|
هل يتجه العراق نحو ايجاد نظامه السياسي الملائم ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3450 - 2011 / 8 / 8 - 02:21
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الاطار العام للنظام السياسي العراقي مثبت في الدستور العراقي، و القاعدة الاساسية له هو الفدرالية بمعناها الواسع المتعدد الاشكال و حتى الجواهر، و يتحمل في بعض جوانبه العديد من الاراء و التحليلات و التفسيرات، و ما يجلب مع نفسه المواقف المختلفة كما نلاحظ ما يمر به العراق اليوم في ظل الديموقراطية و الحرية المتاحة، و المكفلة لعدم التراجع من الخطوات التي استؤنفت منذ سقوط الدكتاورية. و اكثرية الخلافات نابعة من البنود التي تركت لتحسمها القوانين فيما بعد نتيجة الظروف التي فرضت الاستعجال في طرح الدستور على الشعب، و الشيطان يكمن في التفاصيل كما هو المعلوم . و هذا ما جلب لنا الجو المتاح لكل طرف بان يطرح رايه و يبدي ما يعتقد حول اية قضية استنادا على خلفيته الفكرية العقيدية الاجتماعية الايديولوجية و المصلحية، و الذي يتحجج بما يلقي من بنود الدستور الذي يلائم ما يذهب اليه، و بهذا لا يمكن التيقن من ان القوانين التي تقر مستقبلا في البرلمان المعلوم بنيته التركيبية ان تمرر حسب ما يفرضه النظام الفدرالي الحقيقي ، و هكذا الى كافة البنود التي تتخذ الاسس الشرعية و الديموقراطية و المباديء التي اسس عليها الدستور مرجعا لهم في تجسيد النظام المقترح و بناء ركائزه . ان فسح المجال امام البرلمان في هذا الوقت بالذات و بالتركيبة الحالية ( و اعتقد ان التركيب الحالي يستمر لعدة انتخابات اخرى) لتسوية القضايا الحساسة و التي لا تقل اهميتها عن الركائز الاساسية لبناء كيان العراق الجديد مما يوسٌع من الثغرة و يصعٌب من العمل و يسهٌل من التاثير السياسي السلبي على الخط العام للنظام. و لهذا نسمع يوميا من الاراء و المواقف و التصريحات المختلفة التي تطلق جزافا و لا تمت بمضمون الدستوربشيء، و تبنى اساسا على المصالح السياسية و المتطلبات الحزبية و الصراعات الدائرة بين الكتل دون التركيز على ما يفرضه الدستور، دون ان يلتفتوا ولو للحظة الى الخروقات المحتملة من ابداء تلك الاراء و المواقف . انطلاقات من موقع كل كتلة او ثقله و مدى تمكنه من الاستئثار بالسلطة و المعادلات الداخلية و الخارجية للعراق، يخيٌط كل طرف كسوته و يطرزه بمزاجه، لذلك نجد التناقضات و التقلبات للاطروحات و الاقتراحات و المواقف من وقت لاخر. نجد من ينكر الفدرالية و يصفها بالبدعة و يدعيها في وقت اخر و هكذا العكس صحيح ايضا، و من يعلن ايمانه بالديموقراطية و ينكرها عمليا و يثبت ذلك على ارض الواقع . و به لم نجد لحد اليوم الاطرالعامة المقنعة للنظام السياسي و التي يمكن ان تفرض مساحة معينة للصراعات و مدى معلوما لالتزام الاطراف بما يحويه الدستور و ما يفرضه على الجميع، و عليه نمس الخلافات على ما اذا كان توجه الاطراف مخالف للدستور ام ملتزم به، و كم نقاشا سمعناه حول من خرق الدستور و يثبت ذلك براي و قانون يجده بين ثنايا الدستور و يفسره وفق ما يعتقد او يقتنع به و يفنده الاخر بقانون و بند اخر من الدستور او بتفسير اخر. هذا من الناحية القانونية و التغييرات الجذرية التي حصلت في البلاد و ما استقر عليه الاوضاع و ما اقدمت عليه الاطراف لحد الان، اما من الجانب الاجتماعي الثقافي الاقتصادي و ما يفرضه اشكال تلك الجوانب و جواهرهم و ابعادهم و معطياتهم على ما يجب ان يكون عليه النظام العراقي الجيديد، فيتحمل بحوثا و دراسات . و لكن قراءة الواقع و ما ترسخت من الارضيات و التوجهات المختلفة من موقع لاخر يمكننا ان ندرس الاقتراحات و ايجاد ماهوالملائم للعراق باكمله و الذي يمكن تطبيقه على ارض الواقع بسهولة و باتفاق الجميع . المجتمع العراقي مختلف المكونات و الثقافات و التاريخ و حتى الطبيعة، و هذا ما يفرض بداية التعمق في ما يخص الجميع دون ان نجتزء من المجموع مع ما يمكن ان يتقبله المجموع في نفس الوقت، و هذا ما يفرض في نفس الوقت و بداية، عدم التركيز على توجه و نظام احادي الجانب، او هرمي، و انما اقرار اللامركزية بمعناها الواسع شرط مسبق قبل التفكير في امور اخرى في ما يخص النظام العام، و لتثبيت اهم ركن اساسي للنظام المراد و الممكن تطبيقه بسلاسة و دون ضغط او فرض فوقي دون دراسة القاعدة بشكل جيد. المجتمع