آلام جان دارك لكارل دراير 1928:التحفة الأبرز في مجال السينما الصامتة

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 22:15
المحور: الادب والفن
    

آلام جان دارك لكارل دراير 1928
التحفة الأبرز في مجال السينما الصامتة
جان دارك هي الشخصية التي أثارت جدلا كبيرا على مر التاريخ منذ سنة إحراقها أي في 30 أيار 1431 وحتى هذه اللحظة لأن النقاش لم يغلق أبدا حتى بعد عام 1922 عندما حاولت الكنيسة أن تغلق صفحة هذه الشخصية بإعادة الاعتبار لها واعتبارها قديسة، وهذا لم ينهي الجدل لقصة تستحق الجدل أصلا....
فجان دارك والتي بدأت حكايتها وهي في سن الخامسة عشرة والتي كانت تسمع أصواتا من قديسين مسيحيين أحدهم القديس بطرس تلميذ السيد المسيح فأمرها بان تقود الجيوش الفرنسية ضد الإنجليز وفعلا قامت هذه الخادمة التي لازالت في سن السابعة عشرة بقيادة الجيش الفرنسي وتحقيق انتصارات مذهلة على الإنجليز وهو الدليل الأقوى على صدقها فكيف لأنثى وخادمة في هذا العمر أن تحقق نصرا على جيش منظم.
ولكن الإشكالات لا زالت موجودة ولو ظهرت شخصية على شاكلة جان دارك في هذا العصر لاتهمت بالهوس وحوكمت محاكمة عصرية بطلها فرويد ويونغ وأتباعهما من مدرسة التحليل النفسي.
حقق كارل دراير فيلمه هذا عام 1928 على الرغم من أن السينما الناطقة كانت موجودة ولكنها كانت لا زالت في بدايتها فآثر دراير أن يدخل جملا مقروءة تقاطع الأحداث عوضا عن أن يكون الفيلم ناطقا...
هذا الفيلم حققه كارل درير في زمن الذروة للتعبيرية الألمانية وبداية ظهور ملامح السينما الجديدة في فرنسا واعتبر التحفة الأبرز في مجال السينما الصامتة متساويا في ذلك مع سيرجي إيزينشتاين مؤسسا البناء لما أصبح يدعى فيما بعد باللقطة القريبة (Close Up) والتي كان الفيلم معتمدا عليها لدرجة كبيرة وخاصة فيما يتعلق بتصوير الوجوه وإبراز ملامحها.
فوجوه الرهبان متجهمة قاسية نقرأ فيها اختصارا تاما لما يمكن أن تقوله دقائق طويلة من سينما ناطقة،ولحظات النطق بالأحكام تظهر وجوها قريبة تصرخ في وجه الكاميرا،وتعابير وجه الممثلة (Renee Maria Falcontee) والذي يعتبر هذا الفيلم هو الأول والأخير لها.
خدمت هذه التقنية أشياء كثيرة أولها إبراز الروح التي تختفي خلف جسد هذه المرأة المأمورة من الله أن تلبس لباس الصبيان وسيبرز ال(Close Up) شيئا من التصوف والواقعية بل إن البعض قال بأنك لا تستطيع أن تعرف تاريخ السينما الصامتة إلا إذا عرفت وجه (Renee Maria Falcontee)....كارل دراير (1887-1968) أحد أعظم المخرجين الأوائل رأى شيئا ما صدمه في وجه هذه الممثلة...هناك روح خلف ذلك الوجه وبعد أن عمل تجربة تصوير دون ماكياج، امرأة تجسد البساطة والمعاناة.
الفيلم قام على تصوير أكثر الوثائق استثنائية في القرن العشرين،محاكمة جان دارك والتي انتهت طبعا بموتها حرقا بحيث أن أسئلة القضاة وإجابات جان دارك سجلت بحذافيرها في سيناريو صاغه بأمانة (Joseph Delteil) من دقائق المحاكمة...والأمر لا يخفى على المشاهد بأن ال(Close Up) شكل أيضا صيغة تعاطفية مع جان دارك من قبل المخرج والتي ستؤثر على الجمهور أيضا عند مشاهدته لهذه الرائعة الصامتة التاريخية،وليس من باب المبالغة إذا أن يتساوى هذا العمل مع الأعمال العظيمة في فن الرسم وتحفل بنفس السر الغامض الذي تتشابه من خلاله معها في بعض لمحاته الجمالية كما يرى أشهر نقاد السينما (أندريه بازان).
السر يكمن في الصمت،فالصمت موجود في فيلم كارل دراير كما إنه موجود في العمال الفنية العظيمة...
أُسرت جان دارك من قبل البورغنديين حلفاء الإنجليز في حربهم ضد فرنسا وسرعان ما باعوها إلى الإنجليز مقابل عشرة آلاف فرنك وأعدمت حرقا حتى الموت بعد أن رفضت التراجع عن أقوالها من حيث أنها مبعوثة من الرب وابنته والتي اعتبرت أقوالها مهندسه-والتعبير الحرفي صحيح واستخدم في محاكمتها-من قبل الشيطان.

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات