أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - قراءة في مسرحية بعد السقوط ( بعد الهبوط من الفردوس) للكاتب الأمريكي أرثر ميللر















المزيد.....

قراءة في مسرحية بعد السقوط ( بعد الهبوط من الفردوس) للكاتب الأمريكي أرثر ميللر


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3358 - 2011 / 5 / 7 - 21:38
المحور: الادب والفن
    



تنمى مسرحية "بعد السقوط" لمسرح الفكر الواقعى وليس الفكر المجرد، وتدور المسرحية حول "كونتين" المحامى الأمريكى الناجح الذى يفشل فى زواجه مرتين، وعندما يرغب فى الزواج مرة ثالثة يتوقف أمام ذاته وقفه يعرض فيها حياته وأسباب نجاحه وفشله.
والمسرحية مكونة من فصلين يتتابع فيهما توارد الأفكار على ذهن كونتين، ويعرض مجموعة من الشخصيات كان لها دور فى حياة كونتين مثل "أمه وأبيه، وأخيه دان، وزوجاته لويز، وماجى وصديقه ميك، وفيلبس وهولجا" التى يريد الزواج منها ويفترض كونتين وجود مستمع هو صديق قديم له يعرض كونتين وجود مستمع هو صديق قديم له يعرض أمامه حياته. وكأن كونتين يقف مع هذا الصديق ليشاهد حياته من بعيد بنظرة موضوعية جديدة ليعيش لحظة صدق مع ذاته ليستطيع أن يواصل حياته بعد ذلك وبالفعل ينجح كونتين فى النهاية أن يواصل حياته مرة أخرى ويتزوج من هولجا. وبالطبع نستطيع أن نرى أن ميللر متأثر فى هذا الموضوع بالفلسفة الوجودية فى تحمل كونتين المسئولية عن ماضيه ويؤكد أنه لا مستقبل بدون تحمل أخطاء الماضى فكونتين مسئول مسئولية كاملة عن ماضيه وأفعاله أمام المجتمع وأمام ذاته.
ولحظة الصدق التى وقعها مع ذاته انقذته من الهاوية التى كان سيسقط فيها إذا لم يدرك حقيقة ذاته.
المضمون الفكرى:
أ-الفكرة:
تزخر المسرحية بالعديد من الأفكار التى كانت تدور فى ذهن كونتين منها.
‌أ- مسئولية الإنسان عن أفعاله وعن مدى قدرته وتحمله لأخطائه أمام المجتمع وأمام نفسه وعليه أن يقف مع ذاته لحظة صدق لتكون بمثابة دفعة يستطيع بعدها مواصلة حياته.
- كما يناقش بحث الإنسان عن ذاته والتعرف على حقيقة شخصية وهو ما كان كونتين يحاول عمله ومحاولة الإنسان لأن يرى نفسه من بعيد وبنظرة موضوعية.
‌ب- تناول ميللر أيضاً فكرة البراءة ووضح رفضه لها على لسان كونتين- لأن البراءة تقضى على الإنسان عندما تجعله لا يدرك مسئوليته عن أفعاله ويظن دائماً أنه برىء فالبراءة تقضى عليه لأنه لا يرى أخطائه، فالبراءة هى التى قضت على ماجى.
‌ج- كذلك عرض ميللر لفكرة الإنضمام للجماعات الشيوعية وتحدث كذلك عن النفاق والخداع والكذب الذى يتخفى الإنسان وراءها ليتنكر من حقيقته وهذه الأفكار الأخلاقية أفكار واقعية وإن تم معالجتها فى إطار ذهنى يقترب من مسرح العبث ولكنه لا ينتمى إليه.
2-طبيعة الحدث ومستوياته:
الحدث فى المسرحية ليس حدثاً مادياً بالمعنى المعروف ولكنه حدثاً ذهنياً فكرياً، فأفكار كونتين وما يرويه يراه مجسداً أمامه وهذا الحدث الذى يتطور يوضح تمسك ميللر بالواقعية فالحدث ينمو ويتطور ويصل فى النهاية إلى حل للمشكلة ويتكون الحدث من (بداية ووسط ونهاية".
ففى البداية يعرفنا كونتين ماذا سيحدث ويبدأ فى عرض ما يتوارد على ذهنه من أفكار وفى النهاية يتوصل إلى معرفة حقيقة نفسه ويجد حلاً لمشكلة فالحدث هنا ذهنى لكنه ينتمى إلى مسرح الفكر الواقعى وليس الفكر المجرد.
3-البنية الدرامية للنص:
تتألف مسرحية "بعد السقوط" من فصلين فرغم تأثر ميللر بالعبث إلا أنه يلتزم إلى حد كبير بالبناء الدرامى التقليدى كما أنه جعل للمسرحية بداية ووسط ونهاية.
البداية يعرض فيها ماذا سيحدث ثم العرض ثم يصل للنهاية بإيجاد الحل للمشكلة...وهكذا يتبين أن ميللر ينهج النهج الواقعى.
وقد اعتمد على ما يمكن تسميته بالمناقشة الجدلية بينه وبين نفسه، وأسلوب الاسترجاع لأحداث الماضى.
ويتضح تأثر ميللر بالعبثية فى تمرده على الوحدات الثلاث (وحدة الحدث، ووحدة الزمان، ووحدة المكان) فقد اختار شكلاً خالياً من تلك الوحدات معتمداً على تداعى الأحداث وتلاحقها فى ذهن كونتين بصورة تلقائية وغير متحدة وتتأتى له من أزمنة مختلفة، ومن أماكن متعددة تتغير بتغير الحدث.
فالمسرحية عبارة عن "سياحة داخل رأس كونتين" تدور فى فصلين وهذا اللون المسرحى تأثر فيه ميللر بالمسرح الوجودى ومسرح العبث وحافظ فيه على سمات الواقعية فقد جمع ميللر فى هذه المسرحية بين واقعية المضمون وعبثيه الشكل.

4-طبيعة الصراع:
الصراع هنا ذهنياً يحدث داخل ذهن كونتين فهو ليس صراع مادياً إنما صراعاً بين رغبته فى استكمال حياته بطريقة صحيحة والزواج من هولجا وبين عدم قدرته على ذلك نتيجة فشله فى الزواج مرتين من قبل.
وفى محاولته لتغليب أحد الطرفين على الآخر يعرض حياته وما دار فيها من مواقف تضمنت صراعات نفسية جانبية تساعد فى تصاعد وتطور الصراع الذهنى. فعندما يعرض كونتين ما حدث له فى حياته نتعرف منها على ما أوصلته إلى هذه الحالة فمثلاً موقفه من أمه فهو يحبها ولا يستطيع أن يبكيها وذلك لأنها تركته وهو صغير بمفرده مع المربية فهو يعتبر ذلك خيانة.
شبكة العلاقات بين شخصيات المسرحية


المرسل ----------------->الفاعل------------------------->المستفبل
كونتن كونتن لويز/ ماجي/ هولجا
:
:
:
:
:
المساعد--------------------->المفعول------------------------->المعارض
الصديق القديم زوجاته كونتن في مرحلة ما


أما عن شخصية كونتين فتعد شخصية فاعلة مرسله لرسالة هامة تتمثل فى مراجعة ما تم فى حياته السابقة من أفعال هو غير راضى عنها والمستقبل هم ماجى/هولجا، لويز أما عن المساعد هو من يستمع إليه كونه صديق قديم يساعده على أن يخرج ما بداخله أما المعارض فهو كونتين الذى رفض الاعتراف بأخطائه وعندما واجه نفسه كشف الزيف الذى عاشه من قبل.
5-الشخصيات والدلالات المتولدة:
الشخصيات واقعية لها أبعاد نفسية وإجتماعية وهذا يختلف عن شخصيات مسرح العبث مثل هام وكلوف فى لعبة النهاية أو وينى وويلى فى الأيام السعيدة فهى شخصيات مبتورة ليس لها أبعاد بل إنها تعد رموز أكثر من كونها شخصيات.
-شخصية كونتين:
هو المحامى الناجح الذى أدرك أنه يقترب من السقوط، فنظر خلفه إلى حياته السابقة يستعرضها بصدق فاستطاع أن ينجو من السقوط.
ويتسم كونتين بالتفكير الجدلى العميق فهو على مستوى عال من الثقافة. كما إنه انضم فى وقت ما إلى إحدى المنظمات الشيوعية وتزوج من ماجى وتفرغ لأعمال لها حتى أبعدته عن ذاته تماماً.
ففى الوقت الذى شعر كونتين أن حياته مجردة بعد فشله فى زواجه الأول. تقابل مع ماجى التى كانت تجسيداً حياً للحياة بكل معانيها المادية بعيداً عن أى أفكار مجردة. فأدرك وقتها أنه لابد وأن يستجيب لشىء ما. لذا فاستجاب لماجى التى تحيا الحياة المادية بكل معانيها بعيداً عن التفكير أو المجردات ويتضح ذلك فى قول كونتين لماجى أنه مرسوم على وجهها كلمة "الاه" فهى لا تفكر فى المستقبل وهذا هو ما احتاجه كونتين فى تلك الفترة التى شعر فيها أنه لا يحيا إلا على المجردات ثم أفاق بعد ذلك. بعد أن تزوجها ليجد نفسه قد غرق فى الحياة المادية ونسى نفسه. وترك ماجى بعد أن قضت عليها حياتها تلك فبدأ يبحث من جديد عن الحياة الفكرية العقلية التى فى استطاعتها التغيير وهذا ما وجده فى "هولجا" وهذا ما حاول أن يؤكد عليه ميللر فى دعوته للتغيير فهو يؤكد أن التغيير يجب أن يتأتى عن طريق العلم والفكر وليس بالعنف.
وهذا ما يجعلنا ندرك أن بعد السقوط ليست سيرة ذاتية لحياة ميللر- كما ذكر معظم النقاد- ولكنه جسد لنا حياة الإنسان المعاصر فى عدم قدرته على أن يجد ذاته أو يفهم حقيقته فى ظل تخفيه وراء البراءة. ذلك القناع الذى يقضى على صاحبه نتيجة تخليه عن مسئولية أفعاله، وشخصية كونتين تختلف عن شخصية البطل التراجيدى فالبطل التراجيدى يقع فى الخطأ عن طريق سقطة لأزمة له أما كونتين فهو يجسد لنا البطل المعاصر الذى يقع فى الخطأ وهو يدرك تماماً نتيجة أفعاله لكنه يعلق أخطاءه على ظروف العصر ويدعى البراءة تلك البراءة التى تقضى عليه فإن كونتين يؤكد أن أدم عندما خرج من الجنة كان باحث عن المعرفة وكان مدرك لنتيجة فعله هذا لكنه مع ذلك فعله ثم تخفى وراء البراءة فى أن حواء غررت به. وهذا ما يرفضه كونتين فنراه يقول:-
