أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هرمز كوهاري - في العراق ..الديمقراطية في خدمة أعدائها !















المزيد.....


في العراق ..الديمقراطية في خدمة أعدائها !


هرمز كوهاري

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 16:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أخطر ما تواجه المبادئ الإنسانية النبيلة ،كالديمقراطية والإشتراكية والحرية والعدالة والمساواة....الخ هي الإنتهازية و الإنتهازيون .
فكل ما يظهر مبدأ إنساني في خدمة الشعوب يتهافت عليه الإنتهازيون ويتلقفوه ويتخذونه شعارا لهم للقفز على المناصب وإغتصاب المكاسب ، ويمكن أن نعتبره تخريبا من الداخل ،الإنتهازيون هم أخطر أعداء الثورات والإنتفاضات أو حتى في حملات الإصلاح والتطوير .
وهؤلاء مثل المنتجون والتجار المحتالون الذين يدرسون السوق جيدا ليتعرفوا على أكثر الأسماء المحببة لدى الناس ليسموا بها بضاعتهم الفاسدة ، و ينطبق عليهم المثل القائل : " دس السم في الدسم ".وهؤلاء عيشتهم على المغفلين أو اللذين تبهرهم تلك ألأسماء والمسميات ، وإذا ما إنكشف أمرهم يستبدلون أسم بضاعتهم بأسماء أكثر براقة ويزيدون في دعايات الترغيب والتشويق والتغليف الى أن ينكشف أمرهم للجميع ولكن بعد أن يكونوا قد جمعوا أموالا طائلة وقد يعتقلون أو يهربون بها بعد أن يكونوا قد أفسدوا النظام والمجتمع !!

وفي بعض الدول مثل ألمانيا تشكل جمعيات لحماية المستهلكين ، لهم خبراء ومختبرات وأجهزة متطورة وتصدر نشرات دورية بتقييم كل منتوج بصورة موضوعية من دون نفاق أو تحيز ، وهذه الجمعيات أو المؤسسات بمثابتة نقابة حماية المستهلكين . وهي أيضا تقابل الصحافة ونقابة الصحفيين الذين يقيمون ويفندون أقوال وأفعال الساسة ويحذرون الشعب من المنافقين والدجالين وأن يكون واعين في إختيار ممثليهم .

وهذا ما يفعله تجار السياسة المحتالون في العراق وفي مقدمتهم " أحزاب " الإسلام الشيعي وغيرهم من الأحزاب و المجموعات الأخرى ، إنها أحزاب وساسة إنتهازيون بإمتياز ، تتخذ أسماءا تتناقض وتتنافى مع نياتهم وأخلاقتهم وسلوكهم لإخفاء نياتهم الكريهة ، يتخذون أفضل الأسماء للمبادئ السياسية ألا هي الديمقراطية والقانون والوطنية !! ووجدوا في الديمقراطية خير زورق للعبور الى تلك النوايا السيئة ، بعد أن كانوا يكفرون الديمقراطية ، وقال أحد قادة ما يسمى بدولة القانون ، طبعا قانون حزب الدعوة الإسلامية ، " بأن الديمقراطية تفسد أخلاق المسلمين " !! وقائد من حزب إسلامي آخر يكفر العلمانية في خطبة الجمعة ! علما بأن العلمانية هي الأرضية التي توسس عليها الديمقراطية الحقيقية .

ولكن بعد أن عرفوا أن الديمقراطية توصلهم الى السلطة إتخذوها شعارا لهم بعد أن كانوا يكفرونها ، وإذا بالديمقراطية التي يتغنون بها هي القتل البطيئ للفقراء عن طريق نهب و سلب قوتهم اليومي بما فيهم الأيتام من الأطفال والأرامل والثكالى وتكديس ما يمكنهم تكديسه من المال الحرام دون رقيب أو حسيب ،وهل هناك أقذر من هذا السلوك و أسوا من هذه الأخلاق التي يتخفون ويتلبسون لباس الديمقراطية ؟ لأنهم يعلمون أن أسم أو شعار الديمقراطية أكثر الشعارات والأسماء التي تتمناها الشعوب العائشة تحت نير الإرهاب والفساد المالي والإداري والأخلاقي والدكتاتورية ، وحجتهم أنهم وصلوا الى السلطة عن طريق الإنتخابات ولكن تارة بإسم المرجعيات والرموز الدينية ، وأخرى بإسماء مزورة دولة القانون ، الأحرار ، الوطنية وشهادات مزورة !!!

ولا ننسى قانون إعفاء الفاسدين والمزورين وإطلاق سراح المجرمين القتلة وإحلال محلهم الكتاب والفنانين والمتظاهرين المطالبين بحقهم المسلوب ،وهذا الذي تجاوز كل التوقعات ، وأبى العراق إلا أن يكون في مقدمة الدول الفاسدة ولم تسبقه في ذلك إلا الصومال على رأي المنظمات الدولية والواقع الذي يعيشه كل عراقي وما تبثه الفضائيات من سوء الخدمات ...الخ ، ولكن برأي د. عبد الخالق حسين ، أن ما يقال عن الفساد مبالغ به وفيه نوع من التهويل ! أي لا زال في حدود المقبول والمعقول ! ولابد أن يكون هؤلاء الذين يهولونه من البعثيين أو المعادين للديمقراطية ! ويبدو أن من راي دكتورنا السكوت عنه خوفا من خسراننا هذا النظام الديمقراطي ! .ويعتقد أن هذا الفساد ليس إلا نتيجة الخراب الإجتماعي الذي خلقه النظام البعثي أي أن هؤلاء الفاسدون ليسوا إلا ضحايا ذلك الخراب الإجتماعي الذي ورثناه النظام السابق !أي أن الفاسدين ضحايا وليسوا مذنبين أو مجرمين !!
ولا يعني هذا إلا إعفاء المسؤولين من تهمة الفساد وتشجيعهم للإستمرار بهذه الديمقراطية التي أصبحت موضع إستخفاف وإستهزاء حتى من الدكتاتوريين .

إذا تمتعوا ايها المسؤولون الفاسدون والمزورون بكل ما نهبتموه من ألمال الحرام وقصور صدام ما زال فسادكم في حدود المقبول والمعقول ! ومن يتهمكم ليسوا إلا بعثيون حاقدون وأعداء الديمقراطية ! وإطمئنوا ما دمتم منتخبون من قبل الشعب بطريقة " ديمقراطية خالصة " ، وكما يقول المثل " طبق قاف على قاف وتكلم ولا تخاف "! وفاتهم وبعض الكتاب أن يعتبروا أو يعرفوا أن الفساد بأنواعه هو إنحطاط في الأخلاق والسلوك قبل أن يكون إنحرافا إو تخلفا في السياسة !

قال العلامة الخوارزمي : إذا أعطينا لأخلاق الشخص رقم واحد ولكل مؤهل آخر كالعلم والمال والجمال نضيف أمام الواحد صفرا لتبلغ قيمة عشرات الآلأف فإذا حذفنا رقم واحد فلم يبق من قيمة ذلك الشخص إلا قيمة اصفار على الشمال اي لاشيئ !!!

واشد ما يثير إستغرابي إعتقاد بعض الكتاب والمثقفين أن بإمكان الأحزاب الإسلامية وخطباء الجوامع والحسينيات بناء الديمقراطية و في ظل الشريعة الإسلامية .دون أن يعوا أن الديمقراطية تقوم على أنقاض السلطة الدينية والطائفية ، وأقصد فصل التداخل بين الدين والسياسة ، واقول التداخل لا التدخل لأن كثير من الحكومات العربية والإسلامية التي تدعي أنها مدنية و علمانية وتحارب الإسلاميين تستعين بالدين كلما ضاقت بها السبل ، وعليه ليس العتب كل العتب على رجال الدين ما دام يشعرون بأهميتهم السياسية في هذه المجتمعات !

نماذج النفاق والإنتهازية من ماضينا القريب :
أذكر في سنة 1948 عندما أسقطت الجماهير العراقية رئيس الوزراء صالح جبر في إنتفاضة شعبية عارمة شملت كل أنحاء العراق تطالب بالخبز وإسقاط معاهدة " بورتسموث "حيث قدر عدد الشهداء بما يزيد على ثلثمائة شهيد وخاصة بعدما تحدى الشعب و أطلق على الجماهير الشعبية من لندن " الرعاع ". بعدها بسنوات ألف صالح جبر حزبا من الشيوخ والإحتكاريين أعداء الإشتراكية ، سماه حزب الأمة الإشتراكي !!!!
وأستاذه نوري السعيد كان أكثر من يتلاعب بالدستور ، فكلما ضاقت به الأمور يعطل الدستور ويصدر الأحكام العرفية ويبدأ بإصدار مراسيم ، وشكل حزبا سماه "حزب الإتحاد الدستوري !!
وعندما أصبحت قبلة الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين ، الإشتراكية حلا لمشكلاتها المعيشية ، إتخذتها الأحزاب الرجعية والقومية والبعثية الفاشية المعادية للعمال والفلاحين والفقراء شعارا لها ، وقالوا : الإشتراكية الإسلامية والإشتراكية العربية والإشتراكية القومية والإشتراكية العادلة ....الخ ولم يفوتها أن تضيف اليها عبارة " الحرية " وهم ألد أعداء الحرية ، لأنها تؤمن بكل وسائل الغدر والعنف بما فيها الإغتيالات للوصول الى السلطة والبقاء فيها على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة ، يحكمها ويتحكم بها " الأخ الكبير " [ بيك براذر ] !!السيد الرئيس قائد الضرورة التاريخية " والزمرة المحيطة به ، هذه التشكيلات الفاشية هي ألد أعداء الحرية إتخذت الحرية شعارا لها !

وبعد التغيير قفزت أحزاب الإسلام السياسي ويمكن أن نسميهم أحزاب الإسلام الإنتهازي وكما قال د. رشيد الخيون : " عندما يخرج الدين الى الشارع ينتهي الدين وتبدأ السياسة ، لأن الصلاة في ساحات التغيير والتحرير ليست إلا سياسة في الوقت الذي هناك معابد مخصصة للصلاة والتعبد لا الطرق والساحات"

أكثر من كان ضحية أحزاب الإسلام السياسي الإنتهازي هم المسلمون أنفسهم ، ورايناهم يرفعون شعار الندم عندما لا يفيد الندم ، ففي الإنتخابات الأولى إنخدعوا بالرموز الدينية وخاصة الجماهير الشيعية ، علما بأن هؤلاء لم يتعلموا من الدرس القاسي في إنتفاضتهم الشعبانية التي كلفتهم عشرات الآلآف من الضحايا ليس بسبب معارضتهم لصدام التي كادت تقضي عليه لولا رفعهم صور الخميني وشعارات دينية إعتبرتها أمريكا شعارات استفزازية إضافة الى ذلك التدخل الفض من إيران الإسلامية من خلال حرسها الثوري ، ، ثم إتهموا جورج بوش الأب بأنه خانهم لعدم دعم إنتفاضتهم الإسلامية الخمينية المتطرفة !!

وفي انتخابات 2005 كرروا المشهد ورفعت هذه الأحزاب الإسلامية صور الرموز الدينية بعد أن تأكدوا من سقوط صدام وإنتهاء حكم البعث نهائيا وعدم تكرار ما حدث لهم في الإنتفاضة الشعبانية ولأن إيران 2005 غير إيران 1991! وأسست هذه الأحزاب حكما بعثيا دينيا ، اي نقلوا العراق من البعث القومي الى البعث الديني ولكن هذه المرة بإسم الديمقراطية !! وكأن الديمقراطية ليست إلا إنتخابات و تشكيل حكومة وكفى!كما يقول المثل " طبّق قاف على قاف ، تكلم ولا تخاف "!!!

