أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رزاق عبود - أحقا هذه بعقوبة البرتقال؟؟!















المزيد.....

أحقا هذه بعقوبة البرتقال؟؟!


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1010 - 2004 / 11 / 7 - 05:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما زرت بعقوبه لأول مره في بداية السبعينات من القرن الماضي، ادهشني امران. الكرم الشديد والحفاوة التي احاطني بها كل الناس الذين التقيتهم. دعوات متكرره، وسخاء مفرط اخجلني . اعتقدت لأول وهله ان صديقي الذي يرافقني له سمعه جيده في المدينه، او انه من عائلة معروفه. وكان هذا صحيحآ. ولكن هناك امرآ بقيت حائرآ في فهمه .هل يمكنه ان يعرف كل هؤلاء الناس، وكلهم يظهرون له هذه الحفاوه . وكنت اعتقد ان اهالي البصره هم اكرم الناس، واطيبهم في العراق. لكن الضيافة التي حظيت بها عجيبه غريبه. قال صديقي لأنك من البصره، وهم يعتقدون انهم مهما فعلوا لن يصلوا الى كرمكم. ولكن لماذا هذه الرعايه الخاصه، وألأحترام، والود. فاجاب، بحركة ذات مغزى: لنفس السبب. ماذا تعني؟ سألت. رد: انت من البصره، وهذا يكفي. ولما لاحظ علامات الحيره ترتسم على وجهي، شرح بفرحة خاصة : انت ياصديقي من البصره، والناس يحاولون ان يكونوا كرماء مثلكم. وانت من البصره. والبصره معروفة بسمعتها، وتوجه اهلها السياسي. ظننت انه يكتم شيئآ، ولم اقتنع بتوضيحه.

بعد سنتين من تلك الزياره، عدت الى بعقوبه، بمهمه بسيطه، متوجها، الى احد بائعي التحف. لأنني كنت اعرف ان امثالهم في بغداد فرض عليهم التبليغ عن اي شخص يؤطر صورة لشخصية سياسيه غير بعثيه. في بعقوبه كنت مطمئنآ، ان لا احد يفعل ذلك. لكن ما فاجئني ان صاحب المحل، وبعد ان اطر الصوره، وغلفها بشكل جيد، وربطها بشريط هديه. رفض استلام مقابل. ولكن...؟! تسائلت بحيره، واستحياء! نظر "الجامجي" الي، بتعابيرتنم ،عن استغراب. وكنت انا المستغرب. خذها لقد قرأت ما كتبتم عليها. واذا اصريت على الدفع ساضطر للتبليغ عنك. فهمت مزحته. ضحكت،هازآ رأسي بخجل، وشكرته كثيرا. وبقيت مع ذلك منتظرا، ان يقبل ولو مبلغ رمزي. فهم الحاحي فقال سأشارككم بالهديه، وهكذا نكون قد تصافينا . اضف، الى ما كتبتموه،" وعزيز الجامجي". ضحكت،واردت ان امازحه . فحاولت، ان افتح الغلاف بسذاجه، واضيف اسمه الى عبارة: "هدية الشبيبه الديمقرطيه الى المركز الثقافي السوفيتي بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس ألأتحاد ألسوفياتي". ولكنه امسك يدي، وهو يضحك، قائلآ:

ـ يمعود، صدكت، تريد تورطني. تروح، لو هسه، اخابر ألأمن؟؟؟!

في الأسبوع التالي جئنا مجموعة من الطلبه من مختلف كليات جامعة بغداد، ومعاهدها. في بغداد، وفي موقف الباصات الى بعقوبه، حاولنا ان نستقل الباص لوحدنا، دون ان نسمح لغريب، ان يشاركنا السفره. في الطريق الى بعقوبه، كنا نردد اغاني، واناشيد اتحاد الطلبه العام، والشبيبه، واغاني ثوريه اخرى. كنت أجلس قرب السائق، وسمعته يردد مع نفسه مبتسمآ: "لا، قبضنه"! اعتقدت، انه يفكر باننا نعرضه، و نعرض أنفسنا الى مخاطر لا داعي لها . فرجوتهم ان يكفوا عن الغناء. توقعت ان يستحسن ذلك، ولكنه نظرالي محتجآ، وصاح بصوت عال: يمعود خليهم يغنون، تره هسه احطلكم عدنان القيسي . فضحك الجميع بصخب. واستمرت ألأغاني حتى وصلنا بعقوبه.

كنا ننوي ان ننزل في الموقف حيث ينتظرنا شخص اخر لينقلنا الى بستانهم، ومعه سائق "أمين". فرفض السائق مبررآ: واضح عليكم جميعا، انكم ليسوا من اهل المنطقه، وقد تثيروا الشكوك. ألأفضل ان تطلب من صاحبك ان يرافقنا، لآنقلكم الى البستان. "فسفراتكم" معروفه هنا. ولا داعي لتبديل الباص. صعد صاحبي معنا "مضطرآ" وسلم على السائق، الذي بدا انه يعرفه. وهو يدمدم: "انه عرفتهه". كان صاحبي من عائله ثوريه معروفه في المدينه. وكثيرا ما استضافت سفرات عديده من بغداد، في بساتينها الجميله. ولما اردنا ان ندفع له. دفع يدي قائلآ: يمعود تريد تفضحنه، كروة، وطارت، تريد النوب تسوينه مهزله جدام الجماعه، واشار الى صاحبي من اهالي بعقوبه. حرك سيارته مبتعدا وهو يمزح: عود سجلوها عليه.

في البستان جمع الزملاء مبلغا بسيطا ليذهب احدنا الى المدينه، ويشتري طعاما. ولما طلبت من صاحبي البعقوبي ان يرافق احدهم، ضحك بطيبه وقال: وهل يدفع الضيوف ثمن طعامهم؟! سيأتي والدي وقت الغداء، ومعه طعامآ يكفينا. فانتم ضيوفي. وفي المساء جاءت سياره "امينه" لتعيدنا الى بعقوبه. ولكن السائق اصر على ان يوصلنا الى بغداد. وهو يقول مازحآ: هو انتوا شكو، وراكم، غير الخساره. يالله عاد قبل ما تظلم الدنيا.

هذا قليل من كثير اتذكره عن بعقوبه الجميله، التي ترددت عليها ردحا من الزمن، نهاية كل اسبوع. ولي فيها اصدقاء عديدين، وبينهم الشاعر المبدع خليل المعاضيدي الذي اغتاله البعثيون السفله في عز شبابه. تذكرت كل هذا، وانا اقرا، واسمع، واشاهد ما تاتي به ألأخبار، من فظائع يقوم بها المجرمون في ارض البرنقال، والنضال. ارض الخير، والناس الطيبه. بهرزالحمراء، مقهى الشبيبه، البساتين التي احتضنت سفرات الطلاب، والشباب، والعمال، وغيرهم. وحمتهم بنخيلها، واظلتهم بفيئ اشجارها، وعبقها العطر، واكرمتهم من سخاء اهلها. ايمكن ان يكون هؤلاء القتله من بعقوبه، او بهرز،اوالهويدر،او شهربان،أو....أو.... لا ، لا يمكن فمدينة البرتقال، والبساتين، والعمال التعبى، وسوق الوكفه، وخريسان الجميل، وشموع الخضر، وهي تسبح مع مجراه. والمواكب الحسينيه، التي تنطلق من جامع السنه لايمكن ان يمت لها هؤلاء السلفيون الأرهابيون البعثيون بصله.

يحكى ان احد فلاحيها القى بنفسه في لطيم مياه ديالى الخطره لأنه شاهد ان "الحرس القومي" القوا بجثه يقال انها لعبد الكريم قاسم. وانه دفنها في مكان ما، وجعل من قبرها مزارا له. مخاطرا بحياته، وعيشه ومستقبله. هؤلاء الناس الذين كانوا يرفضون اخذ اجرة سياره، او ثمن الشاي في مقهى، او طعام في مطعم، لمجرد انني من البصره. لايمكن ألا ان يكونوا ضحايا مثل بقية اهل العراق الطيبين، مهما حاول المدعون من الصاق هذه التهمه، او تلك الجريمه، باهل هذه المدينه الرئعه. فاهلها يعشقون الحياة ، وأولئك يزرعون الموت.

بعقوبه، يا واحة البرتقال،
ومدينة الحب، والنضال،
كيف لوث اسمها ألأنذال

رزاق عبود
السويد/ستوكهولم
3ـ11ـ2004
[email protected]



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرتان بمناسبة ايام الثقافه المندائيه في ستوكهولم
- أين مظاهرات العراقيين ضد ألأرهاب؟؟؟
- أين المقاومه الشعبيه ضد -المقاومه- ألأرهابيه
- البصره، وتموز، والعم اسكندر
- لو كنت كرديآ لما رضيت بغير الدوله المستقله!!
- بصراحة ابن عبود حول ألأعتداءا ت ألأجراميه على الكنائس المسيح ...
- وجه ألأسلام القبيح في العراق!!
- جائزة نوبل للأداب تمنح لأمرأه ماركسيه من النمسا
- شكوى في حضرة السياب
- بصراحة ابن عبود: سقط الصنم، وبقيت نجماته!!
- بصراحة أبن عبود . من بيتر الكبير الى بوتين الصفير، ومن الشيش ...
- هيئة اركان المجرمين
- كردستان يا وطني
- الموت المجاني في بلد الحياة
- كيف يدعوا المثقفون الى القتل؟؟!!
- بيوت ألأشقاء والحيران الزجاجيه
- نداء استغاثه لأستعادة ألشهداء
- زمن الشيوعيين الردئ
- ليش با مدربنه الورد
- صدام شردنا وعلاوي ابعدنا


المزيد.....




- -بعد تفجيرات البيجر-.. موقع عبري ينشر تقريرا عن حرب بين إسرا ...
- إسرائيل لا تمتلكها.. خبير عسكري يكشف لـ RT من وراء تفجيرات ل ...
- ماذا وراء استقالة بريتون: كيف استنفذ المفوض الفرنسي صبر رئيس ...
- ماذا نعرف عن جهاز -البيجر- الذي اخترقته إسرائيل وأصاب العشرا ...
- ارتفاع عدد ضحايا إعصار -ياغي-: حصيلة القتلى تتجاوز 500 في جن ...
- اندلاع حرائق في شمال إسرائيل بعد هجمات صاروخية من لبنان
- نتنياهو يترأس اجتماعا عاجلا يضم وزير الدفاع وقيادات عسكرية و ...
- مصادر لبنانية لـ RT: وقوع نحو 2000 مصاب في انفجار أجهزة لا س ...
- -رويترز-: أكثر من ألف مصاب في لبنان إثر انفجار أجهزة اتصالات ...
- مسؤول في حزب الله يصف تفجير أجهزة الاستدعاء بـ -أكبر خرق أمن ...


المزيد.....

- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رزاق عبود - أحقا هذه بعقوبة البرتقال؟؟!