|
الشيوعيون في بريطانيا تنعشهم ثورات الشارع العربي !!؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أوروبا - كما أتابع - حركات متطرفة (يمينية ويسارية) بدأت تنشط وتثير بعض اللغط والقلاقل في الشارع العام.. الأولى الجماعات اليمنية (وطنية أو دينية) ولكن يظل عدد أنصارها محدودا ً بالقياس للإتجاهات الأخرى .. والثانية الجماعات الشيوعية والفوضوية خصوصا هنا في بريطانيا حيث ينشط "حزب المساواة الإجتماعية" وهو يـُعرّف نفسه بأنه حزب شيوعي "تروتوسكي" ثوري يشترك في الإنتخابات العامة ولكن بالطبع فإنه يفتقد لقاعدة شعبية عريضة(*)! .. والغريبة أن الشيوعيين "الثوريين" تأثروا بثورات الشارع العربي خصوصا ً في تونس ومصر وألهمتهم هذه الثورات الشبابية وألهبت مشاعرهم وحماستهم فأخذوا ينشطون وهم لديهم أمل في إقامة نظام شيوعي فوضوي كما في الفكر لا كما تم تطبيقه في الإتحاد السوفيتي كما ذكروا لي (!!) وقد تناقشت مع بعضهم وذكرت لهم أن الشيوعية مجرد حلم طوباوي غير قابل للتطبيق وأن النظام الديموقراطي الليبرالي الرأسمالي بكل عيوبه وذنوبه أهون الشرين وأخف الضررين فالشيوعية أصبحت لصيقة بالحكم الشمولي الديكتاتوري البوليسي الرهيب .. وهم طبعا لديهم حلم بهدم النظام العالمي كله وإقامة نظام عالمي جديد وغير ذلك من "الترهات المثالية الطوباوية" الخادعة التي تلقفها القذافي من أنصار الشيوعية والفوضوية وفرضها علينا بقوة السلطان والإرهاب ثم إكتشفنا أن المجتمع الإشتراكي الجماهيري الحر السعيد ليس سوى مجتمع العبيد الذي تحكمه عائلة العقيد!.
أمس تحركت مظاهرة هنا في "شفيلد" حيث أقيم في بريطانيا وأنشطرت إلى عدة مجموعات كل مجموعة توجهت لمصرف مالي "بنك" وحاولت الدخول إليه من أجل الإعتصام فيه ولكن "البوليس" كان لهم بالمرصاد حيث حال بينهم وبين مايريدون وتمكن من السيطرة على الوضع !.
كنت قد سألت أحد الشيوعيين البريطانيين قائلا ً له : "إن الحرية - حرية التعبير والعمل السياسي - متوفرة لديكم في بريطانيا فلماذا لا تكسبوا عقول الناس وأصواتهم وتصلوا للسلطة لتنفيذ الحلم الشيوعي؟ ولماذا الناس عازفون عن إنتخابكم ؟؟" فأخذ يتحجج بأن الناس غير واعيين وبأنهم واقعون تحت سحر وسيطرة آلة الإعلام والتعليم الرأسمالية وإنه يجب تحرير الناس أولا ً من سلطة وقبضة الرأسمالية حتى يستعيدوا وعيهم!!.. فقلت له كيف تفعلوا ذلك؟ أي كيف ستحرروا الناس من قبضة الرأسماليين؟ هل بالقوة؟ فأجاب : نعم فنحن حزب شيوعي ثوري !!.. فقلت له ولماذا وقع كل هؤلاء الناس الذين ينتخبوا الأحزاب الأخرى في قبضة الإعلام والتعليم الرسمي بينما أنتم تخلصتم من هذه القبضة !؟ .. قال : بالإطلاع على الفكر الشيوعي يحدث لك إنتباه وتعرف حقيقة العالم الذي تعيش فيه!..... وذكرتني هذه العبارة بفيلم "ميتركس" حيث يعيش الناس في غيبوبة في عالم تحكمه الآلات وتستخدم الناس النائمين كبطاريات ومصادر للطاقة وتجعلهم يعيشون في عالم إفتراضي .. ثم تستيقض مجموعة منهم وتكتشف الحقيقة ثم تعمل على إيقاض الآخرين وخوض المعركة ضد الآلات لتخليص البشر المحبوسين في أنابيب زجاجية ويتم إستعمالهم كبطاريات ومصادر للطاقة!!.
هذا طرف من النقاش الذي جرى بيني وبين بعض الشيوعيين والشيوعيون طبعا ً مذاهب وفرق شتى يكفر بعضهم بعضا ويسخر بعضهم من ألآخر !!.. وكل منهم يدعي بأنه هو الشيوعي الحقيقي !!.. وهذا يذكرني بالمجموعات السلفية عندنا التي يدعي كل منهم أنه هو "السلفي الحقيقي" وأن الآخرين مجرد مبتدعة وفرق ضالة !!.
