|
منفيون من جنة الشيطان24
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3360 - 2011 / 5 / 9 - 17:55
المحور:
الادب والفن
منفيون من جنة الشيطان24 "أ أبكي في الشهر الخامس منفصلاً كما فعلتُ كم من السنين هذه."* "دنيا ما أكَدر عليها.. زين مني وباقي بيها."*
أقايضُكَ وَطَناً مثلَ الاسْفنجَةِ يَتبَدَّل حَسَبَ قِياسَاتِ الحُكامِ يَمتلئ بِالسَّائل يَجفّ يَتَصَدَّعُ.. تنعِشُهُ رَشقةُ دَمٍ.. لِمَاذا أنتَ يَا وَطَني عَلى غيرِ بُلدانِ الدّنيا مُبتهجٌ بِخُروقاتِ الطلقِ فتُحَاصِرُنا بِحُزنِكَ يَا وَطَني حتّى نتفطَّرَ كالاسْفَلتِ وَننتفِخُ كالاجّاصِ البَائتِ فأقايضُكَ بينَ بِلادِ الأرْضِ جَميعاً وَلا يَقبَلُكَ التجَّارُ فمَا سِرّ ثقوبِكَ مَا سِرّ الحُزنِ الفَاترِ في عَينيكَ لِماذا يَهْرَبُ منكَ التجَّارُ أيَّامَ القَحْطِ تعِبْتُ مِن التفكيرِ وَلا يُسْعِفُني رَقمٌ أو خَمْرٌ أوْ عَارِفةٌ أوْ نَبيُّ!.. أمْسِ رَاوَدَني عُرْيُكَ مُحْترِباً في بيتِ نَخيلِكَ فألقيتُ عَليكَ شَهَواتي.. عَرَقْتُ كَثيراً فَحَمَلْتُ دُموعَ اللَّذةِ فَوقَ يَديّ.. تَدَلّى خيطٌ في شَفَتَيَّ شَربتُكَ.. شَرِبتُكَ أقسِمُ أنّي شَربتُ دُمُوعَكَ لَكنّي لم أسْكُرْ أحْسَسْتُ بِجميعِ ثقوبِكَ تخترِقُني أحْسَسْتُ بِطَعْمِ الطلَقاتِ الغادِرَةِ في صَدْرِ رَبيعِكَ لَكنّي لم أسْكُرْ تَوَجّعْتُ.. تَوَجّعْتُ أتعَبَني التفكيرُ بِعُريكَ فلِمَاذا لا تحمِلُني بينَ يَدَيكَ وَتَمْنَحَني دِفءَ كَلِمَاتكَ إلامَ.. أتنقّلُ بينَ التجّارِ وَتتنقِّلُ بينَ التجّارِ وَلا يقبَلُنا أحَدٌ هَذا صَمْتُكَ يَذْبَحُني مرٌّ طَعمُ غَيابِكَ في المَحَطَّةِ العَالَميَّةِ في السّاعَةِ السّابِعةِ وَالنِّصفِ يُصرّ شُرْطيُّ الأمْنِ عَلى التسْرِيَةِ عَنِّي أقسِمُ لَهُ.. أنّني لَسْتُ وَحيدَاً فَيَزدادُ إصْرَاراً عَلى مَعْرِفَةِ الجَّمَاعَةِ الّتي أنْتمي إلَيها فَهَل الانتِماءُ إليكَ جَريمَةٌ قلتُ لَهُ نخيلُ البَصْرَةِ فَاسْتعدَلَ في قَعْدَتِهِ فَهَل الانتِسَاُب إلى بَصْرَتِكَ خَطيئةٌ.. أنَا أحْبَبْتُ بَصْرَتَكَ يَا وَطَني مَرَّةً وَاحِدَةً وَإلى الأبَدِ مثلَ وَشْمٍ عَلى الجَّبينِ أو الخَدِّ فَكيفَ أُدَاري هَوَاكَ عَن الأنتربول هل تَعرِفُ الآنَ لِمَاذا غَيابُكَ يُؤلِمُني أكثرَ مِنْ لَعْنَةِ هَذا العُمْرِ!.. وَفي طريبيل يَسْألُني الضّابِطُ الأردُنيُّ بِحَمَاقةٍ لِمَاذا يَكثرُ ذكرُ النّخيلِ في قَصَائِدي لم أعْرفْ أنّكَ مَمْنوعٌ يَا وَطَني في كلِّ مَكانٍ.. خَارجَ قلْبي لَمْ أعرِفْ أنَّكَ مُلاحَقٌ مِثلَ سُحْنَةِ وَجْهي حَتّى في يَطَغَاتِ الأمَمِ المُتّحِدَةِ وَبُلدانِ حُقوقِ الانسَانِ هَكَذا