احمد مكطوف الوادي
الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 14:07
المحور:
الادب والفن
هذا أول يوم أرى فيه المدينة منذ ولادتي ، كنت اسمع عنها كثيرا ، كنت أراها وفق تصميم مخيلتي ، لكني اليوم أمامها وكما خططتها أصابع المعماري ويلسون .
أول تلك الأشياء التي لفتت نظري هو هذا الشارع الذي أسير فيه ، انه ضيق ومليء بالحفر ، النفايات تطوق نهاياته السوداء ، كما الشيب الذي يطوق شعر جدتي المصبوغ ، جدتي التي تتحدث دائما عن شيبها المتمرد والذي ينمو سريعا فيفسد عليها تأنقها ، لقد رأيته ذلك الصباح حين رقصت جدتي فرحا بإبصاري النور لأول مرة منذ ثلاثين سنة .
على الأرصفة تتناثر أشجار ميتة ، عطشى ، أحزنني منظرها جدا فذرفت دمعتي البكر على أغصانها ، وأغمضت عيني ، فلم استطع أن انظر إليها طويلا وهي تتلوى من الألم ، تذكرت كلمات أمي التي ترددها دائما كلما انفردت بي " انه ذنبي يا ولدي فلقد حرمتك من الماء ففقدت بصرك" ، كان أبي دائما ما يذكرها بذلك وخاصة عندما "يتعاركان" ، وكان صراعهما من أكثر الأشياء التي امقتها في حياتي لأني دائما ما أكون محورا للصراع ، كان أبي لواما دائما رغم معرفته بأن ما تعترف به أمي من تقصير ليس حقيقيا بل نابع من محبتها وشعورها الغريزي بتحمل المسؤولية .
ذكرتني الأشجار العطشى بذلك ، حاولت أن أتقمص شخصية أبي واحمل " أمي " مسؤولية جفاف الأشجار ، لكني لم أجد من يقوم بدورها !
لقد وجدت الجميع يجيدون نفس الدور الذي اخترته أنا ، دور أبي .
#احمد_مكطوف_الوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