أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - حراك المثقف العراقي الحر.. وقنوطه















المزيد.....

حراك المثقف العراقي الحر.. وقنوطه


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 09:37
المحور: الادب والفن
    


ظل المثقف العراقي الحر، مهددا بالقمع والإقصاء وتغييب دوره في القضايا التي تهم مجتمعه، ووطنه، وإبعادهِ، عن كشف مصادر الخلل فيها ، وتشخيص أسبابها ، وغالبا ما كان المثقف ومشروعه الحر، يتجلى بتقديم رؤى ترتبط بذاته ، غير المنقطعة اجتماعياً ، والعمل على طرح تصوراته للأوضاع الاجتماعية وما عليها الظروف السياسية من خلال إنتاجه لصور وأشكال ورؤى تسهم في عملية دفع وطنه باتجاه قيم الحياة المدنية و التقدم على مختلف الأصعدة ، وتلك الرؤى والتصورات تخضع عادة لما يتاح له من حرية التعبير ، مع الأخذ بالإمكانات والقدرات الثقافية- المعرفية الخاصة التي يتمتع بها. بحكم طبيعة السلطات المتعاقبة على إدارة الحكم في العراق تم تغييب دور المثقف الحر، والعمل على الحد من مساهمته بالتطور الاجتماعي ووأد مشروعهِ ، خاصة خلال الحقبة البعثية المندحرة والتي زيفت حتى تأريخ العراق وعمدت لتغييب ذاكرة العراقيين ، خاصة الأجيال الفتية ،إذ هيمن على سلطة القرار فيه سقط المتاع لإبراز قدراتهم على التحكم والتسلط على البلد والتاريخ والمصائر والحياة، بعد تبييض صفحاتهم السوداء المريبة من خلال عقد الإرغام (الجبهوي) المُذل و سيء الصيت.وبات كثير من المثقفين العراقيين يرون أنفسهم منطفئين وذابلين عبر حصار ثقافة الإعلام السلطوي التي كانت تبحث وتروج لمثقفين عراقيين أو عرب تدعمهم بالأموال و المنافع والمناصب ليرتقوا المشهد ، زنخي الضمائر قوّالين، كذابين، متواطئين مع السلطة تدعيماً لمشروعها القوموي الزائف، وتتوجه السلطة ذاتها إلى العراقي عبر الترهيب بالقوة والبطش والتهديد والتغييب ،والعمل على أن يصبح المثقف العراقي - الحر بالذات- عبداً لسلطتها ، أو تهيمن عليه حالة دائمة من التوتر للدفاع عن النفس والقناعات، في وطن لا دولة شرعية فيه ولا قانون ، ومأخوذاً بالمشهد العراقي وتقاليده المتكررة ، إذ جاهل انقلابي معتوه، مغامر، مقامر، مشبوه، يرتقي سدة الحكم مع سلاحه، وبيانه رقم(1) ومرتزقته حوله يُرتقون ما يرغبون من جثث الدستور والقانون وحقوق الإنسان، ليستبيحوا الوطن والشرف والذمم ، مما دفع طائفة واسعة من (الانتليجنيسا)العراقية،بكل توجهاتها ومكوناتها، إلى مغادرة العراق بطرق ووسائل شتى.وذوى بعضها تحت اقسى حالات التعذيب بوحشية لا شبيه لها في سجون الأجهزة الأمنية المتعددة للنظام البعثي الدموي ، دون معرفة مصائرهم إلى الأبد. وبسبب الحروب ، وتأثيرات الوضع الاقتصادي خلال حقبة الحصار الدامية وغياب الحد المعقول من مستوى العيش الإنساني المناسب ، نشأت شريحة اجتماعية مارست (ثقافة الغنيمة) معززة بالانتهازية، واستثمار الفرص والكسب على حساب الكرامة الإنسانية ، وفقا لشعارات تبررها السلطة السياسية ، ويعمل عليها (مثقف السلطة) وأجهزتها ومؤسساتها لتسويق وتبرير ثقافة القمع والهيمنة وتاليه( القائد الضرورة) و(إنتاج الولاءات) لتبرير توجهات السلطة القامعة ، وتحقيق اكبر قدر من المنافع الشخصية. وفي المقابل وعلى الضد من هذا التوجه ثمة من المثقفين مَنْ عمل بالمؤسسات الثقافية السلطوية دون الاندماج مع تلك الولاءات أو تكريس خطابات السلطة وتوجهاتها القامعة،مستخدمين الرمز والاستفادة من حيوية اللغة وفضائها غير عابئين بالغنيمة ومردوداتها أو بالمراكز وأرباحها. بعد زوال سلطة الرأي الواحد والحزب القائد ، وانفتاح الفضاء الاجتماعي الثقافي العراقي على ممارسات حرية الرأي والمعتقد والإعلام الحر، بعيدا عن أكارهات السلطة وفرضها لأجنداتها، ما تزال إشكالية علاقة المثقف الحر بالسلطة قائمةً ، فالمؤسسات الثقافية الرسمية وبعض المدنية ولدت محملة بتراث السلطة المنهارة وتوجهاتها ، وأضيف لها خطابات جديدة، تعتمد وتروج ثقافة التوجه الطائفي المنعزل أو الـ(محاصصي) وهي لا تدرك أهمية وحيوية الاختلاف الخلاق ، متجسدا بحرية التعبير على وفق القناعات الخاصة ، ويشاركها في ذلك كثير من الأطراف والحركات التي نبتت كالفطر وملأت فراغ منظومة الدولة ومؤسساتها الوطنية الديمقراطية الحقوقية والتنفيذية المأمولة - حلم العرقيين الأزلي- لا بل عمدت بعض القوى المتنفذة بعد السقوط المدوي لنظام القتل البعثي ومقابره الجماعية وحروبه المتكررة الخاسرة، لاستنساخ تجارب الأنظمة السلطوية القامعة ، في فرض تصوراتها بوسائل أكثر بطشا وأشد قسوة وأكثر تمييزاً وضراوة وظلامية . في حاضر معقد وملتبس كالذي نعيشه ، يبدو استشراف المستقبل مغامرة بالنسبة للكاتب والمثقف الحر، فالنوايا والآمال ليست كافيةً،لأننا وإزاء تركة الماضي، وتعقيدات الحاضر، نواجه إحباطاً ليس له مثيل، فمسألة الإبداع الثقافي والفني والفكري ، تضل قضية تخص الثقافة الحرة ومعطياتها والتي لا يمكن تأسيسها، وتفعيلها بتقاليد راسخة، دون مواجهة إشكاليات عدة ،كالحرية والرغبات البشرية،التاريخ ،الآمال، الهزائم ،الأحلام، والتطلعات المشروعة في العدالة الاجتماعية الإنسانية ، ونداءات المستقبل وبوحها الخفي والعلني. وللمساهمة في تنوع المشهد الثقافي- الاجتماعي العراقي لا مناص من استشراف الآراء والرؤى المتعددة في بلد كالعراق ، المعروف بغنى ثقافات وتنوع مكوناتها الاجتماعية ، وحرية الاشتباك معها بجدل وحراك خلاقين، وتواصل بَناء شفاف،دون احتكار الحقيقة وارتهانها لصالح فئة أو جهة مهما كان حجمها أو مورثوها التاريخي ، وكذلك العمل بنوايا وطنية صادقة بعيداً عن تكريس وإعلاء مشروع وأوهام الهويات الثقافية المتشظية الطائفية والشوفينية و التي يُروج لها حاليا، تحت مسميات تلفيقية كاذبة منغلقة على ذواتها، ولا تراث لها يعتد به في الذات الاجتماعية الجمعية العراقية،التي من المعروف عنها سيادة الاندماج والانصهار الاجتماعي عبر مكوناته المتعددة، لا ثقافة العزل الطائفي أو التخندق المناطقي ، والعودة ثانية لممارسة التسلط المنافع والانتهازية أو غيرها. فالحقيقة وصورها المتجددة لا تتأكد بالأملاءات والاكراهات..وهذا جزء من مهمتنا جميعا لصياغة عراق قادم دون ثقافة الخوف والاستبداد واحتكار للرؤى وفرض التصورات..عراق يتجدد،كطائر العنقاء،منسلخا من رماد الماضي وجراحاته الغائرة ،وحاضره الدامي الذي يثير الأسى ، ولا يمكن لنا أن نساهم في إعادة مستقبل العراق وصياغة الحياة المتجددة المدنية فيه بلا دولة القانون ومؤسساتها،وشرعيتها المدعمة بالدستور و بالحقوق والواجبات ،دون أي تمييز كان ، إلا باعتماد الهوية الوطنية العراقية الديمقراطية الجامعة ، والتي لا يمكن لأحد تشغله و تهمه مصلحة العراق وتطور حياة شعبه ، وبما ينسجم مع غناه الروحي و المادي الهائلين ، أن يتنازع عليها.



