لطيف الحبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 15:55
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
البارحة مرت الذكرى 29 على تغيب الفنان المسرحي كاظم الخالدي في بيروت , اغلب الشعوب ومنظماتها المدنية واحزابها السياسية طالبت الحكومة اللبنانية والقتلة من حزب الكتائب بالكشف عن مصير ابنائها , بل قدمت لوائح اتهام ضد المجرم سمير جعجع الى القضاء اللبناني . اقدمت ايران على تشكيل هيئة محامين وتقديم دعوى ضد سمير جعجع وكتائبه الى المحاكم اللبنانية للكشف عن مصير دبلوماسيها الاربعة الذين سلمهم جعجع الى اسرائيل اثناء الحرب الاهلية اللبنانية . حتى لا يبتلينا الله بفقدان الذاكرة اود ان اذكر الحركة الديمقراطية واليسارية العراقية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي الذي انتمى اليه المغيب/ الراحل الفنان كاظم الخالدي وقاتل في صفوف انصاره في كرد ستان العراق في الثمانينات ,ان يزيح غبار النسيان عن مسيرة هذا الفنان ويرد اليه اعتباره ويطالب بحقوقه لمساعدة بقية اهله " لقد طرق سمعنا ان العديد من المناضلين في صفوف الحزب الشيوعي من الانصار حصلوا على حقوق تقاعدية " عسى ان تلتفت قيادة الحزب الى هذا الامر , وتستذكر قواعده من الفنانين والمثقفين رفقيا مقاتلا وصديقا لهم . في اعوام خلت بذلت مجموعة من اصدقائه الجهد في برلين ودول اوربية اخرى لاصدار كتاب عن الفنان المغيب / الراحل كاظم الخالدي .بعنوان " شاهد من هذا العصر".
بدات فكرة اعداد الكتاب بمبادرة من الاستاذ الفنان الراحل منذرحلمي والفنان اسماعيل خليل ولطيف الحبيب عام 1996واعدت رسالة الي زملاء واصقاء ومن يعرف المغيب الراحل الفنان المسرحي كاظم الخالدي لكتابة شهاداتهم عنه , فاستجاب من استجاب للمساهمة في هذا العمل وهو مشكور ورفض من رفض لظرف خاص به وهو مشكور ايضا. استمر جمع الوثائق والصور والشهادات لاكثر من خمس سنوات ومن ثم بدا العمل في التحرير وتصميم الكتاب . تبرع عدد من المسرحيين والشعراء والكتاب والصحفين لتسديد مبلغ طباعة الكتاب , سلم ريع الكتاب (مبلغ بسيط) الى عائلة الراحل المغيب . حصلنا على بعض الوثائق ونص مسرحي له سوف ينشر في الطبعة الثانية للكتاب . جميع الوثائق والصور والشهادات الاصلية محفوظة لدينا وسوف نودعها ارشيف المسرح العراقي مستقبلا . صدر الكتاب اواخر 2003 عن دار المقدسية للطباعة والنشر والتوزيع / دمشق وزع في برلين واوربا عام 2004
من مقدمة الكتاب
كم غيب من العراقيين تحت الصخرو الرمل عند سماء الوطن في بحار الارض وبين ركام خرائب مدن الوطن العربي في بيروت , عدن , الجزائر ؟ أين نوقد شمعة لقتلانا ؟ اين نضع اكليل الورد لموتانا؟ من فرض علينا لعنة الموت وسماها شهادة ؟
هذه الشهادات تصف بصدق سيرة حياة وعذابات فنان مسرحي مسترجعة ذكريات اصدقائه عنه , عاشوا معه , عرفوا تفاصيل حياته الشخصية والفنية , كتبوا عنه بلوعة الم مرير . من خلالها أيضا إلقي الضوء على حركة مسرحية مازلت تترك بصماتها على اعمال مسرحية عراقية , كان الخالدي أحد نشطائها ( حركة المسرحيين الشباب ) التي تعارضت مع المسرح التقليدي العراقي في أواسط السبعينات .
أن الشهادات الواردة في الكتاب إدانة لواقع ثقافي عراقي مخرب في داخل الوطن من قبل نظام قمعي دكتاتوري لم يبق للمبدع فسحة أمل للعطاء الفني, وهي رفض لمحاولات المؤسسات السياسية في الغربة لتسيس المثقف وتحويله إلى أداة لخدمة أغراضها السياسية . إن ما عاناه كاظم الخالدي في المنفى ليس بمعزل عما مر به ويمر به اغلب المثقفين في الخارج من عزل وتشكيك من قبل المؤسسة السياسية بعد أن فشلت في احتواء صوت المبدع وتسويقه ضمن سياستها بوقا إعلاميا ذو نظرة أحادية لا تمت للإبداع بصلة , يخوض المعارك الفكرية والسياسية بدلا عنها .
