|
مملكة العصافير
قطر الندى
الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:32
المحور:
الادب والفن
كانت حربا طاحنة ، حربا ضروسا امتدت لسنوات عديدة ، في المعركة الحاسمة استطاعت جحافل العصافير بقيادة سرب الحمام من فرض حصار على المدينة . رضخ الأعداء صاغرين لمطالب العصافير واستسلموا من غير شروط ، استسلم الغربان وخضعوا وطلبوا الرحمة ، اجتمع القادة من الحمام واتفقوا على العفو العام عن جميع الغربان ، وصدرت الأوامر بعدم التعرض للغربان بأي شكل من الأشكال وتركت لهم حرية التصرف ، الغالبية من الغربان طلبوا السماح لهم بمغادرة مملكة العصافير والتوجه إلى ممالك أخرى، وبالفعل خرج الغربان من المملكة إلا القليل منهم ممن عاشوا في مملكة العصافير بحرية واطمئنان . ساد العدل والأمان في ربوع هذه المملكة ، كان الكل سواسية ، حتى ما بقي من الغربان شعروا بالحرية والأمان وانخلطوا مع باقي عصافير المملكة ، كان الحمام عادلا لأبعد حد ، فلا فرق بين الكناري والغراب ، ولا بين الطاووس والنعام ، ولا فرق بين البط والدجاج ، الكل يعيش تحت جناح العدل والمساواة . كان كل حسب عمله يقدر ويكرم . كانت أجواء المملكة مفتوحة للطيور المهاجرة من شرق الأرض إلى مغربها بيسر وسهولة وأمان . بدون أي ضرائب أو حدود وحواجز . استمر هذا الحال زمانا طويلا ، ولكن دوام الحال من المحال ، كان الغربان الحاقدين على مملكة العصافير ممن غادروها يدبرون المكائد ويديرون الدوائر على هذه المملكة الفاضلة . فبدأوا يحاولون الحصول على دعم من الممالك التي لجأوا إليها . وبالفعل تجاوبت معهم مملكة النسور وكانت قد عظم شأنها وقوية شوكتها ، كما كسبوا دعما من دولة الصقور . عندها بدأت اللعبة من جديد ، بدأ الغربان بالعودة إلى مملكة العصافير ، وبدأوا يشكلون جماعات وأحزابا ، بل وأكثر من ذلك أخذوا يتدربون على القتال بدعم من النسور والصقور . بدأوا يثيرون المشاكل داخل مملكة العصافير وأخذوا بمضايقة العصافير بأي شكل كان ، كانوا قد شكلوا قوة هائلة وامتلكوا السلاح وتدربوا عليه ، أما العصافير فكانوا يعتقدون أن عدلهم والمساواة التي أقاموها سوف لن تجبرهم على امتلاك السلاح من جديد ، هجوم سريع من النسور والصقور على أطراف المملكة ، تدمير وتشريد واحتلال ، وبنفس الوقت هجوم من الغربان داخل المملكة وفي قلبها المقدس مباشرة .. كان سقوطا سريعا فظيعا رهيبا . كان احتلالا شاملا وكاملا لربوع هذه المملكة الفاضلة . أدى النسور مهمتهم بنجاح ، وقاموا بتأمين الأمن لدولة الغربان المغتصبة بكل الأشكال والوسائل ، فقاموا بإنشاء دويلات مكان مملكة العصافير ، ضربوا فيما بينها الحدود والحواجز ، كان مبدأهم " فرق تسد " ، بل وأكثر من ذلك ، قاموا بتنصيب قادة على كل دولة من أتباعهم وخدامهم " كانوا قادة من جلدة العصافير ولكنهم ليسوا منهم " .، ومنعوا الطيران بحرية ، أصبحت الحدود مغلقة والهجرة شاقة وصعبة وخطرة ،.. ظن العصافير في هذه الدويلات أن الأمر انتهى وكانوا يعتقدون أن قادتهم حريصون على شعب العصافير واعتقدوا خيرا بجيش العصافير المقاتلة في كل من هذه الدويلات . كان الدعم هائلا من العصافير لجيوشهم بكل أنواع الدعم . اقتنعت عصافير الدويلات بهذا الوضع ، على أمل أن جيوشهم ستحرر القلب المقدس الذي احتله الغربان وأقاموا فيه دولتهم ، أما عن حالة الحمام في قلب المملكة المقدس وعاصمتها فقد كانوا يعيشون حالة من القهر والتعذيب والإذلال ، الغربان الحاقدون يريدون دولة لهم فقط ويريدون تهجير حمامها أو قتله .. حولوا القلب المقدس إلى ساحات من الدماء ، وحولوه إلى أشبه بمدينة للأشباح والرعب ، لم يستسلم الحمام وبدأ بالمقاومة بأشكالها المختلفة وبالطرق المتاحة ، استطاعوا بالفعل من إرهاق الغربان المغتصبين ومنعوهم من تثبيت أركان كيانهم على أرضهم . لكن الغربان بدأوا يضيقون على الحمام عيشهم ، دمروا الأعشاش وبنوا أقفاص كبيرة واعتقلوا منهم الكثيرين ، اغتالوا شيوخهم وقتلوا أطفالهم وشردوا نساءهم ، سرقوا منابع ماءهم واطلقوا جيشا من الجراد يلتهم محاصيلهم . كان وضعا مأساويا داخل القلب المقدس . زاد الغربان في طغيانهم ، فأخذوا يبنون قفصا كبيرا يحيط بالحمام في مناطق محددة ويمنع عنهم كل شيء إلا الرحيل عن الأرض . لم يكن الأمر أفضل في باقي دول العصافير ، فالقادة هناك سلطوا جيش العصافير على شعوبهم ، انتشر الظلم والقهر في ربوع مملكة العصافير . انتبهت شعوب العصافير إلى وضعها ورأت أن جيشهم الذي طالما دعموه بكل ما يملكون انقلب عليهم ولم تعد مهمته تحرير عاصمتهم المقدسة من أيدي المغتصبين الغربان ومعاونيهم النسور والصقور ، بل كان هذا الجيش سيفا مسلطا على رقابهم وكانت مهمته الحفاظ على قصور القادة فقط . لم يكن بأيدي العصافير حيلة ، كانت كل حركاتهم تقمع في مهدها ، وكل محاولات التسلل إلى العاصمة المقدسة باءت بالفشل ، كان ضعفهم عظيما وحيرتهم شديدة ، ما زال الحمام يقاتل ، ومازالت العصافير تحاول ، فأمل العودة والتحرر عظيم . والرغبة في عودة مملكة العصافير جامحة قوية ، فهل سينتصر الحمام ويعود الأمن والسلام يعم أرجاء المملكة الممزقة ؟؟ لا أحد يعلم .................................................. ................ من الرياض
#قطر_الندى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
-
الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا
...
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
-
مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م
...
-
“نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma
...
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|