أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد السلام - العراق الجديد ودار الاوبرا















المزيد.....


العراق الجديد ودار الاوبرا


ميلاد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 17:54
المحور: الادب والفن
    


تسارعت نبضات قلبي وانا اشاهد اقتراب الطائرة التي تقلني من مدن الضباب الى مطار بغداد الدولي وكأنني لم اصدق عيني بانني عائدة الى مرتع الصبا والطفولة الضائعة خلف اسوار الحروب العبثية واقبل تراب الوطن الغالي واعفر نفسي بعطره الفواح ، واخيرا ساحتضن ترابك واركع تحت مذبح قدسيتك ايها المعشوق الاول والاخير ، واخيرا سأرى وجوه العراقيين تلك الوجوه المستبشرة بالخير والمرصعة بجواهر الطيبة.. اااااااااه كم اشتقت لك وازداد اشتياقي اكثر عندما سمعت الانباء السارة بان العراق قد اصبح أجمل بلد في المنطقة واعتلى اول ديمقراطية حقيقية بعد طول انتظار وبذل التضحيات الجسام التي اجزم بان شعبا لم يبذلها على وجه المعمورة. لقد رايت مطار بغداد وقد اختلف كثيرا عما رايته قبل الرحيل لقد كان مثالا حيا للتطور والمجهود الرائع الذي بذل من اجل اظهاره للعالم وكأنه متحف للاثار العراقية مما يذكر الشعوب الاخرى بحضارتنا التليدة .
لم انتظر طويلا لملاقاة الاهل بعد طول غياب فقد دفعتني اشواقي الى الخروج للشارع واحتضانه كما تحتضن الام ولدها بشغف وشوق ..يا ألله ما هذا الذي أراه لقد تغير العراق تماما عما سبق فالشوارع مزدانة بالاضواء والحدائق العامة في كل مكان والمقاهي والكازينوهات منتشرة على جانبي الطريق .. ولكن لماذا كنت اسمع في الاخبار واشاهد في التلفاز ان الناس دوما يتذمرون من واقعهم ويشتكون من نقص الخدمات لعل العراقيين تعودوا على التذمر واتخذوه سلوى لهم بعد العذابات الانسانية التي واجهوها منذ عقود طوال ..ولكن اليوم وغدا سيكونان احلى بالتاكيد بتكاتف الجهود الخيرة والاخلاص في العمل ووضع الوطن نصب اعينهم وابتعادهم عن مصالحهم الفئوية الضيقة وهذا بالضبط ما وجدته بعد عودتي من غربتي ..نعم لقد وجدت العراقيين وقد تجاوزوا خلافاتهم واصبحوا روحا واحدة ويدا واحدة لبناء ما دمرته خفافيش الظلام .
اضواء المدينة تزين مدينتي ومسقط راسي بغداد بألوان قوس قزحية موشورية جذابة وتتراقص حولها فراشات ملونة وكأنها في عرس جماعي ..ما اجملك يا بغداد وكم صبرت وتحملت دهورا من العنف والعنجهية والاذلال ولكنك صامدة بوجه الرياح العاتية التي حاولت قلعك من جذور الطيب التي تربطك بالوطن الغالي ، ومن ثم ... استوقفتني لوحة على جانب الطريق مكتوب عليها ماذا ؟! " الى دار الاوبرا" ..لم اصدق ما شاهدت اغمضت عيني ثم فتحتها وعدت الى قراءة اللوحة ،نعم انها كذلك "الى دار الاوبرا " ادرت السيارة لأتتبع الشارع الذي يوصلني الى دار الاوبرا المزعوم ولم تمض دقائق حتى وصلت المكان وقد هالني ما رأيت هل انا في حلم ؟ هل ما اشاهده حقيقة ؟ انها فعلا دار اوبرا ولكن من طراز خاص فهي تمثل تاريخ بلاد ما بين النهرين وقد رسمت خطوطها العريضة واشرفت على بناء هذا الصرح الجبار الفنانة المبدعة دوما زها حديد فالبناء من الخارج يمثل الجنائن المعلقة وتحتويها مسلة حمورابي (ابو القوانين) ويوجد في قمة دار الاوبرا ملوية سامراء وتعلوها نخلة كثيفة السعف وهي ترمز لوحدة ارض العراق وقد استثار ذلك الصرح فضولي للولوج الى داخله وقد دهشت من عظمة الطراز المستخدم اذ ان السقف عال جدا مزدان بالزخارف الاسلامية والكتابات الكوفية واما امكنة النظارة فكانت تماما كما دور الاوبرا العالمية حيث هناك اماكن عليا للشخصيات المهمة وبشكل عدة طوابق وفي الاسفل توجد اماكن النظارة العامة وكانت بشكل نصف دائرة تتوسط