|
الإشتراكية والديموقراطية
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 3408 - 2011 / 6 / 26 - 18:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
فيما بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والإتحاد السوفياتي في مركزه، ارتفعت في فضاء العالم صيحة غبية تدعي أن الإنهيار كان بسبب غياب الديموقراطية. أصحاب هذه الصيحة الغبية والبلهاء يأخذون بظواهر الأمور دون النظر إلى بواطنها. فالديموقراطية في جوهرها تتعارض تماماً مع جوهر الاشتراكية إذ أن كلاً منهما يلغي الآخر إلغاءً تاماً وكاملاً. فالديموقراطية بمعناها العام والشائع لا تعني أكثر من الإعتراف بحقوق الآخر، الحقوق السياسية كما الحقوق الإقتصادية كما الثقافية، وذلك من خلال إقامة نظام للحكم يساوي في مختلف الحقوق بين سائر أفراد الأمة. ليس للديموقراطية أي مفهوم آخر في مختلف المدارس الفكرية، عدا تكريس الحقوق المتساوية. أما الاشتراكية فلا تعني في الجوهر أكثر من إلغاء كل الحقوق لكل المواطنين، وهذا هو جوهر المسألة الاشتراكية لدى ماركس. يستهجن البورجوازيون والليبراليون ومعهم أنصاف الماركسيين كيف يمكن إلغاء كل الحقوق دون أن تعم الفوضى في المجتمع حيث سيأكل القوي الضعيف. العكس هو الصحيح، فتكريس الحقوق للأفراد، حتى ولو بزعم أنها متساوية، يقتضي وجود دولة تحافظ على الحقوق المحددة مقدماً وأولها حق الملكية الذي انبثقت منه كل صنوف الاستغلال والهياكل الطبقية المختلفة لسائر المجتمعات التي عرفتها البشرية حتى اليوم. والدولة هي الجهاز المتخصص بإنتاج قوى القمع لحراسة امتيازات الطبقة العليا وتمكينها من استغلال الطبقة الدنيا. إن مجرد وجود الدولة ينفي آلياً وجود الديموقراطية. فالدولة هي الهيئة المخولة وحدها بتوزيع الحقوق، وعليه لا بد لها من ممارسة القهر والقمع في معرض ممارسة التوزيع طالما أن الحقوق في كل المجتمعات الطبقية هي دائماً موضع تنازع. كما أن الدولة هي دائماً دولة الطبقة العليا في المجتمع وتمارس القهر بحق الطبقة الدنيا وبذلك تنتفي الديموقراطية بجوهرها المتمثل بمساواة مختلف المواطنين في مختلف الحقوق. ليس هناك من دولة تحافظ على حقوق متساوية بين كافة المواطنين إلا إذا كانت مستوردة من خارج المجتمع، من السماء وليس من الأرض.
