الطيب امرابطي
الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 23:44
المحور:
الادب والفن
نصوص قصصية قصيرة جدا 2
إمامة
يقف فقيه المسجد، يلتفت خلفه عاقدا بين حاجبيه وكأن الناس في المحشر، ثم يرفع عقيرته :
الصلاة جامعة..
بعد قليل يجتهد الفقيه، فيغربل الناس ـ المصلين خلفه :
ـ لا يجوز أن يصلي خلفنا العلمانيون..!
ارتجت جدران المسجد.. ماست أعمدته.. وتململ عمر بن عبد العزيز في مثواه...
أجابه الصدى: الصلاة جامعة..!
نزاهة
ـ 1 ـ
يحملق الأستاذ الشاب في صفوف الأساتذة وهم يجتازون مباراة الترقية.. قال في نبرة حازمة :
الغش ممنوع، ومن غشنا فليس منا...
نظر إليه أستاذ على حافة التقاعد، نظرة إشفاق وقال:
يا بني! ألا ترى أن الغش لوث الماء الذي نشربه، والهواء الذي نتنفسه.. بل أراه واقفا بجانبك..!
أحس الشاب أنه أصيب في مقتل، فالغش كان رفيقه في مختلف الامتحانات، الابتدائية والإعدادية والثانوية، وحتى في مباراة التوظيف والتخرج ..
ـ 2 ـ
يقف الأستاذ الشاب أمام التلاميذ.. يرطن في كل حصة بمصطلحات وكلام لا يستوعب منه التلاميذ شيئا..
ذات يوم، وهو يهذي، ذكر مصطلح سكيزوفرينيا..
ضحك بعض التلاميذ، استغرب البعض الآخر من هذه اللفظة الغريبة.. سأله أحدهم :
ما معنى هذا .. الذي قلته يا أستاذ؟!
أجاب بكل ثقة :
هي إحدى مراحل نمو الطفل..!
صحوة
ـ 1 ـ
يقف شاب في رأس الدرب مستندا إلى عمود كهرباء..
تمتد إليه يد بورقة نقدية تستحيل بين أصابعه إلى سيجارة..
ـ 2 ـ
يقف الشاب في رأس الدرب وعمود الكهرباء..
تمتد إليه يد أخته بورقة نقدية تتحول في يده إلى لفافة حشيش..
ـ 3 ـ
في ساعة متأخرة من الليل، يقف الشاب في رأس الدرب، يدخن السيجارات فاللفافات.. يلمح في سحائب الدخان فتاة مثل جن طالع من مصباح علاء الدين وهي تترنح ..أدرك أنها أخته..
مال عمود الكهرباء قليلا.. ماست الأرض تحت قدميه..
ـ 4 ـ
يقف عمود الكهرباء وحيدا في رأس الدرب..
في الصباح وجدت الفتاة مذبوحة من الوريد إلى الوريد..
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى...
#الطيب_امرابطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