|
بعد موته «ابن لادن» يقصف درعا
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3353 - 2011 / 5 / 2 - 22:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم أصدق عيني، وأنا أقرأ فجر هذا اليوم، خبر مقتل "ابن لادن"، في غارة أمريكية، مخطط لها بعناية فائقة، وفق الأخبار، وذلك بعد عشر سنوات، من البحث المضني عنه، وهو -أي البحث عنه- لم أصدقه جملة وتفصيلاً، لأنني ما زلت أتذكر ما نسب إلى "نيورمان شوارزكوف" قائد "عاصفة الصحراء" في حرب الخليج الثانية، عندما قال في العام 1991 وهو يقدم استقالته، أو حين أحيل على التقاعد: "كنا على علم بعدد، ومواعد وجبات الطعام اليومية التي تقدم لصدام حسين، في كل مخبأ يلجأ إليه"، وذلك عندما طلب من الإدارة الأمريكية، بالسماح له، بقصف أحد مقار إقامة الدكتاتور، إلا أنها لم تسمح له، فأثار ذلك اشمئزاز هذا الجنرال، وإن كان ذلك نفسه، سيتم في زمان ومكان آخرين، وبطريقة أخرى، في ما بعد، وفق المخطط الأمريكي، وهو نفسه ما يمكن قوله عن مقتل "سيف العرب" نجل الدكتاتور القذافي، وثلاثة من أحفاد هذا الطاغية، في غارة للناتو على مكان إقامتهم، وقد نجا منها القذافي، مع"حرمه" كما نجا قبل ربع قرن تماماً، من الآن، عندما تم قصف منزله إثر غارة مماثلة، وليعلن آنذاك عن مقتل ابنة العقيد بالتبني وهي" هيفاء".
ما يهمني هنا، هو أن صديقاً لي هاتفني، في صباح هذا اليوم، بعد ساعات من سماعي الخبر، يريد التأكد مني، في ما إذا كنت أصدق هذا الخبر، أم أنه مجرد "فبركة" للتغطية على بعض ما يدور في العالم؟، وصديقي هذا خير متأثر بنظرية "رينيه ديكارت" والتي تلخص في مقولته الأشهر " أنا أشكّ إذاً أنا موجود!" وقد يصيب في سلسلة ظنونه اليومية، ولاسيما أنني أدري بأن آلاف الإعلاميين والخبراء العسكريين والمحليين السياسيين ومراكز الأخبار العالمية لطالما أماتوا " ابن لادن" من قبل، لدرجة أن إعلان خبر موته، قد يعني لبعضهم أن الموت قد تم منذ سنوات طويلة، وما يتمّ الآن، ليس إلا الإعلان المتأخر عنه، مادام أن هناك من يقول أن "صدام حي يرزق"، بل هناك من يطلع علينا ويقول: أنا صدام........!، وإن ابنة القذافي -بالتبني- تلك، التي قال العالم كله في النصف الثاني من الثمانينات -عندما كنا نسمع الأخبار من أجهزة الراديو - إنها: ماتت، و زعلنا، ، لمقتلها بجريرة جرائم أبيها، لا تزال حية، وأجبته : إن من يقتل سواه، يقتل طمأنينته، و يظلّ "حياً في كفن" مهما كان متجبراً، سفاحاً، يتوارى عن رؤية وجوه البشر، ولا يمكنه أن يسير إلا محروساً، متخفياً، حتى ولو كان وسط وعول وحمائم في حديقة، وإن ليلته لابد تتقاسمها كل كوابيس العالم، ومن هنا، فالقاتل مشروع قتيل، حتى وإن تأخر مقتله إلى حين، أو حتى إن لم يتم...... بالمعنى الفعلي، وإن كنت ضد لغة القتل، حتى بحق القاتل الذي يجب أن يقدم للقضاء، ألم يكن "صدام" صرصوراً في حقيقته، إلا أنه لكم كان يتجبر، مادام أن هناك " كاميرا" تلتقط خزعبلاته....؟! قال صديقي: اليوم سيسدل مقتل "ابن لادن" الستارة على ما يجري في العالم العربي، من انتفاضات وثورات شعبية عارمة، وكان يعني أن اسم درعا سيغيب طوال اليوم، أو أكثر، عن شاشات فضائيات العالم الحر. قلت له: "ابن لادن" مات، للمرة الأخيرة....!