حسين محيي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العودة إلى الأهل والأصدقاء حلم يراود كل المغتربين بعد سنين طويلة من الاغتراب ألقصري الذي أجبر عليه العراقيين , العراق لم يكن في يوم ما بلد امن ومستقر خلال خمسة عقود من الزمن , فالحروب المستمرة وملاحقة الناس واستهدافهم لأتفه الأسباب والحصار الجائر على الشعب .كلها عوامل أدت إلى هجرة الكثير من العراقيين حتى تجاوز عدد المهاجرين والمهجرين أربعة ملايين عراقي . ثم إن الأمل في التغيير أصبح مستحيل بل إنه المعجزة بعينها . الكثير من القيم التي ألفها العراقيين سحقتها آلة التخريب حتى إن الأخ أصبح لا يثق بأخيه وبأصدقائه ومحبيه , لا بل إن الثقة انعدمت في كثير من الأحيان بين الناس وأصبح الشك في كل شيء هو السائد كما إن الأنانية وحب الذات أصبحت بديلا عن الإيثار ولم يعد للوطن وللانتماء بكل ألوانه إلا القليل في قلوب الناس , لان الكثير من الجرائم ارتكبت باسم الوطن والوطنية .كما إن فساد الذمم أصبح السائد . والتزلف للآخرين أصبح مهنة يتقنها الكثير من العراقيين . وفقدت العفوية في معظم تصرفات الناس . كل شيء مدروس ويصب في خدمة الذات .
أربع هجرات كبيرة حصلت في الأربعة عقود الأخيرة . الهجرة الأولى حصلت في سبعينيات القرن الماضي والثانية في الثمانينيات تلتها أخرى في تسعينيات القرن الماضي ثم الهجرة الأخيرة التي حصلت في بداية القرن الواحد والعشرين ولا تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور والمراقب المتتبع لتلك الهجرات يلاحظ الكثير من الاختلاف في سلوك الفئات المهاجرة . حتى بات من السهل معرفة التاريخ الذي هاجر فيه العراقي من خلال سلوكه اليومي . أنا لست في صدد المفاضلة بين من هاجر في سبعينيات القرن الماضي ومن هاجر بعد ذلك التاريخ . بل الهدف من هذه المقدمة هو أن لا يفاجئ المغترب بعد عودته إلى أرض الوطن . بأشياء قد تفقده حلاوة العودة الذي انتظرها عقود من الزمن ويشعر بالغربة من جديد ولكن في داخل وطنه . أو يشعر بالندم على عودته بعد تصفية كل متعلقاته في الغربة وتكون الحسرة هي آخر معاناته . لذلك أرى أن يضع المغترب جملة من التساؤلات ومن ثم الإجابة عليها بشكل غير متسرع معتمدا بذلك على حقائق يكتشفها بنفسه لا على إجابات الآخرين . من السهل أن تستبدل جحيما بجحيم آخر أو رفاهية برفاهية أخرى ولكن ما أصعب أن تستبدل رفاهية بجحيم .
#حسين_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