أمل عوض الله مباشر
الحوار المتمدن-العدد: 1024 - 2004 / 11 / 21 - 12:05
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
عندما يسمع الرجل عن مؤتمر لإنصاف المرأة ومساندتها للحصول علي حقوقها التي لم تحصل عليها بعد, وعندما يقرأ ما يكتب عن التمييز ضد المرأة يرتفع صوته مداعبا: وماذا عن التمييز ضد الرجل؟
ربما يقول عبارته هذه ليخلي مسئوليته عن هذا التمييز الذي لم يكن موجه ضد رجل أو امرأة ولكنه انعكاس لواقع اجتماعي تشكل تحت ضغوط عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية..
وبتطور الواقع فإننا بالضرورة يجب أن نلاحظ أن أوضاع المرأة تختلف من مجتمع لآخر كما أن أوضاع المرأة تختلف في المجتمع الواحد, فالمرأة في القاهرة تختلف ظروفها عن المرأة في الصعيد أو الوجه البحري...
فلننظر معا لجوانب القضية كما يراها بعض المهتمين بالتمييز ضد المرأة, بداية نجد أن النساء يقمن بثلثي أعمال العالم ويحصلن علي5% فقط من دخله ويمتلكن1% من ممتلكاته( منظمة العمل الدولية)
ويرجع ذلك إلي أن الظروف الدولية والتحول نحو اقتصاد السوق والخصخصة وكلها مستجدات تؤثر علي المرأة وطبعا الرجل, ولكن بما أن المرأة هي الفئة الأكثر تهميشا والأضعف من وجهة نظر البعض, ولانها لا تمتلك وسائل الدفاع عن نفسها, فيتم التضحية بها أولا.
ومن خلال مناقشتنا لقضية التمييز بين الرجل والمرأة في مجال العمل يظهر واضحا أن العادات والتقاليد والموروثات الثقافية الكامنة في المجتمع لها دور مؤثر علي سلوك المواطنين وإعطاء أدوار نمطية للجنسين وترسيخ مفاهيم معينة يتبناها الناس دون تحليلها أو التفكير في مدي صدقها.
** عائق يسمونه الأمومة!
لا يختلف اثنان علي أهمية الدور الإنجابي للمرأة المصرية والقيمة الاجتماعية العالية للأمومة ومع ذلك فإن هذا الدور السامي هو نفس الدور الذي يستخدمه الناس حجة لحرمان المرأة من العمل أو قصر دورها علي بعض الوظائف دون الأخري.. وأحيانا اعتبارها مواطنة درجة ثانية إستنادا علي ما يترتب علي الأمومة من مسئوليات بدلا من اعتبار ذلك وظيفة ومسئولية اجتماعية لعدد من الأطراف( الأم, الأب, الدولة) نجدها مسئولية المرأة وحدها تقريبا.
لذلك تعيش في الواقع صراعا دائما للتوفيق بين هذه الوظيفة أو أي وظيفة أخري تختارها أو تفرضها عليها الظروف. هذا بالرغم من أن الدستور المصري واتفاقية القضاء علي كافة أشكال التمييز ضد المرأة( السيداو CEDAW) لا يختلفان علي حقها في العمل دون تمييز علي اعتبار أن الأمومة تمارسها المرأة داخل المنزل مع الاعتراف بحقها في أن تمارس عملا مدفوع الأجر خارج المنزل.
*ولا شك أن الخصخصة وزيادة إقبال النساء علي المعاش المبكر رغبة في تجنب أعباء العمل الوظيفي التي لا يقابلها دخل مناسب لاحتياجاتهن يؤدي إلي اتساع الفجوة بين الرجال والنساء في المناصب القيادية, إضافة إلي المناصب الإدارية الوسطي أيضا ومن ثم حدوث تراجع في الدور التنموي للمرأة.
