|
خريطة طريق أم خريطة قتل؟
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالرغم من الرّعب والهلع اللذين أصابا النظام السوري في الصّميم، بعد مرور ثلاثة أشهر، كاملة، والوقوف على عتبة شهر رابع، بثقة عالية، وإيمان عارم، وعزيمة لا تفتر، تأكد لكل متابع أن الثورة السورية التي اندلعت في أكثر من مئتي منطقة سورية- وهي أكبروأوسع الثورات التي تمّت حتى الآن- لا تزال تتابع السير، غير مبالية بما دفعته من ضريبة غالية، من شهداء، وضحايا، بل ولم تروع بنيها الاعتقالات الواسعة التي تتم، ولا التهجير، وكل أشكال التنكيل التي يقوم بها النظام، ضد شعب"ه"، ولا الصمت الدولي الذي يدفع النظام للتجبر، وهو في أصله نظام جبان، ولم تتمكن من إيقاف هدير الثورة المستمرة، التي وجدت لنفسها انطلاقة زمانية في كل يوم جمعة، سيظل مكان تقديس لدينا، وكأن الدم السوري أعطى هذا اليوم معنى جديداً و ألقاً خاصاً، فوق ما يحمله من معان ودلالات، ليكون هذا اليوم العظيم بداية "روزنامة" الثورة، من أجل سوريا ديمقراطية، تعددية، تشاركية،علمانية، يتم فيها فصل الدين والإيديولوجيا عن الدولة. أمام هذه اللوحة،التي لا تتقبل أي احتمال، غير إعلان النظام هزيمته وانتصار الثورة- والنظام في حالة يرثى لها- مادامت كل أساليبه الوحشية لم ترضخ البطل السوري لرفع يديه، مستسلماً، مع أن "شبيحته" المأجورة تمادت في انتهاك كل ما هو محرم، كما يتم في "جسر الشغور"، بحسب، شهادات بعض أبناء المدينة البطلة-وقس على ذلك في المدن، والبلدات، والقرى، الثائرة في كل مكان،فهو يتوسل بعض الدول إلى درجة" تقبيل الأيادي"-كما في حالة تركيا-عندما يجد أن هناك تهديداً فيه "بعض" الجدية-وتركيا إحدى دولتين أخذتا بيد النظام الملوثة بدم الكرد لتحتضنه وتخرجه من العزلة المطبقة، وهو ما تنساه ذاكرة النظام المثقوبة- في الوقت الذي يحرك فيه هذا النظام أوراقه البالية، القديمة، المتجددة،في إثارة الفتن والنعرات،داخل الوطن، وخارجه، مادام أن وسائل إيقاعه" بلا حدود" ، وهو لا يبالي بالضريبة التي يتمّ دفعها، من دماء الناس، ليبقى كرسيه في حرز وديمومة. والغريب، أن النظام الذي لا يفتأ ينادي بالدعوة إلى الحوار، ليس حرصاً على مستقبل سوريا، ولاعلى دماء السوريين، ولا على التراب السوري، ولا على قواعد الحوار، وتهيئة الأرضية المناسبة له، وليس لوقف نزيف الدم، بل لاستمرارية النّظام، وحده،وليأت من بعده الطوفان...!، فها هو في جمعة" الشيخ صالح العلي" يواصل لغته الوحيدة، لغة القتل، ليستشهد حوالي عشرين شهيداً في دير الزور وحلب ودمشق-حتى الآن- ما خلا الجرحى...، بعد أن امتدت ألسنة لهيب الثورة إلى قلعتين كبريين هما: حلب ودمشق، وسقط في حلب أول شهداء الثورة، لأن القتل كان معبره للوصول إلى هذا الكرسي، منذ أربعة عقود ونيف، مضحياً بأقرب مقربيه، وهو بلغة القتل نفسها يدافع عن كرسيه، وإن كان ثمنه في كل مرة، دماء السوريين الغالية، وقد تواردت الأخبار بأن هناك شهداء في دير الزور، وفي دمشق، بل ولقد صور بعض المدونين الأبطال لقطات لضباط دمويين، يطلق أحدهم الرصاص على مدنيين عزل، يستهدفهم، بل الآلم من كل ذلك وصول أنباء عن مواطنين، صدقا دعوة النظام للنازحين في موسم الهجرة السوري، عن طريق مبعوثه التركماني، وعادا إلى-جسر الشغور- ليتم قتلهما ويكون رصاص النظام في لهما بالمرصاد، ينتظرهما، كما أشرت في مقالي السابق*، إلا أن الرصاص لن يفلح في تعزيز قبضة عصابة متحكّمة، لصوصية -من بين ممثليها الداعي للتو في مؤتمر صحفي للقيام بأعمال الخير والبر وتوزيع الصدقات والهبات على أصحاب هذا المال الحقيقيين