هدى جعفر
الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 14:38
المحور:
كتابات ساخرة
(فكرة المقال مأخوذة من مقال (بالنيابة عن المسلمين الجدد للكاتب عمر طاهر)
صباح الخير يا جلالة الملكة،أعرفك بنفسي، أنا من اليمنيين الجدد الذين عرفوا قصتك مع سيدنا سليمان في تحفيظ القرآن ونحن أطفال، وقد أعجبتني وقتها فكرة أن تكون ملكة بلادي امرأة، وكم تخيلتك وأنت تجلسين على عرشك العظيم تتحدثين إلى رجال اليمن الأشاوس، وقد سمحت لخيالي بأن يسرح في أن أتخيل نفسي ملكة أيضا، ثم تحطم هذا الحلم لعدد من الأسباب لا مجال لذكرها الآن ، بعد ذلك بسنوات قالت لي قريبتي بأن الملكة بلقيس استطاعت أن تحكم اليمن لأنها من الجن، ولا أخفيك بأن هذا جعلني في حيرة من أمري: أتكون ملكة بلادي جنية ونحن أبناءها؟، هل نحن أبناء (أم الجن)؟ و لكن عزوت الموضوع إلى اختلال عقل قريبتي بعد اختطاف أبيها قبل ثلاثين سنة من أمام بيته ( أي أنه أصبح مختف قسريا) وقتل أخيها في أحداث يناير 1986 ثم زوجها في حرب صعدة.
يا جلالة الملكة،،،
أنا من اليمنيين الجدد الذين عرفنا سيرتك كاملة – مثلنا مثل باقي الأشقاء العرب - من مسلسل (بلقيس) الذي عرض في 2009 على قناة دبي الفضائية.
أنا من اليمنيين الجدد الذين نكرم ضيوف البلاد بالعسل واللوز والفتيات الفقيرات، و نطلق اسمك الجميل على مدارسنا التي نمنع البنات من الالتحاق بها، وعلى قاعات الأعراس الباطل نصفها، و على شرائح الجوال ذات الخدمات المتعددة والمفصولة دائما.
أنا من اليمنيين الجدد الذين يسافر رجالنا إلى الحج ولا يعودون، وإذا عادوا فإما في شاحنات (الترحيل) أو في توابيت الموت بعد إحراقهم في دول الجوار.
أنا من اليمنيات الجدد اللاتي يفرحن بقدوم أجانب - الغرب تحديدا - لنذهب معهم إلى باب اليمن لنحمي أنفسنا من التحرش.
أنا من اليمنيين الجدد الذين شهدنا معجزة انتقال عرش إبليس من بحر الظلمات إلى منطقة جبل النهدين، وشهدنا تحول الرجل ذو اللحية الزرقاء في القصص القديمة إلى الشيخ ذي اللحية الحمراء في تلفزيون الواقع، و رأينا بأعيننا تحول صاحب مسجد الصالح إلى أبرهة الأشرم، نحن اليمنيين الجدد الذين انقطعت كل صلاتنا بدولة سبأ باستثناء أن الجن الذين كانوا يعملون عبيدا لدى النبي سليمان عليه السلام أصبحوا سادة علينا.
يا جلالة الملكة ،،،
أنا من اليمنيين الجدد الذين أصبحت علاقتنا بمحافظات البلاد نفعية بحتة، فنحن نسافر إلى عدن لنرتاد المراقص و إلى تعز لنخزن في منتزه (الشيخ زايد) و إلى رداع لزيارة (العوبلي) أما مأرب فلا نتذكرها إلا عند انقطاع الكهرباء!
أنا من اليمنيين الجدد الذين لا يهمهم اختفاء اليابان من الخارطة قدر اهتمامهم باختفاء القات (العنسي) من (المقاوت)، أنا من اليمنيين الجدد الذين وحدتنا (الساعة السليمانية) ولم شملنا (فن سيتي) و ( عدن مول) و برنامج (نجم الخليج)!
