أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مونير كوبي - في معنى الطبيعة















المزيد.....

في معنى الطبيعة


مونير كوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3446 - 2011 / 8 / 3 - 00:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول سليم دولة نقلا عن فيلسوف النقد كانط بأن الحيوانات منذ أن تمتلك القوة حتى تشرع في إستعمالها وبصورة منتظمة بشكل لا يجعلها تلحق الضرر بنفسها، حيث نشاهد مثلا صغار الخطاف تلقي بنفاياتها خارج العش وهي لازالت عمياء، خرجت لتوها من قشرة البيضة دون أن تكون قد تعلمت ذلك، وهذا يثبت بأن الحيوانات ليست في حاجة إلى رعاية أو عناية، فأكثر ما تحتاج إليه هو الغذاء والدفء وبعض الحماية.
إن معظم الحيوانات في حاجة إلى الغذاء ولكنها ليست في حاجة إلى الرعاية، ونعني بالرعاية الاحتياطات أو الإجراءات التي يتخذها الآباء حتى يحولوا بين أبنائهم وإستعمالهم لقواهم الخاصة، لألا يلحقوا الضرر بأنفسهم. فإذا ما صوت الحيوان، أو صغير الحيوان، عند الولادة كما يصرخ الأطفال الآدميون يصبح فريسة للذئاب ولسائر الحيوانات المتوحشة التي يكون قد نبهها صراخه .
نستشف من هذه الواقعة أن الدوافع الغريزية، كالجوع والجنس والخوف والأمومة عند الحيوان والإنسان، تتميز بخصائص عديدة منها أن السلوك الغريزي يسير على نحو نمطي ومتكرر لدى كل نوع، وأن السلوك الغريزي فطري ناتج عـن العوامل الوراثية، ومشكل من التجارب الفردية، لأنه يعبر عن التركيب العـضوي الموروث. كما تتميز بالثبات، بحيث يصعب تعديلها أو إستئصالها من نفس الفرد.
وهكذا، فالدوافع الأولية التي تكون طبيعة الحيوان وطبيعة الإنسان، هي إستعداد فطري يدفع هذه الكائنات إلى القيام بالسلوك الذي تتطلبه المواقف المختلفة، والتي تقتضي المحافظة على الذات أو الجنس.
فإذا لاحظنا سلوك الحيوانات في بناء أعشاشها نجدها لا تخرج عن دائرة الغريزة، حيث تبني الطيور أعشاشها في أماكن مختلفة، إما على الأشجار أو على الصخور أو في التربة، وتختلف مهارة الطيور في بناء أعشاشها باختلاف أنواعها، وهو سلوكٌ فطريّ تقوم به الطيور للقيام بعملية التكاثر والمحافظة على حياتها ونوعها، وتبذل بعض الطيور وقتًا طويلاً في بناء العش خاصة الطيور النسّاجة.
وعندما نتحدث عن مسكن النمل فإننا نتحدث عن هندسة معمارية راقية، وإذا حاولت مشاهدة النمل وهو يبنى مسكنه فإنك تعجب من قدرة هذه النملة الصغيرة في إنجاز هذا المسكن البديع، فهي تحفر أنفاقًا في التربة تقسمها إلى غرف تستعمل بعضها لخزن الغذاء الذي تجمعه باستمرار وتستعمل بعضه الآخر للسكن.
وللبحث عن الغذاء وتناوله هناك طرق مختلفة عند الحيوانات، منها، حيث تقوم بعض الطيور الجارحة الكبيرة بالتغذي على بيض الطيور الأخرى كالنعام، وعندما تجد هذه الطيور الجارحة البيض فإنها تحمل في منقارها حجرًا متوسط الحجم وترمي به على البيضة وتكرر ذلك مرارا حتى تكسرها وتتغذى على ما بداخلها. وتقوم نملة الغابة التي تتغذى على الحشرات بإفراز حمض النمليك إلى مسافات تزيد على عشرة سنتيمترات، الذي يشلّ حركة الحشرات التي يقع عليها، ثم تقوم النملة بحمل الحشرة بواسطة فكيها إلى مسكنها.
ويقول سليم دولة مفسرا ذلك:"إذا فسر كانط السلوك الحيواني بإرجاعه إلى الغريزة فإن وراء الغريزة ما يطلق عليه علة خارجية أو سببا خارجيا ويمكن أن تكون هذه العلة هي الله أو الطبيعة، المهم في هذا المجال، رغم أن هذه الفكرة بقيت زئبقية غائمة، أن كانط التجأ إليها ليؤكد في المقابل على الخاصية الأساسية للسلوك البشري" ، والتي تتسم بالإبداع والإبتكار والتجديد والتغيير والتنوع والإختلاف.