"أن تقولى الحق ولو على نفسك. فأنت تتظاهرين بأن تكونى... (يستدير منصرفاً إلى المستمع)... بريئة! أجل لقد ظهر فجأة أناس لا يتورعون عن القضاء عليك ببراءتهم.
وهكذا نجد كونتين تجسيداً للإنسان الأمريكى المعاصر بكل ما يعانيه من صراعات ذهنية. فهو شخصة مستمدة من الواقع الأمريكى.
إذا نظرنا إلى كونتين نجده طوال المسرحية يبحث عن ذاته وعن حقيقته. فيقول:
"اسمى يحمله هذا الرجل! لماذا لا أستطيع أن أقول "أنا"؟ فعلت هذا.. وأريد ما فعلته وقد رأيته مرة رأيت كونتين هنا... للحظة. مثلما يرى القمر رأيت كلاً منهما خالياً من اللوم بلا أخطاء.
كذلك يقول:
"كلا ليس الحب. فكل ما فى الأمر أن اكف عن تقمص شخصية غيرى كى أعيش بشرف ... كى أعيش بإيمان صالح ولو لم أكن أملك سوى الجرأة! كى لا أكون صالحاً مرة أخرى متنكراً مرة أخرى خائفاً مرة أخرى من إظهار كونتين. كونتين على حقيقة".
فقد مل كونتين من التنكر وراء النفاق والخداع والكذب وإظهار نفسه كمثل أعلى فقد أدرك أنه فاقد القدرة على تمييز الصواب من الخطأ. يتضح ذلك من حديثه فى موضوع الشيوعية فيقول:
"لست على يقين بتاتاً مما تناصره. آترانا صالحين لمجرد أننا نقول للشر "لا" ... لمجرد أننا نرفضه؟ بل أن كلمة "لا" العادلة ضرباً من التنكر. أليس من اللازم.. أن تقول... أن تقول... نعم فى النهاية... أن تستجيب لشىء ما؟.
ومن أفضل الجمل الحوارية التى يعبر بها كونتين عن ذاته.
(أنا غريب أمام حياتى)
وذلك لأن كونتين فاقد القدرة على اكتشاف ذاته نراه يدور فى فلك الماضى يستعرض منه أخطاءه التى أوصلته لتلك الحالة. ويدرك من خلال هذه الأخطاء كيف يبدأ حياته من جديد.
-شخصية ماجى:
هى تجسيد لشخصية المرأة الأمريكية فى تلك الفترة فهى المرأة الجميلة التى لا يشغلها سوى الشهرة والجنس والمال. فهى شخصية ساذجة فارغة من أى معانى مجردة وتعد "مارلين مونرو" تجسيداً لتلك المرأة. وقد أتى ميللر بها تجسيداً للمرأة الأمريكية التقليدية كمقابل للمرأة الأمريكية الجديدة التى يدعو ميللر لأن تكون هى الداعية للتغيير والتطوير وأن تقود المجتمع فكانت ماجى تجسيداً لتلك الصورة القديمة التى سادت المجتمع وقتها.
-شخصية هولجا:
هولجا هى الصورة المناقضة لماجى. فهى المرأة المثقفة المتعلمة التى تهتم بالنواحى الثقافية والعلمية أكثر من النواحى المادية- ولكنها لا تنفيها تماماً- وهى عالمة من علماء الآثار. هى الشخصية التى ينشد ميللر منها التغيير. فهى تمثل المستقبل بينما ماجى تمثل الحاضر. تعيش ماجى اللحظة أما هولجا فهى تعنى المستقبل بكل مافيه من تغيير للأفضل والشخصيتين ماجى وهولجا يمثلان القديم والجديد أو الماضى والمستقبل.
وميللر يجعل من هولجا المرأة القادرة على التغيير والتى تذكرنا "بنورا" فى مسرحية "بيت دمية" لهنريك أبسن فهولجا هى "نورا" المجتمع الأمريكى.
باقى الشخصيات:
هى نماذج واقعية قابلها كونيتن فى حياته وهذه الشخصيات تظهر فى ذهن كونتين فجأة وتختفى تبعاً لتوارد الخواطر فى ذهنه.

