أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 08:31
المحور:
الادب والفن
كاد يتفجره الغضب حينما قرأ الرسالة .. افترش حصيرته كالعادة .. وجلس تائه النظرات في غرفته الصغيرة .. ثم أخذ يبعثر أوراقه يبحث عن عناوين يعرفها وأخرى لا يعرفها .. مثل هذه النهايات هو يدركها تماما ولكن .. لربما لفجاءة الإحساس بصدق حاسته البعيدة .. أخذت الأقدام تتوافد من أطراف المخيم لزيارته والاطمئنان عليه .. هم يعلمون علم اليقين أنه كان غاليا عليه .. وكان حلمه البعيد الذي يمده بروح الحياة .. يتجالسون حوله وهمهماتم الخافتة تحاصره .. وعيون تحاول أن تسرق من ملامحه ما يشفي أسئلتهم دون جدوى .. هو غارق في دمعه الصامت .. وتسليم يبدو في انحناءة منكسرة .. لا احد يجرؤ على اقتحام صمته .. يتوه بنظراته في وجوه الحاضرين .. يراهم دون أن يبصرهم .. لازالت الأقدام تتوافد حيث مجلسه .. ولازالت الهمهمات تغامر لاقتحام عجزه .. ولازال هو غارقا في ملامح بعيدة .. ملامح من رحل إلى الضفة الأخرى منذ سنوات .. كان ينتظره .. كان يشتاق إليه .. وكان امتداده حيث الأثر .. وحيث هو يتجول بقلبه أرجاء ذاكرته .. وحيث الهمهمات تحاصره .. يفيق على لمسات بريئة .. تشعل في صدره صرخة الحياة .. ينظر للطفل وكأنه يلملم أشلاءه بحركات هستيرية .. كمن يجد ذاته من جديد لتتحول نظراته تحول من امسك بالنجاة .. وقف وسط الحاضرين .. رفع الولد إليه صارخا .. إللي خلف ما مات .. إللي خلف ما مات .. وقف الجموع خلفه تتملكهم الدهشة .. أما هو .. فقد غاب في جوف صدى الكلمات حتى .. الضفة الأخرى ..
* مخيم لللاجئين الفلسطينيين في الاردن
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