|
الشعب يريد : محاكمة من قتل جوليانو ؟
مهند عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 3453 - 2011 / 8 / 11 - 18:55
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عندما سأل احد الشبان في جنين وزيرة الثقافة عن تطورات قضية الشهيد جوليانو؟ احتج شخص من الحضور - بصيغة استنكار- على تسميته بالشهيد، ودعم مسؤول محلي ذلك الاحتجاج وأضاف : إن جوليانو هو رمز للتطبيع مع الاحتلال! فَجّر هذا الموقف قنبلة وسط الحضور الذي انقسم بين اللا مبالي والساخط الصامت، وكان عدم الرد سيد الموقف! أن يكون جوليانو شهيدا، فهذا يعني إنه في خندق التحرر الفلسطيني، وأن لا يكون جوليانو شهيدا ذلك يعني انه مطبعا مع الاحتلال وجزءا من معسكره. من يعتبرونه شهيدا يرون في فقدانه خسارة للثقافة الوطنية الديمقراطية والتحرر الوطني، ومن يرفضون اعتباره شهيدا يرون فيه خطرا على ثقافة الانغلاق والظلام والتعصب خاصتهم. اصحاب هذه الثقافة الظلامية يجهرون بذلك بعد "لفلفة الجريمة "وتقييدها ضد مجهول، والاخطر بعد توفر الغطاء الاجتماعي والسياسي في جنين والضفة لهذه العملية الشنيعة، في ظل صمت الثقافة المخجل. لماذا لاذ بالصمت من يعتبرون جوليانو شهيدا، هؤلاء الذين ينتمون للثقافة الديمقراطية التعددية كما يقول خطابهم ؟ هل رجحت كفة ثقافة الظلام والانغلاق العابرة للتنظيمات والحركة السياسية؟ هل استسلم الديمقراطيون بهذه البساطة؟ هذه أسئلة برسم المؤسسات والمثقفين والمبدعين الذين رفضوا واستنكروا ووعدوا بمتابعة جريمة الاغتيال وصولا الى نهاياتها العادلة. يا حيف، لقد صمتوا وسلموا بالامر الواقع وسحبوا اسئلتهم! حتى وهم يحييون مواسم احتفالاتهم الدائمة! التسليم بهزيمة الثقافة الديمقراطية التنويرية في جنين، موقف غير معقول ولا مفهوم، افتراض جدير بوقفة مسؤولة من قِبَلِ كل المثقفين الديمقراطيين، وقفة تفسر الصمت المريب! وتقول لنا لماذا انتقل طلاب مسرح الحرية الى رام الله، ولماذا انسحب المتضامنون الدوليون من جنين، ولماذا يمارس إرهاب فكري على الثقافة التنويرية، ولماذا تتحول الثقافة الى طقس احتفالي دون مضمون. دعونا نكون صريحين في الاجابة على سؤال من قتل جوليانو ؟ لماذا لم يتم وضع النقاط على الحروف، لطالما هناك من يقول : ان هناك من يعرف " حقيقة ما جرى "! ليقولوا لنا ما هي المشكلة، لانه من حق المواطن والمثقف والاعلامي أن يعرف. من كتب البيانات التحريضية، ومنْ وزّعها، منْ ألقى الخطب الدينية التحريضية، ومن سكتوا على كل شيء وكأن الامر لا يعنيهم، كل هؤلاء مطالبون بتوضيح الملابسات التي يهمسون بها، مطالبون بتحديد معايير الثقافة الوطنية الديمقراطية التنويرية، هل تراجع الاخوة والرفاق عن وثيقة إعلان الاستقلال، هل تراجعوا عن القانون الاساسي وبرامج المنظمة وفتح والتنظيمات؟ انتم مطالبون بتقديم تعريف للتطبيع، تعريف يحترم العقل، وبخاصة الذين وضعوا جوليانو ومسرح الحرية والفنون والثقافة المنطلقة منه في خندق التطبيع مع الاحتلال. ويقبلون في الوقت عينه التنسيق مع سلطات الاحتلال في مواضيع لا حصر لها – قد تكون اضطرارية - نرجوكم ان تشرحوا لنا هذا اللغز وهذه الانتقائية العجيبة، التي ينطبق عليها قول الشاعر : دعوا لاندلس إن حوصرت حلب. يصح القول انكم تصرفون النظر عن العناصر الاساسية في التطبيع وعن علاقات التبعية المهينة المفروضة على السلطة والشعب، وتفتحون المعركة مع الثقافة النقيضة للاحتلال. ومن يتشكك في علاقات التبعية، فليراجع ما قاله د. صائب عريقات امام سفراء فلسطين عن واقع السلطة الفلسطينية الراهن. الصمت سرا وعلانية على جريمة اغتيال الشهيد جوليانو يعني رفض التعدد الثقافي واستخدام القوة لاخضاع المختلف سواء كان في صيغة متنور أو علماني او ديمقراطي. هذا هو الجديد في حالتنا، هذا هو الاسوأ والاكثر انحطاطا إذا ما بقيت الامور على حالها. كان شعار الثقافة والسياسة الفلسطينية دع الف زهرة تتفتح. الان وبعد قتل جوليانو والصمت الذي يلف قضيته، كأننا دخلنا مرحلة عنوانها : من غير المسموح إلا لثقافة واحدة هي ثقافة الانغلاق والرأي الواحد، والحزب الواحد، والمثقف الواحد، والهتاف الواحد، والصمت الواحد، والكارثة الواحدة. اسئلة برسم، تنظيم فتح الذي اتخذت قيادته موقفا صريحا ومبدئيا ضد الاغتيال، لكن تنظيمها في العديد من المواقع له كلام آخر. وبرسم القوى اليسارية المطالبة بإزالة الالتباس والغموض عن موقفها من الجريمة. قضية جوليانو وثقافة الاقصاء والترهيب في جنين تستحق ايضا رأيا من اتحاد الكتاب وتستحق تدخلا جديا من وزراة الثقافة التي تنص وثائقها على مهمة الدفاع عن الثقافة الديمقراطية التنويرية، لكنها لم تتدخل إلا شكليا. كما ان نجاحات حكومة د . فياض التي تحدثت عن وضع حد للفلتان الامني في جنين، اصبحت محط شك جدي بعد جريمة اغتيال جوليانو التي عصفت بالانجاز . بقي القول ان استمرار الصمت والتعايش مع الامر الواقع يساوي التسليم بهزيمة ثقافة درويش وكنفاني وتوفيق زياد وإميل حبيبي، والسكاكيني والخالدي وفدوى وابو سلمى وإدوارد سعيد، ومعين بسيسو، واسماعيل شموط وكمال ناصر وسميرة عزام وووو يعني التسليم بهزيمة ثقافة هؤلاء في جنين، هزيمة ستنقلنا الى هزائم اخرى في رام الله والناصرة على شاكلة هزيمة الثقافة في غزة، فمن يرتضي بهزيمة هويتنا ورافعة صمودنا الكبرى؟
#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحراك الاسرائيلي .....الى اين؟
-
ارفعوا ايديكم عن حماة!
-
من هم اصدقاء النظام السوري؟
-
إنطفاء .....اليسار !
-
نداء آية براذعية * ما زال يطن في الأذن!!
-
اللا معقول في تصفيق الكونغرس ....ومبايعة نصر الله
-
فعاليات إحياء الذكرى63 للنكبة تحيي أملا جديدا
-
هل تجاوزت حماس وفتح اختلالاتهما؟
-
هل يملك النظام السوري حلا للأزمة؟
-
جول خميس وفوتوريو اريغوني ....شجاعة ونبل
-
اغتيال جوليانو خميس ...اغتيال لثقافة الحرية
-
القذافي هو المسؤول عن استدعاء التدخل الخارجي
-
ثقافة ثورية إنسانية ...وثقافة فاسدة
-
اربعة مشاهد دراماتيكية مخزية
-
الثورة المصرية والتغيير الفلسطيني المأمول
-
ظاهرة دحلان...... الى اين؟
-
التفكير الآمن أولا !!!
-
التفكير الآمن ......!!!
-
استقلال المرجعية الثقافية..... ام تبعيتها!!
-
القرضاوي عالم دين ام رجل سياسة؟
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|