أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - فساد ميتافيزيقي يعتري -الرياضيات الكونية-!















المزيد.....

فساد ميتافيزيقي يعتري -الرياضيات الكونية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 11:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لتعيين وتحديد الأشياء نحتاج دائماً إلى إجابة السؤالين "كم؟"، و"كيف؟"؛ فليس من شيء في الوجود، أو الكون، أكان من الكِبَر بمكان، أو من الصِّغر بمكان، لا يتَّحِد فيه اتِّحاداً لا انفصام فيه "الكم" و"الكيف"، أي "جانبه الكمِّي" و"جانبه الكيفي".

بـ "الخواص"، كاللون والطعم والرائحة والخشونة والنعومة..، نميِّز الأشياء، أي نميِّز شيئاً من شيء؛ وبـ "العدد" نُعبِّر عن الجانب الكمِّي، أو الجوانب الكمِّية، من الشيء نفسه، فنقول، مثلاً، إنَّ طوله 3 أمتار.

في العالَم المادي لا وجود إلاَّ لـ "الأشياء"، أي للأجسام والجسيمات؛ فهذا العالَم، أو الكون، أو الوجود، إنَّما هو جُمْلَة من "الأشياء المعيَّنة، المحدَّدة، المخصوصة". إنَّ "الفَرْد" من الأشياء، والذي يشبه "البصمة"، أي الذي لا شيء (في الوجود، وفي الأزمان المختلفة) يماثِله "تماماً"، هو وحده الموجود، وإنْ كان وجوده مستحيلاً إذا لم يَشْتَرِك مع غيره، ومع سائر الأشياء في الكون، في جوانب، وصفات، وخواص، معيَّنة؛ فإنَّ الشيء الذي تستحيل "مقارنته" بسائر الأشياء، أي تبيان "أوجه التماثُل" و"أوجه الاختلاف" بينه وبين سائر الأشياء، هو شيء لا وجود له، وغير ممكن الوجود.

"الفَرْد" من الأشياء، وعلى ما أوْضَحنا، هو وحده الموجود؛ فـ "كوكب الأرض"، مثلاً، هو وحده الموجود في الكون؛ أمَّا "الكوكب العام"، أو "الكوكب على وجه العموم"، فلا وجود له أبداً.

هذا "الكوكب العام" إنَّما هو "المفهوم"، أي مفهوم "الكوكب"؛ و"المفهوم" يتأتَّى من "التجريد"، الذي من طريقه نَسْتَبْقي "المشتَرَك" بين الكواكب جميعاً من صفات وخواص.

ومن طريق "التجريد"، أيضاً، نتوصَّل إلى "العدد"؛ فـ "الأرقام" إنَّما هي "الجانب الكمِّي" من الوجود، ومن كل شيء، وقد فُصِلَت تماماً (في ذهن البشر فحسب) عن "جانبه الكيفي".

في الحساب، تَعَلَّمْنا تمييز "الجائز (حسابياً ومنطقياً)" من "غير الجائز" في جَمْع المقادير والكمِّيات والأعداد؛ فإنَّ من "الجائز"، مثلاً، أنْ تَجْمَع ثلاثة كلاب وخمسة كلاب؛ لكن من "غير الجائز" أنْ تَجْمَع ثلاثة كلاب وخمسة أسود.

وهذا الذي يَصِفونه بأنَّه "غير جائز" إنَّما هو من تأثيرات مبدأ "الهوية" الميتافيزيقي في عِلْم الحساب؛ فَبِحَسب هذا المبدأ، "الكلب هو كلب، ولا يمكن أنْ يكون، في الوقت نفسه، شيئاً آخر".

أمَّا في الدياليكتيك فيمكن ويجب تجويز "غير الجائز" هذا، أي جَعْله جائزاً، فإنَّ "ثمانية حيوانات" هي مجموع "ثلاثة كلاب" و"خمسة أسود".

إنَّ كل كلب حيوان؛ لكن هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ كل حيوانٍ كلب. و"هذا" الكلب، أي "الفَرْد" من الكلاب، يجب، في الوقت نفسه، أنْ يكون مختلفاً (في ناحية ما، في صفة ما) عن سائر الكلاب (في زمانه، وفي غير زمانه).

و"تعريف" الشيء، أيُّ شيء، لا نتوصَّل إليه إلاَّ بعد، وبفضل، نَبْذ مبدأ "الهوية" الميتافيزيقي، والوصول، من ثمَّ، عَبْر "التجريد العلمي"، إلى "العام" من هذا الشيء؛ فأنتَ تُعرِّف الأوكسجين على أنَّه "غاز.."، والكلب على أنَّه "حيوان.."، والإلكترون على أنَّه "جسيم..".

