أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - الثورة العزيزة .. ثانية !















المزيد.....

الثورة العزيزة .. ثانية !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3387 - 2011 / 6 / 5 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة العزيزة الغالية .. تحياتي لك مرة أخرى ، انقضى أسبوع على رسالتي الأولى لك، كنت أنت خلاله تستجمعين قواك لثورة ثانية وجمعة غضب في 27 مايو، أو جمعة تصحيح المسار ، وتحت شمس القاهرة الساخنة وقفت أنت في ميدان التحرير بأعداد أقل وبتأمل أكبر . انفض من حولك الأخوان المسلمون وآخرون ، وعاتبتك افتتاحيات الصحف الرسمية لأنك لا تراعين علاقتك بالجيش والمجلس العسكري ، كأنما يتهمونك بشق الصفوف ، بل ووصف البعض وقفتك تلك بأنها " جمعة لتخريب مصر " هكذا صرح لجريدة الأهرام د. طارق زيدان رئيس اللجنة التنسيقية لائتلاف الثورة ، وتكرر مثل هذا المعنى بصيغ مختلفة على ألسنة أخرى كثيرة . وعندما غادرت أنت الميدان في المساء منصرفة ، قيل إنك فشلت ، لأن حجمك لم يصل إلي مليون متظاهر، لأنك كنت فقط مئات الآلاف ممن يريدون جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد قبل إجراء انتخابات البرلمان في سبتمبر المقبل ، والإسراع في محاكمة رؤوس النظام السابق التي انقضى على اعتقالها شهور دون محاكمة ، وتطهير المؤسسات الحكومية والجامعات والإعلام من كوادر نظام مبارك التي تواصل العمل بأقنعة ولغة الثوار. يالها من تركة ثقيلة !
لكني أحببتك وأنت أقل عددا ، وأكثر تأملا . فهل أدركت في تلك اللحظات وأنت تقفين في وجه الخطر أنك ثورة بلا سلطة ؟ ثورة ليس لديها السلطة لتعيد استخدامها في تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ؟ . بل وظلت السلطة في يد نظام مبارك ، فالمجلس العسكري الحاكم هو ربيب النظام القديم ، وركيزة سنين حكمه ، وأعضاؤه هم رفاق مبارك في مسيرته الطويلة ، وهم الذين قبلوا ويقبلون أن يعتمد الجيش على مساعدة أمريكية تقدر بمليار وثلاثمائة مليون دولار سنويا مقابل تقزيم حجم ودور الجيش ، والمشير طنطاوي ( الذي يدعوه البعض ليظل حاكما ولا يتحرجون – حسب تعبير هيكل - من تسميته رئيسا ! ) ظل قائدا عاما للقوات المسلحة على مدى ثمانية عشر عاما منذ عام 1993 بعد ترقية مبارك له إلي رتبة مشير . فكيف قمت أنت بكل شيء وبذلت دمك وواجهت الرصاص ومع ذلك بقيت دون سلطة ؟ أليس انتقال السلطة من طبقة لأخرى هو أهم مؤشر على الثورة ؟ . قولي لي إذن : كيف خرجت أنت إلي الشوارع ، بكل تاريخك العظيم ، وبأبنائك ، وبغضبك ، وقمت بكل شيء ، ثم لم يتبق بين يديك سوى ميدان مفتوح كالأمل للاحتجاج ؟ أما السلطة فظلت في يد النظام القديم؟ في يد المجلس العسكري ، بحيث بدا أن كل دور الثورة هو عرض مطالبها على النظام القديم لينفذ جزءا منها ، وبطريقته ، وفي التوقيت الذي يحدده . كأن حصاد التضحية هو " شراكة " بين الثورة والنظام ، مساومة ، نأخذ شيئا ما صغيرا ، ويحتفظون هم بالنظام القديم ، من ناحيتنا نحصل على تعديل دستوري أو دستور جديد يحد من صلاحيات الرئيس المطلقة ويقلص فترة الرئاسة مع تنديد بالفساد ومحاكمات لبعض رموزه ، ومن ناحية النظام القديم يحتفظ بكل أسسه وركائزه السابقة .
