|
التيارات في حزب اليسار الالماني .. الوحدة والاختلاف
حازم كويي
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 23:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التيارات في حزب اليسار الالماني .. الوحدة والاختلاف / اعداد : حازم كويي (*)
للتيارات موقع في حزب اليسار الالماني، منصوص عليه ومثبت في لوائحه الداخلية والتي تنظم من خلاله عمل اعضاء الحزب بنقاشاتهم للخروج بالقرارات التي تتوج في مؤتمرات الحزب. هناك في الحزب مجموعات منهم الديمقرطيون الاشتراكيون، اومجموعة اليسار المعادي للرأسمالية او الاشتراكيون اليساريون. المهم في الامر ان على التيارات هذه ان تفكر بشكل مبدئي كي تخرج بقرارات متفق عليها. وفي حزب اليسار تقاليد مختلفة سواءا كان في شرق المانيا او في غربها. فقد انضم اليه يساريون من الحزب الاشتركي الديمقراطي وكذلك من حزب الخضر ومن اصول الاتحادات والنقابات العمالية، واحزاب ذات طابع لينيني مثل الحزب الاشتراكي الالماني الموحد في المانيا الديمقراطية والذي تحول اسمه بعد توحيد الالمانيتين الى حزب الديمقراطية الاشتراكية. PDS وكانت روزا لوكسمبورغ رفعت في حينها شعارا اكدت فيه على (الحرية في النقاش والوحدة في العمل). هذا الشعار كان غير مقبول من الاحزاب اللينينية المشددة على المركزية الديمقراطية وكان لا يمكن حتى مجرد التفكير به. في ظرفنا الراهن الجديد اصبح من الواجب على الاحزاب ذات الطابع اللينيني والمتمسكة بهذا التشدد، وكذلك مطلوب ايضا من الاحزاب التقليدية في غرب المانيا كالحزب الديمقراطي الاشتراكي او حزب الخضر، ان يعيروا اهتماما للتيارات الموجودة فيها. ومن نتائج اهتمام حزب اليسار بهذه التيارات هو الخروج بقرارات جماعية وذلك من خلال حق حرية النقاش وعدم اعطاء المجال للانغلاق الخاطئ. وان التنافس على الاسئلة المطروحة يؤدي الى ردود تتسم بالوضوح يستطيع الحزب من خلالها التوصل الى حلول وسط. فحق الحرية في النقاش لايمكن ان يكون مقبولا عندما يؤدي الى اتحاد خاطئ، بل يفترض ان يخلق المنافسة ووضع اجوبة واضحة للاسئلة التي تواجهها، وبصياغة يكون فيها الهيكل الحزبي قادراً على تقبل الحلول هذه، فلا نرجع الى النزاعات القديمة كما قال الاشتراكي الديمقراطي كارل ليبكخنت (الوضوح قبل الاتحاد) والمعاكسة لها (الاتحاد قبل الوضوح) لكاوتسكي. فالديالكتيك الجديد وضع الحل عبر (الاتحاد من خلال الوضوح). ولذا نرى ان اليسار قد عانى من الانشقاقات الكثيرة والتي عملت على اضعافه بوجود مجموعات متناحرة . المطلوب الآن ان نبرهن احترامنا للتفكير الآخر وممارسة العلاقة الاجتماعية الانسانية والتي ستخلق اعضاءً منتجين، وطابعها النقاش الواضح الذي يفتح نفسه للمجتمع ولايغلقه، وذلك من خلال: + التضامن الاممي واثبات الشخصية أو اثبات الشخصية فقط. + المشاركة في الحكم أو المشاركة والمعارضة في آن واحد. + الثورة والاصلاح أو الاصلاح فقط. ان ما تتسم به اخلاق اليسار والقوى الديمقراطية هو الوقوف ضد السيطرة العدوانية للرأسمالية والحفاظ على نفسها، وهذا يعني التضامن بهذا المفهوم كما حدث في موقفه من العدوان الفاشي لالمانيا الهتلرية ضد الاتحاد السوفييتي ، وضد القصف الامريكي في فيتنام وكذلك الحصار البحري الامريكي ضد كوبا. ان التضامن لا يعني اننا كأحزاب يسار ومثقفين لا ننظر الى موقفنا من قيادة الحزب كما حدث ذلك في الاتحاد السوفييتي وان لا نخلط الاوراق في هذا الجانب، فالانتقاد واجب عندما يتطلب الامر ذلك، لكننا لسنا ميكافيليين ونرفض الانجرار وراء المثل القائل ان عدو عدوي هو صديقي. عندما يكون اليسار في الحكم مع الاحزاب البرجوازية فان نجاحه ينطلق عندما يحرك كل قواه الحزبية في المجتمع، وفي حال ملاحظتنا ان هناك تحسنا في الحياة الاجتماعية، وهذا الهدف مهم ايضا عندما يكون الحزب معارضا، فالانتقاد لدى رفاق الحزب عليه ان يؤدي الى المساعدة في تجنب الخطأ، ففي اثناء وجوده في الحكم او في المعارضة مطلوب منه ان يحشد نفسه في الساحة. مع اوضد ، فذلك ينبغي ان لايصيبنا بالعمى ومن خلال تجربتنا فلا يمكن النظر الى النجاح او الفشل بانهما متساويان. فالاخطاء التي حدثت في ايطاليا وفرنسا ومنذ فترة قريبة في المقاطعات الالمانية والتي شارك حزب اليسار في الحكم ادت الى اضعافنا، وفي المقابل فان النجاح في مشاركة اليسار في الحكم كما في النرويج وقبرص، فقد لوحظت فيها التبدلات الحاصلة. اذا انطلقنا من الاخطاء التاريخية وعدم الاهتمام بتجميع القوى والتزام الصمت تجاه ذلك ، فان الواجب هو ايجاد علاقات جديدة بين القوى الثورية الديمقراطية والتيارات الاصلاحية، وان نتحمل كذلك مستقبلا الاختلافات الاساسية على ان لايقود الى انقسامات، وكما حدث في الحزب الاشتراكي الالماني والحزب الشيوعي الالماني عندما شتم بعضهم البعض بنعوت فاشية لكنهم وجدوا انفسهم فيما بعد في حقيقة الامر قابعين في معسكرات الاعتقال الفاشية. والامثلة كثيرة على انقسام اليسار وكما حدث في الحزب الشيوعي النمساوي، الاشتركي الالماني الموحد أو الايطالي. وعندما ننظر الى المستقبل فاننا نعيش الآن حالة من انبعاث المجتمع الايكولوجي القادم والذي سيصيب لاعبي العولمة ومن يساندهم بصنيعتها الجهاز الاعلامي الجبار. ولهذا فان التهيؤ لذلك يحتاج الى تحشيد وتضامن يساري والقيام باضرابات تكون فيها النقابات مهيئة وفاعلة في اية مباحثات تقوم بها مع اصحاب القرار السياسي. وعدا ذلك فان اليسار دون هكذا مشروع في الوضوح المتبادل سيواجه الفشل ، واذا سحب ذلك بالحاضر الذي نعيشه مع الماضي القريب فمن الواجب ذكر احداث عامي 1973 و1974 الانقلابيين. الاول الانقلاب العسكري ضد سلفادور اليندي والثاني الانقلاب على فيلي براندت مستشار المانيا الغربية الاسبق عندما استقال تحت ضغوطات كون سكرتيره كان يعمل لصالح المانيا الديمقراطية والذي يتحمله للاسف الحزب الاشتراكي الالماني الموحد الحاكم في المانيا الديمقراطية. ان امكانية المشاركة في الحكم يجب ان تدرس وتناقش من كل جوانبها وبشكل انتقادي وعلى نطاق العالم الخارجي ايضا، واذا حصل هذا وبحوافز متبادلة من الجانبين فان النجاح يؤدي وكانه (نجاح حبيبين). وتجد قطاعات شعبية واسعة من خلالها طريقا تكون هي جزءا من هذا التشكيل ، وتكون الحاجة الى دولة تتسم بالود والعدالة المنظمة و تكون فيها الاسواق منضبطة والتي من اهم سماتها هي ادوات سوق تحدد فيها الاسعار من قبل الدولة وبطريقة الضبط والتوازن وبهذا تاخذ دورها ومكانتها العالية ومن اجل الوقوف ضد الطغمة القليلة والتغلب عليها. التقديرات الثورية لها قيمتها عند اليسار عندما يتعامل معها بشكل ديمقراطي وتضامني كما هي مذكورة في كتابات روزا لوكسمبورغ ( الثورة والاصلاحات الاجتماعية ). وعلى ذلك اكد ايضا باول ليفي بموقفه (ضد الانقلابات). فالكثير من الثوريين عاشوا زمن الانقسامات الماضية ارهابا بدلا من التحشيد الجماهيري، والكثير من الاصلاحيين واجهوا التحشيد من اجل حالة السلام بدلا من الحرب كمشروع كفاحي للتغيير ومن اجل ان لا نقع في حقبة الارهاب الستالينية او فترات تشابه ذلك. اليوم يقف اليسار من ثوريين واصلاحيين ضد كل اشكال الارهاب ولهم الكثير من المشتركات سواءا الموقف من الرأسمالية أو الليبرالية من حيث الاعتقاد بالتغيير