الديمقراطية : آليات و سلوك وممار.سات
يقول البعض إن الحكومة الحالية جاءت عن طريق الإنتخابات حيث بلغت النسبة 60 / 70 % ، ولم تأت عن طريق العنف أو الإستيلاء على السلطة ، إذا هي حكومة ديمقراطية !! فهنيأ للشعب العراقي بحكومته الديمقراطية ! وكأول حكومة د يمقراطية في المنطقة ، في هذا المنطق الديماغوغي والمغالطات ينافق البعض ويروج لحكومة مالكي والحكومات الفاسدة حتى النخاع والتي تشكلت بعد التغيير بأنها ديمقراطية لمجرد جاءت بعد الإنتخابات ..
للديمقراطية ركنين أساسييان: الآليات ، أي الوصول الى السلطة أولا والممارسات والسلوك ثانيا ،والأخيرة هي أهم من الأولى ، أما إ.ذا إعتبرنا كل سلطة وصلت الى الحكم عن طريق الإنتخابات حكومة ديمقراطية ! لكانت سلطة غزة ديمقراطية أكثر من ديمقراطية السويد وبريطانيا !!وهكذا حكومة المالكي والحكومات التي سبقتها بعد التغيير .
وفازت جماعة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر بالأكثرية ولو يسّر لها تشكيل حكومة لكانت أكثر من ديمقراطية سويسرا !!وهتلر أيضا وصل الى السلطة عن طريق الإنتخابات الحرة الديمقراطية فهل كانت ممارساته و سلوكه ديمقراطية !! فهناك من يفوزون بإنتخابات حرة ولكن يخونون الأمانة وينقلبون كما رأينا في الأحزاب العراقية بعد التغيير !!
. عندما يشترك الإخوان المسلمون والسلفيون في الإنتخابات هل يؤمنون أو يسعون الى الديمقراطية ؟؟ أم يسعون للوصول الى الحكم عن طريق الديمقراطية لإلغائها لا لتطبيقها ! إن آلية الوصول الى السلطة هي كبناء بنايات للمدارس والمستشفيات دون تجهيزها بكل ما يستلزمها من الأساتذة والمناهج بالنسبة للمدارس أو الأجهزة والأطباء بالنسبة للمستشفيات ؟ هذا ينطبق على الإنتخابات ، فما قيمة الإنتخابات إذا لم تحكم السلطة الفائزة بالعدل والمساواة والحرية ، وإذا لم تؤمن بمبدا المواطنة وبحقوق الإنسان ، وإذا لم تتصف بالنزاهة وتتجنب الفساد حتى إذا كان في حدود المعقول والمقبول !!علما بأن كل الفساد مرفوض إذا كان مهولا به أو في حدود المقبول والمعقول !فربما رشوة حارس بمائة دولار يسمح بمرور شاحنة مليئة بالمتفجرات الى سوق مزدحمة تسبب بقتل العشرات وجرح المئات .

وبلغت إنتهازية أحزاب الإسلام الشيعي الى درجة لم يعد يلتفتوا الى نصائح وتحذيرات مراجعهم الدينية ، بعد أن إستنفذوا غايتهم منهم وهو الفوز بالإنتخابات والوصول الى السلطة ! فمنذ سنوات نسمع إحتجاج المرجعيات على الفساد ومحاسبة الفاسدين والمزورين دون أن ي تتخذ حكومتنا " الديمقراطية " اي إجراء بل زادوا في فسادهم لأنهم منتخبون ديمقراطيا !

