|
اللغة الكردية بين الثقافة اللسانية والسياسة القومية
علي ثويني
الحوار المتمدن-العدد: 3397 - 2011 / 6 / 15 - 22:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نقل لنا بعض الشيوعيين السابقين ممن سكن اليمن الجنوبي في الثمانينات، بأن أحد رفاقهم الأكراد كان يصر على أن تخوم عدن الجبلية لابد أن يسكنها أكراد، وأن الجبال لابد أن يسكنها إلا أكرادا.و نحمد الله لم يسمعه العروبيون ليصنفوا الأكراد قحطانيون!.وهو سياق متواتر سلكه العروبيون ، ونسبوا وحسبوا وصنفوا الأقوام،حتى أستغاثت كتب التأريخ من المبالغات والحشو ولي اعناق الحقائق. وفي لجة التمايز الذي يصب في خانة التحاصص الدائر اليوم بين رصانة الثقافة ومهازل السياسة ، حري بأن نسلط الضوء على اللغة أو اللغات الكردية ،و التي كانت عماد الفكر القومي وتأويلاته العرقية.وتعود جذور الفكر القومي إلى المانيا القرن التاسع عشر بما دعوه حقبة الانوار (enlightenment) ،إبان الصراعات على الإقطاعيات في أوربا، والتي لم يختلف بها الألمان عن كل جيرانهم بالسحن والدين، لكنهم أختلفوا معهم باللسان فقط، فكرسوه معيارا وميزانا "قوميا". و شاع الفكر القوي تباعا عند الفرس والترك ثم أنتقل الى العرب ولاسيما نصارى الشام. ويمكن أن يكون العراقيون قد دفعوا من جراء تسييس هذا الفكر"العلمي" أكثر من أهله في الغرب، فقد أبتلى العراقي بدواعي "الحمية القومية" ،ولعب دور(بروسيا) العربية، منذ مشروع تأسيس الدولة الحديثة عام 1921 . وقد تداعت الإزاحة التي حصلت على المشروع الفيصلي أن عانى العراق ووصل الى ماهو عليه اليوم. ومن اللافت للنظر أن أهل المشروع القومي وسدنته في الغرب كانوا قد اسقطوه مع سقوط النازية بعد الحرب الثانية وذاب اليوم في سياقات مشروع (اليورو) اللاقومي ،وأمسى من الماضي الكؤود.بيد أن هذا الفكر مكث عندنا حتى بعد سقوط المشروع القومي (للبعث) خلال أربعة عقود زمنية تكميلية للمشروع الاول، فصال وجال بالمصير العراقي،وأمست ذكراه مؤلمة للخواطر. مازال بعضنا يعاني تشنج "قومي" حقيقي او مفتعل حتى بعد قبر المشروع القومي في العراق والذي عجز عن الحل الواقعي لعقد مجتمع مسجى على الفسيفسائية و التلاوين البشرية .ولم يؤسس العراق كما يدعي بعض غلاة القوميين الأكراد منذ سايكس بيكو، وحسبنا أنه مكث أسما علما منذ (گلام) السومري و(بلاد أكد) و(بيث نهرايا) والسواد والعراق،و(ميزوبوتاميا) الشاخص بين ركام الماضي البشري،دون مزايدة أو مصادرة لحق او تجارة فكرية. نقرأ هذه الايام تفاسير عن اصول الحضارات العراقية"ما أنزل الله بها من سلطان" ، و "كرد" المقدس والمدنس في ثناياها ، مستغلة واقع الجهل المستشري وإستغلال لوضع العراق المهيض ، وغياب المشروع الثقافي الحقيقي والواقعي، وغياب النخب الواعية هجيرا أو تدليسا أو مصلحة أو إيثارا للسلامة، وبذلك لايمكن مراجعة أو مناقشة نقاط بعينها لما كتبه لفيف من (مثقفي الأكراد) كونه لايمت الصلة لاي بحث غربي او شرقي ،سواء أكان آثاري أوتأريخي، عمراني أومعماري