أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان33















المزيد.....

منفيون من جنة الشيطان33


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 15:43
المحور: الادب والفن
    


منفيون من جنة الشيطان33


قبْلُ..
نَظَرْتُ في عُيونِ النّاسِ
فَبَكيتُ..
وَبَدَلاً
من أنْ تَسيلَ الدّمُوعُ عَلى خدّي
انْزَلَقَتْ في صَدْري..
وَاسْتَنْقَعَتْ في القلْبِ،
مَانِحَةً كَلِمَاتي الحُزْنَ
الّذي يُقرّبُهَا من النّاسِ..
رَاسِمَةً مَلامِحَ وَجْهي
الّذي خِفْتُ مُطالَعَتَهُ
في المِرْآةِ..
أمّا اليَومَ..
وَبَعْدَ عِشرينَ عَاماً..
وَقدْ وَضَعْتني في غابَةٍ..
فَقَدْ نَظَرْتُ في عُيونِ الحَيَوانَاتِ
حَدّقتُ في عُيونِ الكلْبِ
أسْألُهُ الأخوّةَ
حَدّقتُ في عُيونِ البَقرَةِ
أسْألُهَا الحُنوَ..
حَدّقْتُ في عُيونِ الفَرَسِ
أسْألُهَا الرّفقَةَ..
فاسْتَفزّني الحُزنُ الناطِقُ
فيها..
أنظُرُ إلَى المُومِسِ.
أسألُها فتُجيبُني..
تُخبرُني عن أثَرِ الجُرْحِ
في رُكْبتِهَا
وَالعَضّةِ عَلى صَدرِهَا..
وَكثرَةِ الدّخانِ..
عن عَائِلتِهَا وَزبائِنِها..
وَمُمَارَسَةِ العُهْرِ الشّريفِ..
وَلَكنْ كيفَ لي أنْ أسْألَ الكلْبَ
[يُؤكِّدُ العُلَمَاءُ أنَّ ثلاثةَ أرْبَاعِ الجيناتِ مُتَشابِهَةٌ بينَ الآنسَانِ وَالكَلْبِ]
عَن الحزنِ المسْتَترِ في عينيهِ..
تلكَ الصُّفرَةِ الفاقِعَةِ في
زاويتيهُما
آخذُهُ بَينَ ذراعيّ..
أمَسّدُ جَبْهَتَهُ.. رَقَبَتَهُ..
فَيَضَعُ رَأسَهُ مثلَ طفلٍ عَلى صَدري
يَنطَرِحُ عَلى جَنَبِهِ
لأمَسّدَ ظَهرَهُ وَبَطنَهُ.. كَذلِكَ..
لَكنَّهُ مَهْمَا تَحَدّثْتُ..
وَمَهْمَا تَقَرّبْتُ إلَيهِ
لا يَقولُ شَيئاً..
وَلا يَنطِقُ كلِمَةً..
Schweinen
kommen nicht zu Wort
Wir schon
يقولُ مُلْصَقُ لِلْخُضْرِ
يَترُكُني..
وَيذهَبُ إلى الجِهَةِ الأخْرَى
يَنطَرِحُ وَيَتأمّلُني من هُناكَ..
هَلْ هُوَ حَزينٌ من أجْلِي..
هَلْ هُوَ حَزينٌ لِحَالي..
هَلْ هُوَ حَزينٌ لأنّهُ كلْبٌ..
أمْ أنَّهُ.. مِثلَ عَاشِقٍ صَغيرٍ
يَبْحَثُ عن الكَلِمَةِ المُناسِبةِ..
فتَهْرُبُ مِنهُ..
كيفَ لي أنْ أمِدَّ خيْطاً
بَيْني وَبَيْنَ الكلْبِ..
بَيْني وَبَيْنَ البَقَرَةِ الّتي
تمْنَحُنَا الحَليبَ وَالغِذاءَ الطَيّبَ
بَيْني وَبَيْنَ الحِصَانِ
الّذي تَعْجَزُ ريشةُ الرّسّامِ
عَن تصويرِ رَشاقَةِ قَوَامِهِ..
أيَّةُ لُغَةٍ تلكَ
الّتي لا تَلْتئِمُ بَيْنَنا
أيَّةُ كَلِمَاتٍ تِلكَ
الّتي تَعْجزُ عن التّوصِيلِ..
أنْتَ رَأيتَ دُمُوعي..
يَومَذاكَ..
وَدُمُوعيَ اليَومَ..
وَخَرَائِطَ الحُزنِ عَلى وَجْهي..
وَلم تَقُلْ شَيْئاً..
فهَلْ عَجَزَتِ اللّغَةُ
أم اقفَرَتِ الكَلِمَاتُ
أنتَ أيْضاً..
أنتَ..
أيـ.....ضـ....ـاًًًًًًًًً ً ً ً
لمَاذا لا يَحِنّ الانسَانُ إلى الانسَانِ
القلْبُ إلَى القلْبِ
الرّوحُ إلى الرّوحِ
الضّحِيَّةُ إلى الضَحِيَّةِ
الحَاكِمُ لِلْمَحْكومِ
الجَّلادُ لِلْمَسْجونِ
وَكلُّ أولَئِكَ..
مُدَجّنُونَ في أبْراجٍ مُشَيّدَةٍ..
...........
نَحْنُ أصْبَحْنا في غَابَةٍ
نَحْنُ نَضيقُ بِالْغَابَةِ
وَالبُيوتُ تَضيقُ بِالْحَيَوانَاتِ
حَتّى لَو أقنَعْنا أنفُسَنا بِالْحُبِّ..
فَالْحُرّيَّةُ أغلَى مِن الأقفاصِ العَاجِيَّةِ
لَدى الحَيَوَانَاتِ {طَبْعاً}
مِن حُبِّ البَشَرِ المُغرِضِ
نَحْنُ الّذينَ فَقَدْنَا الْحُرِّيَّةَ
“Some people do not like to be free.”*
منذُ طفولَةٍ بَعيدَةٍ
لمْ نَعُدْ نَتَحَسّسُهَا..
أمّا أصْدِقاؤنا الْحَيَوَانَاتُ
فَلا تَنْسَى
انّهَا وُلِدَتْ لِتَبقى حُرّةً..
مُترَفِّعَةً عن العُبُودِيَّةِ لِلْبَشَرِ..
عُبُودِيّةِ التكنولوجيا
عُبُودِيّة رَأسِ المَالِ
عُبُودِيّةِ الخِرَقِ
أنَا.. أبْكي
قدّامَ النّاسِ جَميعَاً
مِنْ أجْلِ الكِلابِ وَالخُيولِ وَالأبْقارِ
وَكلِّ الْحَيَوَانَاتِ وَالأشْجَارِ
أبْكي..
شَقاوَةَ البَشَرِ وَشَقاءَهُمْ..
أبْكي.. منذُ أرْبَعينَ عَامَاً..
لأنّي قَرَأتُ الحُزْنَ في العُيونِ
وَأنتَ..
ألا تنظُرُ لي..
تنظُرُ في قلوبِنا..
مُغَطّاةً بِطَبَقةٍ سَميكَةٍ خَضْرَاءٍ
من عَطَِ الحُزنِ الآسِنِ..
وَلا تبْكي..
هَكَذا..
عُرَاةٌ نَحْنُ من غيرِكَ
فُقَرَاءُ نَحْنُ من غَيرِكَ
وَنَعْرِفُ يَقيناً..
انَّ المَالَ وَالسُّلْطَةَ وَالجنسَ
خُدْعَةٌ
وَوَسيلَةٌ ذَاتُ حّيْنٍ
لا بُدّ تَنقَلِبُ عَلى صَاحِبِها
أشْيَاءٌ اخْترَعْتُمُوها أنتمْ بِأنْفسِكُمْ
لِتُذِلّوا بِها بَعْضُكُمْ بَعْضَاً
وَتُذِلُّوا أنفُسَكُمْ
....
أنتَ أرْسَلْتَنا إلَى البَرِيّةِ
فَامْتَلآتِ البَرِيّةُ بِالشّرِّ
مُدُنٌ وَمَمَالِكٌ وَحَضَارَاتٌ
ثمَّ اسْتَحَالَتِ المُدُنُ إلَى صَحَارَى
وَالحَضَارَةُ إلى غابَةٍ..
وَالدّوَلُ إلَى وُحُوشٍ لا تَشبَعُ من دَمٍ
لَكِنْ.. لَيسَ هُناكَ
مَا يَدلّ عَلى اقتِرابِ نِهَايَةٍ..
انَّها حَلَقةٌ تَدورُ
وَلُعْبَةٌ تتكَرَّرُ
نَموتُ وَيَأتي مِنْ بَعدِنا
مَنْ يُجَرّبُ العَذابَ نَفسَهُ..
وَالْحِرْمَانَ نفسَهُ.. وَالحُزنَ
قبْلَ عِشرينَ عَامَاً..
نَظَرْتُ في عُيونِ النّاسِ..
وَمِنْ يَومِها..
قرّرْتُ أنْ لا أنظرَ..
مَا الّذي جَعَلَني اليَومَ
بَعْدَ العِشْرينَ..
أو الأربَعينَ..
وَأنا أتقلّبُ على المَرْأةِ
أنْ أنظُرَ في عَينَيهَا..
لِأكتَشِفَ الجّمَالَ كُلّهُ..
وَأضيعَ في خَرائِطِ حُزنِهَا..
وَحُزْني..
عِندَهَا اكْتَشَفتُ..
وَأنا فوقَ الأربَعينَ
لِمَاذا تُغْمِضُ الانثى عَينَيهَا
في تلكَ اللَّحْظَةِ
لماذا يُطفَأُ الضّوءُ لأجْلِ الحبِّ
وغرفُ النَّومِ خافتةُ الضوءِ-
تَصيحُ القِطَطُ
وَتُعْوِلُ الكِلابُ
وَهِيَ تُسْدِلُ أجْفانَها
أنَا ..
الْعَبْدُ الْمَغرُورُ
أعْطي لِنَفْسِي صُورَةَ العَاشِقِ
وَالْفَنّانِ الْمُولَعِ بِالّجَمَالِ
وَالانسَانِ الرَّفيقِ بِالْحَيَوَانَاتِ
مُجيلاً بِعَينيْ المُتَوَحِّشَةِ
عَلى صَفحَةِ جَمَالِ الوُجُودِ
مُتَحَسّساً الدِّفْءَ وَالْحُبّ وَالْغُرُورَ
طَابِعاً قُبْلَةً خَجُولَةً
كَمَا لو كانتْ
اعْتِذاراً عَنْ جُرْمٍ
غَيرِ مَقصُودٍ
أعْرِفُ أنَّكَ
تَرَى كلَّ شيءٍ
وَتُدْرِكُ
وَأنّكَ لا تنسَى وَتُهْمِلُ
وَلَكِنّني أنتظِرُ عَطْفَكَ
الأبَوِيَّ
وَرَحْمَتَكَ العَادِلّةَ
نَحْنُ أبْناءُ صُدْفَتِكَ
وَلَمْسَةَ يَدِكَ الْحَانِيَةَ.

الأثنين 20/8/02
• Barac Obama, 2011, May 25



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفيون من جنة الشيطان32
- منفيون من جنة الشيطان31
- منفيون من جنة الشيطان30
- منفيون من جنة الشيطان29
- منفيون من جنة الشيطان28
- منفيون من جنة الشيطان27
- القبطيّات.. صرخة ضمير حيّ!.
- منفيون من جنة الشيطان26
- منفيون من جنة الشيطان25
- منفيون من جنة الشيطان24
- منفيون من جنة الشيطان23
- منفيون من جنة الشيطان22
- منفيون من جنة الشيطان 21
- منفيون من جنة الشيطان 20
- منفيون من جنة الشيطان 19
- منفيون من جنة الشيطان 18
- منفيون من جنة الشيطان 17
- منفيون من جنة الشيطان15
- منفيون من جنة الشيطان 16
- منفيون من جنة الشيطان 14


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - منفيون من جنة الشيطان33