أنا من اليمنيين الجدد الذين نخزن على ألحان (الحارثي) و (الآنسي) ولكننا نرقص في أعراسنا على (حسين الجسمي) و (راشد الماجد) و (تامر حسني) و (محمد حماقي) ولكن والحق يقال نختمها بفيصل علوي ( ياورد يا كادي)
أنا من اليمنيين الجدد، الشعب الوحيد الذي وصل إلى عقد اتفاق مع أسراب الجراد: هم يأكلون الأخضر ونحن نأكل اليابس، أنا من اليمنيين الجدد اللذين تتلخص تفاصيلنا في ثلاثة ألوان: البني لون البيوت و الأسود لون الشوارع و البرتقالي لون ملابس أبنائنا الذين يكدسونهم بلا انقطاع في غوانتانامو.
أنا من اليمنيين الجدد الذين نزين جولاتنا (ميادين الشوارع) بإعلانات (الروثمان) و(المارلبورو) و شرطة المرور البائسين، و اكتفينا بتوريد الحكمة اليمنية إلى الخارج على شكل مراكز التداوي بالأعشاب، أنا من اليمنيين الجدد الذين لا يعرفون إن كان تحكمنا الشرعية الدستورية أم (شمس المعارف).
بعض حفيداتك يا جلالة الملكة تم تزويجهن وهن طفلات تحصينا لهن من الانحراف ولم يتم تحصينهن رغم كل شئ لأنهن توفين قبل تحقيق هذا الهدف.
يا جلالة الملكة منا من أجبرته الظروف القاهرة على العمل في سن صغيرة، ومنا من أكمل دراسته الجامعية، وهناك من أوتي الفرصة ليدرس خارج البلاد وعاد بشهادة عالية، ولكن للأمانة لم يفلح أي منا في شئ.
أنا من اليمنيين الجدد الذين إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف تركوه أيضا وأقاموا الحد على (المشاقر) و(الفل) و ( الشراشف) الملونة.
أنا من اليمنيين الجدد، نحن من لا يرانا العالم إلا مقرونين بالدم والحرب والجهل ولم تشفع لنا تقارير الظل ولا معهد يالي ولا فرق الهيب هوب ولا خليجي عشرين.
أنا من اليمنيين الجدد الذين يهربون من يمنيتهم بلسان معوج وملابس مسروقة وطقوس يومية مستعارة ولكننا بالنسبة لهم (أبو يمن) مهما فعلنا.
أنا من اليمنيين الجدد الذين فرحنا بالأدلة الساطعة على صفقات الخيانة في وثائق (ويكيليكس) وكأن ما في البلاد والعباد لا يدلنا على شئ، نحن اليمنيين الجدد الذين صدقنا (ويكيليكس) وكذبنا المجانين وأطفال الشوارع وبائعات المناديل التعيسات ، أنا من اليمنيين الجدد الذين جار علينا الزمان والمكان وقتلنا الفقر والجوع وحمى الضنك و كبيرهم الذي علمهم السحر ولكننا نصر بأن (جني تعرفه ولا إنسي تولفه).
أنا من اليمنيين الجدد الذين قررنا - للأسباب المذكورة أعلاه - أن نصبح من اليمنيين (القدامى)، قررنا دهس الجراد وتصريف الجن وفتح نوافذ السماء و ارتداء الشراشف الملونة، قررنا جرف الطين والإشراق على العالم و دهن أيامنا بألوان الفردوس، و لكنهم حاربونا بالنار والسم والفتاوى والسواد ولجان النظام و مباركة من (لا يملك) على مبادرة من (لا يستحق).هل نحن أبناءك حقا؟ أم أبناء (أم الجن) ؟؟؟ لك الأمر يا جلالة الملكة فانظري ماذا تأمرين!
#هدى_جعفر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