أو فني مدون أو مؤول. بالرغم من إيماننا بسطوة الألسنة في الثقافة لكننا لانؤمن بأحجية التقاسيم التوراتية لها(سامية وحامية ويافثية-آرية) التي جاءت عند الغربيين مستندة على أسطورة الطوفان السومري وقصة النبي نوح(ع) التوراتية، بحسب أسماء أبناءه الثلاث الذين أنشأوا السلالات البشرية الماكثة اليوم. وهذه النظرية قابلة للدحض ولاتحمل صك سماوي،مثلها مثل غيرها من التآويل والشطحات النظرية، وشاعت بتشجيع من اللوبي اليهودي(الإشكنازي الغربي) المهيمن والمسير للعلم منذ القرن الثامن عشر. فلنأخذ الجانب اللساني في أحجية (الفكر القومي) ،و لابد من التفريق بين تكتلات الأكراد في العراق و تجمعات تمتد حتى الهند والقوقاس لاتعنينا ،مثلما لايعنينا أهل موريتانيا وجزر القمر في المشروع القومي العروبي. وسنعير أهمية لمن ورد العراق لاحقا،وربما يعود بعضه لقرن أو قرنين خلت،وسكن منطقة(أطورايا) الآشورية، (بلاد الجبال) ،وتشبع بعبقها . واليوم هم عراقيون،ويشكلون حوالي 13% ، و لغتهم حبلى بالمفردات "السامية" ودينهم "سامي"، و عقليتهم عراقية محظة ويتقنون العربية جلهم،و يقطنون المدن العراقية جميعها ولاسيما بغداد والموصل و البصرة وأربيل وكركوك ودهوك. وتكمن أهمية البحث في تأريخ اللغة الكردية في غرض سبر المنتج الحضاري العراقي. لكنه أخذ منحى آخر تصاعد بشكل ملفت للنظر بعد الإحتلال أمريكي 2003، حينما سرقت الآثار ، مراما في طمس حقائق تأريخية بعينها، ولاسيما بما يتعلق بتاريخ المنطقة ودور اليهود وأصل التوراة . والأهم في ذلك تمويه وتشويه خصوصية النسيج (السكاني) العراقي،من خلال أعطاء "الأكراد" دون غيرهم في تاريخ العراق من خلال إقحامهم في تاريخ امم غريبة عنهم وعن العراق ، كالمينيانيين والحوريين والميديين، وحتى الساسانيين. في الوقت التي تؤكد نتائج البحث العلمي والمكتشفات الآثارية والدلائل اللسانية ان لاصلة للأكراد بهذه الأمم التي لم تعش في أفضل أحوالها بين 200-400 سنة ،وذابوا في جنبات العراق الحضاري بسبب بداوتهم ،بينما يتجاوز تاريخ الأكديين وأحفادهم من الآشوريين والكلديين والآراميين في بلاد مابين النهرين 4000 سنة. وهنا نثبت ان العراق كان مقبرة للبداوة بتلاوينها،و التي جاءت بها الهجرات والإحتلالات الميدية والكيشية والفارسية والكردية والعربية والمغولية والتركية على حد سواء. لقد وضع الغربيون اللغة أو اللغات أو "اللهجات الكردية" في خانة ما يدعوه( اللغات (اليافثية) أو الهندو أوربية)، أو فرعها(الهندو إيراني) تحديدا. والكردية قرينة بالسنسكريتيه الهندية و الفارسية في آسيا ومختلفة بشكل بسيط عنها،حتى نجد مشتركات عجيبة بينها وبين لغة (سيگان-جيطان) أوربا الذين جاءوا من شمال الهند وليس لهم لغة مكتوبة كذلك. وهذا يقع على خلاف العربية التي لديها فصحى وكتاب مقدس وعقيدة وتراث مكتوب، تجمع الكل وتسهل التواصل على عكس السيگانية أو الكردية مثلا، بعدما تبعت مناهج ثقافية شتى،فلا تواصل بينها إلا مايروجه القوميون منهم. ناهيك في ذلك أن ثمة قرون من الزمن خلت ونصاب حدود سياسية دولية ثبتت وأستقرت، كانت كافية بأن ترسم ملامح عقلية وثقافة لسانية بعينها. فالكردي العراقي يحاكي العراقيين والتركي يحاكي الأتراك والإيراني يحاكي أهل بلده، وحتى (السيگان) هم جزء لا تتجزأ من ثقافات بلدانهم في أوربا الشرقية خاصة،وليس لهم صلة بأكرادنا البته إلا "لسانياً"،وشتان بينهما أخلاقياً.