رياح الثورة المصرية تهب على أوربا/ أسباب ودوافع انتفاضة الشبيبة الأوربية

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 23:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

في الوقت الذي يواصل شباب ساحة التحرير حملتهم التضامنية لإطلاق سراح زملائهم المعتقلين
مؤيد الطيب و علي الجاف و أحمد البغدادي وجهاد جليل) و يواصلون الاستعداد للمشاركة في التظاهرات القادمة، للمطالبة بالإصلاحات الجذرية و توفير الخدمات الأساسية و الكف عن سياسة كم الأفواه والتضييق على حرية التعبير و الحريات الشخصية. تتسع هنا في أوربا حركة احتجاجية
واسعة يشكل الشباب أبضا قوتها الأساسية، فمنذ منتصف أيار الماضي يجوب متظاهرون شباب المدن الاسبانية الكبرى ويحتلون الساحات الرئيسية فيها، يطلق هؤلاء الساخطون على أنفسهم "اندكنادوس" (الغاضبون) ، يحتجون ضد تصاعد البطالة بين الشباب وضد اليأس السائد بينهم و ضد الهجوم على المكتسبات الاجتماعية وضد كل المضاربين من المصرفين و السياسيين. في السابع و العشرين من أيار الماضي حاولت الشرطة إخلاء ساحة "كاتلونيا" في مدينة "برشلونه" من المتظاهرين الذين أقاموا مخيما في الساحة قبل أسبوعين من الهجوم الذي استخدمت فيه الشرطة الهراوات والرصاص المطاطي، ولكن ألاف من سكان "برشلونه" توافدوا إلى الساحة معلنين تضامنهم مع المحتجين مما اجبر الشرطة على الانسحاب، وبعد ساعات قلائل عاد ألآلاف إلى الساحة. في الثلاثين من أيار قررت اللجنة العليا للاجتماع العام في مدريد استمرار احتلال بويرته دل سول (بوابة الشموس) إلى إشعار آخر.