في البيان الشيوعي سخر ماركس وإنجلز من كل الدعاوى الإشتراكية السائدة في أوروبا آنذاك (1848)، الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية المسيحية والاشتراكية البورجوازية الوضيعة والاشتراكية الإقطاعية، وأكدا أن ثمة اشتراكية واحدة فقط لا غير وهي الإشتراكية العلمية التي تنتظم فترة العبور المؤقتة والقصيرة نسبياً إلى الشيوعية بقيادة دولة دكتاتورية البروليتاريا التي تحتكم لقانون واحد وحيد وهو محو الطبقات؛ ولا تنتهي فترة الإشتراكية قبل أن تمّحي طبقة البروليتاريا نفسها وتتلاشى دولتها نهائيا. يتعذر إلغاء أو محو الطبقة، أي طبقة، بدون إلغاء حقوقها؛ فاستهلال فترة الاشتراكية يبدأ قبل كل شيء آخر بإلغاء حقوق الطبقة الرأسمالية، كل حقوقها وأولها حقها في امتلاك أدوات الإنتاج. دولة دكتاتورية البروليتاريا لا تلغي حقوق الطبقة الرأسمالية لتحافظ على حقوق الطبقات الأخرى بما في ذلك طبقة البروليتاريا نفسها، بل لتلغي كافة الحقوق وخاصة حقوق طبقة البورجوازية الوضيعة التي تضم طبقة الفلاحين والمهنيين وهي أخطر طبقة على الثورة الاشتراكية وكان لينين قد أكد مبكراً (1920) أن أصعب الأعمال التي ستواجه الشيوعيين هو إلغاء حقوق الطبقة البورجوازية الوضيعة. وفعلاً كان ذلك هو العائق الذي أمامه بدأت الثورة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي بالتراجع بعد رحيل ستالين أو ترحيله على الأرجح. ومن أجل فهم طبيعة دولة دكتاتورية البروليتاريا تجدر الإشارة إلى إلغاء حق البروليتاريا بالأجر المكرس في النظام الرأسمالي حيث لا تتحدد الأجور في سوق العمل كما في النظام الرأسمالي إذ لا سوقاً للعمل في الإشتراكية؛ وما يقبضه العامل البروليتاري في نهاية الشهر هو معاش وليس أجراً، معاش تحدده حاجات العامل المعاشية منسوباً إلى الأسعار المحددة من قبل الدولة دون النظر لكلفة إنتاجها. أما المقولة العامة في الاشتراكية " لكل حسب عملة " فليست ذات فعل تام في الاقتصاد الاشتراكي حيث المقياس وهو ناتج العمل مجهول القيمة الرأسمالية. إلغاء كل الحقوق دون استبدالها بأية منظومة أخرى من الحقوق هو الوظيفة الواحدة والوحيدة لدولة دكتاتورية البروليتاريا. وبانعدام كل الحقوق تنعدم طبعاً كل حاجة للدولة التي هي أساساً أداة قمع تسخرها الطبقة الحاكمة للحفاظ على حقوقها وامتيازاتها. فأي معنىً للديموقراطية يبقى بغياب الدولة التام !؟
