أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - سياسيون راقصون














المزيد.....

سياسيون راقصون


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 14:22
المحور: كتابات ساخرة
    


هل السياسةُ علمٌ مُقنَّن له قواعده ونظرياته، وله أساتذة معلمون وأكاديميون وسدنةٌ ومشرفون؟
أم أن السياسةَ لعبةٌ من الألعاب، يكون الانتصارُ فيها للخطط والبرامج والتدريبات والمدربين وكفاءة اللاعبين في مضمار السباق؟
أم أن السياسيين، هم ممثلون ومخرجون ومصورون ومنتجون، أي أنهم يتقمصون أدوار غيرهم، ويلبسون ثياب الآخرين؟
ثم لماذا ينجح الفنانون، أكثر من نجاح السياسيين والمفكرين؟
سأبدأ بلقطتين من أخبار العالم، في محاولة لتقريب الإجابات على الأسئلة السابقة، لكي نُقارِب بين صورة السياسة في الماضي وصورتها في الحاضر.
الصورة الأولى:
اختارتْ رئيسةُ دولة البرازيل (ديلما روسيف) آنَّا دوهولاند، البالغة من العمر أربعة وستين عاما، وهي مطربة ومُغنيَّة مشهورة، لتشغل منصبَ وزير الثقافة في دولة البرازيل، ويقال في كثير من المواقع الإخبارية إن رئيسة البرازيل نجحت في ذلك، وأحسنت الاختيار، إذ أن الوزيرة دو هولاند حولت- بفن - الثقافة من معانٍ جامدة خاصة بالصفوة، ومن مصطلحٍ فلسفي عقيم، إلى طبقٍ شعبي واسع الانتشار.
أما الصورة الثانية ، فهي نجاح المغني والراقص ميشال مارتيني في الحصول على منصب رئيس دولة هايتي التي نُكبتْ بالزلزال المدمر في يناير 2010 ، وتمكن هذا المغني الراقص من حشد أكثر الأصوات في انتخابات الرئاسة، مستخدما رقصة (الكومبا) الشهيرة في كسب الأصوات، ولم يستخدم الوعود والخطابات السياسية المُغرِّره والمشحونة بالرفاهية الاقتصادية والانتعاش الثقافي والفكري ، وكل أنواع الحريات ما ظهر منها ، وما بطن!! .
لا شكَّ أن إعلام الألفية الثالثة، وهو المُسيِّرُ الفعلي لعالم اليوم، قد أخذ على عاتقه مهمة تغيير مفهوم الزعماء السياسيين التقليديين، إلى فنانين وراقصين ومطربين غيَّر أدوارَ الزعماء من لابسي عباءات القداسة، والملوك الملهمون من مدَّعي الألوهية، وأصحاب النسب والشرف الرفيع، إلى معلمي رقص وأغانٍ وفنانين ومطربين ولاعبي سيرك، يُعجبون الجماهير ويُدهشونهم، ولكنهم لا يعالجونهم ، يعززون عادة الإدمان عند جماهيرهم، ويمنحون العقولَ إجازاتٍ طويلةَ المدى، ويحقنون العواطف بهرمونات النمو السريع، لتتمكن بضاعة العولمة الثقافية الرئيسة أن تسود وتسيطر، وهي الغناء السياسي، والرقص الثقافي.
ومن المعروف أن الغناء والرقص، أدواتٌ ثقافية فائقة التأثير، وقد أشار إلى ذلك فلاسفة ما قبل التاريخ، كسقراط وأرسطو وأفلاطون، فقد جعل أفلاطون في مدينته تعليم الموسيقى واجبا على الشباب، لتخيف نزعات العنف المتولدة عن الرياضات والتربية العسكرية،
واقتبس العربُ هذه النظرية من أفلاطون فقد كان ابن سينا والكندي والفارابى موسيقيين، إلى جانب فلسفتهم وفكرهم!
وأشار المغامر المشهور الإيطالي ميكافيلي في القرن السادس عشر الميلادي وصاحب كتاب الأمير،إلى ضرورة تحويل الأمير إلى فنَّان ولاعب سيرك، فلا وجود لإمارة، قواعدها الأخلاق، وبناؤها الصدق والأمانة.
