أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - القيثارات العتيقة لموتنا














المزيد.....


القيثارات العتيقة لموتنا


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 18:11
المحور: الادب والفن
    




1



شفق بطقس ثقيل ينحلّ على الضفائر المذهبّة لأوراد البنفسج . يعمي عينيّ ويرهن
حياتي للّحظة التي تتجمّد في نوم الحمامة . في الحديقة ، خارج البيت ، كانت شجرة
لوز هرمة تنفخ نفسها وتزيل الشامات . العواصف تتوالى في الضمّادات المحمّرة
لماضي حياتي . محاولاً أن أوقف الشلل وأثقب فقاعاته في نوم الكلمة ، يصرعني
نزيف طويل في العويل . انخيدوانا بنفسجة موتي السوداء ، يراعة تحوم حول جروح
أيامي ، وضوؤها شحيح في ليالي الغياب المترنحة على الأكفان والزنزانة الكلسية .
زمهرير من زمن الظلمة والرصاص ، من دون أغنية رنّانة ، يخنق العندليب ويجفف
الينابيع الفقيرة للرغبة .



2


كثيرون لايجرؤون على صعود الهضاب في نومهم الخالي من الوميض الأزرق لأسلحة
الملائكة . كل انحناءة تامة أمام المناقب الجليلة لطوفان النجوم ، تنسينا السطوة الغاشمة
لشيخوختنا التي تسقط مائلة على الغبار الناعم للشواطىء . حفريات في الأسفل نكّسر فيها
العظام ونمجّد العنف في الخطيئة ، وفي الرضوض العميقة للأغصان . مايرضينا لاضرورة
له ، لأننا نطفىء النسيم بالتدريج في المنازل العالية للمرايا . كل ثقل للمقدس ، ينبغي
تحطيمه وفضحه بشجاعة . سور الصين يفتح في الصيف مخازن القمح لجياد الملائكة
بشهامة ، وتنتصب خلجانه فوق أشجار المراكب التي تضيء القيثارات العتيقة لموتنا .



3


ابر محاطة بتشائمات متحمسة لتعاقب القحط ، تتناثر في وديان حظوظنا المتصدعة ،
وتجرح الساعات الحارّة لاجاباتنا المضطربة . البحارة الذين ودّعناهم بعد حربنا
الأخيرة ، ماعادوا ولاعادت اشاراتهم المزنرة بالبزوغ القويّ لمحاريث الشمس .
شفيعتنا التي هجرتها المعجزات ، توّثق عقود خياناتها عند كاتب المصرف ، وتخفي
رماد خزاناتها تحت البراكين المتوثبة للخسارة . كل شفيعة شجرة متورمة في جزيرة
مهجورة . احساس صدىء يرخي فيض نعمته على الغبار الصيّاد للزمن والوديعة العليلة .


4


كل مناجاة هادئة في الليل لمشط الموت ، توّسع الظلال المحيطة بفجر أملنا ، وتزيد في
العطاء . هناك انخيدوانات كفيفات يتوغلن في الفراديس العفنة للجذام ، ولايمسحن بصماتهن
المتضرعة فوق التوابيت . العصافير بوسعها أن تخبرنا عن أولئك الذين كافحوا طويلاً ولم
يصلوا الى المداخن الستراتيجية للجريمة . ضفاف النحل لاتحتاج الى ترميم بعد الاعصار ،
والخشونة التي تحيط وسائد حماقاتنا الطفولية ، تجبرنا على ايجاد كمّامات من أجل صهر
حجارة ضعفنا والعكاكيز . وقواق حصيف يضيّف السائح على العشاء في أعالي شجرة
التفاح ، ويضمّد أغنيته المريرة بكتّان الافلاس .


5


أشياء غريبة كرحلة بحرية لانصل فيها الى أيّة ضفة ، توائم رغباتنا وتغوي عدالة الأقفاص
في النيل منّا . نزحفُ على الاخلاقيات المتقشفة للنواقص الكثيرة في ثقافتنا الداكنة وطمأنينتنا ،
ونهدم ماتعودنا على تقديسه بضربات متعمدة . الطفيليات التي تبحلقُ في قذائف مدفعية
معابدنا ، تلحق خسارات كثيرة في أعشاش ايماننا . في الحروب عانينا من روائح أخوة ،
وأضعنا الثقة بالقناديل التي نلجأ اليها في صلواتنا . هل يتفحصنا الاله حين نعبر سهول
غفرانه المليئة بالديناميت ؟ نحن أسرى عاداتنا في قتل السنونوات ورمي أشلاء الجيران
في الانعطافات الحادّة للأنهار .


6


ينابيعنا محطمة وتطير فيها الحشرات بلا فجر ولا مذنبات . صرخة اعتراضية هي ما
نحتاجه الآن ، وفرساننا يزيّتون البنادق . كل ماشيّدناه في الصيف ، نقبره الآن تحت الجلاميد
الضخمة لعفن عقولنا . لا أشجار تين ولا صمغ آلهة في السقوف المتهدمة لأضرحة أجدادنا
الأجلاء .


18 / 7 / 2011 مالمو



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
- غبار عظيم في ثيابنا القربانية
- كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
- العتمة . الفناء
- صلاتنا الى الرغبة
- الايماءة البطيئة لموتي
- 17 قصيدة
- الطاقة العظيمة للمادة
- مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
- أبواب الزمن
- في خرائب الفايكينغ
- الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
- أشجار الدفن العالية
- حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
- تحطمات هائلة
- تعهدات ملزمة
- مخططات للحفاظ على القانون
- الحبّ . الزمن
- بلدي السويد
- ايمان الحيوانات


المزيد.....




- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
- لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
- وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض ...
- الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس ...
- رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية ...
- توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية ...
- السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
- ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
- مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - القيثارات العتيقة لموتنا