أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلال خليل - الاسلام المحمدي والاسلام السياسي















المزيد.....

الاسلام المحمدي والاسلام السياسي


محمود جلال خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 23:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان اول عمل قام رسول الله (ص) فور هجرته الى المدينة ان وضع دستورا يهدف بالأساس إلى تنظيم العلاقة بين اهل المدينة والتي كانت تشهد وقتئذ تنوعا فريدا من الطوائف التي تختلف عن غيرها من اقاليم العرب فهناك المسلمون الذين ينقسمون الى مهاجرين وانصار والذين ينقسمون بدورهم الى الاوس والخزرج وهناك اليهود , وهناك المشركون ....
ومن ثم وضع رسول الله (ص) دستور المدينة الذي عُرف باسماء عدة منها العهد والميثاق والصحيفة والتي بينت معالم الدولة الإسلامية الجديدة‏ القائمة على كتاب الله وسنة رسوله (ص) والاحكام الاسلامية التي بدات تأخذ شكل تكاليف وحقوق واجبات على الافراد الذين ينتمون لهذه الدولة الوليدة , دون تفريق بينهم في الدين أوالعرق أوالجنس‏ أواللون , فأكدت في بنودها على ( أن أطراف الوثيقة عليهم النصر والعون والنصح والتناصح والبر من دون الإثم , وأن الدفاع عن حدود هذه الدولة مسئولية الجميع‏ ) فأوضحت ملامح المعاملات التي تحكم علاقة الافراد ببعضهم البعض من جهة وبينهم وبين الدولة ومؤسساتها من جهة أخرى , ورسخت مبدأ العدل والمساواة والحرية والتعاون والتعايش السلمي بين بين أطرافها وهو ما يعرف اليوم باسم المواطنة
الا انه ‏بعد وفاة رسول الله (ص) غابت هذه الصحيفة عن واقع المسلمين مع قيام الدولة الاموية , بل حتى الصحيفة نفسها كوثيقة لم يوجد لها أثر في الكتب والمراجع الاسلامية التي دونت بعد ذلك , اللهم الا من اشارة الى انه كان هناك شئ اسمه ( الصحيفة ) تركها رسول الله (ص) , وظهر بدلا منها احاديث وروايات تأمر المسلم بالسمع والطاعة لخليفة المسلمين وان اخذ ماله وجلد ظهره .. و .. أدوا اليهم حقهم واسالوا الله حقكم , وذلك عندما كان الرعية يضجون من الضرائب الباهظة التي يفرضها هؤلاء الولاة والحكام عليهم.
عرفت هذه الحقبة باسم الملك العضوض أو الاسلام القبلي الذي كانت تسيطر فيه قبيلة ما على مقاليد الامور في الدولة الاسلامية وتحتكر الملك وتتوارثه ابا عن جد , حتى اذا أفل نجمها وضعفت ودب النزاع بين حكامها انقلب عليها الرعية وابادوها.
ليبدأ ملك جديد وحكم جديد برؤية جديدة وفقه جديد يتمشى مع توجهات وطموحات الحكام الجدد وسياساتهم , كما كان في عهد الدولة الاموية ومن بعدها الدولة العباسية ثم الدولة العثمانية .... وهكذا , وان شئت سميت معهم أيضا الدولة السعودية , بل ان هذه الاخيرة تمثل النموذج الاقرب والامثل والاوضح لكل الممالك السابقة حيث أن دينها وديدنها وسياساتها وتوجهاتها مازالت ماثلة للعيان.
كان من نتيجة تغييب الصحيفة أو الدستور الذي وضعه رسول الله (ص) والذي يمثل من الناحية النظرية والعملية الحكم بما أنزل الله وتحكيم شريعة الاسلام بفقه ورؤية رسول الله (ص) أو ما يمكن ان نطلق عليه ( الاسلام المحمدي ) الذي جاء به الرسول الاكرم (ص) , والذي استبدله الحكام والملوك فيما بعد بدين وديدن جديد استنبطه لهم فقهاء السلاطين الذين اصطفوهم من بين الناس وأدنوهم من مجالسهم وأغدقوا عليهم الاموال والعطايا لبراعتهم في تطويع آيات الله وسنة رسول الله (ص) ولي أعناق النصوص لتخدم هؤلاء الحكام وتتمشى مع سياساتهم في السيطرة على بلاد المسلمين ونهب ثرواتها واخضاع رقاب الرعية لهم .
وكان من نتيجة تغييب الصحيفة ايضا ان افترقت الامة الاسلامية الى فرق وطوائف عديدة لا حصر لها , بعد ان ادعت كل منها العمل بكتاب وسنة رسوله (ص) وأنها وحدها على الحق الذي كان عليه رسول الله (ص) فاختلفوا في دين الله اختلافا شديدا وابتدعوا في شريعته ما لا لم ينزل الله به سلطان , فضربوا كتاب الله بعضه ببعض ورمت كل طائفة أختها بالكفر والضلال , واستمر انقسام هذه الفرق والطوائف بمرور السنوات عليها الى جماعات وكيانات لا يعلم عددها الا الله تعالى , كل منها يدعي أنه المتحدث الشرعي عن الله تعالى او وكيله في الارض !
لقد غابت القيم والاخلاقيات الاسلامية الكريمة التي جاء بها خير خلق الله (ص) مع ظهور هذه الجماعات التي عرفت باسم جماعات ( الاسلام السياسي ) , والتي افسدت على الناس حياتهم ومجتمعاتهم وأرقت مضاجعهم خوفا على حاضرهم ومستقبلهم لما رأوه من شطط وتخبط في آرائهم وسلوكياتهم , ونزعة الى التنافر والصدام واستخدام القوة والعنف ضد كل من يعارضهم او يختلف معهم , مثل هجومهم على مساجد اولياء الله الصاحين وهدمها وحرق ما كان بها من اضرحة بزعم انه يشرك فيها بالله تعالى واقامة الحدود على من رأوا انه خالف شرع الله , في ظل غياب الامن وأجهزة الدولة كما لو كان القمع والقهر هو الاسلوب الامثل للتعامل معهم وكبح جماحهم , واستعلاء طائفة أخرى على غيرهم من المسلمين بدعوى ان جماعتهم هي الجماعة الأم والاعلم بما أنزل الله عل رسوله حتى أفتى أحدهم بعدم زواج مسلم من مسلمة من خارج الجماعة كما كان يحدث من اتباع المذاهب الاربعة عندما اختلفوا في حكم تزوج الحنفية بالشافعي , فقال بعضهم لا يصح لانها تشك في ايمانها , وقال آخرون يجوز قياسا على الذمية !!!
أعطوا لانفسهم من الحق ما اعطاه الله تعالى لرسوله (ص) واختصه به , فتجد كبيرهم يأخذ البيعة من اتباعه على السمع والطاعة له والا يخلع يد الطاعة وان راى منه ما يكره , كعهد رسول الله (ص) مع صحابته الكرام , دون ان يذكر من الذي اعطاه الحق في ان يأخذ البيعة من الناس ؟ وما الذي يعلمه هو من دين الله أو هبط عليه من السماء دون غيره من المسلمين حتى يرفع نفسه الى منزلة الرسول الخاتم (ص) ؟
مثل هذه الجماعات تزعم انها تعمل لاقامة دولة الاسلام الكبرى وعودة الخلافة الراشدة , وأن آخر هذه الأمة لا يصلح الا بما صلح به أولها , وهذا لا يمكن الا بالرجوع الى ماكان عليه رسول الله (ص) وصحابته والصحيفة التي تركها لأمته واعتبرها كثيرون مفخرة من مفاخر الحضارة الاسلامية ومعلما من معالم مجدها السياسي والانساني
ان الاسلام المحمدي الذي جاء خير خلق الله ودولة الحق التي اقامها (ص) قبل رحيله هي دولة المؤسسات والقانون والعدل والمساواة , الذي لافضل فيها لعربي على عجمي ولا عربي على عجمي الا بالتقوى التي هي الانصياع الكامل والتام للقوانين التي تحكم العلاقة بين الافراد داخل الدولة , وهي الدولة التي يقف فيها علي بن ابي طالب مع اليهودي أمام القانون سواء بسواء فينتصف القاضي لرجل من الاقليات لا يؤمن بهذا الدين ولا برسوله ولا بالكتاب الذي جاء به على خليفة المسلمين لأنه لم يقدم البينة على ما ادعى



#محمود_جلال_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب الديني ... أصوله ومنابعه
- الدين والسياسة والطائفية


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلال خليل - الاسلام المحمدي والاسلام السياسي