وصلت احتجاجات الغاضبين ألآن إلى ساحة الباستيل في باريس، فضلا عن اليونان التي تجمع في مركز عاصمتها و مراكز 60 مدينة أخرى فيها عشرات الآلاف من الغاضبين على غرار النموذج الاسباني بعد أن كانت الاحتجاجات في السابق تنظم من قبل الأحزاب السياسية و النقابات. ان احتجاجات الشباب المتسعة تكتب فصلا جديدا من النضال الأوربي ضد الأزمة الاقتصادية. وعن أسباب ودوافع حركة الشباب الاحتجاجية في أوربا كتب " فريد شميد"، أحد العاملين في "معهد البحوث الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية" في مدينة ميونخ الألمانية تحليلا مكثفا بعنوان "جيل الغضب"، في ما يلي ترجمة نصه المنشور في31 /05 على الموقع الالكتروني للمعهد المذكور و في مواقع يسارية أخرى "نعم نحن نخيم" انتهت للتو في ساحة بويرته دل سول (بوابة الشموس) وفي 50 مدينة اسبانية التظاهرات ، لكن حركة 15 ايار" صاحبة بيان " الديمقراطية الحقيقية ألأن" ستستمر. لقد أثارت الحركة قلق الحاكمين ليس في اسبانيا فقط ، إذ ردت الصحف في عواصم الرأسمال على مجرياتها بانفعال. " إنذار لأوربا" هو عنوان تعليق النسخة الألمانية من "الفاينانشل تايمز" التي أكدت على أن: " المدهش في الاحتجاجات الجماهيرية الاسبانية انها جاءت متأخرة، فمعدل البطالة بين الشباب وصل 45% و معدلها بين عموم السكان بلغ 20%، فلا عجب إذا احتج الشعب و عبر عن عدم رضاه". أما العنوان الرئيسي لجريدة "الفراكفورتر الكماينه تسايتنغ" ( جريدة يمنية محافظة، واسعة الانتشار، تصدر في مدينة فرنكفورت) فكان " محاصرة الطبقة السياسية"، تقول الجريدة" منذ ما يقارب الأسبوع يقلد الشباب الأسبان الشباب العرب، بالرغم من إن احتجاجاتهم لا تهتم بأسئلة كالحياة أو الموت، الحرية و الدكتاتورية ، ولكنها تهتم ببضعة أشياء مماثلة كالعمل و السكن وفرص أفضل للحياة والعدالة الاجتماعية و ضد المضاربات و الفساد. وهذه الاحتجاجات تربك " الطبقة السياسية" أكثر مما تربك علماء الاجتماع". جريدة "الهاندلسبلات" (التي تعنى بشؤون المال و الاقتصاد و القريبة من اتحاد الصناعيين الألمان) كتبت تحت عنوانها الرئيسي " غضب الأجيال" تقول "احتجاجات الشبيبة الاسبانية يمكن أن تكون مثلا لاحتجاجات مشابهة في بلدان أخرى. إن ثلث الجيل الشاب ليس لديه فرصة في الحصول على عمل، والسؤال هو ليس لماذا تحتج الشبيبة الاسبانية الآن، بل لماذا لم يحتجوا قبل الآن".
لقد ارتفعت البطالة، خلال الأزمة الاقتصادية المالية العالمية، بين الشباب الأسبان( في سن 15 إلى 24 سنة) إلى أكثر من الضعف، فقد ارتفعت من 19% في نهاية عام 2007 لتصل في آذار 2011 إلى 44,6 % ، ونتيجة لانفجار فقاعة العقارات وانهيار قطاعها الاقتصادي ارتفع المعدل العام للبطالة من 8,6% في نهاية عام 2007 ، إلى 20,6% في عام 2011. كثير من الأمهات و الآباء،- 54% من الشبيبة يحصلون على النقود من الوالدين- ،الذين كانوا يعيلون أبناءهم العاطلين عن العمل أصبحوا هم اليوم بلا عمل، بالإضافة إلى برامج التقشف و التكيف التي يمليها الاتحاد الأوربي و صندوق النقد الدولي، والتي أدت إلى فقدان الكثير من الحكومات المحلية الأموال التي كانت تخصصها في السابق لتوفير فرص عمل في القطاع العام، وتحت ضغط الأسواق المالية والساسة المنفذين جرى تقليص برامج الدولة الاجتماعية.
إن الأجيال الشابة في بلدان الاتحاد الأوربي هم اكبر الخاسرين جراء الأزمة المالية الاقتصادية هم "جيل الصفر" و الفرص المتاحة أماهم هي صفر أيضا، وقد ارتفع معدل البطالة بين الشباب في الاتحاد الأوربي ليصل ألان إلى 43%، في حين كان في نهاية عام 2007 14,5% وارتفع إلى 20,9% في كانون الأول عام 2010، أي إن هناك 5,2 مليون شاب عاطل عن العمل في الاتحاد الأوربي، والبطالة بين الشباب بلغت أكثر من ضعف المعدل العام للبطالة.
ارتفعت البطالة بين الشباب بشكل هائل في البلدان التي وضعتها الأزمة على حافة الإفلاس، ففي اليونان أصبح، في نهاية عام 2010، أكثر من ثلث الشباب عاطلين عن العمل بنسبة 36,1% بزيادة قدرها 64%، و في ايطاليا كانت النسبة 28,4% بزيادة قدرها 33% ، وفي البرتغال 21,6% بزيادة قدرها 36%، وفي ايرلندا أصبحت النسبة أكثر من ثلاثة أضعاف إذ ارتفعت من 9,5% إلى 31,3%، وقد حدث هذا كله خلال ثلاث سنوات. من هنا يأتي خوف الحكام من اتساع موجة الاحتجاجات على امتداد قوس الأزمة من ايرلندا عبر بلجيكا و فرنسا و ايطاليا وصولا لليونان. (المعطيات مأخوذة من جريدة هاندلسبلات).
" الثورة الاسبانية" – "الأسواق المالية لم تعد الخطر الأكبر"
ردود الفعل الأولى في شبه الجزيرة ألأيبيرية أتت من البرتغال عندما نظم الشباب في آذار حركة "جيل المحنة" المثيرة للانتباه. وفي أسبانيا تظاهر تجمع "شباب بلا مستقبل" ضد الأوضاع الاجتماعية المزرية وأيضا ضد فساد طبقة سياسية لا ينتظر منها تقديم أي شيء، وفي الوقت ذاته نشرت مجموعة من الأسماء الثقافية اللامعة بيان "الرد- عشرة أسباب تدفعك لمواجهة الأزمة"، كتب المقدمة له المناضل السابق في المقاومة الفرنسية" ستيفان هيسل"، الذي خاطب مواطنيه الفرنسيين في كتاب أصدره في أكتوبر الماضي بعنوان "أغضبوا" و كان أكثر الكتب مبيعا.
الشبيبة الاسبانية تلقفت النداء وأطلقت على نفسها تسمية "الغاضبون" وبدأت مظاهراتها التي شارك فيها عشرات الآلاف تجوب المدن الاسبانية. وعندما دعا بلاتفورم " الديمقراطية الحقيقة ألآن؟ إلى التظاهر في 50 مدينة اسبانية وشارك في هذه التظاهرات عشرات الآلاف، عندها أ ُخذوا بالجدية المطلوبة.
تحت شعار " نعم نحن نخيم" احتل الشباب اشهر ساحات اسبانيا في مدريد و في 50 مدينة أخرى، ومن شعاراتهم أيضا " هذه ليست أزمة وإنما اعتداء"" و " أنتم لا تدعونا نحلم ونحن لا نترككم تنامون". و عندما تصاعد خطاب المحتجين ضد الأسواق المالية أرتاع القابضون على السلطة: "نحن لسنا سلعة بيد المصرفيين و السياسيين" و " نرد على الأسواق العالمية بغضب عالمي"".
"إن الاحتجاجات هي مؤشر لتطور خطير" تكتب النسخة الألمانية "للفنانشل تابمز" وتتابع الجريدة بقلق: " إذا انتقل الشك الاسباني بالنظام (النظام الرأسمالي) إلى بلدان أخرى، فان الأسواق المالية لم تعد الخطر الأكبر لمنطقة اليورو"".

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات