حق إسرائيل في الغاز، وحق مصر في الكلام

سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 16:34
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    

الغاز المصري في نظر حكومات مصر، كمياه البحر.. متوفر.. بلا حدود وكمياه البحر .. فهو ممنوع على اغلب الشعب المصري، حلال على القلة منهم ومباح لغير المصريين ..
أقيمت على الشواطئ المصرية ،الشاليهات والقرى والحدود والأسلاك الشائكة والأسوار يحرسها رجال أمن .. ويستمتع بتلك الشواطئ أناس معينين ، محددين سلفا بما يملكونه .. فداخليها كمشترى اللحوم .. لا كمشترى الدهون.. حتى المصري البسيط لم يعد يملك ما يشترى به الدهن ..
وكما يتم التعامل مع شواطىء مصر، يتم مع الغاز المصري .. فأصبح حكرا على قله من المصريين ومباحا لغير المصريين ..!!
فمن حق يهود إسرائيل التمتع بالغاز المصري .. لكن ليس من حق المصريين أن يتمتعوا به .. تماما كحق يهود إسرائيل التمتع بشواطئ جنوب سيناء.. لكن المصريين الغلابة أنفسهم محرومين منها ..
وقد بحثت عن من يملك منح هذا الحق وسحبه، فوجدته الحكومة المصرية المقتنعة تماما ان الغاز في مصر كمياه البحر لا ينفذ.. ولعل في جعبتها اختراع يحول الماء المالح إلى غاز وبترول وذهب ..
وتناست حكومتنا ان غاز سيناء كان يملأ الآبار، في مناطق معينة كتلك المنطقة القريبة من مدينة رفح سيناء، وقد تمتعت إسرائيل أثناءالأحتلال وتطويل فترة الانسحاب من سيناء بسحب الغاز من الآبار حتى جفت .. وتمام الجفاف حدث في أوائل عام 1982 قبل الانسحاب النهائي بعدة شهور.. وعندما تقدم احد رؤساء القرى مطالبنا باستخدام البئر لمصلحة الأهالي ، كان رد وزارة البترول أن البئر جف .. ولايمكن عمل شيء .
ومن الغريب ان مصر لم تتلق أي تعويض عن منشئات دمرت أو بترول نهب .. وسبب عدم تلقيها تعويضات أنها لم تطالب بها .. رغم أنها تكلمت.
لكن الكلام إذا كان حق مشروع لمصر، فالمطالبة ليست في ظنها حقا مشروعا .
وما حدث بعد تحرير سيناء عام 1982 ، يحدث الآن بعد تحرير مصر من نظامها الفاسد ..
وعدت الحكومة شعب مصر بالحصول على حقوقه .. وأعلن البعض ان تصدير الغاز لدولة معادية خيانة وطنية .. وهلل الناس للوطنية، وللتاريخ القادم، الذي سيكتب بحروف من ذهب على آماد البصر ، كما يقال في ليالي ألف ليلة وليلة ..
ثم تحول الإعلان عن الخيانة الوطنية، إلى الإعلان عن تعديل السعر المتدني.. وهكذا تحولت الوطنية لأموال في البنوك .. ثم تحولت ألأموال في البنوك إلى ملاليم .. وهاهو الغاز جاهز للتصدير بعد عمليات الإصلاح والتجارب على الخط ، دون الحصول على الحق أو تنفيذ دعاوى الوطنية..!!
ويتجه البعض للوم إسرائيل ، ويتوجه البعض بغيظه لها .. لكن إسرائيل بريئة من نهب الغاز المصري، رغم عدم شرعية وجودها في المنطقة.. وهناك قاعدة قانونية تقول ما بني على باطل فهو باطل ..ورغم اعترافنا بعدم شرعية إسرائيل في المنطقة، وبالتالي كل الاتفاقيات معها تكون غير شرعية .. إلا ان نظام مصر أعطى إسرائيل الشرعية بالاعتراف بها .. وكذلك الفلسطينيون والأمريكان وغالبية الأنظمة العربية.. وعلى هذا الأساس عقدت اتفاقيات .. واتفاقية الغاز واحدة منها .. وكما يفعل رأس المال الذي يمنح الرشاوى لتمرير عقود في كل الدنيا ، فقد فعلت إسرائيل .. وكان من حق نظام مصر ان يرفض عقد الاتفاقية، أو حتى يعدل بنودها بما يحفظ حق مصر مستقبلا .. كإضافة بند بإلغاء الاتفاقية تحت ظل أوضاع معينة .. لكن ذلك لم يحدث .. لقد قبل النظام المصري الاتفاقية ومنحت إسرائيل الغاز، كما منح النصابين والنهابين الأراضي المجانية، والشواطئ وذهب مصر .. وقد هلل كلهم : النصابين والحرامية والنهابين، بعظمة نظام مصر البائد واستقرار مصر، بينما سخروا في دواخلهم من الشعب البائس والمطحون والمخدوع .
ولم يفعل الشعب البائس والمحروم من خيرات بلده شيئا طوال عقود .. وعندما نهض أخيرا بثورته باحثا عن الحق والعدل .. قوبل بالتهديد بالدعاوى القضائية.. في أراضى توشكي .. وفى الغاز .. وما خفي كان أعظم .
ورغم الثورة فهاهي ثروات البلاد مازالت تنهب أمام عينيه .. والشعب عاجز عن الفعل لأن هناك اتفاقيات كبلت قيود حكومته الضعيفة، التي تملك فقط حق الكلام، مانحة لغير المصريين حق الخيرات.
وهو ما يطرح سؤال محير : هل قامت في مصر ثورة فعلا ؟

#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات