداد ، وبطلها الشاب الذي تستغل السلطة براعته في تقنية الاجهزة الكهربائية وتستخدمه في تركيب جهاز ، يكتشف في ما بعد انه لاجل تعذيب المعارضين السياسيين ، ولكن ...( في اليوم التالي حين دخلت مفرزة الشرطة غرفة فاخر حسين الصفار ، وجدوه قد ربط معصميه باسلاك كهربائية ، وقرب جثته رسالة يبين فيها اسباب انتحاره)... ان معظم موضوعات مؤيد عبد الستار تقنعنا بواقعيتها لصدقها وتلقائية السرد ، فتصلنا دون كلفة متدفقة بمشاعر جياشة بوطن يكاد يحضر في كل سطر من سطور هذا الكتاب ... وطن اصبح حلما ، يود الكاتب لو يلتقيه وان على صفحات كتاب كما في الاهداء. والكتاب بهذا المعنى ، في معظمه ، وثيقة وفاء حقيقية من محب لوطنه يتغنى برائحة ترابه ومائه وبيوته ، وبكل مايمت لهذا الوطن ( أين من هذا السلم ذاك الذي كان يفضي الى سطح دارهم الطيني ؟ كان سلما مشيدا من الطابوق والجص الابيض يفوح بعطر التراب الخالد حين يرشه الجد بالماء الذي ينثره من ابريقه الفضي قبل صلاة المغرب ) قصة فنجان قهوة. ان البطل – الراوي في أغلب قصص المجموعة يعيش زمنين ومكانين في الان ذاته، وهو لذلك منفي خارج لحظته أبدا، كانه بذلك يعيش منفى مزدوجا ، فهو ليس بالمستسلم لواقعه الراهن ، كي ينقاد الى الاندماج في المكان – الزمن الجديد ، ولذا فانه ليس أكثر من جسد غريب يـبادل الاشياء الامتعاض والمقارنة على الدوام، مقارنة كل شيء يتعامل معه أو تقع عليه عيناه باشياء وموجودات وطنه .( كان أبو عامر يعرف مزاج وذوق كل رواد المقهى، ماذا يفضلون، وماذا يشربون ...كان يعرف من يشرب القهوة سادة ، ومن يشربها مع السكر ، من يشربها مرة ثقيلة ومن يشربها رائقة ، يالطعم تلك القهوة المعطرة بالهيل ...) قصة فنجان قهوة. رائحة قهوة تقود الى بلاد باكملها ، وكل ما يحكم أو يتقاسم هذه البلاد بسجونها ومتاهاتها، بسهولها ، بانهارها، بطبيعتها المتنوعة، بعذاباتها ودموع أبنائها... كل هذا يستطيع القارئ أن يستحضره بأقل من سطر من سطور هذا الكتاب وفي كثير من المواضع، حيث يقودنا الكاتب الى عوالم بلا د ساحرة ، الكاتب الذي يحرض بدوره عبر ملمح ما يعيشه في راهنه ، وأراني هنا أميل لأن استعير من ستنانسلافسكي المسرحي الروسي الشهير ، اصطلاحه ومفهومه – الذاكرة الانفعالية – وهي من تقنيات الممثل التي يجب أن يلم أويعمل بها، على المسرح ، حسب دوره، فاذا كان الدور ينطوي على حالة حزن او ألم ، فعلى الممثل أن يستحضر واقعة ، في هذا السياق ، حدثت له ، ليتطابق أداؤه ومشاعره مع واقعة المسرح، وحتى الرائحة هي من ( مواد ) و ( وقائع) الذاكرة الانفعالية ، وهذا ما ذكرتني به مباشرة ، قصة فنجان قهوة، وأوحت به الي الكثير من الهواجس التي تلازم بطل او عموم ابطال قصص المجموعة فكثير من ذكرياتهم يصلح لان يكون مادة خصبة لذاكرة مسرح انفعالية ، حيث يكون موضوعه ، خصوصا ، وأبطاله مضرجين بشارات النفي والحنين هذا الذي صار مادة الكثير من النتاج الادبي العراقي الذي يكتب في المنفى بمختلف مستوياته وآفاقه.
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحيل الابطال في الايام العصيبة
-
عرفات رهينة سهى أم فرنسا
-
رحل عرفات فمتى سيرحل شارون
-
الكاميرا الخفية ....حين يتنكر الممثل بزي الشرطي
-
نجاح في اوانه
-
الورد.....والخبز
-
النسر الاحمر في سماء القطب الشمالي
-
المجد لك في الاعالي
-
انهيار السلطة الثورية : ملاحظات سريعة
-
جريمة الاعتداء على المسيحيين
-
خطيئة مصر في رعاية المجرم صدام حسين
-
نداء الى السيد وزير العدل مالك دوهان الحسن المحترم
-
الشعب الكردي في كردستان تركيا يحقق أولى أمانيه المشروعة
-
الديمقراطية : فاكهة الرافدين المحرمة
-
الموقف من الجرائم والمسؤولية السياسية للقوى الوطنية العراقية
-
الطريق إلى بغداد
-
الخزي والعار لمن يلفق التهم : تضامنوا مع د. كاظم حبيب
-
حول تفجير مقر الحزب الشيوعي : الإرهاب سيف بلا رحمة
-
نداء إلى السيد آية الله السيستاني المحترم
-
مجسم الأشياء الهاربة
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|