الدار ويقع امامها مسرح كبير ذو الارضية الذهبية . وانا في تأملاتي تلك واذا بشخص يتكلم معي ويعرف نفسه بانه مدير دار الاوبرا فحييته وثمنت الجهود المبذولة في اقامة مشروع حضاري عظيم كهذا المشروع فشكرني واعطاني بطاقة دعوة لحضور امسية موسيقية تحييها الفرقة السمفونية العراقية بعزف السمفونية التاسعة لبتهوفن (انشودة الفرح) وما ان قرات تلك الدعوة حتى غبطت وغمرني فرح لا يوصف هل انا احلم ان في العراق دارا للاوبرا وتعزف فيه ارقى السمفونيات التي تعتبر اعلى درجات العمل الموسيقي؟! ..المهم انني توجهت فورا الى السوق لشراء بعض الحاجيات لقضاء الوقت لحين موعد الحفلة المنشودة وما ان زف الوقت حتى رايت حشود العراقيين وهي مقبلة على شباك التذاكر لحجز المقاعد في دار الاوبرا ..كم اعجبني منظرهم وقلت في داخل نفسي : كم تطور العقل العراقي واصبح يعشق الموسيقى الكلاسيكية بعد ان حرم منها لسنين طوال عندما كان الفن مكرسا لتمجيد القائد ال"الضرورة" ومن بعده اصبح الفن موجها من قبل الاحزاب الدينية فاصبح الغناء جله عبارة عن رادودات يرددها المطربون المحليون ذوو الاصوات الجميلة التي حرموا منها بسبب فتاوى شيوخ الدين، ولكن اليوم صار الوضع مختلفا فها هم موسيقيو الفرقة السمفونية الوطنية يتقدمون بكل ثبات الى وسط المسرح وسط تصفيق حار من الجمهور المحتشد لسماع تلك الالحان السماوية لانشودة الفرح وكم هو مغبط منظر الفرقة السمفونية الوطنية وقد ازداد عددهم الى ما يقارب الحد الطبيعي الا وهو 150 عضوا بعد ان كانو يعدون على الاصابع .. انشودة الفرح هي عرس العراقيين وفرحهم بوطنهم الجديد بعد ان ارتدى حلة الثقافة والتطور ورمى خلفه اسمال الماضي الحزين .
لف المكان صمت رهيب وبدأ عزف تلك السمفونية الرائعة وانا مستمعة بالالحان الالهية وقد ضخم صوتها بالجدران المصممة خصيصا لعكس صدى صوت الموسيقى بطريقة مضخمة على غرار دور الاوبرا العالمية ..الوقت قد مضى بسرعة بطريقة غير محسوسة وانا استلهم لحظات السعادة الغامرة واذا بالفصل الاخير من السمفونية يعزف وهوالاروع اذ تكمن عظمة هذه الاستهلالية في ان بتهوفن قد ادخل اصواتا كورالية على المقطع اي كسر قانون السمفونية( المحددة للعزف بالالات فقط بالاضافة الى اربع مقاطع فقط هي المحتوى الاجمالي لاي استهلالية ) وذلك بالدمج ما بينها وبين الاوبرا .. اه لو تنصتون الى تلك الاصوات الاخاذة وجلها عراقية بامتياز تخرجوا من الجامعات الاوربية وتدربوا كثيرا لاداء الغناء الكورالي فكانت هذه النتيجة تكامل موسيقي من الدرجة الاولى .. كم تقدمت ايها العراق الساكن في القلوب والغافي في الرموش نعم ان بعد العسر يسرا ..واخيرا انتهى العزف الذي قوبل بتصفيق حار من الجمهور المتحمس والبعض منهم قد نثر الورود على وجوه اعضاء الفرقة البشوشين الطيبين وانا ايضا قد احسست ب...
لحظة .. لحظة ، ماذا هناك ؟ ماذا يحدث؟ لقد احسست بارتجاج بجسمي وسمعت صوتا ليس بغريب علي ينادي:
ميلاد ..ميلاد انهضي لقد تاخرت عن الدوام وليس لديك خط نقل والكهرباء مقطوعة والجيش يطوق المنطقة ..هيا اسرعي قبل ان تغلق الطرق فاجبته بتململ :
ابي لماذا ايقضتني دعني احلم !

ميلاد السلام
9/7/2011



#ميلاد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحزاب الاسلامية والوعود ..الى اين ؟!!
- بلطجية الحكومة .. بداية النهاية
- كل الطرق تؤدي الى ..التغيير


المزيد.....




- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة
- زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
- أكتبُ إليكِ -قصيدة نثر-


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد السلام - العراق الجديد ودار الاوبرا