|
موقفي من العادات والتقاليد
محمد لفته محل
الحوار المتمدن-العدد: 3376 - 2011 / 5 / 25 - 16:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لماذا ارفض العادات والتقاليد وانتقدها؟ كثير من الناس ينتقدون هذا الرفض بحجة أن هذه التقاليد والعادات هي تراث الأجداد وخصوصية لها دلالات أخلاقية ومعنوية، دون أن يكلفوا نفسهم كعادتهم دوما أن يسألوا سبب هذا الرفض! إن رفضي منطلق من إن العادات والتقاليد تصادر وتنفي رغبتي وقناعتي وإرادتي في ممارسة هذه الأفعال، لأنها فعلا إرغامي آلي متوارث مبرمج سواء رغبت أم لم ارغب، دون شعور حقيقي بل شعور مزيف يمكن لأي إنسان إن يؤديها حتى لو كان يبغض أو غير منسجم مع الشخص المقابل!، وحالات النفاق والنميمة والطعن شائعة بين الأقارب والأصدقاء في مجتمعنا العربي، فكم من القبل في المناسبات الاجتماعية أو الدينية كالأعياد أو في السلام هي ُقبل كاذبة زائفة ومجرد واجب أو مجاملة أو عادة، القبلة هذا التعبير الحضاري العظيم السامي يتحول الى عادة وقناع بلا شعور وصدق، بسبب التمسك الشكلي بهذه التقاليد، إضافة إلى أن بعض هذه التقاليد هي أصلا سلبية أو رجعية تحمل تصورات وأفكار غير متلائمة مع زمننا أو تحمل أفكار خاطئة عن قضايانا، كتقديس الأب والكبير في السن حتى لو كان مخطئا؟ والتقديس غير الاحترام المبني على التكافؤ والعدالة، وهذا ما جعل عمالة الأطفال والتسلط والعنف الأبوي على الأسرة مسموحا؟ وهناك أيضا العبارات الكاذبة فمثلا حين ترى شخصا تقول له (عاش من شافك، أو اسأل عليك دوما، أو تفضل عندي والله) من دون صدق مطلقا بل مجرد قول مبرمج حتى لو كان يبغضه، أو حين تسدد مبلغ من المال لدائن ما، يقول لك عبارة معتادة (خليها على حسابي والله) أي معبرا عن عدم رغبته بأخذ المال! وهذه العبارة يتداولها سائقي الأجرة بعد أن يحاول بشتى الطرق رفع الأجرة على الزبون واستغلاله، يقول ببغاوية عند تسديد الأجرة (خليها على حسابي) وطبعا إذا لم تعطه الأجرة فأنه قد يصل الأمر للشجار؟ والحال كذلك مع كثير من البائعين، حين يحاول أن يغشك ببضاعته أو يرفع سعرها عليك، يردد العبارة ذاتها عند الدفع! أي أنه في الوقت الذي يريد المال ويحاول أن يغشك، يقول لك العكس!، وهذه العادات معروفة في مجتمعنا باسم (حجاية التنكال) أي مجرد عبارة خالية من المصداقية والفعل! ويعتب الناس على من لا يلتزمون بقولها (قولها ولو بالكذب)! إذن فالمجتمع هو الذي يُقر بكذب هذه القيم ويمارسها مع ذلك! كذلك أن قيم الاحترام للآخر تتمثل عندنا في صور شكلية كأن تدعه يدخل قبلك الباب أو يشرب قبلك الماء، أو يركب في المقعد الأمامي للسيارة! وأن لا تدير له ظهرك، أو ُتمدد ساقك باتجاهه حتى لو كنت تكن له الاحترام أو لا! المهم أن تؤديها فقط! والهدية بما تحمله من قيمة اعتبارية وحب واحترام وانسجام للآخر سواء كانت عينية أو نقدية تسمى في مجتمعنا ب(الواجب)! أي الالتزام الخالي من روح المبادرة ومن كل مضمون معنوي، فالشخص الذي يمنح الهدية في المناسبات أفراح أو أحزان حتى يصبح الآخر ملزما بردها له في مناسبة ما! أي أصبحت القيمة الحقيقية للهدية تبادلية أو كالدَين يجب أن يسدد!. كذلك إن العادات والتقاليد تلغي خصوصيتي وتميزي في تعاملي مع الآخرين، فأنا أحب أن أمارس اغلب أفعالي وأفكاري بطريقتي الخاصة التي لا تشبه إلا بصمتي الشخصية، بعيدا عن جميع النماذج الجاهزة التي تمارس أو ُتقال في المناسبات، بل إني أجد لذة في مخالفة هذه التقاليد والعادات في كثير من الأحيان بدون تجريح أحد. والحقيقة أن مجتمعنا مجتمع أحادي التفكير، نكوصي مثبت على الماضي لذلك هو سلفي قبلي وديني، لا يرى الحاضر إلا بمنظور السلف والتراث، مجتمع ميت سريريا، قلبه يعمل ودماغه متوقف عن الحياة، ينظر إلى الاختلاف كشذوذ وفتنه وتفرقه وكفر؟ وحواره هو حوار الطرشان، أنه مجتمع نملي وفلسفة نملية مقدسة، دائما يتكلم عن أن أخلاقه ودينه فطرية خالدة وصالحة لكل زمان ومكان! وبهذه القناعة النملية ارتكبت افضع المجازر بحق الناس والأمم والمثقفين وبحق العلم والحرية لأنها رسالة من الله إلى العالم! واعني الحروب والغزوات الدينية والدعوات الإجبارية لاعتناق المحمدية، وعمليات الإعدام بتهمة التكفير والإلحاد واعتناق ديانة أخرى؟ وإرهاب الميليشيات والدول المحمدية حاليا على شعوبها ومثقفيها لتطبيق شريعة الرب امتداد لتلك السياسة النملية!، هذه النرجسية جزء من إستراتيجية السلطة المقدسة سواء كانت دينية أو تعتمد الدين منهجا سياسيا لها، لذلك تتضخم عند هذه الشعوب المستعبدة (عبادة الفرد) الذي يكون أوحد وكل ما عداه باطل كافر عدو زنديق لا يستحق الحياة لان لا حياة إلا له ولأتباعه المخلصين فقط! لتنعكس هذه القناعة عند الناس وتصبح عادات تقليدية تقف في وجه أي دعوة لتغييرها لصالح الناس.
#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شذرات فكرية
-
ثنائية القبلية والتمدن
-
الكونية في الأديان السياسية؟
-
الاغتراب والنكوص الفكري في المجتمع العربي
-
فلسفة نزار قباني في المرأة والحب والجنس والحرية والتغيير*
-
ثنائية مدح الأنا وذمها
-
العلم وفرضية ألله
-
ألانتماء الديني بين الواقع العملي والواقع ألافتراضي
-
حضر علم الاجتماع الديني في الجامعات العربية!
-
صنم الديمقراطية
-
نحو وعي مدني
-
الإرهاب الظل
-
المرأة وصورتها الثنائية في المجتمع العربي
-
انثروبولوجيا دينية
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|