|
مائة يوم لم يفعل دوره كالعصى السحري في العراق
خسرو ئاكره يي
الحوار المتمدن-العدد: 3366 - 2011 / 5 / 15 - 21:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مائة يوم لم يفعل دوره كالعصى السحري في العراق أعلن السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق مهلة مائة يوم للحكومة لكي تقوم بواجباتها على الوجه الاكمل وأنقاذ العراق من محنته وتحريره من كابوس فساده الاداري والمالي والسياسي القاتل الذي وقع فيه وذلك أعتبارا" من 27 شباط 2011، واليوم بعد مضيئ شهر الثالث والرابع ولم يبقى من الخامس الا نصفه ويبدأ العراق بتوديع المائة يوم واذا الاصلاحات في العراق لم تجد النور ولم يخلع العراقيون ثوب الكئابة الممزوج بدماء الابرياء . لم يعد مطلقا" اداء الحكومة في العراق ولا في اي مكان تأخذ من الايام او الشهور كحدود ادنى او اقصى لحل المعضلات فيه او متوقف عليه فليس هي مشكلة بناء عقار تحدده المؤوسسة المشرفة على بنائه بعدد الايام وليس بتبليط شارع كذلك محدد القياسات والمسافات والعمل بالساعات فالزمن لا يلعب دورا" بين الهدم والبناء اذا استثنينا ظروف المناخ المؤثر على الاعمال التي تزاول خارج الوزارات والمؤوسسات في الهواء الطلق انما الذي يلعب دوره الرئيسي في العملية هو الانسان ودرجة مداركه العقلية وثقافته السياسية العصرية المتحضرة المبني اسسها على تفضيل المصالح العليا على المصالح والانتماءات الجانبية وذلك بتسخبر قواه العقلية والفكرية في خدمة الشعب من موقعه ذات المسؤولية الادارية والسياسية فالرجال هم الذين يصنعون التأريخ أما ايجابيا" او سلبيا" أما يظل يخلده التأريخ لمواقفه الانسانية واما يلعنه التأريخ والخاضعين لحكمه . لامجال للشك بأن الصراعات العراقية اكبر من أن تجد لها ثلاثة اشهر من الزمن حلا" لها حيث في بلد تشتعل الصراعات الطائفية فيه عدا العرقية من جذورها ومن ما يحملون به قادة العراق من افكار وايديولوجيات متباينة حد السيف والتي هي الاسس الاولية لفلسفة نضالهم واهدافها ادخلوا العراق في ازمة حقيقية وجعلوا منه مرتعا" خصبا" للفساد المالي والاداري وساحة حمراء من دماء ابنائه الابرياء خدمة للايديولوجيات الخاصة و للمصالح الذاتية . فالقييم الاخلاقية السياسية لكائن من كان وفي موقعه ذات المسؤولية لا تنحصر في فترة زمنية محددة وانما عمله صراع مع الزمن في مراقبة ما يجري في محيط مسؤوليته وكذلك درجة انسلاخ القائد بروحية المحكومين لحكمه من الطبقة العامة والكادحة خصوصا"و قدرته على تشخيص بؤر الصراعات ووضع الحلول الصحية لها وذلك بتشخيص نقاط الضعف والخلل وايجاد الحلول الكفيلة في ازالة السلبيات التي تعرقل مسيرة البناء ومحاربة الفساد بأنواعه فهي عملية أنسيابية يومية مع القائمين بأعمال الادارة ولا يكلف المشرف عليها من موقعه غير احالة المخالف الى القضاء لينال جزائه العادل وليصبح عبرة لغيره . لقد ذكرنا في مواقع اخرى بأن فقدان العراق الى الانسجام العرقي والطائفي والسياسي بين مكوناته هو الداء الخطير الذي نزل به الى الاعماق بل ووصل الى العظم بحيث يصعب جدا" من ايجاد دواء للعلاج اذا آمنا بأن الدواء الوحيد هو الموقع القيادي ودور القائد وسلطته ، من هنا يجب أن تشغل مواقع المسؤولية قيادة حكيمة وطنية مخلصة محررة من الانتماءات الجانبية ومن المصالح الشخصية والعائلية والحزبية والتأثيرات الخارجية منتخبة ومدعومة من الاغلبية العراقية بكتلها وطوائفها وأعراقها . قد لا نأتي بشيئ نكرا اذا ما اشرنا الى زبدة المعضلة