فالأمير والسلطان عند ميكافيللي، شخصية فنية، يتظاهر بالأخلاق والأمانة والتقوى والورع والدين ويُمثِّلهما، ولكن عليه أن يكون مستعدا للاتصاف بعكسها، حين يتطلَّبُ الأمرُ ذلك"
إذن فقد آن الأوان أن يخلع الزعماء العرب ممن يرغبون في الحفاظ على ملكهم أرديتهم التقليدية، ويلبسوا أزياء الفنانين والراقصين، وأن يُحولوا خطاباتهم السياسية المُملة والمُكررة، إلى وصلاتِ طرب شجي، وإلى مقطوعاتٍ شعريةٍ مُلحَّنَةٍ ومُغنَّاةٍ، وفق مذهب زعماء أمريكا، مثل نائب الرئيس آل غور الذي مثَّل في فيلم سينمائي وكذلك كلينتون !!
ولا عجب أن يكون كثيرٌ من زعمائنا العرب قد فهموا هذا التوجَّه الجديد، منذ أمدٍ طويل، قبل العالم كله!!غير أنهم طبَّقوا ذلك في مجال غير فني، طبَّقوه في اختيار الأطعمة الفاخرة الخاصة بهم التي تأتيهم بالطائرات من إيطاليا وإسبانيا وغيرها، وبَنَوْا القصورَ الفخمة، واشتروا الأقمشة التي تُصنع لهم فقط وكتبوا عليها أسماءهم بخيوط الحرير، فكانت أثمان بدلاتهم وربطات أعناقهم وعباءاتهم الحريرية الذهبية، أغلى بكثير من مرتب ثلاثة موظفين محترمين أكفاء نشيطين مخلصين أتقياء، ليس في الشهر، بل في السنة!!
وأخيرا.... ليت رؤساءنا العرب يعلموننا فنون الغناء والرقص والدبكة والطرب في أوطاننا وبين أهلنا، بدلا من أن يُجرعونا فنون الركوع والسجود والتذلل والوقوف على أبواب العالمين طوابير مستجدين النُصْرةَ، ثم يُخزنوننا في سجون القهر والظلم والطغيان، لتكون أسمى أمنياتنا في الحياة، هي الحصول على فيزا من دولة أخرى لنهاجر من أوطاننا إلى الأبد، وأخير إليكم إجابة السؤال:
لماذا ينجح الفنَّانون، أكثر من السياسيين؟
والجواب: لأن الفنانين يصورون المستحيل واقعا، بينما يجعلُ السياسيون الواقع مستحيلا !!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإدانة في وثائقهم السرية
- العرب أعداء الأرشفة
- هل تستعد إسرائيل لحربٍ جديدة؟
- كاميرا ابن الرومي
- حكيم أم سطحي؟
- هل أنت يساري؟
- عميد شعر السخرية
- هجوم بسلاح المربوط النووي
- من مناجم الأشعار
- الانتفاضة العربية
- أدب مضغوط
- من القبائل إلى الغروبات
- صرخة بعث لفاروق جويدة
- غسيل العار
- الفئران وصاروخ القبة الحديدية
- من دُرر المُبدعات
- من قتل الملك داود
- اغتيالات تكنلوجية
- من يوميات مكتوم
- ما سرُّ عبقرية محمود درويش؟


المزيد.....




- استمتع بمشاهدة أفلامك المفضلة.. استقبل تردد قناة روتانا سينم ...
- وفاة ممثل عالمي شهير بعد معاناة مع المرض
- طاجيكستان .. 35 قانونا لحماية الثقافة الوطنية منها ما يمنع ا ...
- تكوين: القوة الدافعة وراء ويغز، وعمر كمال، ومروان بابلو وغير ...
- تابع hd.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية عبر قن ...
- ويل سميث يعود للخيال العلمي بفيلم -المقاوم-
- شقير للجزيرة نت: القدس تشهد تطورا في الإنتاج الأدبي رغم محاو ...
- القبض على مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت
- -التوصيف وسلطة اللغة- ـ نقاش في منتدى DW حول تغطية حرب غزة
- -لن تستبدل الآلة بالبشر-.. سينما بريطانية توقف عرض فيلم كتبه ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - سياسيون راقصون