** تراث من القهر!
إن تصوير وضع المرأة بأنه وردي فيه مبالغة كبيرة, لأن المرأة تعاني معاناة ناتجة عن تراث طويل من القهر والانتقاص من حقوقها, ولكن أين تكمن المشكلة ؟هل تكمن في التشريع أم في دائرة آخري ؟
بالطبع هي لا تكمن في تغيير القوانين وانما في تغيير النسق الثقافي السائد فحتي تناول الإعلام لمشكلة المرأة يعد تناولا هامشيا.. علي سبيل المثال إن تمثيل المرأة السياسي يكاد يكون غائبا في وسائل الاعلام بل كثيرا ما تصور المرأة بشكل كاريكاتيري يستدعي الضحك والاستهزاء بدلا من المؤازرة.
** المرأة حول العالم
لا تزال المرأة علي نطاق عالمي غير مرئية في المؤسسات السياسية الرسمية حيث تحتل المرأة من5% ــ10% من مواقع القيادة الرسمية السياسية وعلي صعيد المناصب الوزارية احتلت المرأة6% فقط من المناصب في كل أنحاء العالم عام1994, وتتحمل المرأة في الدول الفقيرة عبء قطاعات كاملة من السكان وتقوم بأعمال مدفوعة الأجر أو مجانية من التي تتطلب70 ساعة عمل أسبوعية.
ويزداد التمييز كلما هبطنا بالمستوي الإجتماعي إلي أسفل. فنجد وضع المرأة ضعيفا في المصانع, فهن واقعات تحت بطش رئيس العمل الذي يطالبهن في كثير من الأحيان بأشكال لا تتعلق بالعمل كالخدمات الخاصة في المنازل, كما أن الأجور ليست متساوية بين الرجال والنساء. أما بالنسبة للسيدات الحاصلات علي الإعدادية أو الدبلوم فلا تجد سيدة تأخذ وظيفة المشرف أو الملاحظ أسوة بالرجال إلا قليلا..ونتدرج بعد ذلك لنصل في بعض الأحيان إلي قطاعات كاملة تعمل بلا عقود أو أي ضمانات اجتماعية, فالإحصاءات تشير إلي أن نسبة عمل المرأة خارج تنظيم قوة العمل تبلغ18 مليونا925 ألف إمرأة تعملن في القطاع الهامشي من مشاغل ومنازل وأعمال الزراعة, وهذه الفئة مستثناة من حمايةقانون العمل ومن ثم فهي تعمل دون أي مظلة قانونية تحميها.
** المرأة عدو المرأة
*مرفت أبو تيج( محامية) تعمل في مجال المحاماة كونها زوجة وأما لأربعة أولاد لم يمنعها من مزاولة العمل.. تقول: إن قانون العمل لا يفرق بين رجل وامرأة خاصة في الترقي وإن أعطي الحق للرئيس المباشر للاختيار خاصة في مجال التدريس الجامعي مما يعطي الفرصة للعميد مثلا للاختيار أو التمييز أي أن الشكل العام للقانون ليس فيه تمييز, أما علي المستوي الجامعي فعندما يتقدم الرجل والمرأة للعمل يتم اختيار الرجل.
* تقول سهي سامي تعمل في القطاع العام: التمييز عندنا في مكان العمل تمييز ضمني أي أن هناك سياسة تساعد علي تحجيم موقع المرأة فيتم إسناد المهام البسيطة لي ولزميلاتي وحرماننا من مهمة اتخاذ القرار وبالتالي نتأخر في الوصول إلي المناصب القيادية هذا إن وصلنا.
* وتري هناء شكري تعمل باحد البنوك مقولة أن انتاجية المرأة أقل من انتاجية الرجل خطأ, فالمرأة تبذل مجهودا مضاعفا لإثبات ذاتها ولكن لايكفي أن تكون بنفس كفاءة الرجل لتنجح.
* أما سوزان أبو يوسف موظفة بشركة كمبيوتر وهي زوجة وأم فتري: أن المرأة تجد نفسها أمام خيارين إما الاستسلام وترك العمل وقبول الظلم أو التصميم والمتابعة.. فإذا تخلي صاحب القضية عن حقه ولم يدافع عنها لا يستطيع أن يطالب غيره بالدفاع عن نفس القضية, كما أنني أري أن الغيرة بين الرجل والمرأة يمكن الاستفادة منها كحافز إيجابي لإظهار أفضل ما في كل منهما فقد إقتحمت مجال العمل وسط الرجال وقوبلت بكل الإحترام.