لا يمكن أن نعتبر حكومة المالكي والحكومات التي سبقتها بعد التغيير حكومات ديمقراطية أو حتى وطنية ، لأن سلوكها المشين بمعاداة الشعب وخيانة الأمانة التي إئتمنهم الشعب على أمواله و مصالحه وحقوقه ، وقد نقضت القَسَم الذي اقسمت عليه أمام الملايين بعد تكليفها بالمهمة ، أكاد أجزم أنه لم تبلغ أية حكومة هذه الدرجة من الصلافة والإستخفاف والإستهانة بحقوق الشعب وهذا الإنحطاط في الأخلاق بحيث تتجرأ حماية الفاسدين والمفسدين ماليا وإداريا وأخلاقيا علنا وعلى رؤوس الأشهاد وتحديا لشعور الشعب ، وتصدر قوانين بحماية المزورين والغشاشين ولم يبق إلا أن تصدر علنا قانونا بحرية قتل " المشاغبين " بشرط أن يتم بالكواتم أو اللاصقات وبإسم المجهولين وتحت إشرافهم ولا يستبعد بأنها صدرت توجيهات بهذ الخصوص بدليل سكوتها وصمتها تجاه هذه الجرائم البشعة ! وإذا ما حوكم المتهمون وسجنوا يطلق سراحهم بحجة الهروب !!

في السويد في الوزارة الأخيرة كُلفت إحدى السيدات بتولي منصب وزاري وقبل موافقتها تذكرت أنها متخلفة عن تسديد رسوم التلفزيون ( الكيبل ) سددها زوجها حالا ومع هذا إمتنعت عن قبول المنصب الوزاري لأنها لا تليق بالمنصب لكونها إرتكبت مخالفة علما بأن تلك المخالفة لا تعتبر جريمة أو ذنبا يحاسب عليها القانون وأعتبرتها مسا بسلوكها الديمقراطي الشفاف .!
الديمقراطية هي سلوك وأخلاق و ان يحاسب المسؤول نفسه قبل أن يحاسبه الناس أوالقانون .
ويقول د. على الوردي إن الإنسان هو الحيوان الجشع ، اي يمتاز الحيوان على الإنسان بأنه قنوع لا يحتكر الغذاء أكثر من حاجته !!!.والفساد هو فقدان الأخلاق وإذا فقد الحكام والمسؤولون الأخلاق لم يفد إدعاؤهم بأنهم جاءوا عن طريق الإنتخابات الحرة أو المرّة وكأنهم يقولون
: إنجح بالإستفتاء وإعمل ما تشاء !!!

إن الحكومات الديمقراطية، الحقة ، أحيانا لا تنتظر أن يطالب الشعب بالإنجازات والإصلاحات بل تدرك أن تلك الإصلاحات والخدمات هو سبب وجودها في السلطة ، كما أنها لا تنتظر مطالبة الشعب بإسقاطها إذا فشلت في مهمتها بل هي تسبق الشعب فتقدم إستقالتها بسبب فشلها لأي سبب حتى إذا كان سبب فشلها خارج إرادتها وإمكانياتها ،راينا في العهد الملكي رؤساء وزراء يقدمون إستقالتهم لفشلهم لتنفيذ ما طلب منهم وكثيرا ما كان الساسة المكلفون بتشكيل الوزارة يعتذرون عندما يفشلون في تشكيلها سواء كانت أسباب شخصية أو خارجة عن إرادتهم .ولا زال تمثال رئيس الوزراء الأسبق عبد المحسن السعدون قائما في شارع السعدون المسمى بإسمه لفشله بين التوفيق بين مطاليب الشعب وطلبات الإنكليز.

.كان نوري السعيد وسعيد قزاز أشد أعداء الديمقراطية إتهما بقتل المتظاهرين وتعذيب السجناء ولكنهما كانا نزيهين حتى النخاع و لم يجرا كائن من كان أن يتهما بسرقة أي فلس من الدولة لا صحف الثورة ولا محكمتها
.إن النزاهة لا تتعلق بالديمقراطية بقدر تعلقها بالأخلاق .كما لا يمكن الجمع بين الديمقراطية والفساد .

