أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد احمد صالح - الحياة الفنية في القدس-1-















المزيد.....

الحياة الفنية في القدس-1-


جهاد احمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 15:31
المحور: الادب والفن
    


الحياة الفنية في القدس
(الغناء، الموسيقى، التمثيل)
الحلقة الاولى

جهاد احمد صالح
في موضوع "الحياة الفنية في مدينة القدس" تضطرنا الوقائع إلى إعادة النظر في صورة القدس في بداية القرن العشرين، لنطلّ على جانب آخر من حياة المدينة "التي غالباً ما توسم ـ زيفاً ـ بأنها مدينة متجهمة ومحافظة وكئيبة من قبل الزوّار والمحليين على حد سواء (108)، ومثال ذلك ما كتبه الصحفي المصري محمد التابعي عندما زار القدس مرافقاً للمطربة أسمهان، إذ يقول:"مدينة القدس كئيبة لأنها مقدّسة، ولأنها مقدّسة حرّمت عليها المسارح والملاهي، والغريب فيها لا يدري كيف يمضي سهرته".(109) أما إدوارد سعيد فيقتطف عن أبيه، مستذكراً حياته المبكرة في المدينة قوله: إن الشيء الوحيد الذي قاله عنها إنها ذكرته بالموت". (110).
هذه الصورة النمطية (العلنية) للحياة الاجتماعية للقدس في بداية القرن العشرين تتناقض مع الصورة التي تنقلها مذكرات ويوميات الكثيرين ممن لعبوا أدواراً مختلفة ومتعددة في مجتمع القدس، مثل خليل السكاكيني، وواصف جوهرية، ونجاتي صدقي.... وغيرهم.
وباعتقادي، أن القدس مثلها مثل المدن الكبرى التي شهدت حياتها الاجتماعيةً تطوراً كبيراً في نهاية الحكم العثماني (النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين) مع ظهور الحداثة التي اخترقت كل مناحي الحياة الاجتماعية في المدن العثمانية الكبرى، والقدس من بينها؛ أما الإصرار على رسم صورة القدس بنمطية دينية مقدّسة، لا تسمح قدسيتها المساس بهذه الصورة، فهذا يتناقض مع الصورة الحقيقية لمجتمع القدس الذي راح يسير باندفاع كبير مع الحداثة في مختلف مناحيها؛ مما كان له تأثيره في تطور الحياة الفنية على الحياة المقدسية، ومن هذه الوقائع:
1. على الرغم من أن القدس مدينة دينية (بمنظور الطوائف الدينية التوحيدية) إلاّ أنها لم تكن مغالية في تديّنها خلال الحقبة العثمانية، والتقسيمات الطائفية جاءت نتيجة سياسة الانتداب البريطاني فيما بعد. إلى ذلك يشير الباحث سليم تماري، فيقول:
"ومع أن المجتمع المقدسي كان يتسم بهوية دينية قوية الملامح إلا أن حدود التجمعات السكانية لم تأخذ شكلاً طائفياً بالدرجة الأولى، ولا طابعاً إثنياً (ربما باستثناء التجمع الأرمني في منطقة البطركية الأرمنية) بل أخذت طابع "المحلّة" كما كان تعرف الأحياء الأهلية في الفترة العثمانية. وتمّت إعادة صياغة وحدة المحلّة في فترة الانتداب لصالح نظام الحارات الرباعي ـ الذي ارتكز الآن على قاعدة دينية طائفية وتفرعاتها المذهبية الأصغر.
فحارة النصارى أصبحت مكوّنة من دير الروم وتوابعه، ومن تجمعات السريان والأقباط واللاتين، إلخ... وفي الشمال الشرقي للمدينة داخل السور تم إطلاق اسم حارة المسلمين على المحلات (جمع محلّة) التي سادت فيها أغلبية إسلامية، وهو مفهوم انتدابي مستحدث بدأ بتكريس التقسيمات الطائفية في مواجهة تبلور الوجدان القومي فوق ـ الديني". (111)
وتبين المذكرات والسير تعدد العلاقات التي كانت قائمة في جوانب الحياة اليومية بين الجماعات الدينية والطائفية المختلفة في المدينة، حيث كان اليهود والمسلمون والنصارى يعيشون في وئام في أحياء البلدة القديمة، كأنهم جماعة واحدة. وكانوا يشاركون في المناسبات الدينية بعضهم لبعض، وفقاً لوصف واصف جوهرية. وبالطبع فإن هذا الشعور بأن الملل الدينية تتعامل على أنها تشكل مجتمعاً واحداً، وليس عدة مجتمعات منفصلة ومتناحرة، يظهر المدينة كفضاء هجيني واحد ولكنه متعدد الأطياف.
وفي وصفه لاحتفالات ليالي رمضان في القدس في طفولته في مطلع القرن العشرين، يكتب واصف جوهرية في مذكراته:
"تكون ليالي رمضان بالقدس ليالي سمر وأنس... وكنت وإخواني من سكان محلّة السعدية وباب العمود... نشاهد حفلات ونحضر اجتماعات ونطلع على عوايد (عادات) المسلمين ... وكثيراً ما كنا نشارك بحفلة الذكر في مقام الشيخ ريحان المجاور لدار الجوهرية وننشد معهم الأناشيد الدينية". (112)
2. ظاهرة انتشار المقاهي في القدس، كمجتمع طرب ومتعة في بداية العشرينيات من القرن الماضي، خاصة بعد انتشار آلات التسجيل والاسطوانات.
وفكرة أن المقهى يشكل فضاء اجتماعياً عاماً، يقول الباحث عصام نصار: "مسالة وثيقة الارتباط بتاريخ ظهور المقاهي كأمكنة عامة. فكما تشير "سلما أو شكوجاك" في دراسة لها حول الفضاء العام والخاص ومقاهي اسطنبول، كان المقهى منذ البداية ـ القرن السادس عشر ـ محط شبهات من قبل السلطات العثمانية والتي وصل بها الأمر لتحريم القهوة حتى تردع الرجال عن الاختلاط في المقاهي لمناقشة السياسة والتآمر على الدولة. وتشير إلى أن المقاهي كانت دوماً ترى من قبل السلطات بأنها أماكن للنميمة وتبادل الفضائح والكلام الفارغ. وبهذا الإطار نجد أن وصف نجاتي صدقي المقهى كمركز للنقاش السياسي يدعم وجهة النظر هذه؛ فهو يشير إلى أن مقهى خلف البريد الذي كان يرتاده، كان يشهد "مناقشات في مواضيع شتى تتعلق بالهجرة اليهودية، وبنضال العرب، وعصيان جابوتنسكي، الصهيوني الروسي المتطرف".
والمقهى بصفته مكاناً للنشاط الأدبي والسياسي والفني موضوع متكرر في عدد من المذكرات؛ نجد شذرات حوله في كتابات خليل السكاكيني وواصف جوهرية أيضاً. وقد تناوله سليم تماري في دراسة له حول ظهور المقاهي الأدبية في القدس، حيث يقول: إن المقاهي كانت أماكن للتفاعل الاجتماعي واللهو، فكان الرجال من خلفيّات اجتماعية متباينة يلتقون في المقاهي ويتفاعلون ويلعبون الورق ويدخنون النرجيلة ويستمعون لرواة يقصّون قصصاً من التراث العربي. وكان مقهى المختار عيسى الطبة الواقع داخل البلدة القديمة بمحاذاة باب الخليل مباشرة أحد تلك المقاهي. وكان خليل السكاكيني أحد روّاده ومنه أطلق مع غيره من الروّاد حركة عدميّة أطلقوا عليها اسم حزب الصعاليك. وأصبح المقهى بالتالي معروفاً في المدينة باسم مقهى الصعاليك. وخلال الحرب العالمية الأولى أصبحت قراءة الصحف بصوت مرتفع عادة شائعة في المقاهي". (113)
ويضيف نصار:
"وكان للمقهى تأثيره على المشهد الثقافي والفني في المدينة. فمقهى الجوهرية الذي كان يمتلكه خليل، شقيق واصف جوهرية، الواقع في الجزء الجديد من المدينة بالقرب من المجمّع الروسي المعروف بالمسكوبية كان يقدّم المازة على الطريقة اللبنانية، كما نعلم أنه كان أول مقهى يقدّم العرق التقليدي مع الثلج ـ المكسّر من الألواح والذي وصل حديثاً بعد دخول الكهرباء. فحسب ما يخبرنا جوهرية "كنت ترى كأس العرق ومن حوله صينية خاصة مجموعة من مختلف الصحون الصغيرة المتناسبة وفيها ألوان المازّة الشهيّة." وكان المقهى يستضيف فنانين للغناء والعزف ليس فقط من فلسطين بل من لبنان ومصر. وممن زار المقهى كانت الفنانة الشامية ـ اللبنانية بديعة مصابني." (114)
ويعدد واصف جوهرية، في مذكراته قائمة أسماء المقاهي التي تلت إعادة صياغة الدستور العثماني عام 1908، والتي كان لبعضها أثر في نشر الذائقة الفنية، فبعضها، كما مقهى الجوهرية ـ كان يستضيف المطربين والمطربات والراقصات، وأقلّها كان ينشر الموسيقى والأغاني عبر الاسطوانات في المقهى والأجواء المجاورة، ويذكر جوهرية في مذكراته أسماء عدد من هذه المقاهي وعناوينها، التي كانت تقدّم عروضاً فنية من الغناء والموسيقى في الحقبتين العثمانية والانتدابية". (115)
3. ظهور الفوارق الطبقية والامتيازات الإقطاعية في القدس خلال الحقبة العثمانية، ومن ثمّ فئة الأفندية والباشوات ورجال الحكومة في العهد الانتدابي، "ومن الطبيعي أن يخلّف هذا الأمر مناخاً معيناً، تشعر الطبقة العليا فيه بأنها معصومة في أنماط سلوكها عن الضوابط الاجتماعية لجمهور العامة. وفي كثير من الأحيان، كان أبناء هذه النخبة يتباهون بهذا السلوك مثلما كان الحال مع الشراب في العلن، والعلاقات بين الجنسين من دون خوف من عقاب. ومصدر آخر من الحماية لمجالات الحرية الاجتماعية هذه هو أن القدس كانت لا تزال مدينة مغلقة إلى حد ما، ويظهر فيها تدفق محدود من القرى المحيطة، أو من جبل الخليل، من الفلاحين المهاجرين الذين خلقوا لاحقاً أجواء محافظة أصبحت المدينة معروفة من خلالها". (116)
[email protected]



#جهاد_احمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المصور الأميركي روجر بالين: النوع البشري مُدمَّر!
- شعبية كبيرة لعرض -كسارة البندق- في دور السينما الروسية
- عالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس: حتشبسوت كانت ملكة بدينة ...
- مسقط.. فيلم الخنجر يُعرض للجالية الروسية
- -مَلِكي-.. منى زكي تشكر حلمي في تكريمها بمهرجان البحر الأحمر ...
- المغرب: الممثل الأمريكي شون بن يثني على مهرجان مراكش السينما ...
- عروض عالمية وقصص إنسانية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
- هجرات وأوقاف ونضال مشترك.. تاريخ الجزائريين في بيت المقدس وف ...
- جينيفر لوبيز تحدثت عن زياتها للسعودية وكواليس دورها بفيلم Un ...
- من منبر مهرجان مراكش.. الممثل الأميركي شون بن يفتح النار على ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد احمد صالح - الحياة الفنية في القدس-1-