|
الموعد الأخير /قصة قصيرة
مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 09:19
المحور:
الادب والفن
الموعد الأخير قصة قصيرة
كان لا يزال ( سامي ) في الحمّام يأخذ دوشا باردا ويغنيّ عندما أستعجلته أخته التي تصغره بسنتين . ـ هيا يا ( سامي ) أسرع ... سوف تفوتنا الدبكة . ـ لقد انتهيت بالفعل ... أنا خارج . خرج وهو يصفرّ ... نظر إلى ساعته فوجدها تقارب الخامسة رفع رأسه وهو يقول بأعلى صوته : أنها الخامسة ... لن يفوتنا شيء وكان يقصد بذلك كل أصدقاءه وأصدقاء أخته من المحلة الذين ينتظرونه في غرفة الضيوف . ولا شك إن ( سامي ) بحاجة لنصف ساعة أخرى ، فعليه أن يصفـّف شعره الطويل وأن يبرز َقصّته التي تشبه َقصّة أحد المطربين الشباب المشهورين ثم يضع عليها مثبـّتا وبعدها يختار كريما لوجنتيه فيجب أن تلمعا عندما يبتسم ابتسامه عريضة أو يضحك لم لا فالمعجبات كثيرات وما يعجبهن فيه هو شعره وطريقة تسريحه وعطره ... وحتى كيفية لبسه لبنطلونه الكاوبوي وكراكيشه المعلقة في رقبته وعلى بنطلونه من الخلف ومن الأمام ومن الجوانب وعلى السيقان وكأنه ملك البوب ويلقي التشجيع من الجميع على كل ما يفعله ويلبسه وهو إضافة لكل شيء أفضل من يدبك هنا ، فعندما تلعب الموسيقى بأعصاب الجميع يقوم سامي بفرض أسلوبه الخاص وذلك بالقيام ببعض الحركات والتمويهات التي تتداخل بترتيبية الدبكة الرتيبة فينتج عنها مزيجا يشعل الحفلة حماسا ويحاول الشباب تقليده فتتعالى الصرخات من هنا وهناك وتتزاحم البنات لترقصن وتدبكن معه ومن لم يحالفها الحظ تنظر إليه بإعجاب مثلما فعلت فتاة ذلك قبل أسبوعين اسمها ( دلفين ) فسلبت نظراتها عقله ولم يرتح له بال الا أن تعرّف عليها بعد الحفلة وأصبحت صديقته المفضّلة ولا عجب أن يسعى الجميع لصداقته فهو طيب المعشر مرح يجيد الغناء ويعزف على البزق وأسرع من يقود السيارة وبمقدوره أن يشرب زجاجة ويسكي كاملة دون أن يفقد ولو جزء من توازنه وإذا ما طلبت منه أن يأتيك بطاسة ماء من قمة الجبل لن يقول لك لا وهذا ما يقوله عنه أبوه دائما ولا يرد الأب بدوره طلبا له ففي الأسبوع الماضي وبناءا على إلحاحه أخذ معه شيخ ( حسين ) ليخطب له تلك الفتاة التي تسكن الجانب الغربي من القرية ولكنهم لم يعطوه إياها بحجة إنها لا تزال صغيرة ... وفي المدرسة ... وألف حجة وحجة . خرجت الشلة من بيت سامي باتجاه الحفلة المقامة في العراء خارج الساتر الترابي للقرية وكانت الموسيقى وآهات المطرب ( إسماعيل قيراني ) تعانقان السماء . جرت في جسمه قشعريرة أشبه ما تكون بصعقة كهربائية متذكرا موعده الأخير مع صديقته المفضلة تلك التي رفضت أن تهرب معه أول مرة منذ أسبوعين ( مجنونة ... فمن ترفض الهروب معي . ) مما حدا به أن يكلف والده ويلح عليه بطريقة لم يسبق له أن فعلها من قبل ليكلف بدوره ( شيخ حسين ) ليذهبا ويخطباها له ولكن أبوها رفض