كما هي تسجيل لوقائع مرحلة من تاريخ الفنان والمبدع العراقي, التي اصبح فيها التزيف والاتهام والتآمر والقتل لغة سائدة بدل الحرف والكلمة والفكرة والتأمل بشأن التجديد والابداع والتأسيس لثقافة وطنية حرة, تعتق نفسها من جهل وسطوة الساسي, ورفض توظيفها لخدمة مراكز سياسية لم تعد إلا "وهما في عقول قادة " احترفوا التدجيل والتجهيل الثقافي . وضحت الشهادات بجلاء إن نحر المثقف لا يعني موته , ففعله الإبداعي يحفز على استمرار العطاء وجمرة تتقد دوما وتؤجج وهج التفكير الذي يخشاه الجهلة . إن قسوة السياسة واحترافها أفقدت المثقف العراقي توازنه وطغت على مشاعره الإنسانية الخلاقة ودفعته للبحث عن الموت في ادكن زوياه .
إن المثقف العراقي يصر على انتزاع حريته الإبداعية مهما تمايز انتماؤه الفكري من أيدي الجهلة من السياسيين ويؤكد انتمائه لثقافته الوطنية .
انحدر كاظم الخالدي من جنوب العراق , أدهشته المدينة , أواسط الستينات دخل معهد الفنون الجملية , في سنوات الدراسة الأولى اشترك في عدة مسرحيات منها – هملت – المسيح يصلب من جديد – ثورة الموتى –
أواسط السبعينات بدأت حركة التجديد في المسرح العراقي والصراع ضد المسرح التقليدي . كان كاظم الخالدي أحد روافد هذه الحركة المسرحية الشبابية الجديدة أطلق عليها ( جماعة المسرحين الشباب ) وصلة الارتباط بين الشباب المسرحيين في المعهد والاكاديمية , يبدو وكانه المنظر لحركة المسرحيين الشباب , رغم جهد الحورات والنقاشات التي كانت تدور انذك من اجل توضيح اهداف التجديد وأساليب وطرائق الإخراج وتقنيات المسرح الجديد . قام بإخراج مسرحية – كوميديا الزواج البرجوازي – امتحان الموديل – واشترك في اعمال مسرحية عديدة . أسس لطريقة إخراج جديدة لم يألفها مسرحنا العراقي ( الإخراج الجماعي) تحدث عنها في تصريحاته لجريدة التآخي في عددها الصادر في 6-نيسان- 1975 {افساح المجال لاكثر من فنان للعمل لكي يتوفر عمل وتجربة للجميع من ناحية ومن ناحية اخرى اشتراك اكثر من- تفكير- في عمل واحد بحيث يكون - ثمرة لجهد جماعي - } . اعتقل في عام 1978 في بغداد غادر العراق عام 1979الى بلغاريا ثم هنغاريا فكردستان العراق . رحل من كردستان وغيب في بيروت .
اجتاح الجيش الإسرائيلي مدن الجنوب اللبناني, يزحف نحو بيروت , الصمت العربي يطبق من أقصاه إلى أقصاه , فاضت روح الشاعر خليل حاوي في السادس من حزيران 1982 , شق ستر هذا الصمت دوي انتحاره الاحتجاجي , على بوابة المتحف في بيروت الشرقية يتربص عتاة قتلة , في الثالث عشر من آب 1982انتظر الموت كاظم الخالدي وأصدقائه .
قالوا عن الخالدي في شهاداتهم
{ انه جزء من الموزائيك العراقي , ان العمل مع كاظم الخالدي يريح المخرج فهو لا يكتفي في المشاركة بل يشعرك ان العمل عمله يتقاسم معك المسؤولية }
حميد حساني: ممثل ومخرج معد ومؤلف مسرحي/ اسبانيا
{ أخيرا عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان عام 1982 طلبت المقاومة من غير المقاتلين مغادرة بيروت خرجنا أنا وكاظم الخالدي والشاعر المبدع ذياب كزار (أبو سرحان)
وصديق آخر اسمه صباح في يوم 13/ 8/ 1982وعند عبورنا من بيروت الغربية إلى الشرقية عبر بوابة المتحف وقبل أن نصل إلى حاجز القوات اللبنانية قال لي كاظم بالحرف الواحد ( انت جواز سفرك عراقي ونحن جوازات سفرنا يمنية ديمقراطية فاذا اخذتك القوات فنحن لا نعرفك وإذا أخذتنا نحن فأنت لا تعرفنا ) بهذه الكلمات القليلة أنقذ كاظم الخالدي حياتي فأي رجل وأي فنان هذا ؟}
غانم بابان : مخرج وممثل مسرحي / السويد
{ كيف يمكن أن يرسل فنان لا يملك أدواته الفنية لتحقيق مسرحه إلى خطوط للقتل المجاني ؟ ألا يعد هذا تأكيدا لقصور الرؤيا ؟
في بيروت كان كاظم الخالدي يتوسد الخوف من الرصاصة الطائشة أو يبحث بلا قصد عن ذلك القناص الذي ينتظره .. الخوف من ضيق الأفق , الخوف من الموت المجاني , الخوف من الجنرال الذي يزوره في كوابيسه }
الدكتورفاضل سوداني: ممثل ومخرج ومؤلف وباحث مسرحي عراقي
{ أنيق المظهر والملبس باسم الوجه بلا استخفاف او استهزاء مرح طموح وشارد الذهن بلا تركيز احينا اذ هو يفكر .. ربما بفتاة أحلامه , طموحاته الفنية , الوطن , الصحبة }
أبو ذر سعودي: فنان تشكيلي ممثل مصمم ديكور/ النروج( اختفى الفنان ابوذر سعودي هو الاخر في اوسلوا عاصمة النروج يوم 1/12/1997 ولم يعثر عليه لحد انجاز الكتاب 2003)
{كانت ميزة الخالدي تواضعه وحبه للمساعدة والمشاركة في اي عمل فني مهما كان صغيرا}
ثامر الزيدي: ممثل ومخرج مسرحي ومنتج لافلام كارتون الاطفال/هنغاريا
{ في مسرحية مبادرات عامل 1975 اخراج عوني كرومي وتعريق ممتاز كريدي مثلت دور العامل الخبيث(ابو العوينات) وقام كاظم بدور عامل(كاراس) ايضا اضافة الى مساهمته الجدية الفاعلة في الاخراج }.
الدكتور اسعد راشد: ممثل ومخرج مسرحي عراقي / السويد
{ كانت مسرحية - مبادرات عامل- عام 1974هي اول مسرحية وفرت لي فرصة معرفته , فقد ساهم فيها كمخرج مشارك مع اسماعيل خليل وحميد حساني , وكان مخرج المسرحية الرئيسي هو عوني كرومي وقد مثل الخالدي دور عامل فيها كما صمم ازياءها , }
نماء الورد : ممثلة ومخرجة مسرحية/ النروج
{وخلال الحصار الدامي الذي اصاب الجميع بمن فيهم الفنانون المبدعون .. وفي محاولة من البعض لكسر رهبة الحصار وقسوته للسفر الى دمشق اعتقل العديد منهم وكان بينهم فناننا المبدع كاظم الخالدي والشاعر الشعبي الغنائي ابو سرحان , تم اعتقالهم من قبل حزب الكتائب اللبناني وانقطعت اخبارهم منذ 1982 وحتى هذه اللحظة}
علي فوزي : ممثل مسرحي وسينمائي عراقي / انكلترى
{كان الخالدي مشروعا اخراجيا رؤيته قد تكون خاصة , وربما كان مؤسسسا لمسرح عراقي جديد , عصفت به تجربة كردستان واحالته الى كتلة من الحزن والكأبة, لم يجد من يتفهم مشاعره وطموحاته البسيطة }
فلاح مهدي: مؤلف ,ممثل ومخرج مسرحي / انكلترى
{ ارى كاظم الخالدي ماثلا امامي في طريقة تفكيره وتفانيه واخلاصه في ابداعه المسرحي اخراجا تمثيلا واعدادا لقد اخرج ومثل واعد اعمالا كثيرة مع حميد حساني , عوني كرومي , اسماعيل خليل وفاضل خليل عمل مع عوني كرومي في مسرحية - مبادرات عامل - تاليف هاينر مللير ترجمة وتعريق ممتاز كريدي . اخرج ومثل مع حميد حساني مسرحية [لعبة الموت ] لسترنبرج }
اسماعيل خليل :ممثل ومخرج مسرحي عراقي / برلين
لطيف الحبيب / برلين 2011. 8 . 14
#لطيف_الحبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