العراقي مختلف المذاهب و الاعراق و يختلف عن البعض من العديد من الجوانب، و هذا لا يحتاج للمزايدة و الادعاءات المستندة على العاطفة او السياسة او المنطلقة من ايديولوجيا مر عليها الزمن و و اسمعتنا اياها السلطات السابقة ليل نهار. و هذا ما يفرض على الجميع التفكير بعمق لطرح فكرة ما او اقتراح يمكن من خلاله استيعاب جميع المكونات باسترضاء الذات و لا يمكن به منع اي اعتقاد او توجه عن اي احد، فهذه الركيزة الاساسية الضرورية الاولى التي لا يمكن ايجادها في اية عقيدة او ايديولوجيا لوحدها، و بناءا عليه يمكن ان ندرس يمكن ان ندرس به تقنين اي قانون يمكن من خلاله اقرار حرية جميع الافكار و ما يقتنع به الجميع ، و الضمان يقع ضمن اطار العلمانية بمعناها الواسع الكبير، اي مساحة يمكن بها تقبٌل كافة الافكار من اليمين الى اليسار والاعتقادات و الاديان و المذاهب وضمان حرية ممارسة كافة الطقوس دون ربطها بالنظام السائد او السلطة مهما كانت مساحتها، وهذه هي العمود الاساسي الثاني لتثبيت البنيان العام للدولة . ام ا الركيزة الاساسية الثالثة في تثبيت النظام العام الملائم، هي الاستناد على الديموقراطية الحقيقية بمعناها المتعدد كآلية و فلسفة في ظل الحرية المتوفرة بمعناهما الواسع و ما تتطلبانها من الاعتدال و قراءة الاخر و ما تعتمدان عليه من الانتخابات الحرة النزيهة و التعددية السياسية و تداول السلطة في ظل تجسيد العقلية الحداثوية . ربما يحتاج تحقيق هذه الاهداف لاليات و عقليات و انما فرض وجود السلم و الامان و الاعتدال من الشروط المسبقة الواجب توفرها لمنع الاحباط، ودعم استمرار المسيرة. عندما نتفق جميعا في قولنا و اعتقادنا و ايماننا بان للعراق تركيب خاص بنفسه، يختلف عن اية دولة اخرى من كافة النواحي، علينا ان نتفق ايضا باننا يجب ان نتفق على ما يجب ان يكون عليه النظام السياسي الملائم لهذا التركيب الخاص به . اي تعدديته الاجتماعية الثقافية السياسية و موزائيكية التركيب هي بحد ذاتها تفرض علينا الخوض في عملية متعددة الجوانب طويلة الامد و بمراحل، و لكن الاهم هو اعلام و افهام الجميع بان ما نريد الوصول اليه و الهدف النهائي لنا هو النظام السياسي المناسب الذي يجب ان يتفق و يتوافق عليه الجميع، و الخطوط الاساسية التي وافق عليها الشعب ضمن الدستور المقترح تتحمل هذا التوجه وفق الركائز الاساسية التي ذكرناها سابقا . الاطار العام يجب ان يتحمل كافة التوجهات، و هذا يمكن ايجاده في النظام العلماني الديموقراطي الصحيح وفي جو من الحرية الضامنة و اللامركزية المستندة على الفدرالية الخاصة بهذا البلد ايضا، على اعتبار ان متطلبات المكونات مختلفة عن بعضها ايضا من الاساس، و من الواجب قراءة الخصوصيات و فصل السلطات المتعددة و توزيعها، و هذا ما يمكن ان يقنعنا بعدم تكرار التاريخ لنفسه من خلال مآسيه السابقة، و لم نصل لحد اليوم الى ما يمكن ان نلمحه في الافق ما نريده و نعتقده مناسبا و ما يمكن ان تثبته الركائز و الاعمدة الرئيسية المذكورة سابقا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انبثقت التعددية السياسية في العراق؟
-
ضرورة الاحتجاج امام سفارات الدول ذوات المواقف المصلحية ازاء
...
-
حقوق الانسان و موقف القوى العالمية ازاء ما يحصل في سوريا
-
تلحيم كوردستان بالعراق و ليس احتلالها !!
-
ما موقف امريكا من قصف ايران الدائم لاقليم كوردستان
-
هدر الفرص الموآتية في سوريا خط احمر
-
معا لارساء جوهر الكلمات الثلاث (الاعتذار، الشكر، التسامح)
-
هل يمكن تحقيق اهداف الشعب الكوردي استنادا على المباديء الاسا
...
-
هل بالامكان استئصال آفة الفساد في العراق
-
انحباس نهر الوند مع استمرار قصف ايران لاقليم كوردستان
-
اعتداءات ايران ستبرر تدخلات تركيا في اقليم كوردستان
-
يجب ان ينعقد مؤتمر المعارضة السورية في دولة محايدة
-
عدم احساس الفرد بانتمائاته في منطقة الشرق الاوسط
-
التعاون و التنسيق حاجة ملحة لنجاح انتفاضة الشعب السوري
-
هل تخرج الحكومة العراقية من عنق الزجاجة ؟
-
الركائز الاساسية لضمان التعايش العربي الكوردي السلمي
-
استمرار سوريا على عدم الاتعاض من الاخرين !!
-
اي نظام سياسي يلائم اقليم كوردستان
-
نتيجة الانتخابات ومصير الكورد في تركيا
-
انها بداية نهاية الاعلام الحكومي المركزي
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|