|
دقت ساعة الحلم ...
دينا الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 23:35
المحور:
الادب والفن
دقت ساعة الحلم ...
جاءت شفافية أمتي .. تحملني .. وتتعالى .. فمن قال إني إنسلخت من أنقاضي .. فإريدو .. تذكر إسمي .. والحجر في بابل .. يتذكر إسمي .. لي في تراب الأمة العراقية عرق ما .. ( أنا الأسطورة والهواء جسدي الذي لا يبلى ... ) فبوسعي الأن أن أتحول .. وأتماهى مع هذا الحلم .. ومثلما كنت طيعة .. بوسعي الأن أن أكون آمرة .. ولكل صورة أمنح لهؤلاء الخلق حركاتي وأهوائي .. يمتلئ كل شئ بضياء هذه الخليقة ..
إني أعري الزمن .. أرمي ثياب النساء في خزانة عشتار .. وأنثر أيام دموزي في وركاء العظيمة .. وأجري على أمتي ماء تكوين آخر .. أكسوها بأنفاس لغة ثانية ...
هكذا أتكلم بإسلوب يجسد .. الأمــة العـــراقية .. أقول أن تنشئ في مكانها .. بين شفتي وهذا الضوء الذي يجئ من أشياء الواقع .. أغريها بالسفر في وحشية هذا السقوط .. ليس إلا صعودا آخر ..
إنظروا للرغبة جسدا يولد في الجسد .. - أعني جسد أمتي - من خلالها نحيي المتنبي .. ونستشف الجواهري .. وحيث نسمع الحجر والماء يتحدثان دوما ..
( تطاول الليل علينا يا دموزي .. دموزي .. إنا معشر العراقيون .. وإننا لأهلنا لمحبون ... )
سلاما يا نواة التأريخ .. يا عيناي في هذا الرأس الذي يسمى السماء .. أيتها المرأة التي تغتسل بالفراتين .. حزامها الأمم .. وخلخالها الخليج ..
دقت ساعة الحلم .. أربط مخيلتي بإريدو .. وأخلي الجسد من دبيب الهواجس .. ما هذا ؟! .. ماذا ؟! .. في قراراتي وخز .. (( ناس يأكل بعضهم بعضا )) (( لا شئ الا السلاح والصياح )) (( هل أجئ من داء لا يشفى !!! ... ))
ويخيل لي .. إني أسمع صوتا يلفظه قئ الصحراء .. عن نجوم غادرت مجرتنا .. عن نساء آليات .. و رجال بنصف عقل .. عن فنادق للقطط .. وأعراس للكلاب ...
وتتراءى لي جذوع بشرية مبتورة .. تلتئم حولي تارة .. وتتمزق تارة في أحشائي .. كأني أسبح في كوكب تثقبه .. بحيرات الدم ..
يشبه لي إنني في مهرجان أعناق .. تحتفل بذبحها .. دون أن تدري ...
تمتمت وسط هذا الوخز المأتمي .. أن أكتب .. هو أن أهرب الكلام ..
آه .. يغريني حلمي بأمة عراقية .. فهي كالملاك .. والشيطان أعقل من أن يوسوس لي .. عيناي تفران الى الامام .. وقدماي نشوة ورقص .. - تعالوا لنرقص - فوق رماد هذه الأزمنة ..
هكذا أذهب مع حلمي الجميل .. ففجأة أستسلم لألق لحظة تنضح برائحة بغداد .. تؤاخي بين النسيان والذكرى ..
وأصغي الى حكيم يملي علي .. (( كلا .. لن تجد أمتنا زهورا جديدة إلا في جراحنا )) (( لن يحظى تأريخ البشرية بنبضه إلا في منفانا ))
وأحسب أن الحكيم العجوز يجلس في معبد الإبسو .. والفصول تتبادل قمصانها بين دموزي وعشتار ..
دقت ساعة الحلم .. أيتها الاقاعات الطالعة من الأمة الأولى .. أمتزج بك .. وأمنحك بصيرتي .. أترك لأوتار حروفي أن تصهرك .. طينة ثانية .. فمن مكاني الذي أرعاه .. أنا وقلبي .. نكتب لتلك الجهة المطموسة من إنسانية التأريخ .. من إنسانية القلب .. لأولئك الأحبة المسحوقين .. يموتون وهم يتقاسمون حزن دموزي الكبير .. لأولئك التائهين .. يسقطون .. وهم يتشبثون بالأعالي ..
دقت ساعة الحلم .. تنهض بي قصائدي .. أبواب وشرفات .. إني أكتشف زوايا في جسد أمتي .. لا تزال عصية على العصور .. أسمع كلمات في حنجرتها لا شواطئ لها ..
أه .. من تابوت .. يتنقل على رؤوسنا .. واللغات ببغاء .. في قفص الرعب ..
(( كيف لنا أن نحقق حلمنا .. هل علينا أن نجدل شعر السماء أعنة لخيولنا ؟! .. أن نصرخ بالنجوم مدي أيديك إلينا ؟! .. هل علينا شق القمر ؟! .. ))
من أين لي أن أغري حلما .. ليتحقق .. أناضل كمن يقاتل الغبار .. كمن يكتب أبجدية الرمال .. ليت السماء تمر ...
ما أنت ؟!.. ومن أيتها الأمة العراقية ؟!.. ربما كنت حبل سرة بين رحم اليأس وسرير الغبطة .. أو لغة يلوذ بها الحي في حواره مع الموت .. ربما كنت لونا يوحد بين قوس قزح .. وقوس الأيام .. ربما كنت حرفا يترك لكل شئ أن يسبح في شعره الخاص ..
إذن ما شكواك أيها الحلم ... تارة تأسرك عاصفة فتستسلم .. ولكنك كالوتر يعزف الريح ...
يا أمة أرضعتها الشمس .. ونسجت لها غلائل لا تخترقها أظافر الدهر .. النجوم فيك قطيع .. والقمر راع لك .. يتوكأ عصاه وراء سياج الكون ..
وجهي لذاك الأفق .. والشعر يبكي .. والليل نفسه يخلع ثيابه .. ويضعها بين يدي الشعر .. - الشعر هو جنوني الحكيم -
دقت ساعة الحلم .. أتحدث كمن يبني أعمدة من الضوء .. والظلمة الحالكة تلك .. ممزقة على أسنة الضوء .. أصوات .. إني أسمع أصوات .. وأحاول أن أشهد الأشياء في بريقها الأول .. تحفر في الأعماق .. في ذلك الداخل .. أكثر عمقا .. وأكثر غموضا ..
أصوات .. إني أسمع أصوات .. من ذلك الطيب الذي أسميه الأمة العراقية ..
أصوات تتعالى .. أصوات تتعالى .. تتقصى تلك التي لا تروض .. و لا تمنهج .. واحدة تتعدد .. وتتنوع .. ولا تتناهى ..
دقت ساعة الحلم .. بين شفتي ابتسامة .. وأناملي على حافة الورق .. أنزل في جوف الوقت .. في لغة صامتة أخرى .. أنظر الى الفضاء من حولي .. يفتح لي صدره لساعة الحكمة .. نعم ثمة أعراس من الدم .. ويالتلك الكواكب التي تتطاير بين شفاهي .. وتسير على أكتاف الكلام ..
بلى - بإصرار - سيشفى الوقت من جراح السنتنا .. وسوف نوسوس للحب أن يؤسس لنا الغائبة القادرة .. وحدها أن تسبح في جداول طفولتنا .. وأن توحد بيننا .. وحدها القادرة على مد جسدها بين كيمياء الجسد وكيمياء السماء .. تفتح طريقا صوب الأعماق .. أشهد - كما غيري - على ضفافها أوراق تشهق في ريح المهجر .. تحمل مدنا من الاشارات .. وفضاءات على وشك الانطفاء .. والحروف تفر من حبرها .. وتستظل بظلها ..