فَجْأةً اكتَشفْتُ أنَّني لا أحَدٌ وَأنَّكَ لمْ تظهَرْ عَلى الخَرَائِطِ الدَّوْلِيَّةِ!!.. هَلْ عَاقرَكَ الحُزنُ حَتَّى صِرْتَ سَرَاباً مِثلَ عُيوني أمْ أنَّك ضَاجَعَكَ الشيْطانُ فأصَبَحْتَ من الغَيْبِ لا تَظهَرْ لِتماسيحِ الجَّانِّ.. أنا دَمْعُ يَتامَاكَ وَحُزنُ نِسائِكَ يَا وَطَني اذْبَحْني بِالْعَرْضِ لَعَلِّي أثمِرُ شَيئاً فوقَ حُقولِكَ.. هَل مَرَّ في مَنامِكَ إذْ تَلَقفَّني النَّمْسَويُّونَ كَجُنديٍّ هَارِبٍ طَلَبُوا صُورتَكَ مِنِّي فلَمْ أسْتظْهِرْكَ وَضَعُوني في السِّجْنِ فَرَسَمْتُكَ فَوقَ الحِيطانِ عَابِسَاً مُتَجَهِّمَاً وَحَزيناً مِثلَ إلَهٍ وَقلتُ لِلْحَشّاشينَ وَالْمُهَرِّبينَ وَالأبْرِياءِ أنظرُوا هَذا هُوَ وَطَني هَذا هُوَ العِرَاقُ فَأخْرَجَ المُهَرِّبُ قلَمَ رِصَاصٍ وَتَقدَّمَ يَسْتَطْلِعُ صَدْرَكَ يَرْسِمُ خَارِطةً لِسَرِقةِ أبْنائِكَ مِنكَ فهَلْ تَسْمَعُ صَرَخاتِ أطْفالِنا تَنَهّدَاتِ أمَّهَاتِنا وَقعَ سِياطِهُمْ عَلى ظُهورِنا مَاذا دَهَاكَ هَلْ أنْتَ وَطَنٌ لِلْحَمْقى وَالشّرْطةِ وَالحَشّاشينَ مِنْ شُرْطيٍّ في بَغْدادَ إلى شُرْطيٍّ في عَمَّانَ إلى شُرْطيٍّ في أوربا لِمَاذا يَتَشابَهُ كُلُّ الشُّرْطةِ يَا وَطَني لِمَاذا مَمْنوعٌ أنتَ وَمُلاحَقٌ في كلِّ سِجِلّاتِ الشُّرْطةِ تبّاً لِبِلادٍ يَتَحَكَّمُ فيها الشُّرْطةُ وَالتّجّارُ! وَطَني أسْمَى مِنْ أنْ تَلْحَقَهُ الشرْطةُ أوْ تُوضَعَ في يَدِهِ الأغْلالِ لَمْ أعُدْ أحْتمِلُ عِتابَكَ صَمْتُكَ يَثقِبُني يَا وَطَني لِمَاذا يَطعنُكَ القَوَّادُونَ وَلا تَصْرخُ وَطَني انّي أتَنَفَّسُ جُرْحَكَ من ثُقوبِ رِصَاصِكَ أتنفَّسُ يَا وَطَني هل نَسيتَ سَواقي الجَنَّةِ بَينَ ضُلُوعِكَ لا ، هَذا….. ……. 28/5/2001 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ • سفر زكريا بن برخيا بن عدّو 7: 3 • من غناء كريم منصور.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منفيون من جنة الشيطان23
-
منفيون من جنة الشيطان22
-
منفيون من جنة الشيطان 21
-
منفيون من جنة الشيطان 20
-
منفيون من جنة الشيطان 19
-
منفيون من جنة الشيطان 18
-
منفيون من جنة الشيطان 17
-
منفيون من جنة الشيطان15
-
منفيون من جنة الشيطان 16
-
منفيون من جنة الشيطان 14
-
منفيون من جنة الشيطان13
-
منفيون من جنة الشيطان12
-
منفيون من جنة الشيطان11
-
منفيون من جنة الشيطان 10
-
منفيون من جنة الشيطان/9
-
منفيون من جنة الشيطان/8
-
منفيون من جنة الشيطان/7
-
منفيون من جنة الشيطان/6
-
منفيون من جنة الشيطان/ 5
-
منفيون من جنة الشيطان/ 4
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|