كريم راهي
الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 13:03
المحور:
الادب والفن
عُدتُ مِن لَيلٍ مَريرٍ عَوَتْ بهِ ذِئابٌ كثيرةٌ و عَذّبتني بهِ عَثراتٌ وأشواك. يائساً من فكرةِ الخلاصِ، وَضعْتُ على صخرةٍ في البريةِ أسمالي، وأغوَتني السَلالمُ الهابطة.
كانَ ذلكَ في حياةٍ مَضَتْ، وفي داخلِ رُوحيَ القاحِلة، التي غَذاها فيما بعدُ دَمعُكِ المرُّ، شممتُ روائحَ حرائقَ تَخمَدُ ورأيتُ أرضاً سوداء وسماءً تكفهرّ. كان هذا لأنّ عصا الأعمى بيدي كانت تتجنَبُ أيَّتَما عَثرةٍ وتتقرّى أيّما أثر.
وكنتِ حجراً على القارِعة... ذاتَ الحَجرِ الذي سأصقلُه بحَنكتي وأحملهُ تميمةً أبديّة.
فَكِّرْ.. قلتُ، فكّرْ بالتجربة، عِندما جَرسٌ يُقرَعُ في دمِكَ أو بَرقٌ يلتمِعُ في قلبِكَ، وفي النهاياتِ المريرة لكأسِ حياتك تجدُ ثمّة من قطرةٍ عالقة. فكّر بأية حِكمةٍ حتّى ولو ضالّةٍ، قد تُعينُك على الوصول.
دَمعُكِ المرُّ كان يُضيء ويُضئ لكنني لم أره.
كانَ الطريقُ غايةً في العَماءِ... جِعتُ و عَريتُ و نجوتُ من طُوفان.
وفي كلِّ ساعةٍ تمضي فيها النيازكُ إلى حَتفِها كنتُ أصنعُ ناياً من قصبِ اليأسِ و أرفعُ رايةً من حريرِ الأسى.. كنتُ أصنعُ التمائمَ أيضاً وأنا رهينَ الأسئِلة:
لِمَاذا الأسى؟
لِماذا وكُلُّ سُنبلةٍ تَترنّحُ تستقيم؟
كنتِ فِكرةً في صَميمِ الخسارة،ِ تخرُجين من عَدمٍ إلى عَدمٍ
و ناراً كامنةً في حَجرٍ على القارعة.
لكنني، يومَ عدتُ مُعذّباً من ذلكَ الليلِ المريرِ والأشواكِ والعثراتِ
وفي الطريقِ إلى السلالم الهابطة، سمِعتُ بُكاءَكِ المرّ..
وقلتُ: آه... لقد عِشتُ زَمناً طَويلاً لأُوشِكَ أن أقولَ أن ليسَ ثمّةَ من نارٍ أو أرضٍ، ولا ماء... وليسَ ثمّةَ من حُبٍّ سعيد.
كريم راهي
ستوكهولم
12/6/2011
#كريم_راهي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