كثيرا ما نسمع من بعض الكتاب ومنهم مناصرون لهذه الحكومة ولم يبق إلا أن يقولوا : حفضها الله ورعاها !!! يقولون ويكررون أن الديمقراطية لا تبنى بليلة وضحاها ، نعم هذا صحيح ولكنها تبدا في لحظة قيامها ، في الولايات المتحدة الأمريكية بعد نجاح ثورة التحرير كُلف أو إنتخب قائد الثورة جورج واشنطن برئاسة الجمهورية وبعد إنتهاء مدة اربعة سنوات إنسحب الى مزرعته ولكنه عاد بناء على إلحاح الناخبين وبعد أن أكمل المدة الثانية ، لم تفد معه كل الضغوط للإستمرار في الرئاسة (راجع دستور الولايات المتحدة الأمريكية ) ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم لم يجرؤ أي رئيس للولايات المتحدة أن يتمسك بالسلطة سواء بحجة الظروف الطارئة أو الإستثنائية كما نسمعه من الحكومات العربية والإسلامية منذ تاسيسها حتى اليوم !!!.ووجدنا أن دستور الولايات المتحدة إسس على مبدا المواطنة وخدمة الأجيال القادمة و بعيدا عن التداخل بين الدين والسياسة علما بان الشعب الأمريكي لا زال أكثر تدينا من الشعوب الأوروبية .( المصدر نفسه )

في ثورة 14/ تموز كانت أهدافها قبل إنفجارها ثورية وأهمها قاطبة ضرب الإقطاع القاعدة الأساسية للرجعية وتوزيع الأراض على الفلاحين ومساندة نقابات العمال وتحسين حالة الفقراء وإنتزاع 99 % من اراضي العراق من قبضة الشركات الأجنبية وتأسيس شركة النفط الوطنية .والخروج من القاعدة الإسترلينية ، والبدء بتصنيع العراق بجلب 28 معملا من الإتحاد السوفيتي وتوزيعها على المحافظات تطبيقا للإقتصاد المخطط ....ألخ
واذكر في اليوم الأول أعلن منع التجول منذ الساعة الثالثة بعد الظهر وهرعنا الى الراديو لنسمع بيان تلو الأخر للقرارت الثورية بعد كل ساعة وأحيانا كل ربع ساعة ونفذت ما وعدت به خلال أربعة سنوات بل بعضها منذ الأشهر الأولى لقيامها قبل مطالبة الشعب بل كانت تفاجئ الشعب بقرارات ثورية غير متوقعة !!

وتحضرني نكتة في أول يوم داومنا في الدائرة بعد الثورة وعلى ما أذكر كان يوم السبت ، جاءنا مستخم من الجنوب يرتدي ملابس رثّة ووقف بباب الغرفة يهتف بحياة الزعيم وتقدم الى منضدتي بإعتباري كنت مسؤول شعبة التدقيق ومد يده بكل فخر كأنه قائد ميدان وبطريقة تشبه أمر قال : استاذ معالتي عدكم ، سالت عن اسمه فأجابني ثم سألت عن رقم وتاريخ المعاملة وقبل أن أكمل الجملة إنفجر بوجهي وبدأ يهز يده ويقول : " هاي ..هاي بدأنا بسوالف نوري السعيد مشعول الصفحة ... راح ذاك الزمان اللي كنتم تقشمرونا به بالرقم والتاريخ ..!!. أنتم كلكم عملاء نوري السعيد ..أنا ما أعرف كللولي روح البغداد معاملتك تلكاها هناك !!! ...." بدأنا نضحك أنا وبقية الموظفين وبصعوبة أقنعناه بضرورة الرقم والتاريخ للتأكد بأن معاملته لم ترسل أو لا زالت في الطريق !
.نعم مثل هذه العناصر الطيبة الساذجة تحتاج الى مدة لتثقيفها لا رؤساء الأحزاب أو الوزراء !!
ولكن هل يحتاج الحكام والمسؤولون أو أي إنسان آخر الى سنوات ليعرفوا أن نهب وسلب وإغتصاب أموال وأرواح الناس هي جرائم لا تغتفر ؟؟ إن هذه الجرائم والمخالفات لا تحتاج الى القوانين وتعليمات بل الى الأخلاق !، إن النزاهة والأمانة لا تتعلق بالديمقراطية والقوانين بقدر تعلقها بالأخلاق والسلوك كما ذكرنا أعلاه . إن تهمة " الحرامية " التي يطلقها الشعب العراقي على مسؤولي الدولة لم تأت إعتباطا بل الواقع المزري الذي يعيشه الشعب العراقي وهو ما يؤكد ذلك، و هي اسوأ من اية تهمة أخرى لأنها تشير الى السقوط والإنحطاط في أخلاقية وسلوك ذلك المسؤول مباشر ة وهي الصفة التي يتميز بها مسؤولي السلطات العراقية ومرتزقوها .

