سعدون محسن ضمد
الحوار المتمدن-العدد: 3406 - 2011 / 6 / 24 - 14:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الحياة هناك قدران، خاسران، تعيسان ويؤديان إلى الفشل، الأول هو قدر المثقف، والثاني هو قدر الجماهير التي يسعى المثقف لإصلاحها.. وأزاء هذين القدرين، هناك قدر ثالث، رابح، سعيد ويؤدي إلى النجاح، ذلك هو قدرُ (قائد) الجماهير، فتّانها، مخادعها ومصّاص دمائها.
قدر المثقف أن وعيه مغاير لوعي الناس، يدرك ما لا يدركون، يراهم بأم عينه يسرعون نحو السراب فرحين، فيقف بوجههم مضطراً، الأمر الذي يغضبهم منه. ويقف فتّان الجماهير ليستغل هذا التضاد لمصلحته، فيعبئ الجماهير ضد منافسه على قيادتها والحائل بينه وبين مص دمائها، مستغلاً ضعف موقف المثقف وهشاشته، من جهة، وجهل الجماهير المركَّب من جهة أخرى، فيفتن الجماهير من خلال الوقوف بصفها والظهور بمظهر الحريص على مصالحها. وهنا تتَّضح خسارة القدرين الأولين وربح القدر الثالث.
فماذا على الجماهير أن تفعل وهي تجد نفسها مخيرة بين اثنين، بين مثقف تحسب أنه يحول بينها وبين الخلاص، وبين فتّان تحسب أنه يأخذ بيدها إلى خلاصها؟ ومن جهة أخرى ماذا على المثقف أن يفعل وهو يرى أهله وأحبابه يسرعون نحو مصارعهم؟
يضطر المثقف ـ بحكم وعيه من جهة، وإخلاصه من جهة أهم ـ إلى الوقوف بوجه الجماهير. فهو لا يجد بداً من سد الطريق عليهم وإن كان يائساً من إقناعهم. وهنا يدرك الفتّان هشاشة موقف غريمه، وهكذا يركب ظهر الجماهير متَّجهاً بهم صوب السراب، ليحقق غايتين، إرضائهم وسحق غريمه بأقدامهم. أما الجماهير فتراها مضطرة لسحق هذا الذي تحسب أنه أحمق ليس إلا، وأعمى لا يرى طريق الخلاص، بل هو يحول بينها وبين سلوك هذا الطريق.
ومن هنا يكون قدر المثقف خاسراً؛ لأن مصرعه يكون سحقاً تحت أقدام من يكدح لإنقاذهم من الموت، ويكون قدر الجماهير خاسراً أيضاً لأنها تسحق بأقدامها، راعيها الحقيقي ومنقذها. ويكون قدر القائد الفتّان رابحاً، لأنه سيصل لموقع السراب محمولاً على الأكتاف بلا غريم يزعجه بفلسفته وتشكيكاته، وعندما ينكشف للجماهير أنها كانت تركض وراء السراب، سيكون لديه الوقت الكافي لتبرير موقفه، فهو لم يجبرهم على شيئ، بل وافقهم على اختيارهم، فإن كان مخطئاً فقد سبقوه إلى الخطأ.
أما ذلك الذي طُحنت عظامه سحقاً تحت الأقدام فقد يتصدقون عليه بالرحمة ويطلبون له الغفران، فيا لقدره الخاسر ويالحظه السيئ.
#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