ومع نَبْذِنا مبدأ "الهوية"، يصبح ممكناً (لا بل ضرورياً) أنْ نقول، على سبيل المثال، إنَّ "ثمانية جسيمات" هي مجموع "ثلاثة إلكترونات وخمسة بروتونات".

"الصِّفْر" هو العدد الذي عاث فيه "المنطق الميتافيزيقي" فساداً، فبعض المقادير صُفِّرت (في الفيزياء والكوزمولوجيا) تصفيراً ميتافيزيقياً، فأصبح "الصِّفر" مُرادِفاً لـ "العدم".

ونرى هذا واضِحاً جليَّاً في بعضٍ من أركان نظرية "الثقب الأسود" Black Hole على وجه الخصوص.

إنَّ كل شيء في الكون (كل جسم، وكل جسم) له أربعة أبعاد متَّحِدة اتِّحاداً لا انفصام فيه، وهي "الطول" و"العرض" و"السُّمك" و"الزمن"؛ فالجسم، أو الجسيم؛ ولأنَّه "مادة"، ينبغي له أنْ يَشْغُل حيِّزاً (فضاءً، فراغاً) وأنْ يكون له، من ثمَّ، ثلاثة أبعاد مكانية، يتِّحِد معها اتِّحاداً لا انفصام فيه بُعْد "الزمن".

و"الأبعاد المكانية الثلاثة" هي ما يَجْعَل للجسم (أو الجسيم) حجماً؛ وهذا الحجم يمكن أنْ يزيد أو ينقص؛ لكنَّه مهما نَقَص لا يصل، ولا يمكن أنْ يصل، إلى "الصِّفْر" بمعناها الميتافيزيقي، فالحجم يتضاءل؛ لكن لا ينعدم.

"العدد" الذي يُعبِّر عن الحجم يمكن أنْ يتضاءل، ويستمر في التضاؤل؛ لكنَّه مهما تضاءل لن يصل أبداً إلى "العدد الذي لا يُمْكِنه التضاؤل أكثر"؛ فإنَّ "تضاؤل العدد" غير قابِلٍ للنفاد؛ لأنَّ "المادة"، بجانبيها "النوعي" و"الكمِّي"، غير قابلة للنفاد.

وأحسب أنَّ الحاجة، فيزيائياً وكوزمولوجياً، تشتد إلى نَبْذ مفهومي "انعدام الحجم"، و"الكثافة المطلقة"، في مركز Singularity "الثقب الأسود".

"المنطق الميتافيزيقي" عاث فساداً أيضاً في مفهوم "السَّطح"، فنشأ في "الذِّهن (وفي الذِّهن فقط)" مفهوم "السَّطح الخالص"، الذي لا وجود له أبداً في "الواقع الموضوعي" للكون؛ لأنْ لا وجود لشيء (لجسم، أو لجسيم) له "طول" و"عرض"؛ لكن ليس له "سُمْك".

الشيء، ومهما ترقَّق، أي أصبح رقيقاً، لن يَفْقِد أبداً بُعْد "السُّمْك"، ويصبح، من ثمَّ، "سطحاً خالصاً"، له "طول" و"عرض" فحسب.

لو كنتَ على سطح كوكب، أو في أيِّ موضع في الفضاء، فإنَّكَ تستطيع السَّير إلى الأمام، أو إلى الوراء، إلى اليمين، أو إلى اليسار. وهذا "السَّيْر السَّطحي" قد يكون في "خطٍّ مستقيم (أو في سلسلة من الخطوط المستقيمة)"، أو في "خطٍّ مُنْحَنٍ (أو في سلسلة من الخطوط المنحنية)"، أو في "سلسلة، بعضها من الخطوط المستقيمة، وبعضها من الخطوط المنحنية".

لكنَّك، في الوقت نفسه، يُمْكِنكَ السَّيْر في البُعْد المكاني الثالث، أي في البُعْد المسمَّى "السُّمْك"؛ فأنتَ تستطيع السَّير إلى أعلى وإلى أسفل.

وبحسب نظرية "انحناء الكون"، لا بدَّ لكَ من أنْ تعود (نظرياً) إلى النقطة التي منها ابتدأ سَيْرك.

سِرْ (واسْتَمِرْ في السَّير) في الاتِّجاه نفسه، أي في مسارٍ (أو خطٍّ) مستقيم، إلى الأمام، أو إلى الوراء، إلى اليمين، أو إلى اليسار، إلى أعلى، أو إلى أسفل، تَصِلْ، في نهاية سَيْرِكَ، إلى النقطة التي منها ابتدأ سَيْرك.