لذلك كله وصف ماركس في " نقد برنامج غوتا " أن الإشتراكية إنما هي فترة التحضير للشيوعية، وهو ما يعني أنها ليست نظاماً اجتماعياً مستقراً كما يظنه بسطاء الناس ومن ليس لديهم معلومات كافية في علم الإقتصاد بل فترة عبور من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الشيوعي والتي لا تطول لأكثر من ثلاثين عاماً في ظل السلم الدولي حتى في المجتمعات المتخلفة في الإنتاج الرأسمالي كالمجتمع الروسي في العام 1917؛ وهذا مسألة في غاية الأهمية ينساها الكثيرون حتى وهم يتنطحون للنقد في مسائل الإشتراكية. يقول بعض الخبثاء أن اشتراكية ماركس ليست اشتراكية علمية بل طوباوية. يقولون هذا وهم يعلمون أن جلّ أعمال ماركس استهدفت نقض الاشتراكية الطوباوية ودعاوى الإشتراكية الأخرى غير الاشتراكية العلمية. إدعى الرئيس بوش الأب أن الاشتراكية الماركسية إنما هي مجرد يوطوبيا، وكذلك فعل كل من يلتسن وغورباتشوف، لكن هؤلاء ما ادعوا بمثل هذا االإدعاء الجهول إلا ليبرروا أعمالهم العدائية ضد الاشتراكية. ويقول بعض البلهاء غير الخبثاء . . الاشتراكية العلمية، اشتراكية ماركس فشلت، واشتراكية احزاب الاشتراكية الديموقراطية في أوروبا الغربية واسكندينافيا لم تفشل وهي لذلك اكتسبت ثقة الشعوب وانتصارها لها. هذا صحيح، فهي لم تفشل لأنها ليست اشتراكية في الأصل. لماذا لا يلاحظ هؤلاء البلهاء أن شيئاً لم يتغير في الحياة الاجتماعية في ألمانيا أثناء تداول الحكم بين الاشتراكيين بقيادة جيرهارد شرويدر والديموقراطيين المسيحيين بقيادة أنجيلا ميركل أو في فرنسا بين الاشتراكيين الديموقراطيين بقيادة ليونيل جوسبان والجمهوريين بقيادة جاك شيراك !! كل تلك الحكومات سواء تلك الموصوفة باليسارية أم الأخرى اليمينية هي من ذات الطينة، طينة دولة الرفاه (Welfare State) وهي الدولة الشاذة، دولة الطبقة الوسطى، حيث في جوانب منها تجسد الرفض المطلق لمفهوم الدولة العلمي والكلاسيكي فهي تعنى فقط باستهلاك الأمة وليس بإنتاجها بعكس الدولة الرأسمالية ودولة دكتاتورية البروليتاريا كذلك. وظيفة دولة الرفاه هي تأمين الاستهلاك الواسع ولو عن طريق الاستدانة.