ويذهب الكاتب الكردي الدكتور زهـدي الـداودي إلى أن اللغة الكردية من اللغات التي لم تكن تاريخيا لغة رسمية لدولة مركزية موحدة ... وإذا كان ثمة من يعتقد بأنها كانت كذلك في فترة الدولة الميدية (الألف الأول قبل الميلاد)، فأننا بحاجة إلى دلائل تاريخية ونصوص لغوية من تلك الفترة. ويذهب القوميون إلى أن الشرخ الذي أصاب الأكراد وفتت لغتهم هي أولا المعركة الفاصلة بين الدولة الصفوية و العثمانية بعد معركة جالديرآن عام 1514 م الذي مكث على حاله تقريبا. والانقسام الثاني الذي حصل بعد معاهدة سايكس – بيكو في العام 1916.ونجزم أنهما سببان واهيان لتفتيت ثقافة لسانية او عقلية، وياما مر بالعراقيين من ويلات منذ خمسة آلاف عام، ولكن الأكدية الأولى مازالت ترتع معافاة في عربية ودارجة اليوم. وبذلك يمكث الأمر سياقات دول واتساع وتقلص نفوذ،لا علاقة له بصفاء دماء وألسنة.ولدينا خارطة للحدود الفارسية العثمانية وجدناها في مؤلف سويدي لسفين هيدين Sven Hedin تعود للعام 1915، في مؤلفه(بغداد ،بابل ونينوى) الذي كتبه عام 1917،وهي خارطة الدولة العثمانية مع فارس وهي شبه متطابقة مع الحدود الحالية بين العراق وإيران ، ولم تضم أو تزيل أو تنبذ أجزاء منها، ولم يجبر الأكراد على قبولها في حينها، بل أن التذرع بسايكس بيكو محض هراء. ويشكو القوميون الأكراد من سطوة التمزق اللغوي،فالتواصل بين أكراد تركيا(باللهجة الكرمانجية) وإيران شبه مستحيل بينما أكراد إيران أقرب الى (السورانية) في مناطق السليمانية . إذا حسبنا جدلا أن الفيلية لهجة كردية ،وهي في رأينا ليس سوى لغة قائمة بذاتها .ومن الملفت للنظر أن النزعة القومية الكردية ولدت في إيران، حينما أسس قاضي محمد بإيعاز وغمز من ستالين دولة (مهاباد) الكردية، التي مكثت شهور معدودة،وكان وزير دفاعها الملا مصطفى البرزاني حينما كان مواطنا مهاباديا إيرانيا.و بعدها لجئ إلى ستالين حتى أعاده المرحوم عبدالكريم قاسم إلى العراق بعيد ثورة تموز 1958 وأسبغ عليه صفة "العراقية" . وبعدها لم تنشا حركة قومية في إيران البته مثلما تصاعدت في العراق ثم تركيا وبعدها سوريا، فكان إستقرار تلك الدول عاملاً في عدم نضوج مشروعاً قومياً كردياً، على عكس العراق الذي مازال يعاني من ذلك بسبب تلبسه بفكر قومي "عروبي أولاً"وعانى بسببه من الهزات والإنكسارات والمغامرات السياسية التي أوصلته إلى ماهو عليه اليوم. إن "القومية" التي سلكها الفرس في الحقبة القجرية ، كانت على الطراز "الفرنسي" اي قومية (المواطنة)، وليس العرقية الدموية، وهذا ماجعل كل الأقوام الإيرانية تتمسك بإنتماءها لإيران دون تمايز كبير، ثم تعترف بإنتماءها الاصغر تباعاً. ولم يحسم الامر اللساني في الثقافة الكردية بعد، حيث ثمة صراع قوي بين من يريد ان تكون السورانية هي (المعيارية) بالرغم من ضآلة المتحدثين بها، بينما يرى البعض ان اللغة الكرمانجية هي الأوفر حظا بسبب شيوعها في تركيا والموصل وشمال سوريا.