باقر جاسم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1030 - 2004 / 11 / 27 - 08:37
المحور:
الادب والفن
المدونة (13)
أخذ نخلة الحكيم يقضي وقتا طويلا في مراقبة السماء و يمعن النظر فيها صباح مساء.
فسأل تالا أباه: لماذا يا أبي تقضي كل هذا الوقت و أنت تنظر إلى السماء ؟ هل تريد أن تصبح كاهنا ؟
قال نخلة الحكيم: كلا يا ولدي، إنما أفعل ذلك لأمر آخر.
قال تالا : فما هو ذلك الأمر ؟
قال نخلة الحكيم : أريد أن أعرف كيف تؤثر السماء فينا,.
قال تالا : هكذا يتكلم الكهان . انهم يزعمون معرفة ما تريده السماء ، و انهم يمثلون الصلة بالسماء ، و أرى أن كلامك يشبه كلامهم .
قال نخلة الحكيم : ليس الأمر كما بدا لك يا ولدي. فالكهان يزعمون معرفة إرادة السماء و يحتكرون تلك المعرفة لأنفسهم لأنهم يريدون إخافة الناس و منعهم من التفكير . أما أنا فأريد معرفة السماء لأدرك سبب تغير الفصول و كيف يؤثر ذلك في الزرع و في تكثير الماشية.
و أريد أن أنشر ذلك بين الناس حتى يزداد حصادهم و عدد ماشيتهم. فهل يتساوى من يخيف الناس بمعرفة السماء و يزعم أنه الوسيط للسماء بمن يدعوهم لمعرفة السماء مباشرة حتى يفهموا متى يحرثون و متى يبذرون و متى يحصدون ؟
المدونة (14)
تعرضت بلاد سومر لرياح عاتية و مطر غزير لم ينقطع لثلاثة أسابيع كما فاض الفرات حتى دمرت المياه الزرع و قتلت كثيرا من الأنعام ، و لم يبق ظاهرا فوق الماء سوى باسقات النخيل و بعض الأماكن المرتفعة فتجمع بعض الناجين فوق تل مرتفع و كان بينهم الأمير و الكاهن و نخلة الحكيم.
قال الأمير : صوامع الغلال مبنية على مرتفع من الأرض و فيها ما يكفي الأمير و عائلته و جنده.
قال الكاهن : في المعبد من المؤونة ما يكفي لمن يخدمون الآلهة.
قال نخلة الحكيم مخاطبا الناس : فلنجمع ما بقي من بذور و نقسمه قسمين ؛ قسم نأكله و قسم نزرعه . فالأرض قد جفت و قد زادها الفيضان خصوبة و هي في شوق لاحتضان البذور.
المدونة (15)
قال تالا لأبيه : لقد وعيت و حفظت ما علمتني يا أبي. و سوف أعمل به.
قال نخلة الحكيم : و لكن ذلك لا يكفي .
قال تالا : فما الذي يكفي يا أبي ؟
قال نخلة الحكيم : يا ولدي , لقد علمني والدي أشياء كثيرة حفظتها عنه و لكنني لم أكتف بها فقد وجدت الحياة أوسع مما علمني والدي . فتعلم أنت من الحياة و أضف إلى ما تعلمته مني.
#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