، وقد يبرر بعض الحكام القتل إما لحماية الدولة أوالنظام ولكن ليس هناك اي سبب أو حجة يدافع بها المسؤول عن تهمة خيانة الأمانة ونهب وسلب أموال الشعب وقتل البطيئ لألاف الفقراء واليتامى و حرمانهم من الغذاء والدواء والكهرباء وبقية الخدمات .
الخلاصة :
إن الإنتخابات الحرة النزيهة ليس بالضرورة أن تفرز سلطات ديمقراطية ، كما أشرنا أليها أعلاه ،إلا إذا كان الناخبون يمتلكون وعيا سياسية وطنيا .
وأقصد بالوعي السياسي هنا أن يعي الناخب حقوقه السياسية والإقتصادية والإجتماعية والطبقية ، وبإختصار أن يعي ويؤمن بحقوق الإنسان كفرد وليس ضمن مجموعات أومكونات أوطوائف ، بل حقوقه كمواطن له حقوق وعليه واجبات

وقبل ما يزيد على ألفين سنة عبّر المسيح عن الديمقراطية خير تعبير عندما
قال :
" المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة "
اي الدين لله ، والسلام والرفاهية والمحبة بين الناس ، وهذا هو روح الديمقراطية الحقة .

هـــرمــز كـــوهـــاري
================================================================
للكاتب مقالات ذات صلة في مواقع : الناس والحوار المتمدن و مواقع أخرى :
" الديمقراطية بطون وأفواه " 18/ 5 /2008
" السباق في النفاق " 22/ 6 /2006
" الطائفيون يغيرون ثوبهم ..المالكي نموذجا " 28 /2/2009
" إحذرو التقليد ...الحكيم والديكقراطية " في28/2/2007
" يرفضون الديمقراطية .. حماية لأخلاق المسلمين "! 28/2/2007
ومقالات أخرى غيرها



#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متظاهرون حضاريون ..وسلطات فاشية فاسدة
- ندعو الى تأسيس : المجلس الدائم للرقابة الشعبية
- الإنتفاضة العراقية المنتظرة ، الأهداف والرهانات !!
- ثورة أم إنتفاضة ؟؟
- السلطات العراقية هي المدانة بقتل وإضطهاد المسيحيين
- المحاصصة الحزبية ..بعد المحاصصة الطائفية !!
- مشكلة تشكيل الحكومة : نتيجة الخلل في النظام السياسي
- حكومة مشاركة ..أم حكومة مساومة ضد الشعب
- تأكدوا من سلوكهم....لا من برامجهم الإنتخابية
- البعث والبعثون ....وأمريكا
- مطلوب حدوث معجزات في الإنتخابات وما بعدها !
- العراق .. ضحية الفوضى في حضيرة العروبة والإسلام
- العلمانية ليست بالضرورة حلا ، الديمقراطية هي الحل
- الحوار المتمدن ...مدرسة تعلمت منها الكثير !
- الديمراطية العراقية .... في الميزان
- حول حقوق الأقليات في - الديمقراطية - العراقية
- تجاوزوا البرلمان ..وقااطعوا القوائم المغلقة ..!
- كفاكم اللف والدوران حول المسألة !
- هل في العراق دولة بالمفهوم العصري الحديث للدولة ؟؟
- عندما يدّعي الإسلاميون الطائفيون ، الوطنية


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هرمز كوهاري - في العراق ..الديمقراطية في خدمة أعدائها !