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن يوم:.. الصحفيين العراقيين
- عن كتاب: استقلالية العقل..أم استقالته؟..والباحث الراحل خليل ...
- عما كتبه الناقد والفنان -خالد خضير الصالحي-عن مهرجان المربد ...
- محمد خضير يترأس جلسة الاحتفاء ب- عدن الخاوية- للقاص والروائي ...
- الاحتفاء بالراحلين الباحث(خليل المياح) والكاتب( قاسم علوان) ...
- عن ندوة (مؤسسة السياب) حول - اثر الترجمة في عالمية القصة الق ...
- هل ستتراجع الحريات في العراق ؟
- أربعة أدباء بصريين في ذمة الخلود
- بناء مدينة الرؤيا في القصة العراقية بين الواقع والمثال
- ذاكرة الرصيف.. و الفصول غير المروية
- أحلام العراقيين وطموحاتهم
- نظرات في كتاب (قراءات أولى)*
- رؤية في كتاب :قراءات أولى ل ( جاسم العايف )
- -بداية البنفسج البعيد-.. البحث عن النقاء على أنقاض الواقع
- فهد الاسدي..فن السرد الواقعي ونصاعة الموقف الإنساني
- أضوء 14 تموز 1958 و آثام الماضي
- المربد السابع نجاحات.. و-لكن-..!؟
- (حكايات الرأس والقدم) في جلسة إتحاد أدباء البصرة الثقافية
- -التدوير الدرامي-و الناقد المسرحي حميد مجيد مال لله في جلسة ...
- عن البريكان... و-البذرة والفأس-


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - حراك المثقف العراقي الحر.. وقنوطه