لم تستطع البشرية منذ فجر التاريخ أن تؤمن قوى إنتاج قادرة على أن تنتج ما يسد حاجات المجتمع ناهيك عما يفيض عنها؛ وتمثل فقر قوى الإنتاج بأدوات الإنتاج البدائية التي قوة الدفع فيها تقتصر على الطاقة البيولوجية في الإنسان وفي الحيوان. اختراع الآله البخارية في مستهل القرن الثامن عشر عمل على بناء النول البخاري والقاطرة والباخرة، وهذه الأدوات تحديداً هي التي نقلت العالم من النظام الإقطاعي الفقير إلى النظام الرأسمالي الثري وما كان بغيرها لينتقل. الأساس المسلح الذي بنى عليه ماركس " ماديتة التاريخية " يقول أن كل تغير نوعي في أدوات الإنتاج من شأنه أن ينعكس بتغير نوعي في علاقات الإنتاج. كان ذلك الإكتشاف الماركسي التاريخي قبل اكتشاف الكهرباء. وحدث قبل أن تستخدم الكهرباء كقوة دفع في أدوات الإنتاج أن عرض أحد المحلات في لندن في فاترينته محركا كهربائياً صغيراً وتفرج عليه ماركس طويلاً مشدوها وبفرح غامر اغرورقت عيناه وهمس لرفيقه إنجلز بجانبه . . " ألم أقل لك بأن الشيوعية ستنتصر " . القائلون بطوباوية الاشتراكية الماركسية والشيوعية ينكرون أن المجتمع يستطيع أن ينتج ما يفيض عن حاجاته في الحياة المتوسطة ناهيك عن المتقدمة. ينكرون ذلك لكنهم لا يستطيعون أن يبرروا مثل هذا الإنكار رغم أنهم، هم أنفسهم، يؤكدون أن أدوات الإنتاج الحديثة عالية التقنية مكنت من الاستغناء عن 90% من قوى العمل البشرية. يقولون هذا دون أن يسألوا أنفسهم لماذا يتوجب أن يتعطل 90% من العمال عن العمل ؟ أين ذهبوا وكيف يعيشون هم وأسرهم !! ومن يتحمل مسؤولية ذلك، هل هي أدوات الإنتاج عالية التقنية أم نظام الإنتاج الهرم !؟ إذاً يعترف هؤلاء بأن المجتمع لدية الإمكانية أن ينتج عشرة أضعاف ما ينتجه بعد الاستغناء عن 90% من قوى العمل فيما لو استمر كل العمال يعملون وعلى أدوات إنتاج عالية التقنية. كارل ماركس وجد ببصره الثاقب وبصيرته النافذة أن تحرير قوى الإنتاج من كل أنواع الهيمنة والضغوطات من شأنه أن ينعكس في فيض من الإنتاج يفيض على أضعاف ما يحتاجه المجتمع، حتى بأرقى وسائل العيش. بل حتى في المجتمع الرأسمالي المتقدم حيث تخضع قوى العمل للقمع والتهميش وحيث يعمد الرأسماليون إلى وقف تطور أدوات الإنتاج في أحايين كثيرة يفيض الإنتاج عن قدرات المجتمع في الإستهلاك ويدخل الإقتصاد الرأسمالي في كساد عام بصورة دورية، فما بالك حين تتحرر قوى الإنتاج من كل الضغوطات وعوامل التأخير!! في الإقتصاد الاشتراكي السوفياتي كانت تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في سنين كثرة ما يزيد على 14%، علماً بأن قوى العمل البشري لم تكن متحررة تماما إذ كانت تواجه الأعداء في الخارج من إمبرياليين وفاشيين فيتشتت هدفها، والأعداء في الداخل من بورجوازية وضيعة عريضة وهي أشد خطراً وتشكل عائقاً كبيراً لقوى العمل. فما بالك لو تحولت كامل قوى الإنتاج المتاحة في المجتمع إلى منتجين حقيقيين وتحولت التقنيات العسكرية إلى مدنية ــ عسكرة التقنيات هو ما دهور الاشتراكية السوفياتية ــ لوصلت نسبة التنمية إلى 30% سنوياً أو حتى 50% ولدخل الإتحاد السوفياتي في الحياة الشيوعية وسقطت كل الحقوق البورجوازية وأخذت الدولة، دولة دكتاتورية البروليتاريا، في الاضمحلال والتلاشي في السبعينيات، بل في الخمسينيات لولا الحرب الأهلية وحروب التدخل والحرب العالمية الثانية التدميرية، ولتسبب ذلك أيضاً بازدهار عالم اليوم، كل العالم، بدل انكفائه وتهديده المتواصل بخطر الكارثة الكونية، هذا عداك عن تفشي المجاعات والتصحر وتجارة الرقيق والدعارة والمخدرات وانهيار النظام النقدي العالمي. وظيفة الدولة بغض النظر عن تحديداتها وتفسيراتها المتباينة إنما هي في التحليل الأخير توزيع الثروة على أفراد وشرائح المجتمع. فعندما يفيض الإنتاج عن حاجة المجتمع لن يغدو هناك أدنى ضرورة لوجود الدولة طالما أن كل المنتوجات ستكون مشاعة للجميع. وعندئذٍ أيضاً ستسقط كل الحقوق، والحقوق هي دائما بطبيعتها حقوق بورجوازية، تنتفي نهائياً في المجتمع الشيوعي. كما لن تغدو هناك أدنى حاجة للديموقراطية في مجتمع لا حقوق فيه على الإطلاق طالما أن الديموقراطية في الجوهر هي الاعتراف بحقوق الآخر.
