أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - أُمثولة عامودا















المزيد.....

أُمثولة عامودا


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3412 - 2011 / 6 / 30 - 23:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى عبد الله دقّوري
ثمّة دين كبير، للمدينة العظيمة روحاً، والصّغيرة جغرافياً: عامودا التي قرضتها المدن، من الشرق، والجنوب، ومن الغرب، والشّمال، على امتداد خريطة سوريا، وتعدّت عدوى القرض حدود هذه الخريطة، لتكون فريسة خريطة العالم كله، في ذمّتي، تمتد على شريط عمري كاملاً، طفلاً، وفتى، وشاباً، وكهلاً.
أينما كنت في أوربا، يقال لك: ثمّة عامودي، هنا، سواء أكنت في بروكسل، أو باريس، أو برلين، أو امستردام، أو استوكهولم، وأوبسالا، وغيرها، ثمّة: عامودي، يصبح أفقياً، أو شاقولياً، لا تتخلص من أسر حنوه، وخفة روحه، وشهامته.

عامودا، توسلاتُ حاملي السّلال، وهم يتتبعون أباك الممسك بيدك، لئلا تضيعَ، مقالبُهم الجميلة، متصوّفة عامودا وأئمّتها، يسيرون ببطء تحت عمائمِهم، شتائم صبيتهم، وشيوخهم، ذات النكهة المميزة، السينما تاريخاً، حين تقول لك أمّك: لقد ولدت بعد السينما بستة أشهر، كي تحدّد التاريخ على ورقة "روزنامة" اشتراها أبوك، من كتبيّ عاموديّ، وخبأها بين صفحات أحد كتب الفقه، في مكتبة البيت الكبيرة.
عامودا المدينة التي سرعان ما ارتدّت إلى قرويتها، وإن كان تاريخ ولادتها-كما يشير إلى ذلك المارّة بها إلى-داري- الشجرة، القريبة، أصدقاؤك من الأدباء والفنانين، وبيوتهم، ومكتباتهم: محمد عفيف-جميل داري- يونس الحكيم-عبد المقصد حسيني- عبد الباسط سيدا- توفيق حسيني- سعيد ريزان دحام عبد الفتاح- أحمد حسيني ومن ثم لقمان محمود- محمد نور حسيني – أحمد عمر-حليم يوسف -مروان شيخي-عبد اللطيف حسيني- وليد حسيني غسان جانكير سيامند ميرزو.....، ممّن عرفتهم في ثمانينيات وتسعينيات القصيدة والفكر والأدب، من القرن الماضي، وممن ستتعرف عليهم لاحقاً: عبد الله دقوري-هيثم حسين آرشك بارافي- جمال قادري- أحمد أحمد-........، وآخرون، وهم بالمئات، أو الآلاف، رفاق الحزبية، ممّن كانوا يفتحون القلب، قبل باب البيت، "يزمبلكون"نابض الرّوح، ويغسلونها، كي تنشدّ إلى رؤيتك أكثر، عامودا وهي تأخذ قصيدة من أول ديوان لك، فيخيل إلى كثيرين أنك ابن عامودا، هذا ما ستقوله لك، صبية لا تفتأ تواظب على دلق روحها، في المحبرة، كي تصير قصيدة تالية، في كل مرة.
عامودا التي تحمل على ساعدك الأيمن رائحة أصابع أوسي حرسان، وهو يداويك من حرق طفولي، كاد يودي بك، وهو يدأب على عيادتك في بيت" الملا عبد العزيز"، أول كل صباح، حيث يقول لك المضيف:tu can "ezabe"، ليقول لي بعد خمسة وأربعين سنة-لا عاماً- عبارة أخرى، العبارة التي قالها لك، وأنت في الرابعة والنصف من عمرك، ولم تجد لها من تفسير إلا بعد أن تكاد تصبح جدّاً، هي ذي عامودا التي حملتها معك، وصديقك مشعل تمو-كما تقرأ الآن....- وكنتما تخصصان دقائق من كل ندوة، أو سهرة، في أوربا، عن أمثولة مدينة، كانت الأولى في إسقاط تمثال المترئس، ونالت حريتها أياماً معدودات، بعد أن استجابت لصرخة: قامشلي، الآذارية: أن هلموا، وكانت كلّ مدن الكرد وقراهم، قد لبّت النداء،على ما يرام، وكان الكردي أوّل من لقن الاستبداد درساً بلغته السلمية، كي يهتزّ عرش الدكتاتور في علياء عرينه الهشّ، وسهوه عن سابلة الشعب الأبيّ، فيبدأ زبانية إعلامه المزوّر، من تشويه صورة الكردي، كما لايشوِّه الآن صورة ثلاثة وعشرين مليون سوري.
عامودا التي باتت تئمُّ الجزيرة، في هلهولتها، وحلمها، وتكاد تقول لقامشلي: لك أمناؤك العامون، بياقاتهم، ولي طرائفي، وطرائقي في النضال، كانت تسبقنا في كل مرة بطرفة.
أنتظر التلفزيون، بين جمعتين، كي أقرأ شعارات هذه المدينة التي تكتبها بالتوازي مع شقيقتها الصغرى عمراً، والكبرى جسداً: قامشلي، وأقول: يالروحِ أهلها......!
-عامودا المعاقبة لمواقفها في الزمن المعوق سابقاً"..."
-عامودا التي لم تقبل ككل المدن الكردية أن تكون في آخر الرّتل الوطنيّ، بل اصطفت في أوّل الخطّ، معلنة سوريتها، من دونِ أن تنسى أنّ لها همّاً خاصاً، وهو ما يكادُ لا ينتبه إليه المغفّلون، مراهقو السياسة، والببغاوات، ممن ينظرون إلى الثورة كمسلاة، أو كدرج.
المدينة التي لم أستطع ترجمة سخرياتها، حرصاً عليها، وهي تكذّب- مظاهرة المساقين رغماً عن أنوفهم للهتاف باسم الاستبداد-فكانت أولى مدينة أخرجت تظاهرة سلمية مضادة- هزّمت تظاهرة مدفوعاً بها، أو مدفوعاً لها، ارتآها العقل الأمنيّ، في بدعة تراجيدية، وهو يواصل غيّه في تزوير إرادة "بعض" المناضلين المتنادين للقاء "حسن النية"، لتحاول أن تحسّن صورتها في مرايا العالم المختال، ولتواصل في حصد أرواح أبناء إدلب، وجبل زاويتها الأشم-أو غيرهما- زاعمة أنها التقطت أنفاسها غير متذكرة نظرية- لهب الشمعة وهو يبلغ ذروته قبل انطفاءاته الأخيرة.
عاموداالتي ترثي طلبة جامعة في السجون والمنفردات، أو من لا يزال جسده في ثلاجة مشفى
-عامودا التي تصرخ من أجل شبلين قامشلويين: مجيداً ومحموداً، في قبضة المجهول، لم يكتب عنهما أكثر أحزابنا الغافية.
-عامودا التي ترتدي قميص حداد على الشهداء السوريين، وتعلق قميص نجاح الثورة، وأيديها في الصلصال، لا تفتأ تعد لتماثيل للأبطال الحقيقيين.
اسم عامودا، بات يعرف في كل بقعة من المعمورة، وهي التي لم يسمع بها رئيس جمهوريتها، وأبوه، من قبل، وطوّقها الأمن بمفارز تحصي زوار المدينة، ومقاصده.
-عامودا: قبلة الكردي، وضميره، تعرف في قرارتها أن أية شوكة تدنو منها، لتدعو الكرد بملاينهم الأربعة، سواء أكانوا ممن أُنسُوا لغتهم ،أم أنِسوا بها، لقرع الأجراس على مرتفعات" كري شرمولا" من دون أن يقفوا مكتوفي الأيدي، البتة.
*أرجو من أبناء مدننا الكردية تدوين يوميات الثورة، وشعارات أبنائها، وإن كانت في عصر الصورة لن تضيع، ومن أبرز شعاراتها مثلاً: أن تكون مندسّاً خير من أن تكون مُداساً
**اشترط ثوار عامودا على مظاهرات الولاءأمرين: ألا تكون مسيرة أمنياً، من جهة، وألا يستورد إليها الموالون للتصوير كما يحدث في مدن كثيرة، لئلا تلوث مدينتهم الطاهرة.
*** تعرفت عامودا اليوم على أصوات الرصاص والقنابل لأول مرة، بعد عقود من طوشتها المعروفة
**** كري شرمولا: تلة عامودا الأشهر من " هوارو" ورتل مجانينها، بعد أن توزعت في طين بيوتاتها، كي تغدومقبرة تجمع بين مسيحيي المدينة ومسلميها في آن .
**** لم أنس الملاصدقة- ومعذرة ممن لم أذكر أسماءهم سهواً
-كتب إلي صديقي أبو آلان: أكتب إليك وأكاد لا أبصر شاشة كمبيوتري.. تباً للغاز المقنبل" فساء الخوف"



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفاؤل في الأدب
- دوار الشمس
- أدب الظلّ
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
- بين الكلمة والصورة
- سوريا ليست بخير سيادة الرئيس*
- ما الذي لدى الأسد ليقوله غداً؟
- العنف في الأدب والفن
- الكاتب والصمت
- خريطة طريق أم خريطة قتل؟
- سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
- الشاعر و-عمى الألوان-
- الرئيس -خارج التغطية-
- الإعلام التضليلي الرسمي في أدواته البائسة
- أمير سلفي جديد وإمارة جديدة
- صدى الكلمة
- في انتظار- الدخان الأبيض- الكردي
- المثقف الكردي: مهمات عاجلة لا بد منها
- -لا تصالح-..!


المزيد.....




- تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
- مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار ...
- مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
- ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
- مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
- الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي ...
- البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا ...
- -حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي ...
- نصائح حول كيفية استعادة الدافع
- العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - أُمثولة عامودا