ونقرا رأي جمشيد إبراهيم وإمتعاضه من هيمنة لغة الأقلية على الاكثرية منوها الى أن : (هناك طبعا لغة رسمية تستعمل في الصحافة و الكتب في كردستان العراق و لكنها بعيدة كل البعد من ان تكون لغة جميع انحاء و مناطق كردستان وفي العراق طغت لهجة منطقة السليمانية لانها استعملت في كتابة الكتب و الصحافة . و نظرا لان القسم الاكبر من الشعب الكردي يسكن في ما تسمى بتركيا ويتكلم الكرمانجية فان سورانية سليمانية لاتستطيع ان تصبح اللغة الرسمية لجميع الاكراد الا اذا وصلت الى مستوى الحياد ولا تشعر جهة كردية بالغبن).وقد اعلن السيد مسعود برزاني قبل ايام عن إجراءات عملية لتوحيد اللغة الكردية، ولا نعلم مدى صلاحيتها. ونردف رأي الكاتب الكردي برزو محمود بهذا الصدد: (يبدو لي أن الكيان الكردي الحالي المتمثل في الحكومة الكردية في كردستان العراق ينتظر موعداً لصراع داخلي بين اللهجتين الرئيسيتين: السورانية من جانب، والكورمانجية من جانب أخر. هذا الأمر يطرح نفسه من خلال عناصر موتورة من اللهجة السورانية تحاول انتهاز الفرصة التاريخية من خلال تسخير الكيان الكردي في كردستان العراق لتثبيت وترسيخ اللهجة السورانية لتصبح اللغة الكردية الفصحى (معيارية standard) لعموم كردستان، دون حساب للهجة الكورمانجية التي تطرح هي الأخرى نفسها كلغة رئيسية باعتبارها تمثل لغة الأكثرية في عموم كردستان. لهذا السبب، وبين الحين والأخر، نسمع أو نقرأ مقالة لمثقف من اللهجة السورانية يطرح أفكاراً تنم عن تعصب لهجوي مقيت، تراه مرةً يستقوي بالكم الثقافي والمعرفي المدون ، ومرة يتذرع بالإسلام من أجل إقرار الأبجدية العربية ، ومرة يصور لهجته على أنها في مكانة لهجة قريش العربية بعيداً عن الموضوعية والتفكير العلمي في الطرح، ودون حساب لمشاعر ناطقي اللهجات الأخرى). وقد لمست بنفسي في المهاجر مدى تعصب أهل السليمانية للسانهم،ويعدون من لايتكلم لغتهم فهو ليس كردي اصلا، أما موقفهم من الفيلية فلا يتعدى تصنيفهم (شروگ) الأكراد في أحسن الحالات. وعلى هذا المنوال فأن اللغات الكردية شتى لا يمكن حصرها في دولة وثقافة وعقلية، و يمكن إجمالها بحسب القوميين إلى: 1- أكراد تركيا : (اللغة الكرمانجية ) : و يتكلم بها أكراد تركيا كما يتكلم بها أكراد القوقاس الجنوبي و أرمينيا و جورجيا و أذربايجان ، وكذلك أكراد سورية و جبل سنجار و زاخو وعمادية دهوك. 2- السورانية : و يتكلم بها الأكراد القاطنون في شرق شمال العراق ، وكذلك إيران و كرمانشاه و مهاباد . 3-الزازائية(الظاظا) و الدوملية : و يتكلم بها أبناء العشائر الدوملية المنتشرة في مناطق وسط تركيا وهي مناطق درسيم و بالو و كنيجيرآن و سويرك و بنكول . 4- اللغات الكردية العراقية : أ – البابانية : في المناطق المكرية و الاردلانية في منطقة سنة و سابلاخ و سرده شت و بانه. ب – الگورانية ( الهورامية) وهي قريبة من زآزآ . وهنا نجد مبالغات كثيرة يسوقها حتى الأكاديميين الأكراد ،فنجد الدكتور الداودي مثلا يكتب: (أن السبب الرئيسي لعدم توحد اللغة الكردية هو كونها عاشت على هوامش الإمبراطوريات، ولم تمتلك دولتها المركزية الموحدة الخاصة بها، ذلك الشرط الحاسم لتوحيد اللهجات ضمن لغة مركزية، هذا رغم أن أسم(بلاد الكردا) قد ذكر في لوح حجري سومري يعود الى 2150 ق. م، تم العثور عليه في معبد بأور.وهنا يقع الدكتور الداودي في نفس سياق التحريف الذي سلكه رهط من الباحثين الأكراد الذين جعلوا حتى سكان كهف (شانيدر) اكرادا، بالرغم من مرور أكثر من 60 الف عام على بقاياهم في هذا الموقع، وذلك بسب وقوعه في جبال "كردستان"، قبل الألسنة التي عمت في الدنيا. وهذا هو جوهر الخلط الذي وقع به هذا الرهط بين تقادم زمني يقع في محميتهم السياسية اليوم ونتف من الكلمات التي تتشابه بين السومرية ولغاتهم، بالرغم من ان السومرية مقطعية التركيب وتخالف بنيوية لغاتهم الهجائية. اما المفردات المتشابهة فانها موجودة في شتى وشطط الألسنة حتى النائية منها، ومنها الإنكليزية وحتى الهنكارية واللاتفية..الخ.ونجد ان ثمة كلمات سومرية مطابقة للعربية بالمعنى واللفظ، ولم ينبري احد من إدعاء السومرية عربية، حتى عتاة قومييها.وحري مراجعة مقال الدكتور علي الشوك، في نفيه لي علاقة بين اللغات الكردية والسومرية الأولى. وإذا تخطينا مصداقية وجود هذا الاسم في رقم سومري يعود إلى أور ،ولم نعثر عليه البتة في أي مصدر آخر،وأتمنى من المعنيين نشره، لكننا نقف أمام مفارقة عجيبة فحواها أن العراق بدل ألسنته خمسة مرات منذئذ وكل تلك اللغات كانت مثقفة و مدونة وواسعة التداول وتبعت لدول وأمبراطوريات كما الأكدية والآرامية ثم العربية، فكيف أحتفظ الأكراد بلغتهم ثابتة ،بالرغم من عدم توافر دولة ولا كتابة ولا مدونات ولا قواعد لسانية خلال تلك الآلاف الأربعة ونيف من السنين. وهذا يعني أن القوميين الأكراد حرفوا الواقع والوقائع، مستندين على حقيقة أقرها اللسانيون الغربيون بان اي لغة مهما كانت رصينة، فانها لابد أن تنزاح عن مسارها خلال ستة قرون، ولم نلتقي لغة على حالها البته. نعلم جميعا أن اللغة الفارسية شقيقة للغات الكردية الى حد ما، ولكنها أثرى وأوسع وأغزر نتاجا وتأثيرا. وبالرغم من قرب الأكراد من العرب جغرافيا في العراق والشام، لكن قومييهم يرفضون التعاون والتهاجن مع العربية ،ويشعرون بحساسية أو ضغينة ضدها كونها (سامية) وهم (آريون)!،وسمعنا الكثير منهم يفخرون بأنهم لم يعلموا أولادهم العربية خلال العقدين الماضيين ،وأن اللغة العربية أصبحت بعد الإنگليزية والفرنسية والألمانية ،ويشاع في الإعلام المضاد للاكراد على شيوع العبرية، بالرغم من نأي تلك الثقافات عنهم ، وأن العربية ليست لغة جيرانهم فحسب بل لغة دينهم،وأن الفارسية والتركية الأوسع إنتشارا عند أعتابهم نبذت عن مدارسهم،وهي حبلى بالمفردات العربية دون أن يستعيبوا أو يستنكفوا منها. ومن الاخبار المتواترة التي وصلتنا هذه الايام، بان شباب السليمانية شرع يتعلم العربية العراقية بشغف اليوم،بعد خيبة امله بسياسيه القوميين، وهذا ما لم يحدث حتى في عام 1964 وغلواء المد العروبي في العراق،ولاسيما في السليمانية التي مكثت مغلقة لسانيا حتى اليوم.