في جمعة تصحيح المسار- 27 مايو – وقفت في الميدان تفكرين في كل ذلك ، قلبك الساخن الذي نزف نحو ألف شهيد يقول لك إنك ثورة ، وعقلك يتأمل الحصاد ، ويفتش عن مواطن القوة ، ولحظات الضعف . تقولين لنفسك : لقد أطحت برأس النظام ، وبوزرائه ، لكنني لم أستطع بعد أن أحل تركيبة اقتصادية اجتماعية جديدة محل التركيبة القديمة . تقولين لنفسك وأنت ترين مشاهد التعذيب التي مازالت مستمرة في أقسام الشرطة إن علاقات الاستغلال القديمة مازالت قائمة ، وإن القوانين التي انتحر في ظلها الشباب من البطالة والجوع مازالت سارية ، القوانين التي أجبرت المئات على الهجرة ولو بالموت في عرض البحار ، القوانين التي تشبع القلة في ظلها حتى الموت من التخمة والسأم ، ومازال هناك كما قال طه حسين ذات يوم " من يؤرقهم الشوق إلي العدل ، ومن يؤرقهم الخوف من العدل"! تقولين لنفسك " لم أتمكن من تحطيم البناء الحكومي القديم ، فقدموا لي في كل المجالات كوادر الصف الثاني التي كانت في الظل ، رفعوها لأعلى ، لتحل محل الوجوه المستهلكة في الصحافة والإعلام والوزارات والجامعات ، الكوادر التي تربت على أيدي نفس الأجهزة طويلا ، خرجت لنا كأنما هي وجوه الثورة " ! وباختصار فإنك لم تستطيعي أن تضعي يدك على سلطة الدولة ، لتعيدي استخدامها في تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي . تقلبين يديك في الميدان الفسيح ، وتفكرين في أنك في يناير حطمت القيود عن يديك ، حطمت الخوف ، وصارت يداك العملاقتان حرتين ، وما أن يصبح المرء حرا حتى يسأل نفسه : من أكون ؟ . يريدونك الآن ، أن تكتفي بإصلاح سياسي ، دستوري ، بانتخابات نزيهة، ببرلمان منتخب ، لكن قلبك يخفق في إتجاه آخر ، أعمق . أنت تذكرين يوم تشكلت من الضباب ، وبرزت كتفاك الضخمتان ، من أحداث ووقائع صغيرة كثيرة ، من آلام ذلك الموظف الذي وقف في أغسطس 2009 لتسديد فاتورة الكهرباء ، فقيل له إن المطلوب مائتا وخمسون جنيها عن شهر واحد ، فبهت ، وصمت ، وشملته ارتجافة ، ثم سقط مغشيا عليه وتوفي أمام العوز الذي أطبق علي حياته ، تشكلت كتفاك الضخمتان في يناير من تفاصيل كثيرة ، كحادثة الشاب العاطل في أسوان المسمى أحمد مصطفى والذي أنهى حياته بشنق نفسه داخل حجرة نومه من شدة الضائقة المالية التي يمر بها . وتشكل صدرك الذي واجه الرصاص من شعورك العميق بأن الشعب عاجز ، ومرتبك ، ويشعر بالإهانة ، وأنهم سرقوه طويلا ، وجوعوه ، وضربوه في كل أقسام الشرطة ، هكذا ظهرت أنت ، بدنك كله مشحون بحاجة الناس للطعام والعمل والمسكن والتعليم والحرية ، ثم ظهر عقلك الذي ارتبك وقارن مابين مجرد إصلاح سياسي مع بقاء نفس النظام ، أو تغيير النظام . وسوف يلحون عليك لدفعك إلي الاكتفاء بالدستور ، والانتخابات الرئاسية ، ولكنك تعلمين تماما أن تلك وسائل لتحقيق ما هو أكبر ، لتغيير يضمن لنا النهوض بصناعتنا القومية وزراعتنا ، ويضمن لنا أن نتحرر من التبعية والهيمنة ، ويضمن للجميع حياة كريمة .
لقد تحررت يداك من القيود ، وأنت الآن تفكرين : من أكون ؟ . وحين يلح عليك ذلك السؤال ، فتذكري اللحم والعظم الذي خلقت منه ، تذكري الفقر المدقع والثراء الفاحش وفكري ، وستجدين معك أبناء بلا عدد ، واعلمي أن أحدا لم يسرقك ، وأن أحدا لم يخدعك ، وأنك وحدك ستقررين كل شيء ، وأننا نعيش الآن لحظة حراك وقلق مواتية ، تتفتح فيها كل المحبة التي دفعت أبناءك لمواجهة الرصاص من أجل عينيك وأحلامك ، من أجل أن تجدي نفسك وتعرفين من أنت .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزتي الثورة .. تحية وشوقا ..
- عن كنيسة إمبابة وحكاية الثور والبقرة
- خطاب لم يرسل
- الروس يكتبون : عن الجيش والثورة المصرية
- مع الانتفاضة والحرية
- فلاحة عارية تحت جسر الموت ..
- أقباط الحجارة !
- في بيت عمي فوزي حبشي
- حول الثقافة الشعبية القبطية
- الحب والفولاذ - قصة قصيرة
- هرش قفا برلماني
- - غير محافظ - على القاهرة !
- فتش في دمائك عن السلم الموسيقى
- تاريخ فقاعة - قصة قصيرة
- زهرة الخشخاش .. وزمن شعلان الفنان
- تجربة ابراهيم عيسي
- أشياء - يُعتقد - أنها أمريكية !
- الثقافة والأزمة الطائفية
- الفتنة الطائفية بمصر .. لحظة خطر
- أبناء الخيار الاستراتيجي .. إلي المفاوضات


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - الثورة العزيزة .. ثانية !