مهما سِرْت إلى أعلى (صعوداً) فلن تَخْرُج من الكون؛ لن تَصِلَ إلى "فضاء آخر"؛ لأنْ لا فضاء إلاَّ فضاء كوننا.

ومهما سِرْتَ إلى أسفل (أي نزولاً) فلن تَصِل إلى "مركز" الكون، أو مركز "الكرة الكونية"؛ لأنْ لا مركز للكون؛ ولأنَّ الكون كله (بفضائه ومجرَّاته ونجومه..) يَقَع على السطح من "البالون الكوني"؛ وكل نقطة على هذا السَّطح تَصْلُح مركزاً للكون.

"المنطق الميتافيزيقي" أفْسَد حتى "المستقيم" و"المنحني"؛ فـ "المستقيم (من الخطوط)"، بحسب هذا المنطق، هو المستقيم"، و"المنحني هو المنحني"؛ وليس ممكناً، من ثمَّ، ولا جائزاً، أنْ ينطوي كلاهما على الآخر، أو أنْ يتحوَّل كلاهما إلى الآخر؛ فـ "المستقيم الخالص في استقامته (أي الخالص من كل انحناء)" هو وحده الموجود، و"المنحني الخالص في انحنائه" هو، أيضاً، وحده الموجود.

إنَّ "الواقع الموضوعي" لـ "المستقيم" و"المنحني" يُناقِض تماماً مفهوميهما الميتافيزيقيين؛ ففي الفضاء الأكثر انبساطاً واستواءً، أي في الفضاء بين مجموعات المجرَّات مثلاً، لا وجود أبداً لـ "المستقيم الخالص"؛ وفي الفضاء الأكثر انحناءً وتقوُّساً، أي في فضاء "الثقب الأسود"، لا وجود أبداً لـ "المنحني الخالص".

وينبغي لنا أنْ نفهم "الخط الأكثر استقامةً" على أنَّه "الخط الأقل انحناءً"؛ و"الخط الأكثر انحناءً" على أنَّه "الخط الأقل استقامةً"؛ فليس من "مستقيم" يختفي "الانحناء" منه تماماً، فلو اختفى منه "الانحناء" تماماً لاختفى هو نفسه، وفي الوقت نفسه؛ وليس من "منحني" تختفي منه "الاستقامة" تماماً، للسبب نفسه.

"المستقيم" نراه واضحاً جليِّاً حتى في محيط الدائرة؛ فإنَّ أصغر جزء من محيطها هو خطٌّ مستقيم؛ وكأنَّ مقداراً هائلاً من الخطوط المستقيمة الصغيرة هو الذي يصنع محيط الدائرة.

وإنَّني لأَمِيِلُ إلى أنْ أزْعُم أنَّ "المستقيم" هو "أصْلُ كل الأشكال الهندسية في الكون"؛ حتى "الدائرة" هي "مستقيمٌ في أصلها"، أو في "عنصرها الهندسي الأوَّلي".

"المستقيم" إنَّما هو "أصغر جزء" من "محيط الدائرة"؛ وهذا "المحيط" يُصْنَع من عدد هائل من "المستقيمات المتناهية في الصِّغَر".

لكنَّ هذا "المستقيم الأوَّلي"، أو "المتناهي في الصِّغَر"، يجب فهمه بمنأى، وضدَّ، مبدأ "الهوية" الميتافيزيقي؛ فإنَّه، ومهما كان "أوَّلياً"، أو "متناهياً في الصِّغَر"، يظلُّ منطوياً، مشتمِلاً، على شيء (على نِسْبَة) من "الانحناء"؛ لأنْ لا وجود له إنْ هو خلا تماماً من "الانحناء".

نيوتن استأثرت باهتمامه فكرة "الحركة الطبيعية" للأجسام والجسيمات؛ لكنَّه خالف أرسطو إذ اعتبر "السَّيْر في خطٍّ مستقيم (لا في خطٍّ دائري)" جزءاً من قوام "الحركة الطبيعية".

لقد أكَّد نيوتن وجود "الحركة الطبيعية" في الكون، موضِحاً أنَّها "سَيْر الجسم بسرعة ثابتة منتظَمة، وفي خطٍّ (أو مسارٍ) مستقيم"؛ فالجسم (بقصوره الذاتي) لا يشذُّ عن هذه "الحركة الطبيعية" إلاَّ إذا تعرَّض لضغوط "قوى خارجية"، ضمَّ إليها "الجاذبية".