6-اللغة والحوار
استخدم ميللر مستويين من اللغة:
لغة كونتين الراقية الفصيحة ولغة ماجى الشعبية:-
أما بالنسبة للحوار فقد تداخل بصورة تميل إلى العبث وتداخلت الموضوعات كما ترد فى ذهنه تماماً. ورغم ذلك ما زال محافظاً على واقعيته. فهو يميل إلى العبثية فى بعض مناطقه فقط مثل:
ماجى: حين تذهب الليلة إلى واشنجتن... اتعرف ماذا كنت أفعل؟ بوسعى أن استقبل عربة أخرى فى نفس القطار!
كونتين: (إلى المستمع) لكن.. أليس يكفى أن تقول لرجل أنه ليس مذنباً؟ أجل (ينظر إليها) اسمى يحمله هذا الرجل! لماذا لا أستطيع أن أقول "أنا"؟ فعلت هذا وأريد ما فعلته.. وقد رأيته مرة. رأيت كونتين هنا... للحظة مثلما يرى القمر رأيت كلا منا خالياً من اللوم. بلا أخطاء.
ماجى: يا لفرحتى لقد استغرقت فى النوم. لحظة تركتنى فى الليلة الماضية".
وقد اعتمد ميللر على الحوار لتجسيد الحالة التى تميل للعبث من حيث الشكل وتنتمى للواقعية من حيث المضمون وقد استخدمه كذلك فى وظائفه التقليدية مثل التعريف بالشخصيات والمساعدة فى تطور الحدث وقد أهتم كونتين بلحظات الصمت والإرشادات بجانب الحوار. مثل:-
"حين انصرفت كان الأمر لا يزال غير واضح. لكن (هذين المصباحين يظهران على جدارى فجأة ....)
(يسير ويشرع فى رفع ذراعيه متخذاً وضع المصلوب هذا !).
(يخفض ذراعيه مشمئزاً).
لست أدرى! لإنها أعطتنى شيئاً! جعلنى...
أغيرها! كأنى... يصرخ، كنت أحس بشىء (يكاد يضحك) ما الذى أحاول أن أفعله بحق الجحيم؟ إنى أحب الجميع.
وقد اعتمد ميللر على المونولوجات فى بعض المناطق التى تشرح وجهة نظر كونتين وخاصة عندما يوجه حديثه للمستمع. مما يصبغ الحوار بالصبغة التعبيرية ومن خلال تحليل هذه المسرحية يمكننا القول أن "بعد السقوط" ليست سيرة ذاتية" لأرثر ميللر" كما ذكر بعض النقاد ولكنها تعرض لمشكلة المواطن الأمريكى المعاصر وإن لم تعرض لقضايا عامة تهم البشرية جميعاً.
والمسرحية كما سبق أن أشرنا تنمى لمسرح الفكر الواقعى وليس مسرح الفكر المجرد.
7-مستويات الزمان:
إذا ما قرأنا مسرحية بعد السقوط(بعد الهبوط من الفردوس) غالباً ما يدور فى أذهاننا سؤال هل تتعدد مستويات الزمان فى هذه المسرحية حتى تأتى التسمية متطابقة كدلالة مع مضمون المسرحية.
إن القارئ لهذه المسرحية يكتشف إلى أى مدى نرى الزمن فى النص وتأثيره على فعل شخصية المحامى كونتين ومن حوله من الشخصيات النسائية التى تمثل كل واحدة منهن مستوى من مستويات الزمان الثلاثة فمثلاً تمثل لويز الزمن الماضى الذى كان له تأثير كبير وقوى على حاضر المحامى كونتين وكان له (أى الماضى) الذى يشمل أسرة كونتين تأثير كبير أيضاً خاصة أفراد أسرته أمه... إذن الماضى فاعل فى الحاضر وهو ما يتمثل فى الشخصية النسائية الثانية أقصد ماجى التى مثلت الحاضر وهى تمثل طبيعة المجتمع الأمريكى التقليدى تجعل كونتين يعيد التفكير فى هذا الحاضر ويسعى لتغيير الأحداث التى وقعت فى الماضى بل ويصل سعيه إلى تغيير هذا الحاضر الذى اكتشف إلى أى مدى كان له التأثير على حاضره.
وهنا تكتشف من خلال هذه المسرحية أن الشخصيات الثلاثة النسائية يمثلن مستويات الزمان الثلاثة واحدة تمثل الماضى والثانية تمثل الحاضر وتمثل شخصية هولجا المستوى الثالث أى المستقبل المفعم بالأمل فى غدٍ أفضل.
وعليه نستطيع القول أن الماضى له علاقة بالحاضر علاقة تمثل السبب والنتيجة فماضى كونتين مع لويز ترتب عليه نتيجة حتمية تمثلت فى سعيه إلى تغيير هذا الحاضر وهذا الحاضر هو النتيجة الأساسية والسبب الفعلى فى المستقبل الذى تمثل فى سعى كونتين إلى الزواج من هولجا.


