|
مغالطات الدكتورة وفاء سلطان
نارت اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3372 - 2011 / 5 / 21 - 05:41
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو رفض السيدة وفاء الرد على تعليقي الذي كتبته ردآ على مقالتها(على ضوء الأحداث1)، لذلك وجدت نفسي مضطرآ لإعادة كتابة تعليقي مع بعض الإضافات والإيضاحات على شكل مقال منفصل. قبل كل شيء أريد أن أقول أن السيدة وفاء لا يحق لها عدم الرد على معلق أرسل تعليقآ ملتزمآ بشروط الموقع ، فنحن هنا لا نقوم بتأدية أدوار فيلم (غرام وانتقام) حتى ترد أو لاترد، فعندما كنت أكتب لها تعليقات مؤيدة في السابق كانت ترد والآن لأنني أنتقدتها صارت لاترد؟ هذا الموقع ليس ملكها ولا ملكي ونحن هنا نخاطب آلاف الناس ومن حقهم أن يروا رد الكاتبة على تساؤلاتي المشروعة في تعليقي. ما أشرت إليه في تعليقي هو أن الدكتورة وفاء تلجأ إلى إحضار شواهد من هنا وهناك بخلط غير علمي وغير منطقي وهي تستهدف بل وتستهبل شريحة من الناس البسطاء الذين ينخدعون بكثرة هذه الشواهد من أعمال (الخواجات). وكمثال على هذا الخلط والمغالطات استعمالها لمصطلحات الإحباط Hopelessness، و الإكتئاب Depression بصورة غير علمية، فهي عندما تصف الإحباط بأنه(حالة من اليأس تجمّد صاحبها وتمنعه من القيام بأية حركة بغية تحسين وضعه) و(الشخص الذي يعيش تلك الحالة هو شخص ميت حسيآ وعقليآ وفيزيائيآ ولا يمكن أن يتخذ أي قرار بخصوص وضعه ما لم يخرج من تلك الحالة أولآ) فإن هذا الوصف لا ينطبق على الإحباط وإنما ينطبق إلى حد ما على الإكتئاب، والإحباط ما هو إلا عرض واحد من عشرات أعراض الإكتئاب، ونحن عندما نتكلم عن الإحباط الذي يصيب الشعب بسبب ممارسات النظام الحاكم فإننا لا نقصد الإحباط بمفهومه المرضي النفسي ، وإنما نقصده كظاهرة اجتماعية تصف الناس الذين أصبحوا يائسين من هذا النظام والذين لم يعد عندهم سبيل إلا بالتخلص منه، وبالعكس يصبح الإحباط هنا قوة دافعة ومحركة إيجابية وليست سلبية فهو يدفعهم لكي يتحركوا ويثوروا وينظموا أنفسهم لينتزعوا حقوقهم، الإحباط هنا جعل الناس يصبحون مبدعين خلاقين يبتكرون الوسائل المناسبة للتعامل مع نظام قمعي شرس، وجعلهم يحسنون قراءة الظروف الإقليمية والدولية ويستفيدون من تجارب الثورات السابقة وجعلهم يتعلمون الدروس والعبر من تجربة حركة الإخوان المسلمين في الثمانينات والتي رفضها الشعب قبل النظام، كما أنهم صاروا يتكيفون ويغيرون تكتيكاتهم بحسب الظروف لكي يصلوا إلى أهدافهم، فهم ليسوا مرضى نفسيين ولا قطيعآ من مغيبي الوعي الذين يهتاجون وينطحون كما تصفهم أخصائية النفس الدكتورة وفاء. النقطة الثانية: تجارب بافلوف على الكلاب كانت تدرس المنعكسات الشرطية وهي شكل من أشكال اللإرتكاس البدئي الذي يحدث بدون استعمال العقل وهي المستوى الأول للإرتكاس وتسمى Primitive Defence Mechanism والإنسان يتميز عن الحيوانات بأنه يملك مستويين آخرين من وسائل التفاعل بسبب إمتلاكه للعقل، باختصار من العيب ومن الجهل أن نستعمل تجارب بافلوف لمحاولة تفسير قيام الثورات الشعبية، إلا إذا كانت الدكتورة وفاء تعتبر الشعوب العربية مصابة كلها بالشيزوفرينيا والوسواس القهري والبارانويا، وأنا أخشى أن يصل الأمر بالكاتبة أن تحضر لنا في مقالتها القادمة خلاصة تجارب العلماء على الجرذان والصراصير لمحاولة معرفة أسباب حدوث هذه الثورات، من الواضح أن الدكتورة وفاء لا تفقه شيئآ في علوم النفس الذي هو تخصصها فكيف نأمنها على أفكارها في مجالات أخرى ليست من اختصاصها؟ أريد أن أهمس بأذنها وأقول لها: إذا أردت فعلآ أن تعرفي أسباب هذه الثورة فما عليك إلا أن تذهبي إلى أية مدرسة إبتدائية في حوران أو تلكلخ أو بانياس وسيشرح لك تلاميذ المدرسة هناك ما خفي عليك. السيدة وفاء تصف الثورة بأنها ثورة جياع، لا يا سيدتي بل هي ثورة أحرار، ثورة شعب واع متحضر يعرف كيف يستخدم الكومبيوتر والفيس بوك والتويتر، وكثير منهم يتكلمون الانكليزية ويتواصلون مع وسائل الإعلام الأجنبية، أما انزعاج الكاتبة من تجمّع الناس في المساجد للانطلاق في تظاهراتهم فهذا له أسباب تكتيكية ولا يغير من المسار العام للثورة ولا من أهدافها المحددة بشعاراتهم وكتاباتهم، وأنا أتساءل هنا: هل تجمّع المتظاهرين في الحانات الليلية ، أو خروجهم منها وكل واحد يحمل قارورة ويسكي سيرضي السيدة وفاء ويجعلها تبارك الثورة؟ النقطة المهمة التي أريد أن أشير إليها هو هذا الأسلوب المتعجرف وهذه النظرة الدونية التحقيرية للناس واستعمال ألفاظ مهينة بحقهم مثل (قطيع مغيب الوعي لايعرف إلا أن ينطح من يقف بوجهه) و (الهيجان الجماهيري) و (هذه الأمة المنكوبة عقليآ ونفسيآ) و (جماهير هي في الأصل خاملة وغير مبالية) إذن السيدة وفاء تنظر إلى شعب وطنها الأم وكأنه قطيع من البقر المهتاج الذي ينطح ويرفس هنا وهناك والخامل عقليآ ونفسيآ، أليست هذه هي بالضبط نظرة السلطة الحاكمة لشعبها؟ مهما كانت صفات الشعب فهو بالنهاية ضحية لمفاهيم دينية ولظروف سياسية واقتصادية والمفروض من الكاتبة أن تنظر إلى شعبها بعين الحب والعطف وأن تحاول مساعدته على الوقوف والنهوض بدلآ من إهانته واحتقاره تصفني بالشاوي لأنني انتقدتها بمقالة سابقة، إنها مثل الذي يعيّر الناس بأن يقول لهم: يا حوراني، يا شاوي، يا بدوي، وأنا أقول للكاتبة، يشرفني أن أكون من الشوايا فهم جزء من شعبنا ومن فسيفسائه الجميل يذكرني هذا التصرف بتصرف مماثل قام به أحد ضباط الأمن في سوريا عندما خاطب النساء المتظاهرات: إذهبوا إلى بيوتكن وإلا سأفلت عليكم الشوايا أنا أرى الدكتورة وفاء هنا من نفس صنف رجل الأمن هذا، ألا يكفي ما يعانيه هذا الشعب المسكين من الاحتقار الذي يمارسه النظام حتى يأتيه احتقار مماثل من كتّاب يدّعون حمل راية التنوير؟ نقطة أخرى أود الإشارة إليها وهي عدم إظهار الكاتبة لأية مشاعر تعاطف مع الشهداء الذين بلغ عددهم أكثر من ألف والمعتقلين الذين تجاوزوا العشرة آلاف وحديثآ تم اكتشاف مقابر جماعية، كل هذا لم يجعل الدكتورة وفاء تذرف دمعة واحدة أو تبدي أية مشاعر مواساة تجاه أهالي هؤلاء الشهداء والمعتقلين، ألا يذكركم ذلك بضحكات الأسد وفرقته البرلمانية الاستعراضية؟ الناس الذين انعدمت مشاعرهم وهم يرون أبناء وطنهم يقتلون ويعذبون ويهانون بهذه الصورة الوحشية، هم الذين نحتاج للتفتيش في تجارب بافلوف وفرويد لكي نفسّر ونبرّر موقفهم المشين وليس هذا الشعب الطيب الأبي.
#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرسة الوطن
-
الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية
-
أضواء على خطاب الرئيس السوري
-
دكتور أم دكتاتور؟
-
فرقة البرلمان السوري للفنون الاستعراضية
-
رد على مقال السيد نضال نعيسة
-
نريد أن يعود اسم بلدنا سورية
-
لن يشفي غليلي إلا سقوط شيوخ الجهل
-
زينغا زينغا
-
رأي في الثورات العربية الحالية
-
صارت عندنا صفحات بيضاء
-
أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام
-
نريد رئيسنا القادم سيدة
-
من ذا يطالب حاكمآ بعبده?
-
الوطن الذي يسأل أبناءه رأيهم
-
نادر قريط ووفاء سلطان، مشروعان متكاملان
-
دعوة لتغيير كلمات العزاء
-
بين زمنين
-
أي الحدود أهم؟ حدود الوطن أم حدود الله؟
-
أخبار سارّة من بلدي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|