المجوعين- والإجهاز على الشعب السوري برمته، وها إن الأمهات السوريات ينجبن حتى في –المخيمات- من سيحملون مشعل "حمزة" و"فرهاد" ليكون هناك في كل يوم ألف مولود جديد، ولقد التقطت العدسات صورة لوزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، وهو يزور مشفى تركياً، فيه مولودان سوريان، جسريان، لتكون هذه المدينة " جسراً" لانتصار الثورة المؤكد،لا يحتاج من العالم المشغول بمصالحه، ومخططاته، وأهدافه، إلا الكلمة الطيبة، الصادقة، التي لا تصل، حيث نحن أمام تواطؤ دولي، عام- كما يخيل إلي- لا يرتقي إلى مسؤولية إنصاف الدم السوري المراق، منذ أربعة عقود ونيف، وحتى الآن، وإن كانت روسيا، كما يراد تصويرها"رأس حربة" الخيانة مع هذا الدم الطاهر، وتبقى أية عقوبة-لرموز النظام الذي يعلن عبر مفرقعات كاذبة إشرافه على الخلاص من" الأزمة" والثورة يشتد أوارها بأكثر- عبارة عن " تطييب خاطر"، لأسر نكبت بكرامتها، وأبنائها، ودغدغة للقاتل، وإن أية مفاضلة بين هذا الرمز والآخر في " لعبة القتل"، هي محاولة مفبركة لتلميع صورة طرف، من دون آخر، يجمعهما معاً الإيلاغ في الدم السوري، وهي استعادة للعبة مماثلة، تماماً جرت في ثمانينيات القرن الماضي، وإن العقوبة المناسبة، والرحيمة، لهذا النظام الرجيم، هي في رحيله حالاً، وفق جدول زمني محدد، واضح، لا يخضع للتزوير، وأن يغدو خارج خريطة : السلطة، والقتل، والنهب، والفساد،وهو ما سيشكل عامل أمان في منطقة الشرق الأوسط، برمتها، وإن أية خريطة طريق، لإيقاف الثورة، من دون أن يتم الانتقال السلمي، الحقيقي، للسلطة، إلى أبطال هذه الثورة،كشرط أول، إنما هي خيانة لدماء أبطال الثورة، التي تأتي استمراراً للثورة السورية الأولى التي حررت بلدنا من ربقة الاستعمار،قبل بضعة عقود،وها هو الماضي يتواصل مع الحاضر، من أجل مستقبل سوري لائق بأبنائه بعد كل هذه الضريبة التي لا يزال يدفعها دون إبطاء.
*سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا: جرح نازف وضميرمتفرج معطوب
-
الشاعر و-عمى الألوان-
-
الرئيس -خارج التغطية-
-
الإعلام التضليلي الرسمي في أدواته البائسة
-
أمير سلفي جديد وإمارة جديدة
-
صدى الكلمة
-
في انتظار- الدخان الأبيض- الكردي
-
المثقف الكردي: مهمات عاجلة لا بد منها
-
-لا تصالح-..!
-
تحولات هائلة في الحياة والأدب
-
ابراهيم اليوسف: إن أي حوار مع النظام- وأنا أرفضه- يجب ألا يك
...
-
وجبة شهداء يوم «جمعة أطفال الحرية» على مائدة تلفزيون الدنيا.
...
-
السلفيون «يتذابحون» إلى جمعة أطفال الحرية*
-
الشعر والمناسبة
-
الجنس الأدبي الثالث
-
الصّورة الإلكترونية
-
حين يحترم -المحلّل السياسي الرسمي- نفسه
-
أعلى من جدار
-
الرئيس يطلب العفو
-
درعا ترحب بكم
المزيد.....
-
-الشامي- يغني شارة مسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
-
وزير داخلية فرنسا يحذر من -تسونامي الكوكايين-
-
الجيش السوداني يهاجم القصر الجمهوري لحسم معركة السيطرة على ا
...
-
ليبيا تقتاد مهاجرين إلى سجونها وتحذيرات من كارثة قرب مالطا
-
كتاب عبري يكشف ممارسات الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة
-
مصراتة الليبية تستعد لإطلاق سفينة إغاثية ثانية إلى قطاع غزة
...
-
إسرائيل.. كاتس يجري مشاورات أمنية حول خيارات تهجير سكان قطاع
...
-
وزير الكهرباء السوري يبحث مع وفد إماراتي مشاريع توليد الكهرب
...
-
السفير الروسي لدى هلسنكي: السلطات الفنلندية تحث مواطنيها على
...
-
مصر.. حبس راقصة متهمة بالتحريض على الفسق من خلال فيديوهاتها
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|