8-مستويات المكان:
من المعروف أن طبيعة المكان لها تأثير قوى وواضح كدلالة منها نستطيع أن نتعرف على طبيعة أدوار الشخصيات المسرحية وسلوكها وأفعالها طوال أحداث المسرحية. فالمكان يتحكم بطبيعته فى جو المسرحية. ومن خلال الإرشادات المسرحية الواردة فى هذه المسرحية نستطيع التعرف على طبيعة ومستويات المكان.
ففى الفصل الأول نتعرف على مستوى المكان الذى لا يتعدى أكثر من حجرة بها مقعد واحد وليس بها أثاث بالمعنى التقليدى خشبة المسرح التى تمثل المنزل مجردة بها فقط هذا المقعد وتنقسم إلى ثلاث مستويات من حيث المنصة يعلو بعضها البعض الآخر.
المكان يتضمن برج حجرى لأحد معسكرات الإعتقال الألمانية ونوافذ للبرج: هذا إلى جانب اشتمال جدران المكان على بعض الكهوف والأمكنة المنحوته فى الصخر مثل التضاريس مما يوحى بأن جزء من الأحداث يدور فى العصر الحجرى وجزءاً أخر فى معسكر الاعتقال.
إن طبيعة المكان هنا تعطى إيحاء بذهن كونتين المحامى أى أن طبيعة ومستويات المكان يشبه إلى حد كبير ذهن كونتين الذى تدور به الأحداث وتتوارد عليه دونما نظام مسبق أو ترتيب مما يعطى لمستويات المكان دلالات قريبة جداً من حالات اللا نظام واللا ترتيب الذى يصوره ذهن كونتين.
إن إتساع مساحة المكان فى هذه المسرحية وضيقه فى بعض الحالات له دلالة كبيرة فمثلاً مستوى المكان لم يتغير طوال الفصل الأول والثانى فقط تتحرك الشخصيات واستخدامها للمستويات الثلاثة للمكان يمثل بطبيعته انتقال الحدث من مكان إلى آخر ولعل طبيعة هذا المكان الوحدة الثابتة طوال أحداث المسرحية لها دلالة كبيرة تشعرنا فى بعض الأحيان بطبيعة المكان والاختناق وكأننا نتحرك مع الشخصيات داخل ذهن كونتين وفى أحيان أخرى تنفرج الأحداث ويتغير المستوى العام للأحداث فتنتقل إلى مستوى آخر من المستويات الثلاثة للخشبة.
إن ثبات المكان وتغييره بين المستويات يشير بطبيعته إلى طبيعة العلاقة بين كونتين وما بين كل واحدة من الشخصيات خاصة الشخصيات النسائية الثلاثة.



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الد ...
- المدرسة الشكلية الروسية ... قراءة في النقد المعاصر
- قلبي يئن لكن مستقبل مصر أهم
- شهداء 25 يناير وعيد الأم .
- المسرح المصري في السبعينيات وقضايا الانفتاح الاقتصادي .
- الكوميديا في المسرح المصري (دراسة في نظرية الكوميديا العربية ...
- مشروع المسرح الفيدرالي وانعكاساته الايجابية علي استمرار الدر ...
- الشخصية النسائية في مسرح توفيق الحكيم .
- العلاقة بين المسرح بوصفه ظاهرة احتفالية اجتماعية وبين الحيز ...
- مسرحية السلطان الحائر .. الرؤية الإخراجية وضياع القضية ( رؤي ...
- صورة المرأة بين المسرح النسائي ومسرح نصرة المرأة .
- قراءة نقدية تحليلية في مسرح نجيب سرور .
- رسالة عاجلة إلي وزير التربية والتعليم العالي
- الكوميديا في االمسرح المصري ..دراسة في نظرية الكوميدية العرب ...
- لا .. لسارقي أحلام شباب 25 يناير .قراءة في ثقافة المتسلقين .
- الخطاب المسرحي في مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر التراثية (ر ...
- مسرح المونودراما وخصوصية البنية النصية والعرض .
- ماذا ننتظر وينتظر مبارك من بقائه في شرم الشيخ .
- الثورة المصرية بين وطنية النشأة وعولمة العلاج في التصدي لها
- المونودراما ... ظاهرة المسرح الفردي بين القبول والرفض .


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - قراءة في مسرحية بعد السقوط ( بعد الهبوط من الفردوس) للكاتب الأمريكي أرثر ميللر