أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رندا قسيس - الذاكرة و الوعي_الجزء الأول














المزيد.....

الذاكرة و الوعي_الجزء الأول


رندا قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 12:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك ان الوعاء الثقافي بما يحمله من معتقدات و عادات و سلوكيات هو حصيلة درجة الوعي لدى جماعة ما، و مما لا شك فيه اننا جميعاً نسعى الى رفع وعينا من أجل إدراك كل ما هو مستعص عن إدراكنا في وقتنا الحالي، و ربما أيضاً علينا العودة الى الماضي و فهم ما كان غامضاً على الإنسان و ما جعله فريسة لمخاوفه النفسية، ليلجأ الى إخمادها عن طريق الخرافات و الروحانيات و من ثم الأديان, لهذا ارتأيت في هذا المقال توضيح آلية تطور الدماغ عبر الزمان من خلال بعض النظريات العصبية الحديثة.

يرى "ميكائيل بيرسينجر" أن التغير الذي طرأ على أهم بنيتين لدماغ الإنسان (الهيبوكيمبس و الاميجدلا) و اللذان ساهما في اكتسابنا خصوصيتين مهمتين و هما: القدرة على التذكر و تقييم الواقعة، فنجد ان الاستذكار مرتكز على الشحنات العاطفية و الأحاسيس الناتجة عن مبدأ المكافأة و العقاب. فقد وجد "بيرسنجر أن المحفزات المؤثرة في منطقة الهيبوكيمبس الدماغية استطاعت على مر الزمن من التطور لإنعاش ذكريات ماضية فمن خلالها استطاع الإنسان إضفاء الخيال و الفانتازيا عليها، أما (الاميجدلا) فقد تطورت لتصبح مركزاً هاماً للتحكم في المشاعر المنبثقة عن التجارب، فمن خلال هذه المشاعر نستطيع التعرف على الفرح و البهجة أو الشعور بالاكتئاب الشديد. إذا نلاحظ ان الذاكرة و خصوصاً الذاكرة الطويلة هي أساس تطور الوعي عند الإنسان، فبفضلها نستطيع تخزين التجارب المتراكمة.

أضاف لنا "جيرالد ادلمان" مفهوماً آخر كان قد ساهم في تطور الدماغ عند الإنسان، ألا و هو (القيمة) التي ترتبط بالتاريخ الفردي و كل ما نتج عنه من اكتساب لخبرة ما، فما حصل من تطور في الدماغ لاكتساب قدرة على خلق تمثيلات عقلية و مشاهد كانت حصيلة تجارب و خبرات استطاع الإنسان تخزينها في ذاكرته الطويلة و الاحتفاظ بها كقيمة.

طرح "هنري لابوريت" أثر الثقافة الاجتماعية على الذاكرة، و التي تسمح بخلق تلقائيات عند الفرد و هذا ما نسميه بالتصنيف الثقافي، أي ان الثقافة و البيئة تحددان مسار الذاكرة في حفظ المعلومات الملائمة لثقافة جماعتها و لمتطلباتها أو حاجاتها الجديدة. و لتعريف الحاجة الفردية المرتبطة بالثقافة الجماعية، افترض "لابوريت" انها عبارة عن كمية من الطاقة أو المعلومة الضرورية للمحافظة على البنية العصبية الأصيلة أو المكتسبة الناشئة عن عملية التعلم. كما شرح هذه الآلية على انها تحول مستقر في المشابك العصبية من خلال العمليات الحيوية التي تقوم بها الخلية بتصنيع السلاسل الببتيدية مع أجل تشكيل بروتينات تدخل في تكوين وصلات عصبية جديدة تجاوباً مع الأحداث الخارجية المستجدة. و هنا تصبح الحاجة محركاً أساسياً، فلا يمكن إشباع هذا الحاجات في وسط جماعي إلا من خلال مبدأ الهيمنة للجماعة، لتتحول الحاجة من توازن ما بين الداخل و الخارج الى سيطرة على الآخر، و هكذا نشأ التسلسل الهرمي عند الجماعات من وجهة نظره.