بما يجعلنا نؤكد ان الموقف اللساني يغلب عليه التسييس في كثير من الاحيان. لقد تعاضدت النزعات العروبية لحكام العراق والكرودية لقومييه في حرمان الأكراد من التواصل الحضاري مع العراق ،وأصبحت أجيالهم كارهة للأتراك والفرس،و غير راغبة في تعلم لغاتهم ونجد غلاتهم يحبذ الإنسلاخ من محيطه في الوطن العراقي الذي يشكل الناطقين بالعربية 85% من سكانه.ولابد من الإقرار أن نخباً كردية بعينها أدت دورا سلبياً في هذا التخبط، فبين إغراءات كتابة الكردية باللاتينية وبين نزعة لادينية أو إلحادية أو شيوعية لقوم متدينين ومتصوفة وبسطاء بالسليقة،مما زاد الطين بلة ، وأدى لتكريس التخلف برغم وقوعهم في مثلث ثقافات عربية وتركية وفارسية كبرى، وشكلوا بذلك رعاع منساقون لأهواء الأغوات الإقطاعيين. ونجزم هنا أن ثمة إمتيازات و فرص أكبر وأفاق أوسع في الاقتباس والإطلاع وتوسيع المدارك والارتقاء الحضاري سوف يجنوه الأكراد من إنفتاحهم على المنتج الثقافي المحلي، ويتعداه الى ما يترجم في الثقافة العربية والفارسية والتركية المعاصرة. لقد تناسى المثقفون الأكراد الذين يشكلون عائق ثقافي اليوم على كاهل تلك الثقافة أن نخبهم وجدت إبان سنين الشدائد والشتات أحسن فرص العمل وتطوير الخبرات والإرتقاء في دول عربية كسوريا والجزائر وليبيا واليمن،ونادرا ما رحلوا إلى"مناطق الأكراد"في إيران أو تركيا أو القوقاس أو الهند بالرغم من وجود "أبناء عمومتهم" كما يدعى قومييهم .
#علي_ثويني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العروبة كظاهرة لغوية
-
مفهوم -الگيتو- في العقلية العراقية
-
المثقف العراقي والألسنة القومية
-
حمى البحث عن -عمام-
-
رومانيا..وتأريخها بين العرب واسرائيل
-
الحكم في الأردن بالحبس سنة على الشاعر اسلام سمحان، وبغرامة م
...
-
هل العراقيون أولاد عدنان وقحطان حقا؟
-
الرطانة والألسنة واللغات بين المقدس والمدنس
-
آريون وساميون..لغات أم أقوم -الجزء الأخير
-
آريون وساميون... لغات أم أقوام -الحلقة 4
-
آريون وساميون الحلقة الثالثة.... الجزء3-5
-
آريون وساميون... لغات أم أقوام.... الجزء 2-5
-
آريون وساميون...لغات أم اقوام؟ الجزء 1-5
-
14تموز حدث أم معركة أم حرب بنفس طويل
-
علي الوردي والحاجة لعلم إجتماع عراقي*
-
محاضرة عن السلم المدني العراقي في ستوكهولم للباحثة بسعاد عيد
...
-
ما لم يقله علي الوردي في 8 شباط 1963
-
كلاب بافلوف والكلاب العراقية-الحلقة 5- الأخيرة
-
كلاب بافلوف والكلاب العراقية-الجزء4
-
كلاب بافلوف والكلاب العراقية.الجزء الثالث
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|