ولتوضيح ما نعينه بالطبيعة، جاء في معجم لالاند أن الطبيعة قد تعني مبدأ يعد منتجا لتطور كائن، ومحققا فيه لنموذج معين، وقد يعني جوهر نوع أي مجموعة خصائص تحدده: مزايا أساسية لعلم أو لمسألة أو لفكرة أو لمؤسسة وقد كان باكون وديكارت يطلقان ، بمعنى قريب جدا، إسم طبيعة على الخواص المكونة لجسم ما، ويطلقان إسم طبائع بسيطة على الأوصاف التي تقبل التفكيك والتي يعتبران أن كل الأشياء الأخرى تتكون بواسطتها، وقد يعني كل ما هو فطري وغريزي وعفوي في جنس كياني ولاسيما في البشرية، وهو ما يتعارض مع ما جرى اكتسابه بالخبرة الفردية أوالاجتماعية. وقد تعني كذلك علامات فارقة تميز فردا أي هو طبع أو فرادة، بقدر ما تعتبر هذه العلامات طبائع فطرية وتحدث أفعالا شبه غريزية.
وبمعنى عام الطبيعة هي جملة الأشياء المتسمة بنظام، المحققة لنماذج أو المتحققة وفقا لقوانين، ومن ثم المبدأ الفعال والحي، الإرادة التنظيمية التي تتجلى بهذا الانتظام. ويمكن أن تفيد مجمل ما خلقه الله، أو ما يحدث في العالم أو في الإنسان بلا حساب أو روية، أي مجموع الكائنات غير الإنسان باعتبار فاعل الحياة الواعية والإرادية. ويمكن أن تفيد مجموع الكائنات أو مزايا الكائنات التي لا تنزع إلى غاية، لكنها تتحرك كلها بعلية شبه آلية، وبهذا المعنى تتعارض الطبيعة مع الروح، ومع الحرية، ومع الشخصية. وتفيد كذلك العالم المرئي، أو ما نحن معتادون عليه، الأشياء والأحداث كما تتراءى لنا عادة، وبهذا المعنى تعارض الطبيعة مع ما هو فوق طبيعي، وهي كذلك مبدأ أساسي لكل حكم معياري .
من خلال التحديدات السابقة نستخلص أن مفهوم الطبيعة لا يسقط فقط على الطبيعة بما هي مجموع الأشياء الخارجية التي تحيط بالإنسان والتي لم يتدخل في صنعها، من مياه وجبال وبحار وحيوانات، كما لا يسقط حصريا على الطبيعة بما هي شيء خالص و غير مصنع، مثل عصير البرتقال حين لا تضاف إليه مواد حافظة أو ملونة. إن الطبيعة هي كذلك تلك الخصائص الثابتة التي تحدد هوية كائن ما، بحيث لا يمكن تصوره بدونها، فنقول مثلا إن النار تحرق أي أن طبيعتها حارقة، أو أن الثعلب ماكر أي أن طبعه يتسم بالمكر. فالطبيعة هي مجموع الخصائص الفطرية و الغريزية التي تولد مع الإنسان كالأكل و النوم وغيرهما. و بهذا المعنى فالطبيعة هي عكس ما هو مكتسب وثقافي. لذلك يمكن أن نختزل دلالة الطبيعة في كونها مجموع القوانين التي تخضع لها الأشياء الموجودة في الكون.
قد تبدو هذه التحديدات كافية لتمييز الطبيعة عن الثقافة ووضع حدود فاصلة بينهما، وتجعلنا نطمئن إلى هذه الحدود دون أن تثير فينا أي إشكال. لكن هناك أسئلة تنتظر أن يصلها محك التفكير من قبيل: لماذا لا نأكل بنفس الكيفية ووفقا لقواعد محددة؟ أليس ما يصنعه الإنسان آت من الطبيعة ومن موادها؟ وحين نمارس العنف في الملاعب أو في المدارس، هل الطبيعة هي التي تتكلم فينا؟ فأين ينتهي ما هو جبلي ليبدأ ما هو ثقافي؟



#مونير_كوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغنية: وشاح للتخدير أم عربون للتغيير؟
- هل للقسر الإجتماعي حدود؟
- القوي سينمائيا القوي سيميائيا


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مونير كوبي - في معنى الطبيعة