*وتخالفهن الرأي هبة جلال مهندسة حيث تري أن المرأة هي العدو الأول لنفسها وهي التي تقف عائقا أمام نجاحها وغالبا ما توجه المرأة لأختها المرأة الإتهامات لإهمالها لمنزلها ولأولادها وأن مكانها هو البيت...
** الرجال يتكلمون
* يقول أحمد مبروك مدير بأحد الفنادق: المشكلة في مجتمعنا أن نزول المرأة يأتي علي حساب بيتها وذلك للمعوقات التي تجدها كعدم توافر دور الحضانة بالمؤسسات, بالإضافة إلي ما تتعرض له المرأة من مضايقات من وإلي العمل.. ولكن بعيدا عن ذلك فلا فرق بين الرجل والمرأة من حيث الكفاءة أو الإنتاجية, بل علي العكس فهناك أمثلة عديدة تكون فيها المرأة بميت راجل وفي رأيي أن المرأة تتميز في الأعمال الذهنية حيث أنها قادرة علي التنظيم والتسلسل المنطقي وعدم إغفال التفاصيل الدقيقة, في حين يتفوق الرجل في الأعمال المطلوب فيها مجهود بدني أو الأعمال التي تحتاج إلي المجازفة واتخاذ القرار السريع. فأنا مثلا مديرتي في العمل إمرأة وهي تعمل عدد ساعات ربما أكثر مما أعمل بل هي التي تشجعنا علي العمل لفترات طويلة.. وتأخذ منه الحديث مديرته سمية الدماتي وتقول: إنني أحب عملي جدا رغم أنني متزوجة وعندي بنت وبمحاولة بسيطة لتنظيم الوقت أستطيع عمل التوازن بين بيتي وعملي, أيضا في التعامل مع الموظفين لا يفرق معي إذا كان رجلا أم إمرأة إنما يحكمني حجم العمل الذي يؤديه أي منهما والكفاءة أي أن التمييز هنا ليس بين رجل وامرأة ولكن بين إنسان وإنسان
** بصرف النظر عن النوع.
ويقول صلاح حسن كبير الفنيين بأحد معامل التحاليل: سوف أعرض حسبة منطقية للغاية علي سبيل المثال عندنا في المعمل نقوم بتدريب المرأة علي استخدام الاجهزة الدقيقة لمدة عام أو عامين بعدها تأتي فترة الممارسة العامة علي الجهاز وهي تستغرق عام قبل أن تصل المرأة إلي مستوي مهني عالي يؤهلها لتعليم وتدريب من هم أصغر منها أو الاشراف عليهم وقد يتزامن هذا مع زواجها وحملها وإنجابها فتضطر لأن تأخذ أجازة وضع ورعاية طفل لتعود للعمل بعد غياب3 سنوات فيكون كل ما تعلمته قد ضاع وتحتاج إلي وقت لتصل إلي نفس الكفاءة مرة أخري وقد يتزامن هذا مع حمل جديد وهكذا. لذلك فمن الأفضل أن يتم اختيار رجل عند التوظيف من البداية.
** من ثغرات القانون
مما سبق يتضح لنا أن هناك بعض الثغرات البسيطة في قانون العمل تتيح الفرصة للتمييز بين الرجل والمرأة مثل:
1- الترقي والوصول للمناصب القيادية خاصة بالجامعات يرجع للعميد مما يعطي فرصة للتمييز.
2-الحضانات:القانون يلزم صاحب العمل بتوفير حضانة إذا وصل عدد العاملات إلي مائة عاملة, وبالتالي فلن يصل صاحب العمل بالعاملات إلي هذا العدد فهو يتوقف عند ال99 عاملة.
3- إستثناء المرأة من بعض الأعمال ذات المخاطر الجسدية أو الأخلاقية يفتح مجالا لممارسة التمييز تحت حماية القانون. فاستبعاد المرأة ليس هو الحل بل وقايتها من الخطر.
#أمل_عوض_الله_مباشر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