أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس داخل حسن - سيرة الرئيس زرافة














المزيد.....


سيرة الرئيس زرافة


عباس داخل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3357 - 2011 / 5 / 6 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


لم تعرف له سيرة مؤثرة او ثقيلة بين أفراد حارته. يمتاز بغباء غير ضار لأنه صرف عقداً ونصف العقد ولم يصل الى المرحلة الرابعة من التعليم الابتدائي واستسلم
المسكين لليأاس وأقلع عن فكرة مواصلة التعليم دون نجاحات تذكر او محاولات. لم يكن انطوائياً الا انه لا يتجاذب الحديث مع أقرانه او يلعب معهم على أديم الساحة الوحيدة التي تقع بمحاذاة معسكر للجيش بني وتهرأ منذ زمن الاحتلال البريطاني وبقي كمستودعات مجهولة لخردة ليست ذات قيمة تذكرعلى مر الحكومات الوطنية حبست فيها كل فضلاتها العسكرية وأحاطته بحرس وأسلاك شائكة من جهة البر ويحاذيه من الجهة الأخرى نهر وبساتين عامرة من النخيل مطلة على الجهة الأخرى لمركز المدينة التى تعرف بالولاية رغم انها تبدو كقرية تماما، هكذا أهل الجنوب يمنون أنفسهم بالمسميات دائما لحلم او خيلاء يكبر في رؤوسهم ويصدقونه.
ان جاسم، الذي أطلق عليه اسم جاسم زرافة لطوله واستقامته وذراعيه الطوليتين يخيل للمرء انهما سيسقطا ، ورأس صغير يشبه رأس زرافة، له حضور في كل المناسبات، فطوله الفارع وصوته الجهوري يمنحه إلقاء الأهازيج والشعارات في الأفراح والأتراح، ولا يعاني من اختناق لانه يتنفس دون عناء وسط الجماهير او التجمعات البشرية.
هذا الزرافة، وحسب بوح أمه لنسوة الحارة في أكثر من مناسبة :
ورث جسمه من جده لأمه وغباءه من جده لأبيه
ودائما تستطرد قائلة: انه وحيدي.. ونعمة الله فهذه ثمرة حياتي وذكرى المرحوم انتظرتها سنين وسنين.
وفي آخر الحروب استدعي زرافة لخدمة العلم، وفي أول إجازة اعتيادية جاء بمنظر يثير السخرية ببنطال قصير وحذاء عسكري يعد آخر قياس موجود في مستودعات الجيش وبيرية حمراء ترتديها قوات النخبة من العسكر، لأن العادة في جيوشنا إن الأحجام هي مقياس المهام، ويبدو ان زرافة فاز بأن يكون من قوات النخبة وخسر كثيرا من وزنه ليصبح أكثر طولا مما أثار جاره الحاج عطية ليطلق عنان مخيلته قائلا:
انك خسرت كثيرا من وزنك، اتمنى ان لا يجعلوك سارية علم في ساحة العرضات العسكري!،
فاجابه جاسم زرافة بهدوئه المعهود: هذا نصيبي يا حاج عطية.
مرت الاشهر وبدات الحرب واختفى جاسم زرافة ودارت امه على المستشفيات واستعانت بالجيران ليقرأوا لها قوائم المفقودين وتابعت نشرات الاخبار الصديقة والعدوة دون هوادة ولا أثر لجاسم زرافة، ووضعت الحرب اوزارها وعاد من عاد واختفى من اختفى وام جاسم وحيدة تنتظر مربوطة بأمل عودة وحيدها وثمرة حياتها. وبعد تقلب الاحوال وتعدد الاهوال وفي آخر المطاف وفي مساء تشريني بارد ساد حارة جاسم زرافة هرج ومرج وبدا تجمع امام بيت ام جاسم والكل يروي ما شاهده على شاشة التلفاز ويقسم باعظم الايمان انه رأى جاسم بطوله وعرضه مع الفرق التي خلعت الحكومة وبدا خيال اهل الحارة ينسج قصصاً وقصصاً عن الزرافة. وفي صبيحة يوم تشريني غائم ظهر جاسم زرافة بأناقة لم تساعده كثيرا مع جمع من المسلحين يقومون بحمايته وزار أمه على حين غرة وبعد عتاب وبكاء وأخذ ورد ظهر زرافة لاستقبال ابناء حارته التي ما عاد يعرف معظم وجوهها فكبرت اجيال وضاعت اجيال خلال سنوات البعاد الطويلة لكن زرافة لم يتغير ولا يستطيع الكلام او المجاملة فقال للجميع بصوته الجهوري:
ستتغير الاحوال وسأصبح رئيساً.
ضحك البعض في سره، وكذبه آخرون في سرهم. ودارت الايام وأصبح زرافة الرئيس ولم يغير طباعه وبدأ رأسه يصبح اكثر صغرا نتيجة عز المنصب وامتلاء هنيء العيش ولم يره ابناء حارته الا من خلال نشرة الاخبار، لكن لا احد يجهر بلقبه القديم واصبح الكل يذكره باطيب الالقاب ويفتخرون بأنه احد ابناء الحارة، وفي مناسبات عديدة
هتفوا: يعيش الرئيس.... والله ينصرك يا....
عبارات لا تتقلب مع الرئيس الجديد، فالرؤساء يذهبون وهي باقية للابد ما بقي اليل والنهار. وفي آخر مقابلة مع البي بي سي وعد الرئيس زرافة بان يصدر مذكراته الشخصية قريباً جدا، على أن توزع على كافة مدارس البلاد مجانا، علما ان الرئيس لا يعرف عنه الكذب اطلاقا وبشهادة الذين يغبطونه والذين يحسدونه.
عباس داخل حسن
[email protected]



#عباس_داخل_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارهاصات هندسية قصص قصيرة جدا
- العراقييون في الامتحان
- عدمية الحكومة العراقية ... وحتمية التغير
- بربوكاندا عراقية
- إقرأوها بسلام آمنيين
- مصر يامه يابهيه
- البكباشى والشعب المصري
- شر البلية مايفتك
- مصر ..اوهام العودة للوراء
- مصر: لاصوت يعلو فوق صوت الشعب المصري
- من هوجة عرابي الى ثورة الشعب المصري
- أوباما .... عقاب اصلع بجناح واحد
- عدوى ويكيليكس تصيب قناة الجزيرة
- الرئيس يتوسل سيدي بوزيد
- خارج نطاق التغطية
- نداءات نائية
- بطاقة تعريف
- سيدي بوزيد يترجل سيداً
- مقامة في الرعبلة العراقية
- ادب قصة قصيرة


المزيد.....




- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...
- رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس داخل حسن - سيرة الرئيس زرافة