|
إنقلابٌ صامت في تركيا
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3442 - 2011 / 7 / 30 - 01:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كُل ما يجري في تركيا ، على مُستوى نتائج الانتخابات ، او محاولات تغيير الدستور ، او الصراع المكشوف أحياناً والمُستَتِر أحياناً اُخرى ، بين المؤسسة العسكرية من جهة ، وأردوغان وحزبه الحاكم من جهة ... كُل ذلك يؤثر ، بدرجةٍ ما ، على مُحيط تركيا الجغرافي والاقليمي . ومن البديهي ، اننا في العراق ، أول المتأثرين بما يحدث في تركيا . وآخر الاحداث الكبيرة ، هو الإستقالة الجماعية ، للقيادة العسكرية التركية يوم امس الجمعة ... وهذهِ هي المرة الاولى منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة منذ تسعين سنة ، ان " يستقيل " أقوى الجنرالات معاً وفي نفس التوقيت .. حيث شهدتْ عدة مُناسبات في الماضي ، ان يستقيل أحد قادة الجيش ، أما لأسباب صحية او لوجود خلافات حادة مع باقي القيادات العسكرية ... ولكن ان يستقيل رئيس هيئة الأركان " أسيك كوسانير " و قائد القوات البحرية ، وقائد القوات الجوية ، وقائد القوات البرية .. في نفس اللحظة وبتنسيق وتفاهم معاً ! .. فأن ذلك ليسَ شيئاً طبيعياً ولا مُعتاداً . وعلى الرغم انه لم تصدر بيانات مُفّصَلة ، لا من الجيش ولا من الحكومة ، لحد الان ... فأن معظم المراقبين ، يميلون الى وضع الامر ، في إطار الصراع بين " اردوغان " وبين المؤسسة العسكرية .. وعبارة عن لوي ذراع أردوغان وإحراجه ، وخلق ما يشبه الفراغ في الدولة ، وما قد يُسّبِب ذلك من مخاطر مُحتَملة ... علماً ان تركيا من أكبر الدول المُشاركة في الحلف الاطلسي ، وليست دولة هامشية ، بل ان هذه الهّزة الدراماتيكية في قمة هرم المؤسسة العسكرية التركية ، لا يمكن ان تحدث دون التشاور مع قادة الحلف ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية . ينبغي ان لاننسى ، ان " الجيش " التركي ، كان هو المسؤول عن العديد من العمليات القذرة التي حدثتْ في جنوب شرق تركيا ، خلال السنوات السابقة ، حيث خططَ ونّفذَ عمليات قتل وإغتصاب ، وإتهمَ بها حزب العمال الكردستاني ، وإنكشفتْ هذه الاعمال قبلَ عامَين من خلال إعترافات موثقة .. كذلك المحاولات الإنقلابية التي قام بها ، ضد حكومة اردوغان الاولى .. وعمل المؤسسة العسكرية المتواصل ، في سبيل توتير الاوضاع في المناطق الحدودية مع العراق ، ووضع العراقيل أمام إيجاد حلول جذرية للقضية الكردية في تركيا ... وعدا عن الحسابات السياسية في هذه المسألة ، فأن " الإمتيازات " الكبيرة التي يحصل عليها الضباط خلال خدمتهم في مناطق كردستان تركيا ، ربما تكون سبباً مهما ، في سعيهم لإبقاء الأوضاع كما هي . عموماً ، هنالك " 42 " جنرالاً مُعتقَلين منذ ما يُقارب السنة ، في إطار تحقيقات بقيامهم بمحاولة إنقلابية ، وتهمٍ اُخرى ... وكما يبدو ، فان جميع مساعي قادة الجيش ، ولاسيما " أسيك كوسانير " رئيس هيئة الأركان ، الذي إجتمع مع " أردوغان " خمسة مرات خلال العشرة أيام الأخيرة ، باءتْ بالفشل .. ولم يفلح في إيجاد تسوية ، تُنقِذ الجيش من " إهانة " الحكم على جنرالات كبار .. ولم ينجح أيضاً في خلق تفاهم مع اردوغان ، حول التغييرات الدستورية التي يزمع الاخير إجراءها ، والتي سيكون من نتائجها الجانبية الهامة ... تقليص كبير في دَور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية التركية . ان التحديات التي تنتظر تركيا اليوم ، مُلِحّة ولا تقبل التأجيل .. لعلَ أهمها الملف السوري ، حيث ان اردوغان إنخرط في الشان السوري ، او حتى تورطَ .. فمن ناحية تربطه معاهدات وإتفاقيات مع حكومة الأسد لايستطيع ان يتجاهلها ببساطة ، ومن ناحية ترعى تركيا ، بصورةٍ علنية ، بعض المعارضين السوريين ، وتُنظِم مؤتمرات للمعارضة على اراضيها ، وتُشجِع السوريين على الهرب الى المخيمات التي اقامتها قرب الحدود ، بل ان تركيا تسعى الى إقامة " منطقة عازلة " داخل الحدود السورية . على كُل حال ، ان النشاط البالغ للسياسة الخارجية التركية ، في المنطقة ، يمتدُ من شمال افريقيا ومصر واسرائيل ، حتى أفغانستان مروراً بالعراق وايران ... والطموحات التركية الكبيرة ، لاتحتمل حدوث " إنقلابات " في تركيا تؤدي الى كبح الإنطلاق التركي . ومع هذا ، فأن التأويلات الأولية للإستقالة الجماعية أعلاه ... تقول بأنها نوعٌ من " الإنقلاب " السلمي إذا جاز التعبير ... فمن غير المُحتمَل ، ان تستكين المؤسسة العسكرية وتخضع بسهولة ، للضربات المتوالية التي يكيلها لها أردوغان .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغُربَة .. وفُقدان الذاكرة
-
جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
-
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
-
ايران والحدود مع العراق
-
سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
-
ترشيقٌ على الطريقة العراقية
-
بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
-
الصحة النفسية لرؤساءنا
-
حكومتنا وصناعة الإحباط
-
يومٌ إيراني مشؤوم في العراق
-
- عصا - عُمر البشير
-
الفساد و - الأثر الرجعي -
-
المصريون و - الإستكراد - !
-
الصحفيون العراقيون .. وكِلاب التفتيش
-
المُعّلِمون .. أمس واليوم
-
المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
-
النُخَب المُهّمَشة
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
-
الحكومة ونقود الملا - سين -
-
قائدنا .. زعيمنا المُفّدى
المزيد.....
-
قتلت وجرحت العديد منهم.. شاحنة صغيرة تصطدم بعربة خيول على مت
...
-
فرنسا: ماكرون يقبل استقالة رئيس الوزراء غابرييل أتال ويكلفه
...
-
انفجار ضخم.. الحوثيون يعرضون مشاهد استهداف سفينة نفطية بزورق
...
-
قتلى وجرحى في هجوم على مسجد للشيعة في عمان
-
محاولة اغتيال ترامب تكسبه ترشيح الجمهوريين بلا منازع
-
شارع فيصل.. عرض صور منتقدة للرئيس السيسي على لوحة إعلانات با
...
-
المغرب والجزائر.. ما حقيقة بناء سياج جديد بالقرب من منطقة -
...
-
ما أسباب الانهيارات الأرضية وكيف يمكن الحماية منها؟
-
انتشار القمل.. أسبابه وكيفية التخلص منه
-
وزير الدفاع الإسرائيلي: الظروف نضجت لاتمام صفقة تبادل الرهائ
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|