الرئيسية فيه ومن اهمها أزمة فقدان الثقة بين الاقطاب الرئيسية وخير دليل على عدم التوافق بينهم ما تعانيه الحكومة من معالجة مشكلة وزارة الدفاع والوزارت الامنية وفقدان السيادة وسلطتها فالسيد رئيس الوزراء سلطته لم تصل الى محاسبة محافظ من المحافظات كما رفض قبل فترة السيد محافظ الموصل أمره بتقديم استقالته وان الاسباب التي تقف ورائها واضحة وضوح الشمس لا ريب فيه بأن بين الكتل الرئيسية وادي عميق من الخلافات وبحكم معطيات الزمن والتأريخ المشهود على نوع الصراع قد يصعب على السباح الماهر ان يقطع ذلك الوادي المتعفن من وحل الصراعات القاتلة ويصل الى شاطئ الامان فالخلافات لم تكن اقل حدة و صلابة من اسنان سمكة القرش التي تلتهم الاجسام بعظامها اذا" يا ترى هل هناك من قائد او كتلة او حزب يضع النقاط على الحروف ويعلن دون تردد بأن خارطة عراق اليوم لم تعد تصلح لأدارة ذات سلطة مركزية تفرض سيادتها عليه بعد ان اصبح موزعة على مكوناته الرئيسية العرقية والطائفية وان يطرح خير السبل وأفضلها الى معالجة الامر طالما لم تجد السلطة فيه دورها في السيطرة على مكوناته من حدة الصراعات القاتلة . من من العراقيين لم يفهم من نتائج الانتخابات العراقية الموزعة على الاتجاهات الرئيسية فيه وعن المواقع الجغرافية التي تمحورت على الاسس الطائفية والقومية ؟ هل هناك من يشهد او يقر بأن قائمة دولة القانون ستفوز يوما" ما في المثلث السني ؟ وهل كذلك الامر بالنسبة الى الاقليم الشيعي نسبة الى القائمة العراقية ؟ بل وهل هناك ادنى شك في التوزيع الطائفي والعرقي على اقاليم معروفة للجميع نسبة الى التصويت ؟ ثم هل هناك من يضمن نجاح قائمة او كتلة في جنوب كوردستان غير الكوردية ؟ اذا" لماذا نتجاهل الحقائق في عصر تنادي الشعوب (الشعب يريد اسقاط النظام) يا ترى من هو الشعب ومما يتكون وما هي مطاليبه هل تنحصرانتماء تكويناته للعراق او لطوائفه وقومياته ام اتسعت دائرتها لكي يلعب الدور الاقليمي والدولي نشاطه فيه ؟ يبدو واضحا" ومن خلال تمسك الكتل والاحزاب بمواقفهم المتشنجة تجاه بعضهم البعض لا اجد حلا" في العراق لا بمائة يوم ولا بما لا نهاية من الزمن طالما التوجه بين الكتل الرئيسية في اتجاه معاكس من حيث الفلسفة بل والتربية والثقافة الفكرية . ليس هناك سبيلا" من قراءة مواقف الاقطاب الى حل نهائي للصراعات فيه الا الى الاقرار بقيام نظام كونفدرالي يقوم عليه العراق وبشكل مثلث متساوي الاضلاع لترتكز على ثلاثة زوايا ذات قوة متساوية في الادارة والسلطة والعلاقات وان تحدد سقفا" زمنيا" للنظام ثم بعدها يعرض على الاستفتاء من قبل ابنائه للاختيار بين الاستمرار في النظام الكونفدرالي وادامته او حله والانتهاء به وبناء الكيانات المستقلة على اساس من الانتماءات الطائفية والعرقية علما" بأن موضوع أعادة وحدة العراق بهذا الشكل اصبح في خبر كان كما اصبحت سودان سلة الغذاء العربي ذات كيانين مستقلين دون ان تقوم القيامة وتتعرض الامة العربية الى الفناء ، ولم تعد شعار الامة العربية المزيف بالدعوة الى قيام نظام عربي موحد له محل في الاعراب ولم تعد القضية المركزية التي جعلها الانظمة العربية ستارا" وذريعة لأدامة مواقعهم وسلطاتهم له اي اثر فعلي على الساحة العربية والعالمية فالعلاقات العربية الاسرائلية للبعض من الانظمة بشكل علني ولا تكتنفه الغموض والاخرى بشكل سري تلفه الغطاء أصبح شيئا" مألوفا" وما تصريحات النظام السوري الأخيرة بما فيها بأن امن اسرائيل من امن سوريا وهو يناشد للدفاع عن النظام كضمان على أمن اسرائيل لكي تبعد عنه الضغوطات الغربية المدافعة عن اسرائيل بل وتهديد كيانه من التغير الذي قد يحصل فيه وهذا ما يكشف حقيقة زيف ادعائه في كونه من دول المواجهه مع اسرائيل اذا" اين هي الشعارات التي عانقت السماء ليلا" ونهارا" عن القضية الفلسطينة ؟ ثم لم يعد بعد اليوم لمراكز القوى في العالم نصيب تذكر في دورها كما نرى اليوم فالقوى العظمى هي التي تتحكم بمصير العالم والانظمة وخير دليل على ذلك ما يتعرض له النظام الليبي وكما تعرض له النظام الافغاني ومن ثم العراقي . اذا" هل هناك من جدوى التمسك بالعراق العربي الموحد ثم لماذا هل لتحرير فلسطين ام اعادة الفرع الى الاصل كما كان يتشدق بها النظام المقبور ؟ الى متى والدم العراقي ينزف لسواد عيون تلك الوحدة المزعومة في اجندة القومجين العروبين ؟ وكل ما يقرأ من الواقع العراقي هو تقسيمه عمليا" بين مكوناته الثلاثة الاساسية السنية والشيعية والكوردية وهذا تحصيل حاصل بعد السقوط ونتائج الانتخابات اظهرت هذه الحقيقة بعد ان تم افرازها على ضوء الانتماءات العرقية والطائفية وتزداد فجوة الخلاف يوما" بعد الاخر ولأسباب معروفة فأذا طرحنا اللجوء الى القوة في عملية السيطرة على السلطة واكتفينا بنتائج الانتخابات وهذا ما يجب ان نقر بها ونخضع لها بالقبول بين الفائز في استلام السلطة والخاسر في قيادة المعارضة يا ترى هل وصل الشعب العراقي الى تلك الدرجة من التطور يقبل بها حيث تقبل ظاهرة السلطة والمعارضة السلمية الحضارية لها لازالت الظاهرة بعيدة كل البعد في فلسفة قيادات بل والانسان المنتمي الى ما يسمى بالدول النامية او العالم الثالث وهذا ما يخشى منه قادة العراق فلجأوا الى ابتكار سياسة التوافق ، ولكن الا يحق للسائل ان يسأل الى متى وهذه السياسة القاتلة تلعب بالجسد العراقي حيث السلطات موزعة بين الكتل والاحزاب ومنهم من لا يحلو له حتى رؤية الاخر فكيف به يسخر جهوده من اجل نجاح الحكومة في عملية الادارة حيث مسائلة اصحاب المواقع القيادية اصبحت خط احمر لأحتماء المطلوب بكتلته وحزبه السياسي وهكذا ومنذ سقوط النظام في 9 نيسان 2003 اصبح العراق سوقا" ملائما" للفساد المالي والاداري وسلطة تبني ادارتها على ضوء من المحسوبية والمنسوبيه والعائلية لكي تحصن موقعها وهي تحلم بالبقاء الازلي في قيادة البلد ومن هنا كيف يمكن لسياسة التوافق التي تجمع بين الازدواجية في العمل بالمشاركة في السلطة ومعارضتها بل والعمل من اجل فشلها في آن واحد ان تبني العراق وتنقذها من محنتها لا بديل عن الحل الا بقيام نظام كونفدرالي لأقاليمه الثلاثة الموزعة طائفيا" وعرقيا" فلم يبقى بعد اليوم ادنى درجة من الثقة بين تكويناته الاساسية فكيف بهم يجعلوا منها دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والمساواة . خسرو ئاكره يي ــــــــــــــــــــــــ 15/05/2011
#خسرو_ئاكره_يي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنفال والسبل الكفيلة بأيقافها
-
ألأنفال والسبل الكفيلة بأيقافها
-
ثورات الشعوب المعاصرة من نهضة وعي أجيالهم
-
جروح حلبجة الشهيدة لا تزال تنزف دما-
-
تحية كوردستانية الى قناديل باب سراي
-
برلمان كوردستان بين التحزب والتمثيل الحقيقي لأرادة الشعب
-
بركان الغضب الشعبي يثور ويستعر حرارة-
-
أحداث السليمانية بين صوت الشعب ولعبة المصالح الحزبية
-
القيادة ضرورة أجتماعية سياسية أو وظيفه شخصيه أنفرادية
-
تتساقط أنظمة الفراعنة كسقوط أوراق الخريف
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|