أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - الشعب السوري ما بينذل














المزيد.....


الشعب السوري ما بينذل


فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حكايتنا..

"الشعب السوري ما بينذل"

وصفها الصحفي البريطاني روبيرت فيسك بعد زيارة لها في الثمانينات بمملكة الخوف.. في حين قال عنها رياض ترك "مانديلا سوريا": إنها مملكة الصمت.

بلاد يحكمها قانون غير مرئي، ارتبط بالأب القائد وحضوره الطاغي، واستمر مع الابن القائد أيضاً.. فتحولت دمشق معهما إلى خليط من بيونغ يانغ وموسكو وكوبا.. وتشيلي أيام الديكتاتور.

تسير بها الحياة اليومية منذ أربعة عقود، بثبات وتوازن غريبين على العين الخارجية.. وعاديين في نظر "ابن البلد".. وربما هكذا تبدو!!

بلاد كل شيء مسموح بها لمن يملك مفاتيح السلطة والمال.. وكل شيء ممنوع لمن لا يملك مفتاحاً..

إنها سوريا التي يستعصي الأمر بها على من يريد فتح كشك بيع سجائر لسد الرمق وربما يحتاج إلى "معجزة".. ويمكن للورقة الأمنية أيضاً أن تمنع زواج رجل بامرأة استوفيا جميع شروط المجتمع والشرع!!

لكنها سوريا أيضاً التي تغير دستورها بربع ساعة ليناسب عمر الشاب الذي ورث شيئاً غريباً في بلد جمهوري، ورث بلاداً وعباداً..

كذلك يمكنها رفع الحصانة عن نائب في برلمانها خلال ربع ساعة واقتياده مخفوراً إلى أحد مراكز الاعتقال ليعامل كما اللص والقاتل..

وكذلك يمكن أن يمضي المرء عشرين عاماً سجيناً فيها دون محاكمة..

إنها سوريا.. لأربعة عقود: مملكة صمت وخوف معاً!!

فجأة تتحطم جدران الخوف السميكة، وجدران الصمت العالية.. يملأ السوريون شوارع المدن والبلدات يهتفون للحرية.. ومع أول صرخة يستعيدون كرامتهم، ويكتشفون أنهم مازالوا على قيد الحرية... والحياة.

مفاجأة؟!!

رغم ثورة تونس العظيمة، وثورة مصر الاستثنائية عبر التاريخ، وثورة ليبيا واليمن وباقي الاحتجاجات في إيران والجزائر والمغرب والبحرين.. إلا أن النظام صدمه شعار البلاد والعباد:

"حرية حرية.. سلمية سلمية"

وربما صدم من أول حالة غضب في شارع الحريقة: "الشعب السوري ما بينذل"..

وأعتقد أنه صدم من هول مفاجأة بدت أكثر دهشة في نظره.. لقد اكتشف شعباً مازال يقيم في سوريا!!

حقاً في الأمر مفاجأة مذهلة لكل من كان يرى سوريا في أواخر 2010، ويراها اليوم في شهر ثورتها الثالث: من شعب يسير "الحيط الحيط" إلى شعب يقترب من الأساطير في بطولاته..

ينهض الشهيد القتيل ليدافع عن الشهيد الحي..

ينسكب الرصاص على صدور المدنيين فيهتفون: "ليش خايفين.. مو خايفين"

لم يشهد التاريخ حنجرة تقاوم قذيفة دبابة، ويعلو صوت الجموع مخاطباً الجموع، أمام جنازيرها العاتية وقذائفها: لا تهرررررربوا!!

لم يشهد التاريخ مظاهرات تبدو معارك جبهات بين فريقين: أحدهما أعزل والآخر ماكينة قتل باردة..

ولم يشهد التاريخ متظاهراً يقرأ الفاتحة ويتشَّهد قبل خروجه من منزله.. ويحدث نفسه بواقعية وهو يسير خطواته الأولى نحو الشارع:

"اليوم سأتلقى رصاصتي.."

المتظاهرون في سوريا فدائيون من طراز خاص، لم يعرفه الفيتكونغ ولا البلاشفة.. فدائيون يهاجمون البنادق والقذائف بصدور عارية وأصوات ترتفع نحو السماء: "سلمية.. سلمية"..

هل عرف التاريخ شعباً قدم هذا العدد الهائل من الفدائيين الذين نراهم جمعة إثر أخرى.. بدء من جمعة الكرامة.. وصولاً إلى جمعة "آزادي"؟!

حكايتنا بسيطة..

خمسة عشر طفلاً حاكوا ثورتي تونس ومصر وكتبوا على الجدران "الشعب يريد إسقاط النظام".. اعتقلوا في أمكنة لا يتخيلها الكثيرون في العالم، ولا يعرف حقيقتها الكثيرون داخل البلد.. إنها أقبية المخابرات التي ترتجف رُكب الرجال لمجرد سماعهم بها..

اعترفوا بكل شيء قبل الحديث معهم..

خُوفوا وعُذبوا وأعادوا اعترافهم مرات ومرات..

انتزعت أظافرهم وأعادوا اعترافهم للمرة الألف..

ولم يفرج عنهم..

الأمهات والآباء توسلوا بعد رجاء وبكاء.. قبّلوا أيادٍ جيدة وأخرى سيئة على أمل استعادة أطفالهم.. لكن حقداً بالغ السواد واجههم في وجوه أصحاب القرار والسلطة..

"فزعة يا حوران.. فزعة من أجل هؤلاء الأطفال"

فزع البعض.. واعتصموا في مسجد يناشدون معتقلي الأطفال إعادة أطفالهم.. أعطوهم وعداً وعهداً بإعادة أطفالهم يومذاك، لكنهم هبطوا عليهم من السماء بحوامات سفحت دماء حوران، بريئة كما هي فزعتهم.. وحارّة كما هي عروقهم تغلي بالكرامة والحرية.. ارتفع الدم عن الرصيف على هيئة شعب وهتف:

"فزعة يا حوران.. فزعة يا حوران"

فزعت حوران.. مارداً عملاقاً.. تبعتها مدن سوريا وبلداتها، الواحدة تلو الأخرى تؤازر العملاق الحوراني..

"الموت.. ولا المذلة"

هتاف يرتد صداه عبر كامل الفضاء السوري: من درعا إلى القامشلي..

"الشعب يريد إسقاط النظام"

حكاية عظيمة لشعب بسيط..

حكاية تحاكي الأساطير ببساطتها رغم أن فصولها لم تنته بعد..

حكاية تهز ضمير الإنسانية جمعاء.. بكل ما تحمله من قيم وأخلاق ومدنية.



#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)       Fayad_Fakheraldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد
- رسالة حب إلى الثورتين العظيمتين في تونس ومصر
- هل تقبلني اليمن.. يمنياً؟
- الشعب -غدّار-
- بنغازي.. عروس الحرية
- --كل الحكاية عيون بهية..
- رحيل زمن -البلطجية-
- الوصفة التونسية.. في مصر
- -الوصفة- التونسية
- قراءة في -قائد الطائرة الورقية- مشاهد روائية.. تحفر عميقاً ف ...
- مشهديات شمولية والفكر القومي السائد!!
- تزاوج الأنظمة الشمولية مع دجالي الأصوليات الفاسدة ..في قضية ...
- وحدهم أهل غزة يدفعون ثمن الجحيم الإسرائيلي
- في ذكرى رحيل روزا باركس
- بيروت وبغداد.. ثانية..
- بيروت تنسى صور شهدائها
- الحوار المتمدن ومحنة الكلمة ..ثانيةً
- المحرقة الطائفية.. بين جورج بوش وعبد العزيز الحكيم
- غيوم رمادية .. على أعتاب زمن قبيح
- بغداد الذبح الظلامي .. ونهاية التاريخ


المزيد.....




- مع شروق الشمس فوق واشنطن.. شاهد لحظة ظهور حطام طائرة في نهر ...
- بعد التأجيل.. إسرائيل تبدأ بإطلاق سراح فلسطينيين من سجونها
- مقتل سلوان موميكا الذي أحرق القرآن في السويد، ماذا نعرف عنه؟ ...
- مقتل سلوان موميكا الذي أحرق نسخاً من القرآن في السويد
- إعادة بناء غزة ـ سعي مصر لجني مكاسب.. ما ثمن ذلك عند ترامب؟ ...
- مسؤول مصري يكشف سبب التأخر في إخراج المصابين في غزة عبر معبر ...
- السويد تقدم لأوكرانيا أكبر حزمة مساعدات عسكرية منذ 2022
- دولة أوروبية تواجه 72 ساعة من الظلام بسبب الخروج من نظام الط ...
- هيئة الاتصالات الروسية تعلن التصدي لنحو 11 ألف هجوم إلكتروني ...
- الجنود الفرنسيون يغادرون آخر قاعدة لهم في تشاد


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - الشعب السوري ما بينذل