|
هل بالامكان استئصال آفة الفساد في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 16:09
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الانتقاد كوسيلة و عملية متكاملة لظاهرة او فعل او موقف او سياسة عامة لنظام ما، و هو المقوم، و من ثم عامل التصحيح لنجاح اية مسيرة كانت، اما الاحتقان و التذمر فهما الظل الظليل التي يفيء اليهما المعترض او المحتج الذي يحس بثقل كاهله، ويعتقد و كما يعيش بان معه الشعب كله و الذي يعتبر من الواجب عليه المشاركة على الاقل في ازالة العوائق امام التطور المنشود في جو من الحرية،و كما يحس بها الشعب العراقي بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة . من الطبيعي ان تنتشر الفوضى بعد اي تغيير مفاجيء، سواء كان مدروسا نظريا ام لا، فالواقع يفرز حالات يصعب التكهن بها بشكل مطلق، و من جميع جوانبها قبل حدوثها، و ما جرى في العراق من الانتقالة، ليس بهين ان يزال كل ما يتعلق بمرحلته السابقة من طول فترة الكبت و القمع و الحكم بالحديد و النار متزامنا مع التغيير الذي حصل بسهولة . لامر اعتيادي ان تكون مساحة السلبيات المنبثقة من هذه العملية الضخمة السريعة المفاجئة و غير المدروسة، و من دون تجسيد ارضية مناسبة لتقبلها كما هي، و في ظروف لم تتسع العقلية السائدة التي تدير لما يمكن ان يحدث لتقبله، و ايجاد الحلول بالوسائل العصرية و العقلية التقدمية، و هذا لاسباب و عوامل انتجتها الظروف الموضوعية و الذاتية لشعب معلوم تاريخه و مقوماته و ما يتسم به من الحالة الاجتماعية و ما تجذرت فيه من العادات و التقاليد و ما اثرت عليه من الموروثات و جعلت اكثريته متخلفة بمعنى الكلمة ، و هذا لا يعني ان عموم شعوب المنطقة باحسن الاحوال . كل ما يمكن قوله ان التمدن و الحداثة و التطور و تاثيرات العصرنة اختلط بعوامل الاعاقة و اصطدم بسدود من مخلفات و افرازات السياسات المتعجرفة و الخطوات العشوائية للانظمة السابقة فيما تخص حياة الشعب العراقي و مكوناته المختلفة. قصر تاريخ التحرر من العبودية و انعتاق من الاغلال العديدة حول عنقه جعله لايزال يتخبط و يترنح من صدمة الانتقالة المفاجئة دون اية مقدمات تُذكر و تجعله يحضٌر ولو بشكل بسيط للمرحلة التي انتقل اليها . بناء نظام جديد بعوامل فوقية صرفة دون ارساء عقلية و وعي عام في القاعدة كي تتقبله و تسايره او على الاقل لا تقف ضده لامر صعب ان لم يكن مستحيلا، لذا من الصحيح اعتبار المرحلة انتقالية و ربما تكون قصيرة جدا ان سارت الامور على احسن الوجه، و انها ترسي على شاطيء ما، ان كنا نحتضن ما نقع فيه من الوضع العام و النظام المناسب بشكل جيد ام لا . من بين تلك الظلمات و الاحتكاكات المستمرة بين العقليثات المتنوعة و الاعتقادات المختلفة و الموروثات الواسعة و المعوقات الساحقة، و انت تحاول ان تقدم على نظام يوائم و يلائم المرحلة و ما فيها، فبامكان ان تتحول الحال نحو الاحسن من انتقالة طبيعية، انه لعملية صعبة و تحتاج لعقليات و سواعد و دوافع خيرة ، و انه لامر طبيعي ان تتفشى آفة الفساد بكل انواعها في هذه الحال، مما يدفع الشعب الى الياس و الاحباط على ما يتلمسوه من ما مستج على عكس ما انتظروه، و هذا ما يزيد من هذه الاحاسيس المثبطة لو لم يكن هناك ما يبشرهم بوجود ما ينور الطريق و يوضح لهم ما يمكن استبصار ما يجري و ما يمكن ان يصلوا اليه في المستقبل القريب، و من اجل مشاركتهم في عملية بناء الوطن ، و ان يتاكدوا من ان المسيرة التي ابتدءوها منذ السقوط على سكتها الصحيحة و تخطى هذه الصعوبات الجمة التي تواجهتها في هذه الفترة و يمكن ازالة المعوقات تدريجيا و في مقدمتها الفساد المنتشر في جميع اركان البلد . بداية لابد ان اذكر هنا ان عملية استئصال هذه الافة صعبة جدا و انما ليست مستحيلة لو وجدت همة عالية و عقلية و ارادةومثابرة وتعاون و وسائل مناسبة و اخلاص و ايمان بالمستقبل و قيادة صالحة . الحلول الواقعية واضحة للعيان، لايمكن فرض العلاجات بالقوة دون ان نعلم تقبل الواقع لخطواتها و فعالياتها، و لا يمكن اجبار الشعب او اي فرد كان ان يتجرع مرارة اي علاج دون ان يقتنع بفائدته و نجاحه و بالاخص في امر يخص عموم الشعب و مستقبله. وهناك من المفاهيم التي من الواجب ان تتمسك بها افراد الشعب بمرور الزمن كالمواطنة و حس الانتماء و الاخلاص للبلد و المصالح العليا والايمان بحقوق الانسان و الحرية و الراي الاخر و سيادة القانون و الديموقراطية و الحريات