أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -لا تصالح-..!














المزيد.....


-لا تصالح-..!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


ثمّة قصائد خالدة، كتبها مبدعوها، كلّ في عصره، بيد أنها تظلّ محافظة على قوتها، وجدواها، مهما تقدم بها الزمان، وكأنها قد كتبت للتو، وأن حبرها لمّا يجفّ بعد، لتكتسب هويّة انتمائها لأية لحظة، في دفتر البرهة، والمستقبل، في آن، كما هي تنتمي إلى سجل الماضي، من دون أن تفقد أياً من ألقها، ودلالاتها الهائلة .

ولعلّ قصيدة الشاعر أمل دنقل "لا تصالح" (1940-1983) تعدّ إحدى تلك الإبداعات الأصيلة، لأنها تنفتح على رؤية إنسانية، ثاقبة، وتقبض على وشائج واقعيتها المستديمة، المتجدّدة، وهذا هو سرّ أيّ عمل إبداعي خالد، منذ بداية تاريخ الإبداع، وحتى تخوم اللحظة التي نشهدها، ولا تزال أيدينا في صلصالها بلغة نزار قباني .

وإذا كان مطلع قصيدة دنقل يقول "لا تصالح/ ولو منحوك الذهب/ أترى حين أفقأ عينيك/ ثم أثبت جوهرتين مكانهما/هل ترى؟/ هي أشياء لا تشترى"، لتفتح النوافذ على كمّ هائل من المتناقضات، فإنّ أية جوهرتين، مهما غلا ثمنهما، لا يمكن أن يستعاض بهما عن عينين تفقآن، ولاسيما أن يكون فاقئ هاتين العينين، هو نفسه، من يدعي "منحك" الجوهرتين، ويمدّ لك يده الملطخة بدمك للمصالحة، وهي مصالحة تدخل في إطار مفردات مؤامرته، يريد عبرها استدامة عمره، ليسترسل هذا الشاعر الكبير في تقديم شروحاته، بلغة الشّعر، اللغة التي لا يصلح فيها التفسير إلا في مثل هذا المقام "تلك الطمأنينة الأبدية بينكما: أن "سيفان" سيفك . ./صوتان صوتك/أنك إن متّ: للبيت ربّ/وللطفل أب/هل يصير دمي-بين عينيك-ماء؟/أتنسى ردائي الملطخ بالدماء . ./تلبس-فوق دمائي- ثياباً مطرّزة بالقصب؟"... "لا تصالح ولا تتوخّ الهرب". . ." سيقولون: جئناك كي تحقن الدم . ./جئناك . كن -يا أمير- الحكم/ . .لا تصالح" .

وحقيقة، إن هذه القصيدة تمتلك فلسفة خاصة بها، ورؤية متكاملة، فهي لا تكتفي برسم صورة واقع الضحية، حيث السكين في ظهره، وجراحاته تشخب، والقاتل يستمرئ في إيلامه، والولوغ في دمه، بل تروح إلى أبعد، لترصد موقف المؤتمنين على دم الضحية، الموقف الذي ينبغي أن يكون شفاّفاً كالجرح، حكيماً، صارماً، صامداً، في وجه أية غواية قد يقدمها القاتل، ليتجنب عار المساومة، ولاسيما إذا كان هذا القاتل مهزوماً في داخله، كما أنه مهزوم في الواقع، داعياً إلى رفضها، حتى وإن كان ذلك بذريعة حقن الدماء التي هي مسؤولية القاتل، لا الضحية، ومن يواصل حمل رسالته ورايته .

إن عنوان قصيدة دنقل “لا تصالح” سرعان ما يمكن استبداله ب “لا تساوم” ولا تحاور “من دون أن يتم أي خلل في الدلالة، لأن العنوان نفسه يتضمن كل تلك المعاني، جملة وتفصيلاً، يتكرّر كلازمة، على امتداد الشريط اللغوي للقصيدة، وهي تأخذ بعدها الملحمي، لتتجاوز جغرافيتها، وتصبح نشيداً عاماً، يصلح لكل مكان وزمان، يتردّد على فم كل مناضل، مؤمن بقضيته، يواجه آلة الاستبداد، التي تتأسس عادة على سفك دماء الآخرين، وتهدرها من أجل أمجادها الرخيصة، والزائلة .



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات هائلة في الحياة والأدب
- ابراهيم اليوسف: إن أي حوار مع النظام- وأنا أرفضه- يجب ألا يك ...
- وجبة شهداء يوم «جمعة أطفال الحرية» على مائدة تلفزيون الدنيا. ...
- السلفيون «يتذابحون» إلى جمعة أطفال الحرية*
- الشعر والمناسبة
- الجنس الأدبي الثالث
- الصّورة الإلكترونية
- حين يحترم -المحلّل السياسي الرسمي- نفسه
- أعلى من جدار
- الرئيس يطلب العفو
- درعا ترحب بكم
- أدب الثورة وثورة الأدب
- نشيد آزادي- تحية إلى شباب الثورة
- كلمة-azadi- الكردية في معجم الوطن
- أجوبة الناشط الكوردي المستقل إبراهيم اليوسف على أسئلة نشرة ح ...
- أوباما لن يدخل التاريخ
- حوار مع آكانيوز
- الحوار كأداة للقطيعة
- هل يمكن أن نكون أمام أول حوار وطني صادق في سوريا؟
- -طائرات هليكوبتر- سلفية


المزيد.....




- إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
- مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي ...
- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...
- مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي ...
- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -لا تصالح-..!