وهذا "الشُّذوذ" إنَّما يعني أنْ تزداد، أو تقل، سرعة الجسم، أو أنْ يَخْرُج (أي يُخْرَج) عن "الاستقامة" في خطِّ سيره.

ونحن لو فَهِمْنا المدار الذي فيه يدور كوكب الأرض (مثلاً) حول الشمس على أنَّه شكلٌ هندسي مصنوع من عدد هائل من "المستقيمات الأوَّلية (أو المتناهية في الصِّغَر)" لجاز لنا أنْ نَزْعُم أنَّ هذا الكوكب يَنْتَقِل في سَيْرِه من "مستقيم" إلى "مستقيم"، أي أنَّه يجتاز، كلَّ مرَّة، "أقصر مسافة بين نقطتين" في هذا الفضاء؛ وكلُّ "مستقيم (صغير)" يجتازه يجب أنْ يتَّجِه نحو الداخل، أي نحو "المركز"، الذي هو كتلة الشمس.

ومع فَهْم "الجاذبية" على أنَّها شيء لا يشبه (لجهة عمله) اليد التي تَدْفَع، أو تَسْحَب، الجسم، أو تُسيِّره في غير اتِّجاه، يصبح جائزاً لنا أنْ نَزْعُم، أيضاً، أنَّ كوكب الأرض، في دورانه حول الشمس، ظلَّ في "حركة طبيعية"، أي لم يَخْرُج عن "الاستقامة" في خطِّ سَيْرِه.

"الخطوط المستقيمة" في الفضاء، أو في الكون، تتفاوت انحناءً، بما يوافِق تفاوت "انحناء الفضاء نفسه"؛ فهذا "الخط المستقيم" أكثر انحناءً من ذاك، وأقل انحناءً من ذلك؛ والمسار (مسار جسم أو جسيم) في الفضاء المنحني إنَّما ينحني نحو الداخل، أي في اتِّجاه الكتلة (كتلة الشمس مثلاً) المُنْتِجَة لانحناء الفضاء (في جوارها).

ويتأثَّر، حتماً، بهذا التفاوت في انحناء "الخطوط المستقيمة" كل شكلٍ هندسي يُصْنَع من هذه الخطوط؛ فإنَّ مجموع زوايا المُثلَّث، مثلاً، لا يظل هو نفسه في كل أجزاء الفضاء والكون. إنَّ مجموع زوايا المثلث في الفضاء المنبسط المستوي هو 180 درجة؛ أمَّا في الفضاء المنحني المتقوِّس فهو أكثر من 180 درجة.

لكنَّ "الانحناء" الذي يعتري "الخط المستقيم" لا يُفْقِد "المستقيم" معناه؛ فـ "المستقيم"، تعريفاً، إنَّما هو "المسافة الأقصر بين نقطتين"؛ فثمَّة دائماً مسافة تُعَدُّ "المسافة الأقصر" بين كل نقطتين.

وهذه "المسافة الأقصر" يمكن أنْ تكون في "منتهى الاستقامة"، أو في "منتهى الانحناء"، أو في منزلة ما بين هاتين المنزلتين.

إنَّنا نَعْرِف أنَّ الجسمين السائرين في مسارين مستقيمين متوازيين لن يلتقيا أبداً إلاَّ إذا ضَغَطَت قوى خارجية لِحَرْفِهما (أو لِحَرْف أحدهما) عن الاستقامة في خطِّ سَيْرهما، بما يجعلهما يتقاربان، ويلتقيان من ثمَّ؛ لكنَّهما يمكن أنْ يتقاربا ويلتقيا ويتصادما في فضاءٍ يخلو تماماً من القوى الخارجية، على أنْ يكون منحنياً.

تخيَّل أنَّ زيد وعمرو يقفان على (أو عند) خط الاستواء (الأرضي) وأنَّ المسافة بينهما 50 كيلومتراً (مثلاً) وأنَّهما انطلقا، في وقت واحد، نحو القطب الشمالي، سائرين بالسرعة نفسها في خطَّين مستقيمين متوازيين.

بعد مضي بعض الوقت، يرى كلاهما أنَّ الآخر يقترب منه، ويزداد اقتراباً؛ فإذا بلغا القطب الشمالي التقيا وتصادما؛ مع أنَّهما لم يتعرَّضا لضغوط قوى خارجية.

وفي الفضاء المنحني، ولكَوْنِه منحنياً، نرى الشيء نفسه؛ أي نرى ظواهر التقارب والالتقاء والتقاطع والتصادم..

