عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 3377 - 2011 / 5 / 26 - 22:31
المحور:
الادب والفن
-"ماذا ترى؟"
-"لا شيءَ سوى الأفق؛ ولكن أرجوك: لا تمُتْ هنا الآن."
-"لستُ إلهاً."
-"مُتْ في المدينة؟"
-"مَن يقدَر على التأجيل؟"
-"كنْ إلهاً، ولو لخطوةٍ أخرى."
-"أتعرف الآلهة ُالخـُطى؟"
-"ولكنْ أنت تعرفها."
-"ماذا ترى الآن؟"
-"حتى الأفق يختفي."
-"غير معقول!"
-"وأي شيءٍ معقول؟"
-"لا بد من مدينة."
-"مدينة؟"
-"قرية، أي شيء!"
-"ليس سوى يباب."
-"يباب؟"
-"الحقَّ الحقَّ أقول لك: ليس جنوناً
إنهم في كامل عقلهم بكل مكانٍ، من هنا وحتى كل أفـْق ٍمُختفٍ، لأنه تجنين.
فالمدينة ابتعدت
وما زلنا جالسَيْن ِهنا
بانتظار قدوم مدينةٍ أخرى لا تعود لنا لأنـّا لا نعودُ لها
فليس في عمر زمانها شيءٌ من عمرنا
فلا شيءَ يعود لنا."
-"أقلتَ ابتعدت؟
لأني لم أر منها شيئاً قريباً
كأني لم أكن فيها،
كأني ما غرقتُ في بحر آمالها،
كأني غريب."
-"كنا في سالف ذاك المزيج النادر
من الموت والأمل
لأنّ الآمالَ، كالمكان وكالأشياء، تغيّر نفسها
تراوغ بين ايدينا كأسماكٍ تعاندُ النزع الأخير من ضحل المياه
تجحظ في وجوه الجائعين،
كذلك الزمنُ الذي أخضعَنا
لآلهةٍ صغيرة
لأن كلَّ ما غير مقبول ٍلدى الصغار من كلا النوعين يكون جنوناً،
إنه حقاً لعُمرٌ قصيرٌ فكيف له أن يمرّ دون أن أشتمهم في قدس أسرارهم؟
أشتمهم لأني هنا، فوق الجدار،
فإني ما زلتُ أشم وإياهمُ ذاتَ الهواء الذي لوّثوه عند وجهي كلما مررتُ بقريتي
وطالما لوثوا عليّ قريتي
أشتمهم ألفَ مرةٍ
لأن ما سيبقى هنا من الكلام بعدي سوف لا يبقى،
سوى غضبتي.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