أن يعطيه إياها ( مجنون ... فمن يرفض أن يعطيني أبنته ) . المهم اليوم الساعة السادسة موعدنا سنهرب معا وليفعل أهلها ما يشاءون فهي تحبني وتموت عليّ وتفكر بي ليل ونهار وكذلك أنا ... وخاطبه أحد أفراد شلته الذي كان يمشي ملازما لأخته : ـ أسرع يا سامي فربما التقيت بصديقتك من الجانب الغربي . ضحك الجميع من هذه القفشة فردّ سامي قائلا : ـ أنا لا أفكر فيها فلدي الكثير من الصديقات كما تعلم . وفي الحقيقة كان يفكر فيها كثيرا ولا يستطيع أن يبعدها عن تفكيره أبدا وينتظر موعده معها على أحرّ من الجمر . وصلوا لمكان الحفل تفرقوا أزواجا وفرادى . توجه سامي نحو منصّة العرس ليصافح العريس والعروس ويأخذوا بعض الصور التذكارية ثم تركهم ليتجول في المكان خلف الدبكة لوحده لعله يجدها هنا بانتظاره سأل أكثر من واحد من معارفها فلم يعطوه جوابا يشفي غليله خاب أمله مجددا بعد أن تجاوزت الساعة السادسة عصرا ببضع دقائق ... كان قلقا جدا ... وهنا لمحه ( إسماعيل قيراني ) فأرسل له تحية رفع ( سامي ) يده شاكرا وبعدها أعطاه ( إسماعيل ) إشارة برأسه للمشاركة في الدبكة . شارك ( سامي ) صديقه العريس دبكته وأرسل ( إسماعيل ) باسمه تحية خاصة إلى العريس يهنئه بالزواج أخيرا من حبيبته وبدا يرقص ويهز أكتافه كما لم يفعل من قبل ، وما هي الا دقائق حتى سمعوا صوت اطلاقات متتالية ... ظنـّوا أول الأمر إنها من بيت العريس إحتفاءا بالمناسبة السعيدة ولكن توالى على سمعهم رشقة أخرى مما يفهم منها إنها علامة بان احدهم قد توفي ترك بعضهم ( الديلان ) ليتصل بأهله أو معارفه للاستفسار عن السبب الحقيقي للطلقات النارية وبعد أخذ ورّد تبين إنها فتاة من الجهة الغربية من القرية اسمها ( دلفين ) وقد صبّت على نفسها الكاز كالعادة وأشعلت فيها النار ... تسللّ سامي من بين الجموع بهدوء وذهب إلى البيت ... توجّه إلى غرفة والده . تناول بندقيته الكلاشينكوف . فتح القفل بإبهامه الأيمن وأدخل طلقة إلى حجرتها بسحبه للأقسام ثم أدخل فوهتها إلى فمه وضغط على الزناد بنفس أصبع الإبهام ... في الصباح التالي ظهر في بعض مواقع الانترنت خبر انتحار شخصين من ضواحي شنكال وأرجعته لأسباب عديدة ...
مراد سليمان علو [email protected]
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايات من شنكال ... 11
-
حكايات من شنكال ... 13
-
طبل وزرناية ... 7
-
حكايات من شنكال ... 17
-
طبل وزرناية ... 6
-
الغريب /قصة قصيرة
-
حكايات من شنكال ... 16
-
حكايات من شنكال ... 9
-
طبل وزرناية ... 5
-
الأربعاء الملون
-
حكايات من شنكال ... 8
-
حكايات من شنكال ... 12
-
حكايات من شنكال ... 15
-
حكايات من شنكال ... 14
-
الأصنام الخاوية
-
طبل وزرناية ... 4
-
صرير الابواب
-
دفء العيد
-
العلاج / قصة قصيرة
-
طبل وزرناية ... 3
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|