كلما خضنا في فهم ما يدور في دماغ الإنسان بشكل علمي، تتسع الهوة بيننا و بين التفكير الغيبي المسيطر الى الآن على ثقافات عديدة، و الذي ما زال يشكل موروثاً ثقافياً قديماً كحاجز فكري و إدراكي لدينا. و لن نستطيع التخلص منه إلا من خلال متابعة علمية لكل ما لا نستطيع فهمه و لكل ما يعجز عليه إدراكنا عن استيعابه، فبالعلم و المعرفة نستطيع توسيع إدراكنا، فإذا قمنا بجولة في دماغنا مع الاستناد الى علم الأعصاب النفسي، نكتشف العديد من التمثيلات العقلية الواعية أو اللاواعية، إلا ان ما يؤثر في تغيير استراتيجية سلوكياتنا هي التمثيلات العقلية الواعية القادرة على بتر تلقائية تفكيرنا و القدرة على خلق قوانين و معطيات جديدة مستندة الى وعينا.

بإلقاءنا الضوء على نظرية "جيرالد ادلمان" و التي من خلالها أعطى تفسيراً لكيفية تطور الدماغ عند الإنسان.
ففي كتابه، بيولوجيا الوعي قام "ادلمان" بإيجاد ترابط و تبادل ما بين المؤثرات الجينية على السلوك و تأثير السلوك على الجينات، فقد اعتبر ان البيئة هي من تمارس عملية الاصطفاء الطبيعي على سلوكيات كائناتها، لكنه اعتبر أيضاً ان سلوكيات الأفراد تمارس تأثيراً متبادلاً على عملية الاصطفاء الطبيعي للبيئة، ليس هذا فحسب، بل ان للمورفولوجيا تأثيراً بالغاً في عملية تطور الوعي الذي نشأ عن عملية انتقاء الجملة العصبية و تطورها تدريجيا، و هذا ما يسمى بالتطور المورفولوجي.

سنتوقف قليلا عند العلاقة ما بين الجينات و الاصطفاء الطبيعي من أجل اكتساب سلوكيات غير موروثة، لكن قبل الحديث عن هذه العلاقة، علينا أن نعطي لمحة تاريخية سريعة عنها .
ان أول من وضع القاعدة الأساسية للجينات هو "غريغور ماندل"، ليمهد الطريق أمام الباحثين في الجينات و التطور، مما أدى الى جمع النظريتين "الداروينية" و "الجينية" داخل إطار واحد، و على هذا النسق استطاع الباحثون تقديم تفسير لعملية ارتباط الدور الجيني بالاصطفاء الطبيعي للبيئة.
و لتسليط الضوء بشكل أفضل على تطور البنية العصبية الدماغية، ربما يكون من المفيد الكشف عن تاريخ تطور الوعي و كيفية نشوءه.

يتبع في الجزء الثاني



#رندا_قسيس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السوري و فلسفة الاستبداد
- الإسلام السياسي و الأيدلوجيات وجهان للاستبداد
- الشارع المنتفض: صانع مصائر الشعوب
- الإلهام السامورائي في مواجهة الإسلاميين
- تونس تحت الإنعاش
- تمرد -البوعزيزي- بداية لمشروع حياة جديدة
- و في البدء كان الحيوان الطوطمي_الجزء الثاني
- و في البدء كان الحيوان الطوطمي_الجزء الأول
- أين موقع الثقافة العربية من العلمانية؟
- حق الاختلاف في منهجية التفكير
- نحو يوم وطني لفض غشاء البكارة!
- العصاب لدى رجال الدين
- الدين: المسبب الأول للعجز الادراكي
- ذروة النشوة و انسجام الذات
- الدين و علاقته بالتعنيف اللفظي
- الدين...اسقاطات الغرائز الطفولية-2
- الدين...و اسقاطات الغرائز الطفولية-1
- احياء الاله من الصراعات الداخلية
- عداء -الانا- للحرية
- الجماع و لحظة العودة الى الرحم


المزيد.....




- بعد جدل حول -اسلمي يا مصر-.. كريم الشناوي يصدر توضيحًا بشأن ...
- فوسفور إسرائيل يدمر الحياة جنوبي لبنان
- -إفريقيا قارة المستقبل- – غانا
- الدفاع الروسية: تحطم طائرة من طراز -تو 22إم3- في مقاطعة إيرك ...
- الإخبارية السورية: غارة إسرائيلية على مبنى البحوث العلمية ف ...
- صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة
- رئيسا أركان الجيش الإسرائيلي و-الشاباك- يتوعدان من رفح بـ-تو ...
- مرشح ترمب لرئاسة هيئة أركان الجيش يتعهد أن يكون قائدا غير حز ...
- غارات أميركية تستهدف مواقع تابعة للحوثيين في الحديدة وصعدة
- الجيش الأميركي يعلن إرسال مزيد من العتاد الجوي إلى الشرق الأ ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رندا قسيس - الذاكرة و الوعي_الجزء الأول