يعمّ اليوم الإعجاب الشديد بالنظام الإجتماعي في الدول الاسكندينافية؛ فالرفاه الذي توفره هذه الدول لشعوبها لا نظير له كما هو معلوم. الحكومة التي لا توفر المستوى المطلوب من الرفاه يتم اسقاطها في الانتخابات العامة التالية لتستبدل بحكومة أخرى تتعهد بتأمين المستوى المطلوب أو المعتاد من الرفاه؛ وهي لا تستطيع أن تؤمن ذلك بالطبع إلا عن طريق الإستدانة. وهكذا يتهيأ للمواطن الاسكندينافي أن يستهلك أكثر مما ينتج ومع ذلك يسمون هذا التبديل المستمر للحكومات بالديموقراطية التي قاعدتها العامة هي توزيع عادل للثروة وللسلطة كليهما، فأي ديموقراطية تلك التي تراكم على كل مواطن اسكندينافي ديوناً تصل إلى 75000 دولاراً كما في السويد !؟ هذا ليس ديموقراطية، هذا تدمير لمستقبل البلدان الاسكندينافية. الأجيال الحالية تنفق على حساب الأجيال القادمة وهذا انحطاط ما بعده انحطاط حيث يأكل هؤلاء من لحم بنيهم وهو ما يذكرنا بالسلالات البائدة في أفريقيا التي كانت تأكل لحم الإنسان !! بعد سنوات قليلة لن يكون بمقدور الدول الاسكندينافية تسديد فوائد ديونها فقط والتي تبلغ حالياً في حالة السويد أكثر من 50 مليار دولار سنوياً. لا أعتقد أن السويد قادرة اليوم أن تسدد كامل الفوائد دون الاستدانة بما يساويها وربما أكثر. مثل هذا المأزق الصعب يستحضر مأزق تشاوتشسكو في رومانيا عام 89 حين كانت رومانيا الدولة الوحيدة في العالم التي سددت كامل ديونها لكن شعبها لم يتحمل ما استجره ذلك من شظف العيش فكان أن تم الإنقلاب عليه وإعدامه بمساعدة مباشرة من المخابرات السوفياتية والفرنسية. حالة الدول الاسكندينافية في المستقبل القريب ستكون أسوأ كثيراً من حالة اليونان اليوم ومن حالة اسبانيا والبرتغال وإيرلندة وايسلندة. حينذاك لن تجد الشعوب الاسكندينافية صندوقاً للنقد الدولي أو بنكاً مركزياً أوروبياً ينقذهم من غائلة الجوع.
في كل بحث في طبيعة الديموقراطية يجب ألا يغيب عن الذهن خطاب لينين لدى افتتاحه مؤتمر تأسيس الأممية الثالثة في موسكو، مارس آذار 1919، إذ قال .. " صراخ البورجوازية العالي دفاعاً عن الديموقراطية بعمومها إنما هو دفاع عن امتيازاتها في الاستغلال ". أول صرخة عالية دفاعاً عن الديموقراطية في الحياة السوفياتية أطلقها خروشتشوف في المؤتمر العشرين للحزب، فبراير شباط 1956. لم تكن تلك الصرخة إلا نفاقاً يستهدف حماية البورجوازية الوضيعة ممثلة بالفلاحين وموظفي جهاز الدولة وعلى رأسهم العسكر. الديموقراطية التي دافع عنها خروشتشوف بصراخ عالٍ، فبراير شباط 1956، طعنها خروشتشوف نفسه طعنة نجلاء وأجهز عليها في يونيو حزيران 1957. فعندما قرر المكتب السياسي للحزب وهو أعلى سلطة في الدولة إعفاءه من الأمانة العامة للحزب ومن رئاسة مجلس الوزراء قام خروشتشوف بالتآمر مع المارشال جوكوف بانقلاب عسكري على الحزب وطرد من القيادة كل الذين طالبوا بإعفائه. وبعد وقت قصير، كشف عن طبيعته البورجوازية وأعلن رسمياً إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا ليحل محلها دولة البورجوازية الوضيعة، وهي الدولة التي سماها "دولة الشعب كله" وحكمت طيلة فترة الرجوع عن الإشتراكية منذ سبتمبر ايلول 1953 وحتى الانهيار في العام 1991، وما زالت تحكم. لقد سجل التاريخ النجاحات الباهرة المتوالية بقيادة دولة دكتاتورية البروليتاريا المرتكزة ديموقراطيتها على مبدأ النقد والنقد الذاتي المقدس، كما سجل من جهة أخرى الأفشال المتوالية لدولة البورجوازية الوضيعة حتى الانهيار التام.
أفضل ما يُختتم به موضوع علاقة الديموقراطية بالاشتراكية هو القول بأن لا ديموقراطية حقيقية مع وجود الدولة، أي دولة، باستثناء دولة دكتاتورية البروليتاريا لأنها الدولة الوحيدة التي تلغي كل الحقوق وتلغي نفسها بالتالي. مع اضمحلال دولة البروليتاريا تضمحل بذات القدر كل أشكال القمع والقهر وتتضاءل بنفس المقدار حاجة الإنسان للحرية إلى أن تتلاشى كل معاني الزجر ومعاني الحرية مع التلاشي التام للدولة. جمهرة الليبراليين وكتبة البورجوازية ينتقدون الشيوعيين كونهم من أنصار الدكتاتورية التي تلغي الحريات وتستخدم القمع المفرط بحق الآخرين. كلا الإتهامين صحيحان فالدولة الإشتراكية البروليتارية هي دولة دكتاتورية ولو لم تكن دكتاتورية لما استطاعت إلغاء كل الحقوق بما في ذلك حقوق الطبقة الرأسمالية وحقوق البورجوازية الوضيعة. لا يمكن تحقيق ذلك دون استخدام قوى القمع المناسب. الشيوعيون دكتاتوريون وقمعيون بحق الآخر والآخر هو الذي يعارض الاشتراكية ويقيم عقبات لا تنتهي على طريقها. الاشتراكيون الحقيقيون لن يكون بمقدورهم تحقيق الاشتراكية بغير الدكتاتورية والقمع لأمد قصير هو عشر سنوات أو لأطول فترة وهي ثلاثون عاماً حين يتلاشى كل أثر للدولة فلا يعود الناس كل الناس بحاجة لأية حريات. الليبراليون يعادون الاشتراكية مثل الاشتراكية السوفياتية لأنهم يقدسون الحرية لكن الشيوعيين يزيدون عليهم فهم ضد الحرية لأن تواجدها يشترط وجود ما يساويها من العبودية، الحرية هي المكافئ الوحيد للقهر وللعبودية. ما كانت الطبقة العليا لتعتلي في كافة المجتمعات الطبقية إلا لأنها تقف على رأس الطبقة الدنيا وتستغلها، والحرية تعمل في هذه الحالة على ضمان التراتب الطبقي وهو ما يعمل الشيوعيون على تهديمه وإلغائه، ولذلك هم يعدون بأن الإنسان في الحياة الشيوعية بعد وقت قصير ستتفجر كل طاقاته وإبداعاته الإنسانية دون أية عوائق عندما تكون البشرية قد خلفت وراءها الحرية والديوقراطية في متحف التاريخ حيث أنهما من مستلزمات المجتمعات الطبقية. وستعبر الإنسانية إلى تاريخ جديد لا يشبه التاريخ القديم بكل تفاصيله، تاريخ سيؤرخه المؤرخون بتاريخ 01/01/01 www.fuadnimri.yolasite.com
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن تكون رأسمالية في روسيا
-
إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
-
حاجة العالم للينين مرة أخرى
-
ماركسيون بلا ماركس
-
لماذا الأول من أيار !؟
-
المتلفعون باليسار واليسارويّة
-
العقبة الكبرى أمام استئناف العمل الشيوعي
-
الحرية ليست إلاّ شرطاً ظرفياً يستوجبه فقر أدوات الإنتاج
-
فؤاد النمري في حوار مفتوح حول: القراءة اللينينية لماركس المت
...
-
ماذا في مصر وفي تونس
-
حزب العمال الشيوعي يعادي الشيوعية
-
الكارثة الكونية الوشيكة (انهيار نظام النقد العالمي)
-
الدكتور علي الأسدي يغطي على المرتدين والمحرفين السوفييت
-
نهاية التجربة الإشتراكية لدى علي الأسدي
-
كيف تخلَّقَ عالم اليوم
-
- المسألة الستالينية - !!
-
العدو الرئيسي للعمل الشيوعي اليوم
-
الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية
-
ثورة أكتوبر لم تفشل
-
- حفّار التاريخ - يسأل أسئلة صعبة
المزيد.....
-
ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
-
الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة
...
-
بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
-
مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم
...
-
بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا
...
-
النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
-
الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال
المزيد.....
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|