، ومحال أن يتم ذلك، لأنه لابدّ من أن تكون هناك نافذة من قبل هذه القنوات، ترينا ما يتم هناك، مع الكائن الأعزل، إلا من إرادته، في مواجهة الرصاص الحاقد. لم أدر أني سأخسر شيئاً من الرهان، بحق، وإن بعض هذه الفضائيات لها أولوياتها، وجدت في تناول -الخبر المثير- ومقتل "ابن لادن" ما غطى- بحق- على الوقت المخصص لفضح سفك الدم البريء في بعض مدن العالم، وبهذا فإن "ابن لادن" الذي ثكل مئات الآلاف من النساء، في كل قارات العالم، لايزال في اسمه ما يكفي من غطاء لقتل الأبرياء. ولعلّ الخبر الأكثر بروزاً كان إعلان "الداخلية السورية" عن عفوها عن المغرر بهم، ليسلموا أنفسهم مع" أسلحتهم وتقاريرهم عمن غرر بهم، وهي مادة مثيرة لشهوات إعلاميين وناطقين رسميين سيلقنون عدداً من الضحايا، ما عليهم أن يقولوه، بحق ضحايا آخرين، وذلك ضمن حلقات فضائيات، تصور للعالم كله بأن ما يجري في سوريا -مثلاً- هو أمر عادي، حيث المسلسلات، وضحكات المذيعات، بينما متاريس دوريات التفتيش تتربع على مداخل ومخارج المدن في حالة استنفار قصوى، وإن مئات .. بل آلاف.. أو ملايين الأسر تعيش حدادها الفعلي. وقد يكون جزء من هذه الدعوة-أو العفو/اللغو، ليس موجهاً لحاملي السلاح الافتراضي فقط، بل لحملة "القلم" الذين ينقلون بصدق ما يجري أمام أعين الملأ، من دون أن يقبلوا على أنفسهم الانخراط في" جوقات التزوير" وما عليهم إلا أن يسلموا" أقلامهم" وحبرها. بل وأدمغتهم ويسلموها....". مؤكد أننا سنسمع بعد سنوات قليلة من يقول: "أنا ابن لادن" ، وما زلت حياً أعيش، ورزقت بأولاد آخرين، من أمات وحرائر أخريات، وهو ماسيتلقفه إعلاميو "الصحافة الصفراء"، في أخبار لا تحترم أوقات متلقيها، يشنفون بها آذاننا، ويصفعون عبرها عيوننا، و وجوهنا، وهلم جرى، في دورة الإعلام الملفق، بينما سيكون "دود الأرض" أو "سمك البحر"، قد انتهيا من أكل لحم" الرجل" إن لم يكونا قد انتهيا من قبل، بل لعل بقايا جثة الرجل، تحنط، أو تحتفظ في حوض كيميائي خاص، لترى الأجيال القادمة، من كان وراء مقتل أجدادها، إنه شأن البيت الأمريكي، وهو ما لا علاقة لنا به .
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
درعاغراد
-
ما لا يقوله الحزب الشيوعي (الرسمي): الموقف من الاحتجاجات الس
...
-
-من سيذبح المليون-؟
-
مدرعات في درعا ودروع للمدينة الباسلة
-
رسالة الكاتب
-
أطالب بإسقاط «الرشاش»
-
قانون الطوارئ في «بزته الأقبح»
-
قلق الإبداع
-
ذروة الضمير الجمعي
-
في وداع -نديم يوسف-
-
المخاض الإبداعي
-
إعادة الجنسية وضرورة التعويض الرجعي
-
أسئلة أولى عشية تشكيل الحكومة الجديدة
-
ثقافة الحوار
-
البصمة الإبداعية
-
أسئلة في محراب نوروز
-
ثقافة الحياة
-
الكتابة والحدث
-
سلامتك تاتليس
-
المثقف ونبض الشارع
المزيد.....
-
مصر تحظر الهواتف غير المطابقة للمواصفات.. ومسؤول: -مُقلدة وت
...
-
غارات أمريكية في الصومال.. ترامب يعلن استهداف أحد كبار تنظيم
...
-
كيف تجيب عن أسئلة طفلك -المحرجة- عن الجنس؟
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|