إنها أمتي .. لا جغرافية التراب .. لا النجوم .. انها رحم اللانهاية لطفولات قادمة .. نولد منها .. ونسطر فوقها أيامنا ..
دقت ساعة الحلم .. هاهي الأمة العراقية .. أينما وضعتم حبركم بين هاتين الكلمتين .. سيخرج كتاب من الهوى ونهار من الرغبات .. لا تكادوا تقلبوا صفحاته حتى يتبين هباء الأزمنة الغابرة ..
ونصرخ شكرا لهذا الحلم ... معا نتذوق طعم هذا الحضور .. في أنفاس تتناغم .. حيث نشاهد قطعان رغبات العراقيين تتسكع على أرصفة الفضاء .. ونسأل أنفسنا هل نرعى تلك الرغبات .. !! أم نتركها ترعانا ... !!
وحينها أدعو الهدوء للجلوس معي .. نصغي معا لهرطقات الحلم .. ونتجاذب أطراف المعنى .. وكل يدخل في غيمه الخاص ..
أمطر أيها الحلم .. غيث المعنى .. على الارض لكي تفهمنا .. نتماهى معها .. ونكتشف سر الحياة بسحر .. وتتفتح بنا كل الحواس ..
سنستدرج التعب .. ونلملمه .. ذرة ذرة .. من الأعضاء المبتورة ... وننظر لهذا التعب يتضاءل عنا بعيدا قريبا .. ويرسم خطوطا .. - طولا وعرضا- .. لهذا الحلم .. كأنه بؤبؤ في عين الكون .. وثمة نوافذ وأبواب نطل من خلالها على كل شئ ..
و أكرر هذه اللحظة .. وقل لا تغيب أبعد من ذلك ... وقل لاتعلم الكثير أكثر مما تعلم ..
و أستشير ماء التكوين الاخر .. لست أنا من يعيش هذه الغبطة .. بل الغبطة تعيشني ...
فمن أجل شوارع ترتسم في وجه النهار .. من أجل ليل يلبس النجوم قلائدا وأقراط .. من أجل أطفال يبكون ويضحكون في سريرة كل شئ .. من أجل حلم يهيمن على أحشائي .. من أجل عيون تنسج من البكاء خياما لهذا الحلم .. من أجل مجهول ينغرس في .. وأنغرس فيه كسر الخلق ..
أقول في الأمة العراقية .. لي في كل ذرة تراب .. عرق ما .. أنتمي إليه .. أمة بلا عمر .. كأنها وجه الدهر ... كأنها وجه إله خفي ...
آب 2011 دينا الطائي
#دينا_الطائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثيقة إريدو لإحياء الأمة العراقية
-
إعلان براءتي من صفحتي الشخصية المخترقة على الفيس بوك
-
الأمة العراقية وسيكولوجية الفرد العراقي .. بقلم دينا الطائي
-
كن هنا ...
-
أشرعة
-
تموز الأمة العراقية
-
بيان رقم ( 8 ) صادر عن اللجنة المبادرة لمشروع الأمة العراقية
-
سايكولوجيا الفساد في العراق
-
ردا على الحوار الدائر حول مقال الأستاذ سعدون جابر ( تنفيذ حك
...
-
حوار القلق في حضرة الحب
-
بيان (7) يدين المنشورات التحريضية التي تهدد الصابئة المندائي
...
-
غيبوبة عشق .. لا تفيق
-
بيان (6) حول إعتقال شباب التحرير الأربعة صادر عن اللجنة المب
...
-
دهشة في حنايا الحروف
-
ساحة التحرير .. والصعود الى الهاوية
-
بيان (5) عن توجهاتنا الحقيقة .. سليم مطر مثالا .. صادر عن ال
...
-
الأمة العراقية .. إرادة أم حلم !!
-
بيان (4) هام صادر عن اللجنة المبادرة لمشروع الأمة العراقية
-
إنتظار على إمتداد وجهك البحري
-
الأمة العراقية وسيكولوجية الفرد العراقي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|