العامة و الخاصة. فان تمتع اي فرد بجزء مقبول من هذه المباديء بقناعة ذاتية تامة فيمكن ايجاد الحلول للقضايا الكبرى بخطط و برامج علمية سليمة ملائمة بالحالة الخاصة بالشعب العراقي الموزائيكي التركيب و مختلف الصفات و المقومات و التاريخ و الوضع الاجتماعي الذي يتمتع به . لا يمكن اعتبار الفساد حالة طارئة جراء تحول و تغيير مؤقت، او بارز من عملية و يمكن تخطيها بسهولة دون الاتكاء على الحلول و البرامج و المعالجات الدقيقة التي يجب التحسب لكل صغيرة و كبيرة فيها، لكل جوانب حياة جميع مكونات الشعب و اهدافهم و اهتماماتهم و عقائدهم و التزاماتهم الحياتية، و الا فالعلاج سيكون مؤقتا و ستعود الحال كما كانت او اكبر في اي وقت كان. الحل قبل ان يكون قانويا بحتا هو سياسي بامتياز و يحتاج الى التعمق في مسببات العلة و دوافعها و اسباب استمراريتها، و ما يرتبط بالسياسة يتطلب دراسة و تعمق و تخطيط لكل الجوانب المتعلقة بها بشكل مفصل. فيما يخص الشعب و مكوناته و خصوصياتهم و اختلافاتهم عن البعض ، و ما يخص النظام الذي يمكن ان يتبع و ما يفرز من اشكاليات و كيف يكون جواهر السلطات و كيفية نجاح مهامها . لايمكن ازالة ما جسده التاريخ و الجغرافيا و الاحداث المختلفة و تاثيراها على نظرات و عقليات المكونات المختلفة للشعب بين ليلة و ضحاها، و لا يمكن ايجاد نظام مركزي مهما كان مثاليا و مقنعا و ذات اساس متين ان يكون مقنعا لجميع المكونات و اعتباره صالحا لهم جميعا على اختلاف مشاربهم ، و لا يمكن ايجاد قائد او قيادة و الا تكون ضمن فئة او جهة و نابعة من العقلية السائدة لمكونها و هذا لا يرضي الجميع على حد سواء ابدا. لذا الخطوة الرئيسية التي من الواجب اتباعها لايجاد الحل الجذري هي اتباع النظام اللامركزي في السلطة و الحكم قبل اي شيء اخر، و هي كاهم و اول مبدا لمشاركة الجميع في السراء و الضراء و لفتح الباب الاوسع للمشاركة في البناء و ايجاد الحلول لكل القضايا الشائكة، و من ثم التركيز على الخطط و التوجيهات والبرامج و الارشادات على كيفية التعايش و التكامل من قبل الجميع، اي لا يمكن باي حال ، ان تكون هناك مركزية مهما كانت قاعدتها ان تكون عادلة للجميع و من نظر الجميع وفق المنطق و المميزات و خصائص المكونات المختلفةو عقليتهم و نظرتهم الى الحياة و ما تتطلبه المعيشة في هذه المرحلة . و هذا التوجه و الاستراتيجية لو اتبعت يمكن ان يفكر اي منا في الخطوة التالية في مناخ ملائم و دافع لايجاد الحلول بسهولة و بشكل مناسب، لان هذا المبدا يحتاج لخطوات و اسس و من ثم الولوج في التفكير لايجاد المخرج لجميع المشاكل، و في مقدمتها افة الفساد كراس فاعل لكل المعوقات و المشاكل السياسية الاقتصادية الاجتماعية، و الذي ينخر جسم المجتمع و السلطة على حد سواء، و الا الفساد مستمر مهما قويت سلطة المركز حسبما نقراها من الاوضاع العامة و ما يتميز به الشعب من خصائص لا تلائمها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انحباس نهر الوند مع استمرار قصف ايران لاقليم كوردستان
-
اعتداءات ايران ستبرر تدخلات تركيا في اقليم كوردستان
-
يجب ان ينعقد مؤتمر المعارضة السورية في دولة محايدة
-
عدم احساس الفرد بانتمائاته في منطقة الشرق الاوسط
-
التعاون و التنسيق حاجة ملحة لنجاح انتفاضة الشعب السوري
-
هل تخرج الحكومة العراقية من عنق الزجاجة ؟
-
الركائز الاساسية لضمان التعايش العربي الكوردي السلمي
-
استمرار سوريا على عدم الاتعاض من الاخرين !!
-
اي نظام سياسي يلائم اقليم كوردستان
-
نتيجة الانتخابات ومصير الكورد في تركيا
-
انها بداية نهاية الاعلام الحكومي المركزي
-
الحرية الشخصية و التدخلات المختلفة فيها
-
ما جوهر الثورات المندلعة في المنطقة
-
هل تتحقق حلم انبثاق دولة كوردستان المستقلة؟
-
التغييرات الجارية في المنطقة و العراق مابعد الدكتاتورية
-
سوريا الى اين ؟
-
حقا كلما ضاقت فُرجت
-
لا تستغربوا من مواقف الموالين للنظام السوري مهما كانت نسبة ث
...
-
ما بين المثقف السياسي و السياسي المثقف
-
لماذا لم يتعض بشار ممن سبقوه
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب
...
-
مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة
...
-
إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي
...
-
الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
-
محاذير تناول المكسرات
-
أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|