طبعا أن مطلع على الكثير من أدبيات الفكر الشيوعي بمذاهبة المختلفة ورأيي فيه على رأي صاحبنا السوداني : (كلام جميل بس مش معقول !!) .. فالشيوعية مجرد سراب خادع وفائدتها الوحيدة "فكرية" وإجتماعية ولكنها غير مباشرة فهي تعري عيوب الرأسمالية مما يدفع هذه الأخيرة لتصحيح عيوبها وتقليل أطماعها وتحسين أحوال عموم الناس وهذا ما حصل بالفعل في أوروبا الغربية بضغط من الفكر الشيوعي والإشتراكي فتكونت في الغرب الأوروبي ما يعرف بدولة الرفاه الإجتماعي أو دولة الكفالة الإجتماعية ... أما المساواة بين الناس بالكامل فهو أمر لا يمت للعدالة بصلة حسب تقديري كما أنه لن يتحقق لا في الدنيا ولا الآخرة فالمساواة بين غير المتساويين ليس من العدل في شئ بل هو من الظلم الصريح!.. هذا صوت المنطق الواقعي بل وهو أيضا ً منطق الشرع الإسلامي الذي يتبنى تحقيق العدل بمعناه الواقعي الرشيد لا بالمعنى الطوباوي المطلق الذي هو نظير المساواة بين الناس في كل شي .. فالعدالة لا تعني المساواة بين الناس في كل شئ وإنما إعطاء كل ذي حق حقه والإسلام له مفهومه الخاص للعدالة الإجتماعية غير مفهوم الشيوعيين والإشتراكيين .. مع تحياتي.
سليم الرقعي
(*) عندما زارني بعض الشيوعيين من حزب "المساواة الإجتماعية" ناقشتهم بكل صراحة في رأيي في الشيوعية وأنني أعتقد بأنها مجرد حلم طوباوي غير قابل للتطبيق ولكن لها فوائد أدبية وفكرية بما تكشفه من عيوب وذنوب الرأسمالية مما يخفف من غلواء هذه الأخيرة التي هي أقرب للنظام الطبيعي الواقعي بعكس الشيوعية التي هي مجرد نظام إفتراضي مفتعل .. ولكنني وعدتهم بأنني سأعطيهم "صوتي" في الإنتخابات لأنني أشاركهم في هذا "الحلم الجميل" مع يقيني أنه مجرد حلم لا أكثر ولا أقل نتج عن تعطش البشر للعدالة التامة.. ثم لقناعتي بأن وجود حزب شيوعي في الساحة السياسية البريطانية للضغط على الأحزاب الليبرالية قد يكون مفيدا ً لتحقيق شئ من التوازن فضلا ً عن الضغط على الرأسماليين للتخفيف من غلوائهم وأطماعهم والتنازل عن بعض أطماعهم المادية لصالح الطبقات الفقيرة ولصالح البيئة الطبيعية!.. وقد أعطيتهم صوتي بالفعل بينما العام السابق أعطيت صوتي لحزب العمال وقبلهم لحزب الخضر (أنصار البيئة)!.
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفيدرالية أم نظام الحكم المحلي!؟
-
إذا قرر القذافي التنحي والفرار فكيف سيبرر ذلك!؟
-
نحو نشر الثقافة المدنية والوطنية الجديدة!؟
-
هل الدول الغربية تساعدنا لوجه الله ووجه الإنسانية !؟
-
ثلاثية الحرية والعدالة والنظام !؟
-
تأخر الحسم العسكري في ليبيا مؤامرة أم عجز!؟
-
ماذا قدمت القاعدة للعرب!؟
-
هل ويكيليكس كان شرارة الثورات العربية!؟
-
القذافي والخطة الإنتقامية القذرة الأخيرة!!؟
-
هذه رؤيتي لليبيا ما بعد القذافي!؟
-
8عوامل أساسية ساهمت في إطلاق الحملة الجوية ضد قوات القذافي
-
سر الفتحتين الموجودتين في قميص القذافي!!؟
-
القذافي يخطط لإحتلال بنغازي عن طريق حصان طروادة!؟
-
هل القذافي مجنون بالفعل؟
-
جرائم أخرى يعد لها الآن القذافي لخداع العالم!
-
التدخل العسكري الأجنبي البري في ليبيا مرفوض ومُخجل!؟
-
كلما شعر القذافي وأولاده بتهاوي نظامهم إزدادوا عنفا ً!؟
-
سر تصاعد التدخلات الغربية في أحداث ليبيا!؟
-
التوصيف العلمي الموضوعي لحكم معمر القذافي!؟
-
التوصيف الموضوعي العلمي لما يجري في ليبيا؟
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|