الثوري او الثوري السلمي الاصلاحي المؤدي الى الارتقاء للديمقراطية الاشتراكية. فالثوريون والاصلاحيون عليهم ان يمتلكوا فن الوضوح وفن التحريض ضد الكثير من احتكارات الاعلام وبوعي كامل، وان يفهموا ذلك كي يتعاملوا بنظرة التواجد في العالم الرأسمالي كما الجالس في قطار التأريخ ويرى الاحداث فيقول لنفسه سواءا كان ثوريا او اصلاحيا ان الاحداث تمشي احيانا بطريقة لايمكن التحكم فيها ولكنها في النهاية تصل الى غايتها. فالثورة الروسية عام 1905 بدأت بحركة اصلاحية، والثوريون الالمان الغربيون كانوا يريدون الحصول على مكاسب اكثر بعد سقوط الفاشية بدلا من بضعة اصلاحات. ولانريد القول هنا ان على الثوريين ان يصبوا فيما بعد في طريق الاصلاح وان تصورات الاصلاحيين ان لا تصب في الثورية. ولايعني هذا ان الوصول الى ذلك سهل، واذا اخذنا بهذه النظرة فأننا سنؤسس التسامح بأجنحته التي تقابل بعضها البعض للقاء المستقبل. فالثوريون الذين يؤثرون على التقدم الحاصل بوعي فان في ذلك ضرورة للحزب وبالعكس فلا يمكن ان تتقدم كطليعة من حياة يومية رتيبة، فهذه لن تحسب خطوة تقدمية. في كل الاحوال نحن بحاجة الى الحذر سواءا من الراديكاليين وان نتعامل بالتسامح وان نسمع بعضنا البعض بدلا للرجوع الى الماضي، فالتعامل اليومي يجنب الانشقاق والخسارة المشتركة. اوغست بيبل تحدث عن الانشقاقات الكلاسيكية في حركة اليسار من المطبقين اللااشتركيين ومن اشتراكيين غير مطبقين. وهذا يعني ان الثوريين يجب عليهم في التطبيق ان يكونوا اصحاب اختصاص كما هو الحال عند الاصلاحيين الذين عليهم التعلم والتنظيم لما بعد الرأسمالية. وهذا يعني ان على الطرفين ان يتغلبوا على انه هو الاقوى والتي نمت من طبيعة الملكية الخاصة. فالاستراتيجية الرأسمالية حققت ارباحها من خلال هتلر، البطالة الواسعة، الحرب وكوارث الطبيعة. الضرورات تؤكد انه بدلا من المشاكسة الوضيعة، يتعين العيش مع المصالحة، فهذا قد يساعد في حالة المناقشة والجدال ان ترى فكرة الآخر كما هو يفكر بها. قال برتولد بريشت: "كفوا عن ايذاء بعضكم البعض بهذه الوضاعة".
(*) المادة التي تم إعدادها استناداعلى مقالة لمجموعة من اعضاء حزب اليسار الالماني: ديتير ديهم، فولغانغ جيركه، ستيفان ليبش، وتوماس نورد. ونشرت في موقع حزب اليسار.
#حازم_كويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق الشعب تشارك في مهرجان صحيفة المانيا الجديدة
-
انتخابات البرلمان الاوربي وموقف اليسار
-
لمحة عن واقع المرأة الالمانية في البرلمانات المحلية
-
هل سيتمكن اوباما التغلب على ارث بوش السئ
-
الراسمالية صنع في الصين
-
المريض الاميركي الجغرافية السياسية والازمة المالية
-
أدارات بنوك الاستثمار والائتمان مجرمون
-
في الذكرى 91 لثورة اكتوبر الاشتراكية
-
افلاس الكازينو الراسمالي
-
هل ستنشأ راسمالية جديدة
المزيد.....
-
مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا
...
-
100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
-
رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح
...
-
مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في
...
-
-حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي
...
-
-أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور
...
-
رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر
...
-
CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع
...
-
-الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب
...
-
الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|