قُلْنا إنَّ كل شيء يمثِّل الوحدة العضوية، الوحدة التي لا انفصام فيها أبداً، بين جانبيه الكمِّي والنوعي؛ ونقول، في الإضافة إلى هذا القول، إنَّنا بأداتين هما "المتر" و"الساعة" نحسب كثيراً من "المقادير"؛ فهل تظل هذه "المقادير" ثابتة إذا ما تسارَع "المتر" و"الساعة"، أو وُجِدا في فضاء أكثر انحناءً؟

كلاَّ، لا تظل ثابتة؛ فأنتَ تقيس وتحسب وتقدِّر.. بـ "متركَ"، لا بـ "متر غيرك"، وبـ "ساعتكَ"، لا بـ "ساعة غيرك"؛ وأعْني بـ "غيركَ" المراقب الموجود في "زمكان" مختلف.

وهذه "النسبية" ليست بـ "ذاتية"؛ إنَّها "موضوعية"؛ لأنَّ التغيير اعترى "المتر نفسه"، و"الساعة نفسها".

وتوضيحاً لـ "النسبية الموضوعية" لهذه "المقادير (الكونية)"، أدْعوكَ إلى تخيُّل أنَّكَ ستنطلق الآن في رحلة فضائية إلى كوكب يبعد عن الأرض 100 مليون سنة ضوئية، والجاذبية عند سطحه أقوى وأشد من الجاذبية عند سطح الأرض بمئات المرَّات.

إنَّ مركبتك الفضائية لن تسير أبداً بسرعة تَعْدِل (أو تفوق) سرعة الضوء التي هي 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ لكنَّها ستتسارع (أي تزداد سرعتها في استمرار) حتى تبلغ سرعتها (مثلاً) 295 ألف كيلومتر في الثانية.

أنتَ الآن وصلتَ إلى سطح ذلك الكوكب؛ ولَكَمْ كانت دهشتكَ عظيمة إذ أخْبَرَتْكَ ساعتكَ أنَّ سفركَ إليه قد استغرق 5 دقائق لا غير.

وفي أثناء مكوثكَ (الذي استغرق 5 دقائق) على سطح ذلك الكوكب، قِسْتَ سرعة الضوء في فضاءٍ بعيد عن هذا الكوكب، وبعيد أيضاً عن حقول الجاذبية؛ ولَكَمْ كانت دهشتكَ عظيمة إذ وَجَدَتَّها (أي سرعة ذلك الضوء) مليون كيلومتر في الثانية.

وبعد انتهائكَ من إجراء تلك التجربة، عُدتَّ إلى كوكب الأرض؛ ولقد استغرقت رحلة الإياب 5 دقائق أيضاً.

غيابك عن كوكب الأرض استغرق 15 دقيقة فحسب؛ وعُمْركَ زاد 15 دقيقة فحسب؛ أمَّا الناس في كوكب الأرض فسوف يؤكِّدون لكَ أنَّ غيابك عن كوكب الأرض استغرق ملايين السنين!

وستقول لهم أنتَ إنَّ المسافة بين كوكب الأرض وذلك الكوكب قد تقلَّصت واخْتُصِرت في أثناء رحلتكَ (كانت 100 مليون سنة ضوئية، فأصبحت 1475000 كيلومتر، أي 4.9 دقيقة ضوئية).



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر تَطْلُب مزيداً من الثورة!
- -ثورة- إبليس!
- كان ينبغي ل -الزيدي- أنْ يَخْرُج في استقباله!
- ردٌّ على أسئلة وتساؤلات
- لماذا نحتاج إلى تخطِّي التناقض بين نيوتن وآينشتاين؟
- ردود على ردود
- معالي الوزير.. سعادة النائب!
- في القرآن.. لا وجود لفكرة -الخلق من العدم-!
- هذه هي خُطَّة بشار للبقاء!
- هذا المسخ والتشويه ل -مادية- المادة!
- هذا التشويه لحقيقة الثورات العربية!
- الفصل بين -الرأسمال- و-الصحافة-!
- -الاقتصاد السياسي الإسلامي-.. حديث خرافة!
- -حزب الله-.. هل اختار أنْ يشارِك بشار مصيره؟!
- -حُرِّيَّة الإرادة- بين -الدِّين- و-العِلْم-!
- هكذا تكلَّم الرئيس بشار!
- في الحركة والسكون
- ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!
- المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
- في فلسفة -الراتب-!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - فساد ميتافيزيقي يعتري -الرياضيات الكونية-!